عقود التوريد والمناقصات
الاُستاذ الشيخ حسن الجواهري القسم الأوّل
أوّلاً ـ عقـود التوريـد قبل بدء البحث لابدّ من بيان أنّ العقود المعاملية التي أشار إليها القرآن بقوله : « أوفوا بالعقود »هل تختص بالعقود التي كانت موجودة في زمن الشارع المقدّس ، وحينئذٍ يكون كل عقد ـ غيرها ـ محكوما بالبطلان ، أو أنّ المراد من قوله تعالي : « أوفوا بالعقود »كل عقد كان موجودا في زمن النص أو سيوجد فيما بعد مما ينطبق عليه عنوان العقد فهو محكوم بالصحة ويجب الوفاء به ؟
وبعبارة اُخري : أنّ الآية القرآنية : « أوفوا بالعقود »هل المراد منها العقود الخارجية أو المراد منها العقود الحقيقية ، وقد اُخذ العقد علي نحو القضية الحقيقية ؟
والمعروف في الجواب علي هذا التساؤل هو : أنّ خطابات الشارع لو خلّي وطبعها تكون قد اُخذت علي نحو القضايا الحقيقية ، بمعني أنّ الشارع أوجد حكمه علي موضوع معين ، فمتي وجد هذا الموضوع وجد حكم الشارع ، فتكون خطابات الشارع ـ ومنها « أوفوا بالعقود ـ »قد اُخذت علي نحو القضية الحقيقية .وعلي هذا ، فسوف يكون كل عقد عرفي ـ ولو كان جديدا لم يكن متعارفا عند نزول النصّ ـ واجب الوفاء به إذا كان مشتملاً علي الشروط التي اشترطها الشارع في الثمنين أو المتعاقدين أو العقد ؛ ككون الثمنين معلومين ، والبلوغ والعقل في المتعاقدين ، وأمثالهما .وقد نجد في ثنايا الفقه الإمامي وغيره نتيجة هذه الإجابة ، فقد ذكر السيد اليزدي في العروة الوثقي فقال : « يمكن أن يقال بإمكان تحقيق الضمان منجزا مع كون الوفاء معلقا علي عدم وفاء المضمون له ؛ لأ نّه يصدق أنّه ضمن الدين علي نحو الضمان في الأعيان المضمونة » ( 1 ) .وقد ذكر الإمام الخوئي رحمهالله في شرح مراد السيد اليزدي فقال : « ولعلّ مراده من كلامه هذا يرجع إلي إرادة معني آخر غير المعني المصطلح من الضمان ؛ أعني نقل ما في ذمة إلي اُخري ( 2 ) ، وقد يكون هذا المعني هو التعهد بالمال وكون مسؤوليته عليه من دون انتقاله بالفعل إلي ذمته ، كما هو الحال في موارد ضمان العارية مع الشرط ، أو كون العين المستأجرة ذهبا أو فضة ؛ فإنّ ضمانها ليس بالمعني المصطلح جزما ؛ إذ لا ينتقل شيء بالعارية إلي ذمة المستعير ؛ فإنّ العين لا تقبل الانتقال إلي الذمة وهو غير مشغول الذمة ببدلها قبل تلفها ، فليس ضمانها إلاّ بمعني كون مسؤوليتها في عهدته بحيث يكون هو المتعهد بردّها ولو مِثلاً أو قيمةً عند تلفها . وكيف كان فإذا صحّ مثل هذا الضمان في الأعيان الخارجية كموارد اليد والعارية فليكن ثابتا في الاُمور الثابتة في الذمة أيضا ؛ فإنّه لا يبعد دعوي كونه متعارفا كثيرا في الخارج ؛ فإنّ أصحاب الجاه والشأن يضمنون المجاهيل من الناس من دون أن يقصد بذلك انتقال المال بالفعل إلي ذممهم ، وإنّما يراد به تعهدهم به عند تخلّف المضمون عنه عن الأداء .ـ ثمّ قال الإمام الخوئي ـ :والحاصل : أنّ الضمان في المقام غير مستعمل في معناه المصطلح . وإنّما هو مستعمل في التعهد والمسؤولية عن المال ، وهو أمر متعارف عند العقلاء ، فتشمله العمومات والإطلاقات ؛ فإنّه عقد يجب الوفاء به » ( 3 ) .وقد ذكر الشهيد الصدر ـ رضوان اللّه تعالي عليه ـ النتيجة نفسها التي انتهينا إليها سابقا فقال : إنّ هناك معنيً للضمان غير المعني المصطلح عند الإمامية وعند السُنّة ، وهو معني ثالث عبارة عن : « تعهد بالأداء لا تعهد بالمبلغ في عرض مسؤولية المدين ، وأنّ هذا التعهد ينتج ضمان قيمة المتعهد به إذا تلف بامتناع المدين عن الأداء ، ولكن حيث إنّ الأداء ليس له قيمة مالية إلاّ بلحاظ مالية مبلغ الدين ، فاستيفاء الدائن لقيمة الأداء من الضامن بنفسه استيفاء لقيمة الدين ، فيسقط الدين بذلك .وهذا المعني للضمان صحيح شرعا بحكم الارتكاز العقلائي أوّلاً ، وللتمسك بعموم « أوفوا بالعقود »ثانيا ، إلاّ أنّ التمسك بعموم « أوفوا بالعقود »يتوقف علي أن نثبت قبل ذلك بالارتكاز العقلائي ـ مثلاً ـ عقدية هذا النحو من التعهد والضمان ؛ أي كون إيجاده المعاملي متقوّما بالتزامين من الطرفين ، ليحصل بذلك معني العقد بناءً علي تقوّم العقد بالربط بين التزامين بحيث يكون أحدهما معقودا بالآخر » ( 4 ) .وعلي هذا فسوف تكون عندنا قاعدة : وهي أنّ كل عقد عرفي قد ثبتت عقديته عرفا بالارتكاز العقلائي ـ إذا كان مشتملاً علي شروط صحة العقد الشرعية وخاليا عن موانع العقد ـ يجب الوفاء به ؛ استنادا إلي قوله تعالي : « أوفوا بالعقود » .
