مسألة 25 ـ قال في الجواهر: (و لا يصح أن ينوب نائب واحد عن اثنين في حج واجب لعام واحد بلاخلاف أجده فيه.بل الإجماع بقسميه عليه لعدم ثبوت مشروعية ذلك بل الثابت خلافه، فلو وقع الحج كذلك بطل لامتناعه لهما لعدم قابليته للتوزيع و لا لواحد بخصوصه لعدم الترجيح و لاله لعدم نيته له فليس حينئذ إلا البطلان).(3)
فالعمل الواحد المركب ذات الأجزاء و الشرائط و إن كان قابلاً لأن يصدر من اثنين إذا لم يكن صدوره من واحد من شرائطه إلا أنه لا يجزي عن العملين
1وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب النيابة.2 ـ الكافي:4/316.3 جواهر الكلام: 17 /393.
[130]
المستقلين المشروط وجود كل منهما بصدوره عن عامل واحد أو مستقلاً عن الآخر.نعم يمكن تصور الاشتراك في الحج الواجب على الإثنين، بأن نذرا كل منهما أن يشترك مع الآخر في إحجاج شخص أو استنابته فيحج النائب عنهما هذا الحج الواجب عليهما فهو نائب به عن اثنين.هذا كله في الحج الواجب و أما في المندوب فيجوز أن يأتي به عن نفسه و غيره واحداً كان أو أكثر و ذلك للإجماع و دلالة الأخبار الكثيرة مثل صحيحة محمد بن إسماعيل: قال: «سألت أبا الحسن(عليه السلام) كم اُشرك في حجتي؟ قال: سألت كم شئت» وفي بعضها: «لو اشركت ألفاً في حجتك لكان لكل واحد حجة من غير أن تنقص حجتك شيئا»،(1) على النيابة واشتراك الغير في الإتيان بالعمل.وأما التشريك في الثواب و إهدائه إلى الغير فجوازه ثابت في مطلق العبادات والطاعات و لاينافي ذلك ما جاء في بعض الروايات في من نوى أن أدخل غيره في حجته فنسي «الآن فأشركها»:فإنه ظاهر في جعل الثواب له و إنه بمنزلة التشريك من أول الأمر و كيف كان فالظاهر عدم الخلاف في ذلك.نعم ربّما يقال: إن ظاهر هذه الروايات جواز التشريك إذا حج عن نفسه و أما في الحج عن غيره فلا دلالة لها عليه.(2)
وفيه: إلغاء الخصوصية و إن بعد دلالة هذه الأخبار بجواز التشريك إذا كان حاجاً عن نفسه لا يحتمل اختصاص الحكم بصورة كون الحج عن نفسه.مضافا إلى إمكان أن نقول: إن المراد «بحجتي» الحج الصادر منه بالمباشرة لاخصوص الحج الذي نواه لنفسه.والله تعالى هو العالم.
نيابة اثنين أو أزيد عن واحد
نيابة اثنين أو أزيد عن واحد مسألة 26 ـ يجوز نيابة اثنين و أزيد عن شخص واحد، ميتا كان أوحياً في
1 ـ وسائل الشيعة: ب 28 من ابواب النيابة ح 1
2 ـ مستمسك العروة: 11/74.
[131]
الحج المندوب.قال في الجواهر: (فقد اُحصي عن علي بن يقطين في عام واحد ثلاثمأة ملبياً و مائتان و خمسون وخمسمأة و خمسون). (1)وفي حاشية الوسائل: «قد روى الشيخ و الكشي عن علي بن يقطين أنه اُحصي له في عام واحد من وافى عنه إلى الحج فكانوا مأة و خمسين ملبياً و روي ثلاثمأة و أنه كان يعطي بعضهم عشرين الفاً و بعضهم عشر آلاف و أدناهم خمسمأة درهم).(2)
وعن المنتهى التصريح بعدم جواز الحج ندباً عن الحي إلا بإذنه.وفي الجواهر: (أنه واضح الضعف(3) و لعله لإطلاق بعض الأخبار).ويجوز ذلك في الواجب أيضاً عن الميت، كما إذا كان عليه حجان مختلفان نوعاً كحجة الإسلام و النذر أو متحدان كحجتين واجبتين بالنذر و عن الحي إذا كان لايقدر هو بنفسه سواء كانا مختلفين بالنوع أو متحدين، فيجوز له استيجار شخصين في عام واحد و ذلك لإطلاق الأدلة و عدم ما يدل على الترتيب بينهما، كما يجوز ذلك إذا كان أحدهما واجباً و الآخر مندوبا.بل قيل: يجوز أن يستأجر أجيرين لحج واحد كحجة الإسلام في عام واحد احتياطاً، لاحتمال بطلان حج أحدهما.وفيه: إن كان المراد استيجار أحدهما المعين لحجة الإسلام التي عليه في الواقع منجزاً و الآخر احتياطاً و رجاءاً فيشكل للثاني الدخول في الحرم، لأنه لايجوز دخول الحرم بدون الإحرام و كون مثله محرماً غير معلوم و إن كان المراد استيجار كل منهما للحج الواجب حتى يكون كلاهما أو واحد منهما موجبا لبراءة ذمته، فصحة كليهما مبنية على اتفاق خروج كليهما عنه في زمان واحد، و أما إذا اتفق سبق أحدهما على الآخر.ينطبق الواجب على الأول منهما دون الثاني و على
1 ـ الجواهر: 17 / 388.2 ـ حاشية وسائل الشيعة: 11/202.3 ـ الجواهر: 17/388.
