إنّ المواظبة على هذا الذكر يفيد العبدشوقا إلى اللّه تعالى و الشوق إليه تعالىأجلّ الأحوال لذّة و أعظمها سببا للبهجة والسعادة فإنّ الشوق إكسير الانجذاب والوصول فالأشدّ شوقا أشد انجذابا و ذلكلأنّ كلمة «هو» ضمير الغائبين فالعقل إذاذكره هذه الكلمة علم إنّه غائب عن الحقسبحانه. ثمّ يعلم إنّ هذه الغيبة ليست منقبل اللّه تعالى بسبب المكان و الزمان وإنّما كانت بسبب انّه موصوف بصفات النقصانو مثالب الحدثان فإذا تنبّه لهذه الدقيقةعلم إنّ هذه الصفة حاصلة في جميع الممكناتو المحدثات على حسب تضاعف إمكاناتها وترادف نقائصها و أعدامها الحاصلة لها بحسبمراتب بعدها عن عالم الوحدة الخالصة ونزولها عن ساحة الحقّ المحض و علم إنّ ماهو أقرب إلى الحضرة الواجبة كان النقائص والأعدام فيه أقلّ فأخذ في طلب القرب إليهتعالى.و كلّما وصل العبد إلى مقام أعلى كان شوقهإلى الترقّى عن تلك الدرجة أقوى و أكمل كمايحكم به كلّ فطرة سليمة و إذ لا نهاية لتلكالمراتب و الدرجات كما سبق فكذا لا نهايةلمراتب هذا الشوق فثبت إنّ المواظبة علىذكر كلمة «هو» تورث شوقا إلى اللّه و إنّالشوق إليه تعالى أجلّ الأحوال و المقاماتبهجة و سعادة لأنّه ملزوم الوصول إليهتعالى.و ممّا يدلّ على أنّ الشوق يستلزم الوصول،إن الشوق عبارة عن الحركة إلى تتميمالكمال و ما من موجود إلّا و له ضرب منالخيريّة و الكمال إذ له حظّ من الوجود، والوجود قد ثبت انّه خير و مؤثر ففي كلموجود عشق إلى ذاته و ما من موجود في عالمالإمكان إلّا و لوجوده غاية كماليّة و شوقإلى تحصيل تلك الغاية كما بيّن في مباحثالغايات في العلم الإلهي.و قد ثبت أيضا هناك إنّ اللّه لا يودع فيغريزة موجود من الموجودات و جبلّته