تعريف عقـود التوريد :
هو عقد بين طرفين علي توريد سلعة أو مواد محدّدة الأوصاف في تواريخ معينة لقاء ثمن معين يدفع علي أقساط .فالتوريد عقد جديد ليس بسلم ولا نسيئة ؛ لأنّ السلم ـ كما قال مشهور الفقهاء ـ يتقدم فيه الثمن ويتأجل المثمن ، والنسيئة يتقدم فيها المثمن ويتأخر الثمن ، أمّا هنا فالثمن والمثمن يتأجّلان ( 5 ) .حـكم عقد التـوريد :
والمهم هنا بيان حكم عقد التوريد المتداول بين الدول والشركات ، بل أصبح ضرورةً من ضرورات المعاملات ، حيث إنّ الدولة المحتاجة إلي كمية من النفط لفصل الشتاء وتشتري هذه الكمية لا تكون مستعدة لقبولها مرة واحدة ؛ حيث لا توجد عندها المخازن الكافية لحفظها ، كما أنّ الدولة نفسها لا تملك تلك الكمية الهائلة من الثمن لتقدّمه إلي الدولة المصدّرة . وكذا الأمر في الدولة المحتاجة إلي تأمين غذاء جيشها في حالة الحرب لمدة ستة أشهر ، فهي ليست بحاجة إلي الخبز الكثير مرة واحدة ، بل تحتاج إلي قسم منه كل يوم ، وليس لديها المال الكافي لتقديمه مرة واحدة ، بل يقدم الثمن علي أقساط تشابه أقساط استلام الخبز مثلاً . وهكذا صار عقد التوريد حاجةً ماسّةً في هذا العالم .وقد يجاب علي التساؤل المتقدم ـ اعتمادا علي التمهيد المتقدم بعد إحراز عقدية التوريد ارتكازا عند العقلاء ـ : بشمول قوله تعالي : « أوفوا بالعقود » لهذا العقد الجديد ، كما أنّ هذا العقد يطلق عليه عند العرف بأنّه تجارة عن تراضٍ من الطرفين ، فيشمله قوله تعالي : « لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلاّ أن تكون تجارة عن تراضٍ منكم »( 6 ) .ولكن قد يقال : إنّ المانع من صحة عقد التوريد هو صدق بيع الدين بالدين عليه ، وقد ورد النهي عن بيع الدين بالدين كما روي ذلك طلحة بن زيد عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : « قال رسول اللّه صلياللهعليهوآلهوسلم : لا يباع الدين بالدين » ( 7 ) .وقد ذكرت أدلة اُخري لمنع هذه المعاملة ، هي :أ ـ الإجماع علي عدم جواز المعاملة إذا كانت نسيئة من الطرفين .ب ـ ولأنّها من أبواب الربا .ج·· ـ ولأنّها شغل لذمتين ( ذمة البائع وذمة المشتري ) من غير فائدة ( 8 ) .والجواب : أمّا الحديث الذي نقل عن رسول اللّه صلياللهعليهوآلهوسلم في النهي عن بيع الدين بالدين فهو لم يصح سندا من طريق الإمامية ؛ لجهالة طلحة بن زيد في كتب الرجال ( 9 ) .وأمّا من طرق غيرهم فأيضا لم يصح السند ، كما قال الإمام أحمد : « ليس في هذا حديث يصح » ( 10 ) .كما أنّ دلالة الحديث لا تشمل « لما صار دينا في العقد ، بل المراد منه ما كان دينا قبله ، والمسلّم فيه ( أو المورَّد ) من الأوّل لا الثاني الذي هو كبيع ماله في ذمة زيد بمال آخر في ذمة عمرو ونحوه ممّا كان دينا قبل العقد » ( 11 ) .وأمّا الإجماع فهو مدركي ؛ بمعني أنّ إجماع العلماء علي الحكم مدركه الرواية المروية عن الرسول صلياللهعليهوآلهوسلم ، فلا اعتبار لهذا الإجماع ، وإنّما الاعتبار بالرواية ، وبما أنّ الرواية لم يذكر لها العلماء معنيً واحدا متفقا عليه ، والقدر المتيقن منها ما كان دينا قبل العقد ، أمّا ما صار دينا بالعقد فلا تشمله الرواية . وقد ذهب بعضٌ ( السبكي ) إلي أنّ المُجمع علي تحريمه هو البيع المؤجل البدل الواحد ( السلم أو النسيئة ) إذا زيد في أجله لقاء الزيادة في بدله ( 12 ) .وأمّا الربا في بيع الدين بالدين فهو لا يدخل في الصورة التي نحن بصددها ؛ لأنّنا نتكلم عن مبادلة سلعة بنقد ، فالبدلان مختلفان .وأمّا شغل الذمتين من غير فائدة فهو مصادرة ؛ إذ الفائدة في هذه الصورة ـ كما قدمنا ـ كبري للطرفين .وقد يستدل علي بطلان عقد التوريد : بصدق « الكالي بالكالي » عليه الذي ورد فيه النهي ؛ فقد روي عن النبي صلياللهعليهوآلهوسلم أنّه نهي عن بيع الكالي بالكالي ، وقد ذكر في تفسيره : ما يكون دينا بالعقد ، بناء علي أنّ الكالي هو النسيئة ؛ فمنع من بيع النسيئة بالنسيئة ، وهو مورد كلامنا ( عقد التوريد ) ، وهذا النهي ـ كما يقول صاحب الجواهر قدسسره ـ وإن لم يكن موجودا من طرق الإمامية ووجد من طرق غيرهم إلاّ أنّه قد عمل به الأصحاب ( 13 ) ، فتكون الرواية منجبرة بعمل الأصحاب ، فيثبت عدم صحة عقد التوريد .المناقشـــة :
