في تأكّد أنّ ما عند اللّه خير الخيرات وأبهج اللذات و أنّ كلّ لذّة و بهجة ينطويفي إدراك ذاته و شهود صفاته.فإذا علمت أنّ لذّة العلم باللّه وملائكته و كتبه و رسله و اليوم الآخر ألذّاللذات عند العارف الربّاني، فلا تتعجّبمن إيثار هذه اللّذة على سائر اللذّات، واستيحاشه عن صحبة الخلق و مستلذّاتهم إلىحيث يصير طرده الناس و استحقروه، خصوصاالمشعوفين بالعقول الناقصة الدنيويّة والعلوم الجزئيّة المعروفة عند الناس،التي توجب مراجعة الخلق لهم.و لهذا قال بعضهم: إذا بلغ الرجل إلى غايةيستغرق في العلم باللّه رماه الناسبالحجارة. أي يخرج كلامه عن حدّ عقولهمفيرون ما يقوله جنونا.و قصد العارفين كلّهم ملاحظة لقائه ومشاهدة ملكوته فقط، فهي قرّة عينهم «6»التي لا تعلم نفس ما اخفي لهم من قرّةأعين، فصارت الهموم كلّها فيهم همّاواحدا، بل من عرف اللّه عرف أنّ اللذاتالمفرقة بالشهوات المختلفة كلّها تنطويتحت هذه اللذّة كما قال بعضهم:
كانت لقلبي أهواء مفرقّة
فصار يحسدني من كنت أحسده
تركت للناس دنياهم و دينهم
شغلا بذكركيا ديني و دنيائي
فاستجمعت إذرأتك العين أهوائي
و صرت مولىالورى إذ صرت مولائي
شغلا بذكركيا ديني و دنيائي
شغلا بذكركيا ديني و دنيائي
و هجره أعظم من ناره
و وصله أطيب منجنّته
و وصله أطيب منجنّته
و وصله أطيب منجنّته
(6) أعينهم- نسخة.