تفريع [درجات الانتفاع من الصلوة]
فتبيّن أنّ الصلوة الحقيقيّة التي تنهىعن فحشاء القوّة الشهوية البهيمية و منكرالقوّة الغضبيّة السبعيّة و بغي القوّةالوهميّة الإبليسيّة هي المعارفةالربّانيّة و المشاهدة الإلهيّة والمكاملة العقليّة، و هي التضرّع بالنفسالناطقة نحو الإله الحقّ و الموجودالمطلق.و لأصحاب العلوم الظاهرة من هذه حظّ ناقصو إن ارتقوا من منزل البهائم قليلا وارتفعوا من درجة العوام و الأنعام يسيرا،و للمحقّقين قسم وافر و نصيب كامل من هذاالبحر الذاخر، و لهم قرّة عين في الصلوة، ومن كان حظّه أكمل فثوابه أجزل، فالعاقليتأمّل سلوك طريق التعبّد و المداومة علىالصلوة و يلتذّ بمناجاة ربّه لا بشخصه، وينطقه لا بقوله، و يبصره لا ببصره، و يحسّهلا بحسّه.و أمّا الجاهل المغرور فيطلب ربّه بشخصه وجسمه، و يطمع في رؤيته بعينه، و كذا العالمالممكور المشعوف بما عنده من القشور،الطالب في مناجاته للذّات عالم الزور،المتوجّه إلى تحصيل المنزلة و الجاه عندأصحاب القبور. و من آثر الهوى و اتّبعالشيطان انحرف عن الحقّ و الهدى و حرّماللّه عليه لذيذ مناجاته، كما ورد في أخبار داود- على نبيّنا و عليهالسلام إنّ أدنى ما أصنع بالعالم إذا آثرشهوته على محبتي أن احرّم عليه لذيذمناجاتي «34».و قال مالك بن دينار: قرأت في بعض الكتب:«إنّ اللّه عزّ و جلّ يقول:(34) جاء ما يقرب منه في الكافي: ج 1 ص 46 (بابالمستأكل بعلمه ..).