وقد يناقش الاستدلال المتقدم ـ حتي لو قبلنا المسلك القائل بأنّ عمل المشهور بالرواية الضعيفة يجبرها فتكون حجة ـ : بأنّ معني بيع الكالي بالكالي لا يشمل عقد التوريد ؛ إذ لعل المراد بالكالي هو الدين لا مطلق المبيع المتأخر بالثمن المتأخر عن مجلس العقد .ثمّ لو كان معناه هو ـ كما ذكره صاحب مجمع البحرين ـ « بيع النسيئة بالنسيئة ، وبيع مضمون مؤجّل بمثله ؛ وذلك كأن يُسلم الرجل الدرهم في طعام إلي أجل ، فإذا حلّ الأجل يقول الذي حلّ عليه الطعام : ليس عندي طعام ولكن بعني إيّاه إلي أجل ، فهذه نسيئة انقلبت إلي نسيئة ، نعم لو قبض الطعام وباعه إيّاه لم يكن كاليا بكالي » . . فيكون معني الحديث هو المنع من بيع دين مسبق بدين حصل في العقد ، وهذا لا يشمل التوريد ( الذي هو شراء سلعة بثمن ) الذي يكون الدينان قد حصلا بالعقد .النتيجة : إذا بطلت كل الأدلة علي عدم جواز هذه المعاملة يبقي عندنا عمومات القرآن الكريم مثل قوله تعالي : « أوفوا بالعقود « و » تجارة عن تراضٍ « و » أحلّ اللّه البيع » ، فما دام يصدق علي هذه المعاملة أنّها عقد وتجارة وبيع ، فتشملها العمومات المتقدّمة ، وهي دليل الصحة ( 14 ) .حكم عقد التوريد عند غير الإمامية :
ثمّ إنّ عقد التوريد يشبه عقد الاستصناع عند الحنفيّة ( 15 ) الذي أجازوا فيه عدم ضرورة تعجيل الثمن ، بل أجازوا تأجيله إلي أجل معلوم ، فإذا صحّ عقد الاستصناع مع تأجيل الثمن صحّ عقد التوريد كذلك .وذكر بعض ( 16 ) أنّ عقد التوريد هو من قبيل بيع الصفة ، وبيع الصفة يشترط المالكية فيه ألاّ يقدّم الثمن كما أنّ البضاعة مؤجلة ، فيجب أن يؤجل الثمن ، فيكون عقد التوريد لا إشكال فيه علي رأي المالكية أيضا .علاقة عقد التوريد بالعقد علي المبيع الغائب ( بيع ما ليس عندك ) :أقول : ثبت بأدلة متعددة ( 17 ) النهي عن « بيع ما ليس عند البائع » ، ولكن عقد التوريد للسلع في الآجال المعلومة لا يدخل في بيع ما ليس عندك ؛ لأنّ النهي عن بيع ما ليس عندك مخصص في صورة بيع المال الخارجي المملوك للغير للبائع بدون إذن الغير بذلك ؛ وذلك :1 ـ لما ثبت من جواز بيع السلم ، وهو في صورة عدم ملك المال خارجا حين العقد ، بل يكفي أن يغلب الظن بكون السلعة عامة الوجود حين التسليم .2 ـ لما ثبت من صحة بيع الفضولي إذا أجاز المالك وكان البيع له .وحينئذٍ تكون أدلة ثبوت هذين الموردين مخصِّصة لعموم النهي عن بيع ما ليس عندك بالمبيع الشخصي الذي يكون مملوكا للغير ، فيبيعه البائع لنفسه قبل تملكه وبدون إذن مالكه .وحينئذٍ لا يشمل هذا النهي عقد التوريد الذي هو عبارة عن بيع كلّي موصوف في الذمة علي أن يُسلّم في مواعيد محددة لقاء ثمن مقسّم علي نجوم معيّنة . فتبين أنّ العلاقة بين عقد التوريد والعقد علي المبيع الغائب هي علاقة التباين .أركان عقد التوريد وشروطه :أركان العقد :
إذا ثبت أنّ عقد التوريد عقد عرفي وشملته الأدلة العامة الدالة علي وجوب الوفاء بالعقد ، فستكون أركانه هي أركان كل عقد : ( الإيجاب والقبول ) . فإذا كان عقد التوريد قد تم علي سلعة معينة فالإيجاب يكون من البائع ـ وهو المورِّد ـ بتمليك سلعة موصوفة في الذمّة إلي الآخر بثمن معين في الذمة ، والقبول يكون من المورَّد إليه بقبوله لإيجاب البائع .وهذا العقد كبقية العقود لا يشترط فيه تقديم الإيجاب ، بل يجوز تقديم القبول من المشتري ، لكن بقوله : أشتري منك سلعة موصوفة في ذمتك بثمن معين موصوف في الذمّة ، فيقول البائع : بعتك تلك السلعة الموصوفة بذلك الثمن الموصوف .شــروط العقـد :
أمّا شروط عقد التوريد فهي تنقسم ـ كبقية العقود ـ إلي قسمين :أ ـ شروط تتعلق بالمتعاقدين : وهي البلوغ والعقل والاختيار ، ولا ندخل في تفصيل شروط المتعاقدين ؛ لعدم وجود فرق بين هذا العقد وأي عقد آخر من هذه الجهة .ب ـ شروط العوضين : يشترط هنا في خصوص عقد التوريد شروط السلم :1 ـ أن يكون العوضان موصوفين بحيث يحصل الانضباط بذكر الجنس والوصف مثلاً ؛ فلا يجوز عقد التوريد فيما لا ينضبط من الثمن والمثمن .2 ـ تقدير المبيع والثمن بما يرفع الجهالة .3 ـ تعيين الأجل في تسليم قسم من البضاعة وقسم من الثمن .4 ـ أن يكون المعقود عليه موجودا غالبا وقت حلول الأجل ، وكذا ثمنه .