المراد من الحكمة في هذه الآية إمّا العلمالصحيح، و إمّا الفعل الصواب، كما أنّإطلاق الإنسان إمّا على الروح أو علىالبدن. و الروح أيضا ذا وجهين: وجه إلىالقدس و عالم الآخرة، و وجه إلى البدن وعالم الدنيا. و العلم لتكمل الوجه الأوّل،و العمل لتكميل الثاني على وجه يؤدّي نفعهإلى تكميل الأوّل، و نفس العمل لنفس البدن.و يروى عن مقاتل إنّه قال: تفسير الحكمة فيالقرآن يقع على أربعة وجوه:أحدها: مواعظ القرآن: ففي النساء: وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ [4/ 113] و مثلها في آل عمران. [3/164].و ثانيها: الحكمة بمعنى الفهم و العلم،قوله: وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا [19/12] وَ لَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَالْحِكْمَةَ [31/ 12] يعني الفهم و العلم، وفي الأنعام: أُولئِكَ الَّذِينَآتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ [6/ 89].و ثالثها: الحكمة بمعنى النبوّة، و في ص:وَ آتَيْناهُ الْحِكْمَةَ يعني النبوّة وفي البقرة: وَ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ [2/ 251].و رابعها: القرآن بما فيه من عجائبالأسرار، و في النحل: ادْعُ إِلى سَبِيلِرَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِالْحَسَنَةِ [16/ 125] وَ مَنْ يُؤْتَالْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراًكَثِيراً [2/ 269].و أنت- يا حبيبي- إذا تأمّلت في جميع هذهالوجوه الأربعة وجدت