الإشراق الثالث [النور الفائض علىالقلب]
اعلم إنّ كلام الرسول الخارجي لا يسمع منلم يكن له في الباطن رسول قلبي بوارد منواردات الحقّ سبحانه و يكون القلب بهحيّا، كما قال تعالى:إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى [27/ 80] وقال: لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا [36/ 70]فالقلب الحي «22» بنور وارد الحق يسمع بذلكالنور كلام الرسول الخارجي و يفهمه ويقبله، فسرّ القلب- الذي هو قابل لفيض نوروارد الحقّ- يكون الرسول بين الحقّ والعبد، فيأخذ الأسرار و المعاني و الحكم والمواعظ من نور وارد الحقّ، و يبلغها إلىقواه الداخلة و الخارجة و سائر الامّةالمسلمة، من الأوصاف و الأخلاق الحسنة.كما روى عنه صلى الله عليه وآله: واعظ في قلبكلّ مؤمن.و قال بعضهم: حدّثني قلبي عن ربّي.و تحقيق ذلك إنّ كلّ إنسان يلاقي الأمورالغيبيّة و الشهاديّة بما في نفسه و طبعه،بل كلّ قوّة تدرك و تنال شيئا إنّما تدركهو تناله بما في ذاتها.فالبصر مثلا إنّما يدرك الأضواء والألوان لأنّه من جنسها، لكونه مشفّانورانيّا و السمع يدرك كيفيّة تموّجالهواء الحاصل من المقروع و المقلوع، لأنّمن شأنه(22) المحيي- نسخة.