وهذه الشروط المتقدمة هي شروط بيع السَّلَم الذي يكون المثمن فيه مؤجلاً ، وهي بنفسها تكون ثابتة للثمن إذا كان مؤجلاً ؛ لأنّها إنّما اشترطت من قِبل الشارع في المثمن لأجل ألاّ تدخل المعاملة جهالة غررية ، أو يحصل نزاع من قبل المتعاقدين ، فإذا كان الثمن أيضا مؤجلاً وجد الملاك الذي لأجله اشترط الشارع هذه الشروط في المثمن ، فتشترط أيضا في الثمن .ومن هنا يتبيّن أنّ عقد التوريد إنّما يجري في المثليّات ونحوها من السلع والأثمان الموصوفة في الذمة ، وليس معني هذا أنّ عقد التوريد لا يمكن جريانه علي السلع الموجودة الخارجية ؛ فإنّ هذا العقد جائز بلا كلام وإن اشترط فيه قبض كميّة معينة من المثمن عند أوّل كل شهر في مقابل تسليم مقابلها من الثمن ، وإنّما كان كلامنا في عقود التوريد التي تكون موصوفة في الذمة في مقابل وصف ثمنها الذي يكون في الذمة أيضا ، فهذه هي التي تجري في المثليّات التي توصف في الذمة .هل عقد التوريد لازم أو ليس بلازم ؟ذكر علماء الإمامية للزوم العقد أدلة يمكن جريانها في عقد التوريد الذي نحن بصدده ، وهي كما يلي :1 ـ الأصل العملي : ويعني به قاعدة الاستصحاب التي تقتضي لزوم العقد ، فإنّ « الأصل اللزوم في كل عقد شك في لزومه شرعا ، وكذا لو شك في أنّ الواقع في الخارج عقد لازم أو جائز » ( 18 ) .وتوضيح ذلك : أنّ عقد التوريد بعد انعقاده وحصول الاتفاق بين الطرفين علي مضمونه يقتضي ملكية كل طرف لما في ذمة الآخر شيئا معينا يستحق قبضه في مدة معينة ، فإذا شككنا في زوال هذا العقد ( التمليك ) بمجرد رجوع أحد الطرفين مع عدم رضا صاحبه ، يجري حينئذٍ استصحاب بقاء العقد ( الملك ) ، وهذا معناه لزوم العقد وعدم فسخ العقد إذا حصل من أحد الطرفين مع عدم رضا الآخر .2 ـ الأصل العقلائي : بناءً علي أنّ العقلاء يبنون علي أصالة اللزوم في العقود إذا رجع أحد الطرفين مع عدم رضا صاحبه .وهذا الدليل لا يفيدنا في عقد التوريد الذي لم يكن موجودا في الأزمنة السابقة ؛ فلا سيرة فيه في زمن المعصوم ليكون إمضاء المعصوم حجة ودليلاً .3 ـ إنّ الحديث النبوي القائل : « الناس مسلّطون علي أموالهم » ( 19 ) يقتضي ألاّ يخرج المال عن ملك الإنسان إلاّ برضاه ، وبعد أن تم عقد التوريد حصل تبادل في الأموال ، ومقتضي هذا التبادل ألاّ يخرج ما حصل عليه الإنسان بهذا العقد إلاّ برضاه ، ومعني ذلك عدم تأثير الفسخ لهذا العقد إذا لم يرضَ الطرف الآخر ، ولو كان الفسخ من جانب واحد مؤثرا ـ من دون رضا الطرف الآخر ـ كان هذا الفسخ منافيا للسلطنة المذكورة في الحديث النبوي .وعيب هذا الدليل هو ضعف الرواية ؛ لأنّها ذكرت مرسلة في كتب المتأخرين .4 ـ الحديث المروي عن النبي صلياللهعليهوآلهوسلم : « لا يحلّ مال امرئ مسلم إلاّ بطيب نفسه » ( 20 ) دلّ علي انحصار سبب الحل في مال الغير ـ كما في الإباحة ـ أو جزءِ السبب للحل ـ كما في العقد ؛ لأنّ جزءه الرضا والجزء الآخر العقد ـ في رضا المالك ، فلا يحلّ مال الغير بغير رضاه ، وهو معني اللزوم إذا فسخ أحد الطرفين من دون رضا صاحبه .5 ـ قال تعالي : « لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل » ؛ حيث إنّ أكل المال ونقله من مالكه بغير رضاه هو أكل للمال بالباطل عرفا ، فيكون باطلاً شرعا ، وهو معني عدم تأثير فسخ أحد الطرفين من دون رضا صاحبه .نعم ، لو أذن المالك الحقيقي ( وهو الشارع المقدّس ) وحكم بالتسلط علي فسخ المعاملة من دون رضا المالك ـ كما في الخيارات الشرعية ـ خرج عن البطلان موضوعا . ولكن ما دمنا نشك في عقد التوريد بحكم الشارع بجواز الفسخ فيه ، فيكون أخذ المال بفسخ أحد الطرفين من دون رضا صاحبه مصداقا للآية القرآنية الشريفة ، فيكون أكلاً للمال بالباطل .6 ـ قال تعالي في ذيل الآية السابقة : « إلاّ أن تكون تجارة عن تراض » ؛ فإنّ الرجوع بدون رضا الطرف الآخر ليس تجارة ولا عن تراضٍ ، فلا يكون الرجوع داخلاً في الاستثناء ، فلا يجوز أكل المال الذي اُخذ بفسخ أحد الطرفين من دون رضا صاحبه .7 ـ قال تعالي : « يا أيّها الذين آمنوا أوفوا بالعقود » ؛ فإنّ عمومه يشمل ما بعد عقد التوريد حتي في صورة فسخ أحد الطرفين من دون رضا