الإشراق الرابع «15» في الحكمة المتعلّقةبوجوب الصلوة يوم الجمعة
اعلم إنّه لمّا اقتضت الأسماء الحسنىالإلهيّة ظهور آثارها جميعا في المظاهرالكونيّة لئلّا يتعطّل طرف من الالوهيّةظهرت في نوع الإنسان الذي أوجده لأجلالعبادة كما أشار إليه بقوله: وَ ماخَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّالِيَعْبُدُونِ [51/ 56] و طبائع أكثر الناسمجبولة على العدول عن منهج الحقّ والانحراف عن سنن العدل كما أشار إليهبقوله: وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَالشَّكُورُ [34/ 13] و قوله: وَ ما أَكْثَرُالنَّاسِ وَ لَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ[12/ 103] و قوله: وَ أَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّكارِهُونَ [23/ 70] إلى غير ذلك من الآياتالكثيرة.و قد تقرّر هذا البيان بنيانه «16» في كثيرمن الأحاديث القدسيّة، مثلقوله تعالى: «كلكم ضالّ إلّا من هديته،فاسألوني الهدى أهدكم. و كلكم فقير إلّا منأغنيته فاسألوني أرزقكم، و كلّكم مذنبإلّا من غفرته فمن علم منكم أنّي ذو قدرةعلى المغفرة فاستغفرني غفرت له و لاابالي» «17».فلو أن الناس أهملوا و طبائعهم و تركواسدى و خلّى بينهم و بين طبائعهم لتوغّلوافي الدنيا، و انهمكوا في اللذات،الجسمانية، و طلبوا دواعي القوى
(15) ذكر المؤلف ما جاء في هذا الاشراق و مابعده في تفسير سورة البقرة 1/ 274- 285.(16) تبيانه- نسخة.(17) الترمذي: 4/ 656. ابن ماجة: 2/ 142. مسند: 5/ 154مع فروق.