ما يتراءى من مواضع استعمالات هذا اللفظفي القرآن و غيره مع ضرب من إلهام اللّهتعالى و تأييده هو أنّ الفضل عبارة عمّا بهيتفضّل الإنسان على جميع ما في هذا العالممن الجواهر و الأعراض و يستحقّ بذلكمسجوديّة الملائكة و الجانّ، و هو عبارةعن الايمان باللّه و العلم بحقائق الأشياءكما هي، و التجرّد عن العالم الحسّي. و هوإنّما حصل عيانا للنبيّ صلى الله عليهوآله بالأصالة، و لأولياء اللّه من أهلبيت نبوّته و ولايته تبعا، و حصل علمابرهانيّا لحكماء امّته، و سماعا تقليديّالعوام أهل الايمان. كلّ ذلك بواسطة إشراقنور النبوّة على أراضى قابليّة قلوبهم،إلّا أنّ في الأوّل وقوع النور، و فيالثاني عكسه، و في الثالث ظلّه، وَ مَنْلَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمالَهُ مِنْ نُورٍ.فقوله تعالى: «ذلك» إشارة إلى ما تضمّنهقوله: يُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ أي: العلم بهما. فكلّ من كانأو يكون من العلماء الربّانييّن و الحكماءالإلهيّين أو سيجيء في هذا العالم، فهومن الذين يزكّيهم الرسول و يعلّمهم الكتابو الحكمة، فهم من الذين شاء اللّه أنيؤتيهم هذا الفضل، و مأخذ هذا التعليم هوما يدلّ عليه قوله: آتَيْناهُ رَحْمَةًمِنْ عِنْدِنا وَ عَلَّمْناهُ مِنْلَدُنَّا عِلْماً [18/ 65].بل لا يقتبس نور العلم و الحكمة إلّا منمشكوة النبوّة، و لهذا من يؤتيها فقد اوتيخيرا كثيرا، و يشهد بذلك قوله: وَعَلَّمَكَ ما لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً [4/113].