صاحبه ، ومعني « أوفوا بالعقود »هو عدم تأثير الفسخ من جانب واحد ، وهو معني اللزوم .8 ـ يمكن الاستدلال علي اللزوم بصحيحة محمّد بن مسلم عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : « قال رسول اللّه صلياللهعليهوآلهوسلم : البيّعان بالخيار ما لم يفترقا » ( 21 ) ، فمع حصول عقد التوريد والافتراق يكون العقد مشمولاً للّزوم .9 ـ صحيحة عبد اللّه بن سنان عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : « المسلمون عند شروطهم ، إلاّ كل شرط خالف كتاب اللّه عزّوجل فلا يجوز » ( 22 ) ؛ فإنّ الشرط لغةً هو مطلق الالتزام ، فيشمل الالتزام بعقد التوريد ووجوبه ، وحينئذٍ يكون فسخ أحد الطرفين من دون رضا صاحبه منافيا لوجوب التزام المسلِم عند التزامه ( 23 ) .هل يثبت خيار العيب وخيار فوات الوصف ونحوهما في عقد التوريد ؟
أقول : إذا بنينا علي أنّ التوريد عقد يجب الوفاء به ، فيكون حاله كحال بقية العقود بالنسبة لأحكام الخيار فيها ، وتوضيح ذلك :1 ـ خـيار المجلس :يثبت خيار المجلس للطرفين في عقد التوريد إذا كان عقد التوريد عقد بيع وكان فيه مكان للعقد ، وينقضي هذا الخيار بالافتراق ؛ لما دلّ من النصوص المستفيضة علي ثبوت خيار المجلس في عقد البيع :فمنها : صحيحة الفضيل بن يسار عن الإمام الصادق عليهالسلام ، قال : قلت له . . . وما الشرط في غير الحيوان ؟ ( أي وما الخيار في غير الحيوان ؟ ) قال : « البيّعان بالخيار ما لم يفترقا ، فإذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما » ( 24 ) .ومنها : صحيحة محمّد بن مسلم عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : « المتبايعان بالخيار ثلاثة أيّام في الحيوان وفيما سوي ذلك من البيع بيع ، حتي يفترقا » ( 25 ) .2 ـ خـيار الشرط :يثبت خيار الشرط في عقد التوريد بسبب اشتراطه في العقد للطرفين أو لأحدهما ، فإذا اشترط الخيار في عقد التوريد لمدة معينة ، كان الشرط صحيحا قد دلّت عليه الأخبار العامة المجوّزة لهذا الشرط .فمن الأخبار العامة : صحيحة عبد اللّه بن سنان عن الإمام الصادق عليهالسلام : « المسلمون عند شروطهم ، إلاّ كل شرط خالف كتاب اللّه فلا يجوز » ( 26 ) .وفي صحيحة اُخري لابن سنان عن الصادق عليهالسلام قال : « من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه فلا يجوز له ولا يجوز علي الذي اشترط عليه ، والمسلمون عند شروطهم فيما وافق كتاب اللّه عزّوجل » ( 27 ) . والمراد من موافقة الكتاب هو عدم مخالفته ؛ لقرينة المقابلة .3 ـ خـيار الغبن :إذا تصوّرنا وجود غبن في عقد التوريد ـ بأن يكون تمليك البضاعة بما يزيد علي قيمتها بما لا يتسامح به مع جهل الطرف الآخر ـ فالمعروف بين علماء الإمامية وجود خيار الغبن . وقد استدل له بأدلة أقواها : الارتكاز العقلائي الموجود بين المتعاملين بأنّ المشتري لا يشتري بأكثر من القيمة السوقية وأنّ البائع لا يبيع بأقلّ منها ، فإذا بان خلاف ذلك ـ كالصفات المقصودة التي لا يوجب تبيين فقدها إلاّ الخيار ـ كان للمغبون منهما خيار فسخ العقد أو قبوله .4 ـ خـيار الرؤية :وأمّا خيار الرؤية المسبب عن رؤية المبيع علي خلاف ما اشترط فيه المتبايعان فلا يأتي في عقود التوريد ؛ وذلك : لأنّ مورد خيار الرؤية بيع العين الشخصية الغائبة فيما إذا وصفت ثمّ تبيّن أنّها خلاف تلك الأوصاف ، فيثبت الخيار . نعم إذا تصوّرنا التوريد في سلعة شخصية معينة مرئيّة ، ثمّ وجدها المشتري علي خلاف الوصف أو خلاف ما رآها ، يثبت له خيار الرؤية ( 28 ) .5 ـ خـيار العيب :وأمّا خيار العيب فهو لا يأتي أيضا في عقد التوريد ما دام العقد قد وقع علي كلّي موصوف في الذمة ، فإذا جاءت السلعة المطبّق عليها الكلي وهي معيبة فمن حقّ المشتري أن يردّ المبيع بحجة أنّ الكلي لم يطبّق علي مصداقه الحقيقي ، ويطالبَ المشتري بالمصداق الحقيقي للكلي . وعلي هذا فلا يحق للمشتري أن يفسخ المعاملة بخيار العيب الموجود في السلعة المورّدة ، نعم له الحق في ردّها والمطالبة بمصداق الكلي الصحيح .نعم ، يأتي خيار العيب إذا كانت السلعة المشتراة شخصية خارجية ، ثمّ وجد بها المشتري عيبا كان موجودا قبل الشراء أو قبل القبض ولم يعلم به .
