قوله عزّ اسمه: [سورة الواقعة (56): الآيات 63الى 67]
أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَحْرُثُونَ (63) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُالزَّارِعُونَ (64) لَوْ نَشاءُلَجَعَلْناهُ حُطاماً فَظَلْتُمْتَفَكَّهُونَ (65) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (66)بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (67) قد نبّه اللّه سبحانه في هذه السورة علىثبوت المعاد و حقّية حشر الأجساد بوجوهمختلفة، بعضها لدفع شبه الجاحدينالمنكرين و الضالّين المكذّبين، و بعضهالزيادة تنوير قلوب أهل الدين:منها قوله: أَ فَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ-الآية- و قد مرّ وجه الاستدلال به.و منها: أنّ الحبّة المزروعة جوهر جامدأرضيّ غاية فعل الإنسان فيها أن يدفنه فيالتراب و يسقيه الماء، و غاية فعل الترابفيه أن يفسده و يعفنه و يجعله ترابا مثله ورمادا- كما يفعل بأجساد الحيوانات- و كذافعل الماء في الأشياء، و أنّ فعل طبيعةالحبّة المزروعة في مادّتها التثقيل والتسكين، لا الإصعاد إلى جانب السماء، ثمّالإثمار و الايلاد بعد حصول النشؤ والنماء، فلو لا أنّ اللّه أفادها بحكمتهقوّة أخرى باطنيّة و كلمة فعّالة ملكوتيّة«36» يفعل بها ما يغذّيها أوّلا، ثمّينميها ثانيا، ثمّ يولّدها ثالثا بما يقعمنه الانتفاع، بجنود و أعوان و خدم منتشرةفيها، تستخدمها ثلاثة رؤساء:- الغاذية والنامية و المولّدة- لكانت إمّا رمادا أوهشيما تذروه الرياح، أو حطاما لا ينتفع بهحيوان في مطعم و لا في ملبس، أو تبنا لا نفعفيه «37» و لا غذاء منه.(36) كونية- نسخة.(37) مخ فيه- نسخة.