[132]
فرض بطلان الأول ينطبق على الثاني دون الأول، فعلى هذا نيابة الإثنين عن الواحد ـ يتحقق إذا اتفق خروج كليهما عن الواجب في زمان واحد.[133]
الكلام في الوصية بالحج
الكلام في الوصية بالحج حكم اخراج حج الموصى به
حكم اخراج حج الموصى بهمسألة 1 ـ إذا أوصى بحجة الإسلام تخرج من أصل تركته، كما هو الحكم به في صورة عدم الوصية، فإن إخراج الوصية من الثلث مختص بما إذا لم يكن إخراج موردها واجباً على كل حال و لو لم يوص به.وبعبارة اخرى تخرج الوصية من الثلث إذا صار إخراجها واجباً بالوصية، و لو بنينا على إخراج حج الإسلام الموصى به من الثلث يزاحم سائر الوصايا، فربما لا يبقى محل للعمل بها في غير حج الإسلام.لكن هذا البناء مبني على كون المراد من الثلث المذكور في باب الوصية ثلث التركة لا ثلث ما يبقى منها بعد أداء ديون الميت.والظاهر اتحاد حكم الحج الواجب بالنذر مع حجة الإسلام لاتحادهما في كونهما من الديون وأما غيرهما كالحج الواجب بالعهد واليمين و الإفساد فالظاهر عدم كونها من الديون المالية التي تخرج من أصل تركة الميت فإن أوصى بها تخرج من ثلث التركة.و الله أعلم.ومن ذلك كله يعلم حال الوصية بالحج الندبي و أنه يخرج من الثلث وأما لو شك في أن الحج الموصى به واجب أو مندوب، فقد حكي عن سيد الرياض خروجه من الأصل.وذلك إن كان بعمومات وجوب العمل بالوصية فلا شك في أن موردها الوصايا النافذة و التمسك بها في أنها من أي منهما من التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية.وإن كان بمثل خبر عمار الذي رواه المشايخ الثلاثة: ففي الكافي عن أحمد بن
[137]
محمد عن علي بن الحسن عن علي بن أسباط عن ثعلبة عن أبي الحسين (الحسن) عمرو بن شداد الأزدي عن عمار بن موسى عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «الرجل أحق بماله مادام فيه الروح إن أوصى به كله فهو جائز»(1).فقد اُجيب عنه بإعراض الأصحاب عنه و ضعفه في نفسه بعمرو بن شداد أو عمر بن شداد أبي الحسن أو أبي الحسين و هو مجهول لم يوثق.(2)وإن كان بزعم جريان أصالة الصحة فلا ريب في أن الشك في صحة الوصية و عدمها لا يقع فيما إذا كان الثلث وافياً بالحج، واجباً كان أو مندوباً بل إنما يقع فيما إذا لم يف الثلث، فإذا كان الموصى به الحج الواجب يؤخذ الحج من أصل التركة لصحة الوصية على هذا الفرض و إذا كان الموصى به المندوب تبطل الوصية لعدم وفاء الثلث به فلايخرج الحج من الأصل حملاً للوصية على الصحة.وفيه: أن الفعل إذا كان مما يأتي به أهل العرف والعقلاء لترتب آثار خاصة عليه وكان ترتب هذه الآثار عليه مترتباً على إتيانه بكيفية خاصة فلابد لفاعله المريد ترتب هذه الاثار عليه أن يأتي به بتلك الكيفية، فإن شككنا في صدور الفعل عن الفاعل بهذه الخصوصية يبني العرف و السيرة العرفية على صدوره كذلك و وقوعه صحيحا موافقاً لغرض الفاعل، فإن شككنا في أن عقد الإجارة أو الحج الصادر عن الشخص وقع صحيحا و واجدا لهذه الكيفية أو باطلا فاقدا لهذه الخصوصية و فرضنا كون الفاعل شاعراً بذلك، يجرى أصالة الصحة وتترتب عليه آثار الصحة.