الخـلاصــة :
إنّ خيار الرؤية وخيار العيب لا يأتيان في عقود التوريد إذا كان عقد التوريد علي كلّي موصوف في الذمة ، وأمّا إذا كان عقد التوريد علي عين شخصية خارجية فيثبتان .الضمان في المبيع بالتوريد :قد يطلب البائع بالتوريد الضمان علي وصول ثمن البضاعة ، وقد يطلب المشتري الضمان علي وصول وسلامة البضاعة ، وهذا الضمان الذي يطلبه المشتري قد يكون شرطا جزائيا ( غرامة ) عند عدم القيام بما يجب علي المورِّد من تسليم البضاعة المعقود عليها نهائيا ، أو مخالفة بعض الشروط المشترطة عليه في العقد ، وقد يكون شرطا جزائيا عند عدم تسليم البضاعة في التاريخ المعيّن ، وتسليمها بعد ذلك التاريخ بشهر أو أكثر . كما يمكن أن يتصور الضمان الذي يطلبه المشتري بصورة ضمان الضرر الذي يحصل عند عدم القيام بما يجب علي المورّد من تسليم البضاعة نهائيا ، أو مخالفة بعض الشروط المشترطة عليه في العقد ، أو ضمان الضرر الذي يحصل من عدم تسليم البضاعة في موعدها المقرر . فحصل لدينا سبع صور للضمان نتكلم فيها تباعا :الصـورة الاُولـي :وهي طلب البائع الضمان علي وصول ثمن البضاعة . وقد يتمكن البائع أن يطلب من المشتري أن يضمن البنك ثمن البضاعة عند وصولها إلي المشتري وقبضها ، وحينئذٍ يتقدم البنك بضمان الثمن بطلب من المشتري في صورة عدم وجود ثمن البضاعة في البنك ، وأمّا إذا كان ثمن البضاعة موجودا في حساب المشتري في البنك ، فيتمكن البنك أن يخصم منه ثمن البضاعة ويسلّمه إلي البائع عند وصول البضاعة إلي المشتري .الصـورة الثانيـة :طلب المشتري الضمان بصورة الشرط الجزائي ( 29 ) ( الغرامة ) عند عدم قيام المورّد ( البائع ) بما يجب عليه من تسليم البضائع نهائيا .وهذه الصورة من الضمان صحيحة ؛ وذلك : لأنّها عبارة عن غرامة يدفعها البائع للمشتري حتي يتمكن من فسخ المعاملة اللازمة حسب الفرض ، فقبل دفع هذه الغرامة لا يحق له فسخ المعاملة من دون رضا صاحبه ، ومع دفع الغرامة يحق له الفسخ من دون رضا صاحبه . وعلي هذا يجب العمل بالشرط الجزائي وتقديم الغرامة للمشتري عند فسخ المعاملة .الصـورة الثالثـة :طلب المشتري الضمان بصورة الشرط الجزائي ( الغرامة ) عند مخالفة بعض الشروط المشترطة عليه في العقد .وهذه الصورة من الغرامة صحيحة أيضا ؛ وذلك : لأنّ المشترِط إذا لم يسلّم له الشرط فيكون له خيار تخلّف الشرط ، وحينئذٍ يكون دفع الغرامة له في قبال عدم فسخه وإبقائه للمعاملة . فالشرط الجزائي ( الغرامة ) يكون إمّا في قبال إسقاط خياره أو عدم إعماله وإن كان الخيار موجودا ، ودفع الغرامة ( المال ) في مقابل ذلك أمر جائز .الصـورة الرابعـة :طلب المشتري الضمان بصورة الشرط الجزائي ( الغرامة ) عند عدم تسليم البضاعة في التاريخ المعيّن ، وتسليمها بعد ذلك بشهر أو أكثر .وفي هذه الصورة لا يكون الشرط الجزائي صحيحا ؛ وذلك لمحذور الربا الجاهلي في هذا الشرط الجزائي . فنحن وإن قبلنا الشرط الجزائي في الإجارة علي الأعمال وفي البيوع ، إلاّ أنّه مختص بما لم يؤدِّ إلي محذور باطل شرعا ، وهنا يكون الشرط الجزائي مؤديا إلي محذور الربا ، فيكون باطلاً .وتوضيح ذلك : أنّ المثمن هنا ما دام كليا في الذمة ومؤجلاً إلي أجل ، فإن اُخّر إلي أزيد من الأجل المتفق عليه في العقد في مقابل الشرط الجزائي الذي هو غرامة علي التأخير صار ربا جاهليا ، وهو محرّم في الشريعة الإسلامية .الصـورة الخامسـة :وهي أن يطلب المشتري ضمان الضرر الذي يحصل عند عدم قيام البائع بما يجب عليه من تسليم البضاعة نهائيا .