الفصل الرابع في الاشارة الى لمعة منلوامع علم التوحيد الخاصى
إنّ لنا بأعلام اللّه و إلهامه برهاناشريفا على هذا المطلب الشريف الذي هوالوجهة الكبرى لأهل السلوك العلمي محكمافي سماء وثاقته التي ملئت حرسا شديدا وشهبا لا يصل إليه لمس شياطين الأوهام و لايمسّه القاعدون منه مقاعد للسمع إلاالمطهّرون من أرجاس الجاهليّة المكتسبةمن ظلمات الأجسام.بيانه إن الواجب تعالى لمّا كان منتهىسلسلة الحاجات و التعلّقات، فليس وجودهمتعلّقا بشيء متوقّفا على شيء فيكونبسيط الحقيقة لا ينقسم في وجود و لا في عقلو لا في فهم، فذاته واجب الوجود من جميعالجهات كما إنّه واجب الوجود بحسب الذاتفليس فيه جهة إمكانيّة و لا امتناعيّة وإلّا لزم التركيب بوجه من الوجوه المستدعىللإمكان.فإذا تقرّرت هذه المقدّمة التي مفادهاإنّ كلّ وجود و كلّ كمال وجود يجب أن يكونحاصلا لذاته فايضا عنه مترشّحا على غيرهكما قال رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍرَحْمَةً وَ عِلْماً و هما عين ذاته فلوكان في الوجود إله غيره فيكون لا محالةمنفصل الذات عنه (23) لاستحالة أن يكون بينالواجبين علاقة وجودية و إلّا لزممعلوليّة أحدهما و هو خرق الفرض فلكلّمنهما على الفرض المذكور مرتبة من الكمالالوجودي ليس للآخر و لا منبعثا منه فايضامن لدنه فيكون كلّ منهما عادما لكمالوجودي فذاته حينئذ لا يكون محض حيثيةالفعليّة و الوجوب بل يكون ذاته بذاتهمصداقا لحصول شيء و فقد شيء آخر فلايكون بسيط الحقيقة خالصا بل مزدوجا والازدواج ينافي الوجوب الذاتي كما مرّ.و من هاهنا ظهر ان كلّ بسيط الحقيقة يجب أنيكون كلّ الوجود و كلّه الوجود كما يعلمهالراسخون في العرفان.