تبيان
في هذه الاية اشارة الى أن معرفة النفسالانسانية أساس الايمان باللّه و اليومالاخر، لان قوله: «و ضرب لنا مثلا و نسيخلقه» يدل على أن جحود الجاحد للحق انمانشأ من نسيان ذاته و خلقه فهو بمنزلة عكسلقوله: نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْأَنْفُسَهُمْ [59/ 19]- تأمل.و هم و تنويرو من الفقهاء من استدل بهذه الاية على أنالحيوة سارية في العظام، و لولا أن الحيوةتحلّها لما صح: «قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِيأَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ» ففرع عليهأن عظام الميتة نجسة، لان الموت يؤثر فيهامن قبل انها مما تحلّه الحيوة.و هذا الاستدلال فاسد، لان معنى احياءالعظام الرميم ليس تصيير العظام- بما هيعظام- أحياء، بل إحيائها إنبات أعضاءقابلة للحياة عليها و الغرض اثبات الاعادةللإنسان و صيرورته حيا بعد موته و رمّعظامه و ليس الإنسان عظما كما ليس لحما وعصبا، بل مجموعا مركبا من العظم و اللحم وغيرهما.و معنى حلول الحيوة في اللحم دون العظم-كما قيل- ليس أن اللحم بنفسه حيوان دونالعظم، بل معناه ان بعض قوى الحيوانكالقوة اللمسيّة و غيرها سارية في اللحمبتوسط الروح البخارية و العصب الحاملإياها و ليست هي سارية في العظم، و لهذاإذا انقطعت الحيوة عن الحيوان و فارقتنفسه تلاشت الأعضاء النافذة فيها قوّةالحيوة قريبا، و تغيّرت فورا دون العظم والشعر و غيرهما.