أما إذا كان الفعل مما يؤتى به على وجهين يترتب على كل واحد منهما أثره الخاص و شككنا في وقوعه على هذا أو ذاك فلاوجه للتمسك بأصالة الصحة لإثبات وقوعه على أحد الوجهين.فإن هذا موجه لو كان الأمر دائراً بين القول بوقوعه فاسدا إذا كان واقعا على أحد الوجهين وصحيحاً إذا كان واقعا على الوجه الآخر فيتمسك بأصالة وقوع الفعل صحيحاً لإثبات وقوعه على هذا الوجه.وأما إذا كان وقوعه على كل واحد من الوجهين منشأ لأثره الخاص و صحيحاً
1 ـ وسائل الشيعة: ب 11 من الوصايا ح 19 وب 17 ح 5.2 ـ معتمد العروة: 2/111.
[138]
بملاحظة هذا الأثر فلا مجال لإجراء أصالة الصحة في أحدهما دون الآخر.ففي المقام نقول: إن وقعت الوصية على الحج المندوب تقع صحيحة، سواء كان الثلث وافياً بالحج أو لم يكن ذلك، أما إذا كان وافياً فهو، و إن لم يكن وافياً فالأثر المترتب على الوصية هو كونها صالحة للحوق إمضاء الورثة بها وإن كانت الوصية و اقعة على الحج الواجب تقع أيضاً صحيحة و يترتب عليها أثرها الخاص، إذاً فعلى أي صورة وقعت الوصية وقعت صحيحة، فما وجه التمسك بأصالة الصحة لإثبات صحة الوصية حتى تثبت الوصية بالحج الواجب.و على هذا يمكن أن نقول: إن الوصية قد تحققت صحيحة سواء كان موردها الحج الواجب أو المندوب، لأن الوصية التي نعبر عنها بالفارسية (سفارش) تتحقق بالواجب كما تتحقق بالمندوب و يترتب على كل واحد منهما أثره، فإذا كان متعلقها الحج الواجب يخرج من أصل التركة و إلا فيخرج من الثلث إن وفى به و من الأصل إن أمضى الورثة الوصية و لا محل لإجراء أصالة الصحة لتعيين مورد الوصية.وقد أفاد بعض الأعاظم (قدس سره) أن أصالة الصحة لا مجرى لها في أمثال المقام وقال: (توضيح ذلك إن مدرك أصالة الصحة ـ سواء كانت جارية في عمل نفسه أو عمل الغير ـ هو السيرة لا الدليل اللفظي ليتمسك بإطلاقه فحينئذ لا بد من الإقتصار على القدر المتيقن والقدر المتيقن جريانها فيما إذا كان الشك راجعا إلى نفس العمل لا إلى العامل، مثلاً لو شك في أن عقد النكاح أو عقد البيع وقع صحيحا أم فاسداً يحمل على الصحة وأما لو شك في أن العامل و المباشر هل له الولاية و السلطنة على ذلك أم لا؟ فلا يمكن إحراز ذلك بالحمل على الصحة، فلو رأينا شخصا يبيع ملك أحد و شككنا في أنه هل له الولاية على ذلك أم لا؟ لا دليل على الحمل على الصحة و لا يمكن إثبات الولاية، نعم لو شك في صحة العقد الصادر من نفس المالك أو الولي يحمل على الصحة.وكذا لو زوج شخص امرأة من رجل و شك في ولايته و وكالته عنها، لايمكن الحكم بالصحة لعدم إحراز شمول السيرة لأمثال المقام.فالحاصل: حيث إن الدليل منحصر بالسيرة فلا بد من الأخذ بالقدر المتيقن منها وهو ما إذا اُحرز سلطنة المباشر وولايته و لكن يشك فى صحة عمله من[139]
