بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
معرض عن قبول ما يقولونه فقد أشرفت علىعذاب يبقى أبد الآباد، و ان كذبوا فلايفوتك لوفاتك الا بعض شهوات هذه الدنياالفانية الكدرة.فلا يبقى له توقف ان كان عاقلا مع هذاالفكر اليسير أن يقبل دعوتهم، إذ لا نسبةلمدة العمر الى أبد الآباد، فانا لو قدرناالدنيا مملوة بالذرة و قدرنا طائرا يختطفكل سنة واحدة منها، لفنيت و لم ينقص من أبدالآباد شيء، فكيف يغتر رأي العاقل فيالصبر عن شهوة الدنيا لأجل سعادة تبقى أبدالآباد؟
سورة يس (36): آية 22
وَ ما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِيفَطَرَنِي وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (22) هذا نمط آخر له في نصيحة الجاهلين من أهلالقرية و إيقاظ النائمين من قومه، و هوالتلطف لهم و المواساة معهم، و التسويةبين نفسه و بينهم فيما اختار لنفسه، فأبرزالكلام في معرض المناصحة لنفسه قصدالمناصحتهم و طلبا لصلاح حالهم، لغايةالشفقة عليهم و المساهمة معهم حيث لم يردلهم الا ما أراد لروحه، و لهذه الرعاية فياثبات المشاركة و المساهمة وقع قوله: وَ مالِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي بدلقوله: «و ما لكم لا تعبدون الذي فطركم» الاترى أنه كيف عاد عمّا ساق الكلام لهذهالرعاية الى ما يستدعيه سوق الكلام لاصلالمقصد من الخطاب لهم للنصيحة و الإرشاد وارائتهم سبيل السداد، فقال: «وَ إِلَيْهِتُرْجَعُونَ» بعد قوله: «الَّذِيفَطَرَنِي» إذ المقابلة بين المبدإ والمرجع مما يقتضي أن يكون أحدهما مقيساالى ما يقاس اليه بعينه الاخر، و يقاس الىأحدهما ما يقاس بعينه الى الاخر، و لما لميلتفت لفت هذه المخاطبة على ما يستدعيهالمقابلة، بل نسب الى المبدإ بالخلق والاجادة غير ما نسب الى المعاد بالرجوع والاعادة، فعلم أن تغيير الأسلوب كانتنصيصا على المساهمة و تأكيدا للمناصحة.