الإشراق الثالث [أعلى مراتب الذكر]
لما قرع سمعك مراتب الذكر و درجات الذاكرو نتيجة كلّ مرتبة و أنّ بعضها فوق بعضفوقيّة الشرف و الذات إلى حيث يصير الذكر والذاكر و المذكور شيئا واحدا، فاعلم أنّذلك إنّما يتصوّر بأن يتمكّن «14» المذكورفي القلب تمكّنا شديدا و حصولا مشرقانوريّا، بحيث ينمحي الذكر أو يخفى و لايلتفت القلب إلى الذكر أصلا و لا إلىالذاكر- أي القلب نفسه- بل يستغرق جملته فيالمذكور.و مهما ظهر له في أثناء ذلك التفات إلىالذكر يكون ذلك حجابا عن المقصود و هويّتهبالنسبة إلى الغاية الأصلية، و ذلك بأنيغيب عن نفسه حتّى لا يحسّ بشيء من ظواهرجوارحه و لا من العوارض الباطنة فيه، بليفنى عن جميع ذلك و يغيب عنه جميع ذلكذاهبا إلى ربّه أوّلا، كما قال الخليل- علىنبيّنا و عليه السّلام- فيما حكى اللّهتعالى عنه: إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّيثمّ ذاهبا فيه كما يومي إليه قوله:سَيَهْدِينِ [37/ 99] فإن خطر له في أثناء ذلكإنّه ذهب إلى ربّه و فنى عن نفسه و غاب عنذاته، فذلك سكون عن الذهاب في الجملة ووقوف مع النفس، فهو شوب و كدورة، بل الكمالفي أن يفني عن نفسه و يفني عن الفناء أيضا،فالفناء عن الفناء غاية الفناء و نتيجتهالبقاء «15». و الغيبة عن الغيبة كمالالغيبة و فائدته الحضور.و هذا يظنّه الفقيه الرسمي أنّه مجرّدألفاظ بلا طائل، أو طامات غير(14) يستمكن- نسخة.(15) نتيجة البقاء- نسخة.