المطلع العاشر في قوله سبحانه [سورةالجمعة (62): آية 10]
فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُفَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْتُفْلِحُونَ (10)و فيه إشراقات:
الأوّل:
إنّما أمر اللّه عباده و وصّاهم بإكثارالذكر حتّى لا يلهيهم شيء من تجارة و لابيع و لا أكل و لا شرب و لا غيرها عن معرفةاللّه و عبوديته، و لا يكون هممهم مصروفةعن الترقّي إلى عالم الربوبيّة و نفوسهممنغمرة في طلب الأغراض الحيوانيّة، لأنّفلاحهم في الخلاص عن النشأة السائلةالدنيويّة، و فوزهم منوط بالارتقاء منهإلى النشأة العالية الاخرويّة، و لذلكقيل: معناه اذكروا اللّه في تجارتكم وأسواقكم.كماروي عن النبي صلى الله عليه وآله إنّه قال:«من ذكر اللّه في السوق مخلصا عند غفلةالناس و شغلهم بما فيه، كتب اللّه له ألفحسنة، و يغفر له يوم القيامة مغفرة لم يخطرعلى قلب بشر» «1».و اعلم إنّ المداومة على تذكّر شيء ومعاودة اسمه توجب وصاله، و لهذا قيل:العبادة باعثة للمحبّة، و المحبّة باعثةللرؤية.و
عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إنّالعبد يرفع رغبته إلى مخلوق، فلو أخلصنيّته للّه لأتاه الذي يريد في أسرع منذلك».
(1) عدة الداعي: ص 242. و جاء ما يقرب منه فيالبحار: 93/ 154.