يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (4) هذا التحديث منها على سبيل الحقيقة، لأنّحقيقة الكلام إبداء ما في الضمير و إعلامالمكنونات مع الإرادة، سواء كان بغير لسانمثل كلام اللّه و كلام الملائكة، أو بلسان.فالأوّل بأن ينكشف عنها يوم القيامهدقائق صنع اللّه فيها و عجائب حكمته فيخلقها و الغايات التي خلقت لأجلها و سبقتإليها و بعثت لها.و أمّا الثاني فبعد صيرورتها جوهرا ناطقاأنطقه اللّه الذي أنطق كلّ شيء، إذ ما منشيء إلّا و هو ناطق- إمّا بالفعل أوبالقوّة- فتخرج من حدّ القوة إلى حدّ الفعلبالحركة الاستكماليّة المعنويّة التيمرّت إليه الإشارة، كما قال جل ذكره:الَّذِي أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُثُمَّ هَدى [20/ 50].فهذه الهداية الإلهيّة هي التي يخرجاللّه بها الخلائق إلى رحمته و يسوق بهاعباده إلى رضوانه، و ذلك بعد إدخال كلّ منالمكوّنات في باب الإنسانيّة، إذ هو باباللّه المؤتي منه، و صراطه المستقيم إليه،فيؤخذ كلّ شيء إليه بالنواصي و الأقدام وما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌبِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍمُسْتَقِيمٍ [11/ 56] و الدابّة كل ماش، و مامن كائن في العالم إلّا و هو ماش- كما مرّ- وله حيوة و تسبيح خاصّ، و يذكر اللّه باسمخاصّ يمشي به إلى جانب الحقّ، و هكذا عندصاحب الكشف و الشهود.و كلّ ماش فهو على صراط الإنسانيّة، والحقّ آخذ بناصيته يتصرّف