تمهيـد: - تاریخ الحدیث و علومه نسخه متنی

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

تاریخ الحدیث و علومه - نسخه متنی

السید ثامر هاشم حبیب العمیدی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

بسـم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الاَنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيّبين الطاهرين.

تمهيـد:

إنّ السُنّة النبوية ـ قولاً، وفعلاً، وتقريراً ـ هي صنو القرآن الكريم وتالية له، فالقرآن الكريم يشرّع الاَُصول والقوانين، ويؤسّس القواعد الكلية للاَحكام والاَخلاق والآداب، بل لكلّ ما يتّصل بعلوم الدين ومعارفه ومناهجه التربوية والاجتماعية، والسُنّة المطهّرة تتناول تلك الاَُصول والقواعد فتفصّلها، وتوضّح مبهماتها، وتحلّ متشابهاتها، وتبيّن مجملاتها، مع ما تفرّعه عليها، بحيث لم تدع ملحظاً كليّاً أو جزئياً له صلة بالفرد أو المجتمع إلاّ وقد بيّنت حكمه وأرشدت إليه بكلّ دقّة وتفصيل، وبشكل يستحيل معه رفع اليد عن السُنّة النبويّة في فهم القرآن الكريم.

وعليه، فمحاولة فصل السُنّة عن القرآن الكريم: هي بمثابة الاِعراض عن كتاب الله عزّ وجلّ، والتعبير عن اللامبالاة بتعاليمه الآمرة بالاَخذ بمدلول السُنّة الشريفة: (ومَا آتاكمُ الرسولُ فخذوهُ ومَا نَهاكمْ عنه فانتهُوا)[1].

وعلى الرغم من وضوح هذه الحقيقة إلاّ أنّ محاولات فصل السُنّة عن القرآن الكريم قد وُجدت لها الاَعذار من الشريعة نفسها، واختُلقت لها المبرّرات التي سنقف عندها لنرى مدى صدقها وانطباقها مع أسباب ودوافع منع تدوين الحديث الشريف، الذي ظهر بُعَيد وفاة الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم ، ثمّ اتُّخذ المنع عن كتابة الحديث منهجاً سياسياً طيلة قرنٍ من الزمان، بعدما كان تعاطي الحديث ونشره من قبل الصحابة أمراً طبيعياً جدّاً في العهد النبوي، بل تقتضيه طبيعة رسالة الاِسلام في كلّ حين، لعالميّتها (وَما أَرسلناكَ إلاّ رَحمةً للعالمين)[2].

نعم، لم يُمنع أحدٌ من كتابة الحديث الشريف في العهد النبوي الشريف، كما تدلّ عليه جميع الدراسات الموضوعية الخاصّة بدراسة تاريخ السُنّة المُطهّرة ومراحل تدوين الحديث، فقد جمعت تلك الدراسات أسماء المدوّنين والمدوّنات الحديثية في العهد النبوي، وبشكل مُلفت للنظر؛ لكثرتها في ذلك العصر المتقدّم من عمر الاِسلام، بخلاف ما قد يُظن من نُدرتها تبعاً لظروف التدوين ونُدرة وسائله حينذاك، مع استقراء الروايات الدالّة على إباحة التدوين.

وأمّا الروايات المخالفة لذلك، بنسبة المنع إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فهي
مكذوبة عليه صلى الله عليه وآله وسلم ، ولا أصل لها في واقع التشريع، ويكذّبها القرآن الكريم، وتشنّ السُنّة المطهّرة ـ نفسها ـ حرباً شعواء على تلك الروايات وتدفعها؛ لمخالفتها الصريحة لتطلّعات دين الاِسلام نحو الكتابة والتعلّم والسعي في طلبه، وبيان فضله حتّى ورد في الخبر: « عالم يُنتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد»[3] و «لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المُهج وخوض اللجج»[4]، فضلاً عن مخالفتها لمقتضيات العقل السليم، وطبيعة الحضارات في كلّ زمان ومكان.

غاية ما في الاَمر.. أنّه ـ وبعد وفاة الرسول الاَعظم صلى الله عليه وآله وسلم ـ مرّ حديثه الشريف بأَزْمةٍ خانقة، ومواقف سلبيّة أدّت إلى الحظر عليه روايةً، ومنعه تدويناً، حتّى اتّسمت تلك المواقف بتصرّفات شاذّة، كحرقهم صحائف الحديث الشريف، ودفنهم كتبه، وحبس الصحابة في مركز الخلافة خوفاً من تفشّي الحديث خارج المدينة المنوّرة، مع النهي العامّ عن تعاطي الحديث رواية وتدويناً!!

لقد تركت تلك المواقف آثارها السيّئة على واقع الحديث، إذ غُيّرت السُنّة، ومُحقت الشريعة، وذلك بتمهيد السُبل أمام الاَيدي الآثمة من الزنادقة، وأهل الاَهواء، لاَنْ تعبث بالحديث الشريف، فتضع ما شاء لها الهوى لا سيما مَنْ تَقرّبَ إلى بلاط الاَُمويين باختلاق الروايات التي تؤيّد عروشهم، وتنال من خصومهم السياسيين، كما تشهد عليه الكتب المؤلّفة في الموضوعات والوضّاعين.

وبدلاً من أن تجتمع الكلمة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على صيانة
حديثه الشريف من عبث العابثين، حدث العكس تماماً! كما سنرى في المواقف الحكومية الاَُولى من تدوين الحديث الشريف.

المواقف الحكومية الاَُولىمن تدوين الحديث الشريف

في تاريخ الحديث الشريف موقفان متعارضان، تميّز أحدهما بالتزام تدوين الحديث الشريف والحفاظ عليه، ويمثّله أهل البيت عليهم السلام ، وشيعتهم كما سيتّضح في ما بعد.

وتميّز الآخر ـ وهو الخطّ الحاكم الذي برز بعد أحداث السقيفة وامتدّ إلى زمان عمر بن عبدالعزيز الاَُموي (ت 101 هـ) ـ بمواقف سلبية متطرّفة جدّاً، حتّى مُنع الحديث روايةً وتدويناً، واتّخذ المنع صفته الرسمية طيلة تلك الفترة، وسنبتدىَ بدراستها وتقييمها على النحو الآتي:

موقف أبي بكر من الحديث الشريف:

عن عائشة، قالت: جمع أبي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكانت خمسمائة حديث، فبات ليلته يتقلّب... فلمّا أصبح قال: أي بُنَيَّة، هلمّي الاَحاديث التي عندكِ. قالت: فجئته بها، فدعا بنار فحرقها! فقلت: لِمَ أحرقتها؟!

قال: خشيت أن أموت وهي عندي، فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت [به]، ولم يكن كما حدّثني، فأكون قد نقلت ذلك[5]!!

ويلاحظ هنا:
إنّ تصرّف أبي بكر بجمع خمسمائة حديث شاهد على عدم وجود النهي السابق بشأن تدوين الحديث، وإلاّ لكان ذلك الجمع مخالفاً للنهي عنه.

كما إنّ تعليله إحراق الاَحاديث بالنار لم يستند على نهي سابق عن التدوين، بل كان لاَجل خشيته من عدم مطابقة تلك الاَحاديث للواقع، وخوفه من المشاركة في حمل أوزارها.

/ 8