ان الصور و المقادير كما تحصل من المبدإبحسب استعداد القابل و الجهاتالانفعالية، كذلك يتحصل منه بمجرد الجهاتالفعلية و تصورات الفاعل و الحيثياتالفاعلية من غير مشاركة مادة ما و اشتراطحركة ما و استعداد عنصر ما، و من هذاالقبيل وجود الأفلاك و الكواكب و كلياتالطبائع و الأنواع (46) حيث وجدت من المباديالعقلية بمحض تصورات المبادي كيفيةوجودها و نظامها و كما ان للأوهام تأثيراتفي العالم الانساني أحيانا ما دامت النفسفي هذه الدنيا، فحكم تعقلات المبادي فيسببيتها لوجود الاجرام و الاشكال و حكمتصورات النفس في الدار الاخرة هكذا.و ان سئلت الحق فالصور الخيالية صادرة عنالنفس بقوتها الخيالية، و هي ليست موجودةفي هذا العالم، و الا لرآها كل سليم الحسلأنها من جنس المحسوسات، و لا أنها قائمةبالجرم الدماغي- كما زعمه الجمهور منالحكماء- و لا في عالم المثال- كما رآهالإشراقيون- بل هي مع عظمها و كثرتها منالاشكال و الصور العظيمة على عظم الأفلاكالكلية و الصحاري الواسعة و البلادالعظيمة موجودة في عالم النفس و في صقعمنها، إذ القلب الإنساني أعظم بكثير منالعرش و ما حواه، بل العرش و ما حواه لو كانفي زاوية من زواياه لما أحس بها، كما ذكرهأبو يزيد عن نفسه، فهي صور موجودة لا فيهذا العالم، بل تراها النفس بباصرتهاالقلبية، و تشاهدها عند تغميض هذه العينمشاهدة أصح من مشاهدتها الحسيات المادية.و اما عدم ثباتها و عدم ترتب الآثار عليهافلضعف تحصّلها الوجودي لكثرة شواغل النفسو انفعالها ساعة فساعة بما يورده الحواسالظاهرة عليها من آثار هذا العالم، و تفرققواها في البدن و ضعف همتها و عدم جمعيةخواطرها، حتى