بیشترتوضیحاتافزودن یادداشت جدید
فالاختيار له بمنزلة الفعل الطبيعيلغيره، لأنّ ذاته ليست ممّا يقف على حد ومقام في جوهره و هويّته، بل ينقلب من طورإلى طور، و من نشأة إلى نشأة، و سعة هذهالتقلّبات في الإنسان الكامل أكثر و تخالفأطواره أشدّ، و قوسه الصعوديّة أعظم، وارتقائه إلى عالم الملكوت أعلى و أتمّ،فلذلك قيل: إنّ الإنسان مضطرّ في صورةمختار.فالمختاريّة مطبوعة فيه، اضطراريّة له، وهو مجبول عليه كما جبل طبع الماء و النار والخبز و اللحم على التبريد و التسخين والتغذية، فهو من لدن أوّل تكوّنه النطفيإلى تمام بلوغه الحسّي و استعداده النطقيلم يكن لاختياره في الترقيّات و التقلّباتمدخل، حتّى بلغ إلى مرتبة حيوان تامّالحيوانيّة، منتصب القامة، عريض الأظفار،بادي البشرة. ثمّ من عند كونه عاقلا مكلّفاينتقل باختياره الذي هو عين اضطراره ويتطوّر بأطواره في مراتب افتقاره، فهوامّا أن يرتقي إلى أعلى علّيين، أو يتردّىإلى أسفل سافلين، أو يقع في أحد أوساطالمتوسّطين، حسب ما شاء اللّه و كتب فيكتابه المبين: فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ* فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوافَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ الآية ... وَ أَمَّا الَّذِينَسُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَفِيها الآية [11/ 105- 108] أمّا السعيد فلايختار إلّا عمل أهل السعادة، و أمّاالشقيّ فلا يختار إلّا عمل اهل الشقاوةأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُواالصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُالْمَأْوى نُزُلًا بِما كانُوايَعْمَلُونَ* وَ أَمَّا الَّذِينَفَسَقُوا فَمَأْواهُمُ النَّارُ كُلَّماأَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهاأُعِيدُوا فِيها [32/ 19- 20].و مع ذلك فلا اعتذار لأحد في الشريعة، بلالجميع خوطبوا بخطاب