لما تحققت أيها السالك كيفية المطاردةبين جند اللّه و جنود الشيطان في هذاالعالم الانساني، و علمت ان مناط الغلبةلاحد الحزبين و منشأ الفتح عن أحد الطرفينبالحقيقة ليس الا بأصل واحد حصل على وجهالرسوخ، و هو اما الايمان او الكفر، فانحصل «الايمان الحقيقي» في القلب كانالجنود كلها مطيعة للملك، و ان حصل«الكفر» كان الجنود كلها مطيعة للشيطان، وان لم يحصل شيء منهما على الحقيقة كانالمحاربة باقية، و أكثر الناس اما كفارمحضة او ضعفاء العقل و الايمان، مترددونبين الحق و الباطل فقد رجع الامر كله الىأصل اليقين و حقيقة المعرفة.لان المجاهدة مع أعداء اللّه لا يمكن الابترك الذنوب و المعاصي، و هو لا يتيسّر الابالصبر الذي هو عبارة عن ثبات جند فيمقابلة جند آخر قام القتال بينهما لتصادممقتضياتهما و مطالبهما، و الصبر لا يمكنالا بمعونة الخوف من عقاب اللّه، و الخوفلا يحصل الا بالعلم بأن المجاهدة مع أعداءاللّه واجبة، و العصيان عن أمر من نصبهللخلافة محرم، و الفرار عن الزحف كبيرةموبقة، و بالتصديق بأن ضرر الذنوب عظيم.و هذا هو تصديق اللّه و تصديق رسوله والاعتقاد باليوم الاخر و نشأة الثواب والعقاب و الميزان و الحساب.و «الايمان» عبارة عن هذه المعارف، فكأنمن أصرّ على معصية أو ترك الصبر أو قعد عنالحرب، فلانه اما غير مؤمن، و اما ضعيفالايمان، و كما أن من فقد الايمانبالكليّة يوجب الإصرار على المعاصي،فكذلك ضعفه.فان سبب وقوع أكثر المنسوبين الى الايمانفي المعصية مع اعتقاد في الجملة بأنالمعصية من أسباب البعد عن اللّه و العقابفي الاخرة امور ثلاثة: