فصل [الرحمن و الرحيم]
الرحمان فعلان من رحم كغضبان و سكران منغضب و سكر و الرحيم فعيل منه أيضا كمريض وسقيم من مرض و سقم فهما اسمان بنيا علىصيغتين من صيغ المبالغة.و في الفعلان من المبالغة ما ليس فيالفعيل يدل عليه زيادته في البناء كما فيكبار و كبّار و شقدف «1» و شقنداف و لذلكيقال تارة يا رحمن الدنيا و الآخرة، و رحيمالدنيا هذا بحسب الكيفية و يقال تارة يارحمن الدنيا و رحيم الآخرة هذا بحسبالكميّة لأنّ رحمة الدنيا تعمّ المؤمن والكافر و رحمة الآخرة تخصّ المؤمن. والرحمن من الصفات الغالبة كالدبران والعيّوق و الصعق و لهذا لم يستعمل في غيراللّه كما انّ اللّه من الأسماء الغالبة وإطلاق بني حنيفة رحمن اليمامة على مسيلمة،وقع من باب التعنّت في كفرهم و السبب فيذلك إنّ معناه الحقيقي الأصلي البالغ فيالرحمة غايتها و هذا المعنى لا يكون صادقافي حقّ غير اللّه لأن ما سواه و إن فرض كونهراحما فليست رحمته بالغة حدّ الغاية و هوظاهر لأنّ من عداه ناقص استفاض الرحمة منهأولا ثمّ أعطى شيئا مما استفاضه. و الحقّالحقيق بالإذعان إنّ إطلاقه على غيره مجازرأسا (32) بوجوه:الأول: إنّ الجود إفادة ما ينبغي لا لعوض وكل أحد غير اللّه لا يعطي شيئا إلّا ليأخذعوضا لأنّ الأعواض و الأغراض بعضهاجسمانيّة و بعضها حسيّة و بعضها خياليّة وبعضها عقليّة. (33) فالأول: كمن أعطى دينارا ليأخذ ثوبا.و الثاني: كمن يعطى المال لطلب الخدمة أوالإعانة.1) الشقدف- كقنفذ-: مركب معروف بالحجاز، وهو أوسع من العمارى و أما «الشقنداف»-بالكسر- فليس من كلامهم، بل هي لغة سوادية(تاج العروس).