إبراهیم و قومه و التوحید نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

إبراهیم و قومه و التوحید - نسخه متنی

محمدحسین الصغیر

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

د

د. محمد حسين الصغير

إبراهيم وقومه والتوحيد


(وإذ قالَ إبراهيمُ لأبيهِ وَقَومهِ إنّني برآءٌ ممّا تَعبُدُون(26) إلا الذي فَطَرني فإنَّهُسيهدين(27) وَجعَلَها كلمةً باقيةً في عقِبهِ لَعَلَّهم يَرجعونَ(28)).

الآيات الثلاث تتحدث عن صلابة العقيدة، ورسوخ أصالتها في نفس إبراهيم(ع) فيما إقتص الله من خبره معأبيه وقومه، وفيها لمح إشاري إلى أن قريش وهي من ذرية إبراهيم(ع) قد كان من الأولى لها أن تتبع ملة إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين، ففي الوقت الذي تدعي قريشمحاكاة الآباء، وتقليد الاسلاف، فلماذا تنحرف عن ملة أبيها ذي الحنيفية الغراء، هذا الأب الذي أعلن عن عقيدته جهاراً في التوحيد، وقاسى من أجلها محاولة القتل والتحريق،وقام بسبيلها بالهجرة والسياحة في الأرض، حتى هجر أباه، ونبذ قومه، وصك الجميع بالبراءة من الوثنية وعبادتها، وجابههم صراحة (إنَّني بَرآءٌ مِمّا تَعبُدُون). فالعقيدةالاشراكية عند قريش يبرأ منها أبوهم، ولم يقلد أباه ولا قومه فيما يعتقدون، فلماذا يقلدون هم إذن، إنها حجة بالغة، ومحاججة بلسان القوم ولغتهم في نسف العبادة التقليديةالموروثة، فيا لها من صرخة تهز كيان المشركين وهم في ذروة الاحلام، ونشوة الاعتداد بالآباء، إذ يتبرأ من فوقهم الابن الضعيف في ظل الاب القوي، والعشيرة المتطاولةالمتكاثرة من عقيدة الجميع، ويعلنها حقيقة بديهية في جموع الوثنيين والثنويين: (إلاّ الذي فَطَرَني فإنَّهُ سيهدينِ). إنه الاقرار المطلق بالعبودية لله ابتداءً،وبالعبادة له خالصة، وبالتفويض إليه هداية، بسبب فطري يفرضه الدليل الاستقرائي لمسيرته في الحياة وبعد الممات، إنه أبدعه وخلقه وأنشأه، ثم إذا شاء أنشره، فهو المنفردبالعبادة والألوهية، وهو الكفيل _وحده _ بالهداية وسنن الرشاد، بحكم أنه الخالق المبدع المصور.

أما التمكين من هذه الهداية فيما أبان من دلائل وحدانيته وعلائمربوبيته، وهما إشارتان في تقوم الخلفية الداخلية عند الانسان. وبتقويم هذه الخلفية يتبلور الدين الحق، وإذا وصل الانسان إلى الدين الحق لم تتحقق الهداية فحسب بل الهدايةولازمها من الخشوع والخشية والانابة. ويبدو أن أصل ذلك عند إبراهيم كلمة التوحيد التي فاه بها لساناً واعتقدها جناناً، فكانت الثبات واليقين والمبدأ، لأنها لغة الأعماقفي ذاته، وسنة الكون بمتطلباته، وقد أثابه الله على ذلك أن جعل هذه الكلمة باقية في عقبه رغم تعاقب الأجيال والأزمنة تكريماً له، وإستجابة لدعائه فيما إقتصه الله تعالىمن قوله: (وإذِ ابتلى إبراهيمَ رَبُّهُ بكلماتٍ فأتَّمَهُنَ قالَ إنّي جاعلُكَ للنّاسِ إماما، قالَ وَمِن ذريّتي قالَ لا يَنالُ عهدي الظّالمين). فالنبوة والولايةوالامامة في ذريته، فموسى وعيسى ونبينا محمد صلوات الله عليهم أجمعين من ذريته، وهم عقبه وأبناؤه الحقيقيون يؤمنون بكلمة التوحيد لأبيهم إبراهيم، ويا لها من منزلةرفيعة: أن تبقى هذه الكلمة متوارثة في ذرية هذا الأب الموحد، معيناً من الهداية لا ينضب، وشعلة من الحق لا تخبو، يرجع فيها إلى الطريق من ضل، وإلى التوحيد من أشرك، وإلىاليقين من شك، يبشرون بها حتى يرث الله الأرض ومن عليها، ولقد كان التوحيد معروفاً قبل إبراهيم، ولكنه تأصل وتأطر واستقر بعد ابراهيم، كلمة باقية في عقبه إلى يوم الدين.ووصلت هذه الكلمة إلى الابناء، فكيف كان إستقبال الابناء لرسالة الآباء؟ هذا ما تجيب عنه حقائق الأعمال.



المصدر : المبادىء العامة لتفسير القرآنالكريم بين النظرية والتطبيق

/ 1