وهذا الضمان للضرر شرط صحيح يجب الوفاء به ؛ لما قلناه من أنّه يؤول إلي أنّ حق الفسخ في العقد اللازم لا يرضي به المشتري إلاّ بتعويض ضرره من قبل البائع ، فإذا عوّض الضرر رضي المشتري بالفسخ من قبل البائع . ولكن هذا الضمان متوقف علي إثبات الضرر وتقديره ؛ لأنّه تعويض ، والتعويض فرع التضرر الثابت وتقديرِه . وهذا بخلاف الشرط الجزائي الذي هو غرامة ؛ حيث يكون الضرر فيها مفترضا ولا يلزم إثباته ، ولا يستطيع المتعاقد الاحتجاج بعدم وقوعه .الصـورة السادسـة :وهي أن يطلب المشتري ضمان الضرر الذي يحصل عند مخالفة البائع بعض الشروط المشترطة عليه في البضاعة .وهذا أيضا شرط صحيح لضمان الضرر ؛ لأنّه يؤول إلي أنّ المشتري حينما يري بضاعته غير وافية بالشروط التي اشترطها يكون من حقه فسخ المعاملة ؛ لتخلّف الشرط ، فيكون تعويض الضرر من قبل البائع في مقابل إسقاط خياره أو عدم إعماله مع وجوده ، فيستحق التعويض .الصـورة السابعـة :وهي أن يطلب المشتري ضمان الضرر المتوجه إليه من جهة عدم تسليم البضاعة في موعدها المقرر .وهذا الشرط لا يكون صحيحا ؛ لمحذور وجود الربا الجاهلي منه ـ كما تقدم في الصورة الرابعة ـ حيث إنّ المثمن هنا ما دام كليا في الذمة ومؤجلاً إلي أجل فيكون تأخير البضاعة عن الأجل في مقابل تعويض مالي ( ولو كان التعويض للضرر الذي حصل من تأخير البضاعة ) ربا جاهليا ، وهو محرّم في الشريعة الإسلامية .قد يقال هنا ـ وفي الصورة الرابعة السابقة أيضا ـ : إنّ البائع للكلي ملتزم بدفع البضاعة إلي المشتري في وقت معين ، فهنا التزام من قبل البائع ، وليس كل التزام دينا وإن كان كل دين التزاما ، وحينئذٍ يصح أن يجعل علي البائع شرطا جزائيا إذا تخلّف عن التزامه ، وليس هذا مثل الربا الجاهلي ( 30 ) .أقول : إنّ هذا الكلام صحيح فيما إذا كان المبيع عينا خارجية ، فيكون البائع ملتزما بدفعها ، فيصح أن يجعل عليه شرطا جزائيا إذا تخلّف عن التزامه ، أمّا إذا كان المبيع كليا في الذمة ـ كما هو الفرض ـ فلا يكون هذا الالتزام بدفع الكلي في وقت لاحق إلاّ دينا في ذمة البائع ، وحينئذٍ يكون الشرط الجزائي مقابل تأخيره ربا جاهليا محرّما .والخلاصـة :
تبيّن أنّ الشرط الجزائي ( الغرامة ) أو التعويض عند حصول الضرر في العقود جائز ما لم يصطدم بنهي شرعي عنه ، كما لاحظنا ذلك في الصورة الرابعة والسابعة .تحـفّـظ :إنّ الشرط الجزائي الجائز ، وكذا التعويض الجائز ، إنّما يكون صحيحا بشرط ألاّ يكون الشرط الجزائي والتعويض محيطا بكل الاُجرة أو بكل الثمن ، وأمّا إذا كان كذلك فيكون منافيا لمقتضي العقد أوّلاً ، ومنافيا لمقتضي الرواية ـ التي هي دليل للشرط الجزائي في عقد الإجارة ـ القائلة : « شرطه هذا جائز ما لم يُحِط بجميع كراه » .( 23 ) راجع هذه الأدلة في مكاسب الشيخ الأنصاري : 85 .( 17 ) راجع بحوث في الفقه المعاصر ، حسن الجواهري 1 : 352 وما بعدها .( 9 ) وقد ذكر كتاب المجروحين : ج 1 في ترجمة طلحة بن زيد أنّه « منكر الحديث جدا ، يروي عن الثقات المقلوبات ، لا يحلّ الاحتجاج بخبره » .( 1 ) العروة الوثقي 2 : 588 ، من كتاب الضمان ، ط ـ 1410 ه·· ـ 1990 م .( 14 ) أقول : هذا الرأي هو مخالف لرأي الإمامية ، حيث إنّهم بين قائل ببطلان هذا البيع فتوي ، وبين قائل ببطلانه احتياطا . ونحن إن تأملنا في صدق البيع عليها والتجارة لعدم قبض الثمن والمثمن أو أحدهما ، فإنّنا لا نتأمل في صدق التسالم الموجود بين الطرفين فتكون صُلحا ، إلاّ أنّه حيث لا يوجد تقابض في البين ولا قبض لأحد العوضين ، فلعل صدق التفاهم أولي من صدق العقد المعاملي ، إلاّ أنّ التفاهم إذا وصل إلي حدّ التعهد صار عقدا ملزما ، وبما أنّ موضوعه المعاملة الآتية فيجب العمل بالعقد الذي موضوعه المعاملة القادمة .