روى الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام«1»، قال: «معناه اتقوا ما بين أيديكم منالذنوب و ما خلفكم من العقوبة»
و سيأتى لك لهذا الوجه زيادة تحقيق وتطبيق.و أما جواب «إذا» فهو محذوف، دل عليه قوله:«الا كانوا عنها معرضين» تقدير الكلام:إذا قيل لهم اتقوا أعرضوا عن التأمل فيالحجج و البينات و عن التفكّر في امورالاخرة عن مأخذ العلوم اليقينيّة دونظواهر النقول و الحكايات.
مكاشفة قلبية
اعلم ان المعلوم المكشوف عند أهل اللّه أنتكرار الأفاعيل و الاعمال يوجب حدوثالأخلاق و الملكات و هي مما سيظهر فيالنشأة الاخرة بصورة تناسبها فما هو سببإيلام الأشقياء في العقبى من الحيّات والعقارب و النيران و الحميم و الزقوم فهوبعينه موجود في سر قلبه و مكنون باطنه و انلم يشاهده هذه العين و هذه الحواس لأنهاتنحصر إدراكها بملاحظة الظواهر في صورهاالدنياوية، و أما إدراكها بحقائقها وصورها الباطنية فإنما يختص بذلك مشاعرباطنية و مدارك اخروية.فما ورد الامر باتّقائه في قوله: «مابَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَ ما خَلْفَكُمْ»يرجع الى أمر واحد تارة يكون في الدنيابطور يناسب ظهوره في هذه النشأة من صورةشهية ملذة يتلذذ به الحواس و يشتّاق لهالوهم الحيواني و التخيّل البهيمي، و تارةيكون في الاخرة بطور يناسب ظهوره فيها منصورة مؤلمة موحشة 1- مجمع البيان: في تفسير الاية: 8/ 427