وَ سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْأَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ(10) لان الايمان مرتبة من العلم بالمبدإ والمعاد، و التقوى بموجبه، و الزهد فيالدنيا، و التجرد عن دار الاضداد، و الرضابقضاء اللّه، و التوكل عليه في كل المواد،و هي تفتقر الى قريحة صافية وقّادة، و قلبخاش خاضع لذكر اللّه، متشوق الى عبوديتهمتواصل الفكر في طلب الحق، و الوصول الىدار القرار و منزل المصطفين الأخيار، فكيفيتصور هذه الأمور من قلوب هي كالحجارة اوأشد قسوة فلا ينجع فيهم الانذار و لا ينفعلهم التعليم و التكرار، بل الانذار والتعليم انما ينفع للقلوب الرقيقةاللطيفة الخاشية للّه، الطالبة للحق وتذكر الآيات و المعارف كما قال:
سورة يس (36): آية 11
إِنَّما تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَالذِّكْرَ وَ خَشِيَ الرَّحْمنَبِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍوَ أَجْرٍ كَرِيمٍ (11) لكونه ذا فطرة صحيحة و قلب خاضع خاشع لذكراللّه، خاش من الرحمان في عالم الغيب، وانما اطلق هذا الاسم للاشارة الى أن خشيةأهل العرفان حاصلة من ادراك العظمة للّه وشدة النورية الالهية و أشعة الرحمةاللامتناهية، و ليست الخشية منهم خشيةالعقاب، و الا لناسب ان يذكر بدل اسم«الرحمان» اسم «المنتقم» او «القهار» او«العدل».و اعلم ان نفي الانذار هاهنا عن النبي صلىالله عليه وآله بالقياس الى الأشقياءالمردودين كما يستفاد من كلمة «انما»الكائنة للحصر ليس بمناف لثبوته سابقا معانتفاء الايمان، و ذلك لان النفي هاهناباعتبار نفي ترتب الغاية و البغية،