( 16 ) راجع مناقشة الدكتور عبد الوهاب أبو سليمان في مجلة مجمع الفقه الإسلامي : الدورة التاسعة ، العدد التاسع ، الجزء الثاني : 314 .( 6 ) النساء : 29 .( 7 ) وسائل الشيعة 13 : 99 ، ب 15 من الدين والقرض ، ح 1 .( 24 ) وسائل الشيعة 12 : 346 ، ب 1 من أبواب الخيار ، ح 3 .وكذا ، وإنّه حبسني عن ذلك اليوم كذا وكذا يوما . فقال القاضي : هذا شرط فاسد ؛ وفِّهِ كراه . فلما قام الرجل أقبل إليَّ أبو جعفر عليهالسلام فقال : « شرطه هذا جائز ما لم يُحِط بجميع كراه » . وسائل الشيعة : 13 : 253 ، ب 13 من الإجارة ، ح 2 .وبما أنّه لا فرق بين الإجارة وبقية البيوع ـ خصوصا إذا جعلنا الدليل قاعدة « المسلمون عند شروطهم » ـ فيكون الشرط الجزائي صحيحا لم يكن هناك نهي عنه .( 13 ) راجع : جواهر الكلام 24 : 295 نقلاً عن الجامع الصغير 2 : 192 ، ط ـ عبد الحميد أحمد حنفي .( 12 ) راجع : مقالة الدكتور رفيق المصري ، مناقصات العقود الإدارية : ص 31 عن تكملة المجموع للسبكي 10 : 106 ، وأعلام الموقعين 2 : 9 و 11 وغيرها .( 15 ) راجع المناقصات في العقود الإدارية : د . رفيق يونس المصري نقلاً عن المبسوط 2 : 139 . وعقد الاستصناع : 172 .( 22 ) المصدر السابق : 353 ب 6 ، ح 2 .( 2 ) إنّ المشهور في فقه الإمامية أنّ عقد الضمان هو نقل الدين من ذمة إلي اُخري ، لا ضم ذمة إلي ذمة .( 28 ) لم نذكر أدلة خيار الرؤية والعيب وفرضناهما ثابتين ؛ طلبا للاختصار .( 8 ) راجع : بحث مناقصات العقود الإدارية . د . رفيق المصري عن أحكام القرآن للجصاص 1 : 483 ، ونظرية العقد : 235 ، وأعلام الموقعين 1 : 400 ، وحاشية الشرقاوي 2 : 30 ، وغيرها .( 11 ) راجع : جواهر الكلام 24 : 293 .( 30 ) ذكر هذا الإشكال الدكتور الصديق الضرير عند مداخلته في الدورة الثانية عشرة المنعقدة في الرياض .( 29 ) ذهب أكثر علماء الشيعة إلي جواز الشرط الجزائي في عقد الإجارة ، واستدلوا له بقاعدة « المسلمون عند شروطهم » ، وصحيح الحلبي قال : كنت قاعدا عند قاضٍ من القضاة وعنده أبو جعفر ( الإمام الباقر ) عليهالسلام جالس ، فأتاه رجلان فقال أحدهما : إنّي تكاريت إبل هذا الرجل ليحمل لي متاعا إلي بعض المعادن ، واشترطت عليه أن يدخلني المعدن يوم كذا وكذا ؛ لأنّها سوق أخاف أن يفوتني ، فإن احتُبستُ عن ذلك حططت من الكراء لكل يوم احتُبسته كذا
( 19 ) هذه الرواية ذكرت مرسلة ولم تذكر إلاّ في كتب المتأخرين ، وقيل : إنّها مروية في البحار أيضا .( 26 ) المصدر السابق : 353 ، ب 6 من أبواب الخيار ، ح 2 .( 4 ) البنك اللاربوي في الإسلام ، الشهيد الصدر : 231 ـ 232 .( 5 ) قد تجري المناقصة من أجل عقد التوريد ، كما قد يكون التوريد بطريق الشراء العادي المباشر .( 20 ) نيل الأوطار 5 : 334 ، كتاب الغصب والضمانات ، ح 2 . وقد ورد بهذا المعني عن رسول اللّه صلياللهعليهوآلهوسلم في كتاب مستدرك الوسائل قول رسول اللّه صلياللهعليهوآلهوسلم : « المسلم أخو المسلم لا يحلّ ماله إلاّ عن طيب نفسه » ، وورد أيضا عن علي عليهالسلام : « لا يجوز أخذ مال المسلم بغير طيب نفس منه » . راجع مستدرك الوسائل 3 : 145 ، ب 1 من كتاب الغصب ، ح 5 و 3 .( 25 ) المصدر السابق : 349 ، ب 3 من أبواب الخيار ، ح 3 .( 21 ) وسائل الشيعة : 12 : 345 ، ب 1 من أبواب الخيار ، ح 1 ، وراجع ح 2 ـ 4 وغيرها .( 3 ) مباني العروة الوثقي : 114 ـ 116 ، كتاب المساقاة .( 18 ) انظر : المكاسب ، الشيخ الأنصاري : 85 ط ـ حجري .( 27 ) المصدر السابق : ح 1 .( 10 ) راجع : نيل الأوطار 5 : 177 .