فصل [حقيقة الحمد]
ما مرّ من تخصيص الحمد باللسان و كونالثناء باللسان عمدة أفراد الشكر إنّما هوفي نظر الحسّ كما أومأنا إليه و بحسب ما هوالمتعارف عند المحجوبين، و أما في عرّفالمكاشفين فالحمد نوع من الكلام و قد مرّانّ الكلام غير مختصّ الوقوع باللسان ولهذا حمد اللّه و اثنى على ذاته بما هوأهله و مستحقّه كما قال النبي عليه و آله السلام «1»: لا احصىثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.و كذا يحمده و يسبّحه كل شيء كما في قولهتعالى: وَ إِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّايُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَ لكِنْ لاتَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [17/ 44] فحقيقةالحمد عند العارفين المحقّقين اظهارالصفات الكماليّة و ذلك قد يكون بالقولكما هو المشهور عند الجمهور و قد يكونبالفعل و هو كحمد اللّه ذاته و حمد جميعالأشياء له و هذا القسم أقوى لانّ دلالةاللفظ من حيث هو لفظ دلالة وضعية قد يتخلّفعنها مدلولها و دلالة الفعل كدلالة آثارالشجاعة على الشجاعة و آثار السخاوة علىالسخاوة عقليّة قطعيّة لا يتصوّر فيهاتخلّف فحمد اللّه ذاته و هو أجلّ مراتبالحمد هو إيجاده كلّ موجود من الموجوداتفاللّه جل ثناؤه حيث بسط بساط الوجود علىممكنات لا تعدّو لا تحصى1) ابى داود: 1/ 232.