حيث و جدانه للشرائط و عدمه وأما لو شك فى أصل ولايته و سلطنته فلا يمكن إثباتها بأصالة الصحة و لذا لانحكم بصحة كل عقد صادر من كل احد ومقامنا من هذا القبيل، لان الحج إذا كان واجباً لا حاجة إلى الوصية وإن كان مندوبا ليس له الولاية في إخراجه من الأصل فالشك في كون الموصى به واجباً أو ندبا راجع إلى الشك في صدور الوصية عمن له الولاية أم لا، فالصحيح ما ذكره المصنف رحمه الله تعالى من أنه يخرج من الثلث في صورة الشك). (1)وفيه: إنا إن علمنا بالوصية بالحج الواجب و شككنا في أنه هل كان على الموصي حجة الإسلام حتى يخرج من الأصل أم لم يكن عليه، نحمل فعله على الصحة و نقول بإخراجه من الأصل، كما إذا شككنا في وكالة من يعامل عن أحد وكالةً و في ولاية من يعامل في مال ولايةً، نحمل معاملاته على الصحة و إن كان الشك في ذلك لا يرجع إلى نفس العمل بل يرجع إلى حال العامل، بخلاف ما إذا علمنا بالوصية بالحج و شككنا في أنها بالحج الواجب أو المندوب، فلا يجوز التمسك بأصالة الصحة لإثبات كون متعلق الوصية الحج الواجب، كما إذا شككنا في أن المعاملة الكذائية وقعت بيعاً حتى تكون باطلة أو صلحاً حتى تكون صحيحةً، فلايجوز التمسك بأصالة الصحة لإثبات وقوعها صلحاً و إن كان الشك فيه راجعاً إلى نفس العمل.وبالجملة: أصالة الصحة لا تجري في تحقيق ماهية المعاملة و عنوانها إذا شك في وقوعها بين عنوانين أحدهما صحيح و الآخر فاسد.وكيف كان: لا محل لإجراء أصالة الصحة لتعيين وقوع الوصية على واحد من الوجهين.والحاصل من ذلك كله عدم وجود ما يدل على وجوب البناء على كون الموصى به حج الإسلام حتى وجب إخراجه من أصل التركة، إذاً فإن لم يف الثلث بالحج، لا شيء عليه بمقتضى الأصل و إن كان وافياً بالثلث فلا يجوز إخراجه من الأصل.نعم لو كان هناك انصراف إلى الواجب كما هو كذلك بالنسبة إلى الأماكن البعيدة
1 ـ معتمد العروة: 2 / 112
[140]
في الأزمنة الماضية لعدم تعارف الوصية بالحج الندبي في تلك الأزمنة و الأمكنة فيعمل به و بالنسبة إلى بعض الأشخاص من الذين يعلم من حالهم أنهم لا يوصون بالحج المندوب أيضاً يؤخذ بالإنصراف.وهل يؤخذ بالحالة السابقة فيه لو كانت هي الوجوب كما إذا علم وجوب الحج عليه سابقاً ولم يعلم أنه أتى به أم لا الظاهر كما في العروة جريان الإستصحاب و إخراجه من الأصل سواء أوصى بالحج أو لم يوص، فإن ذلك مقتضى استصحاب اشتغال ذمته فلا تنتقل ما يقابله من التركة إلى الورثة.وأما الإشكال على ذلك بأن الإلتزام بذلك مشكل في كثير من الموارد لحصول العلم غالباً بأن الميت كان مشغول الذمة بدين أو خمس أو زكاة أو كفارة لاتحاد الجميع مع الحج في ملاك صحة التمسك بالإستصحاب،فيمكن الجواب عنه: بالفرق بين هذه الديون و الحج فإن في هذه الديون التي يمكن عادة أداؤها من غير أن يطلع عليه الغير فقد استقرت السيرة في صورة الشك على الحمل على الصحة و ظاهر الحال المقتضي لأدائه، إلا إذا كان من الاُمور التي تقضي العادة باطلاع أقارب الشخص عليه كالحج الذي كان عليه بالمباشرة بل و بالتسبيب فلا مانع من إجراء الإستصحاب في مثله.أما في مثل الديون التي اشتغلت ذمته طول عمره المحتمل أداؤه كما هو ظاهر حال أكثر الناس، فالسيرة قائمة على عدم الإعتناء باحتمال بقاء اشتغال ذمته ولعله لذلك في باب القضاء و الإدعاء على الميت بدين لا يكتفى بالبينة بل يحتاج إثبات الدعوى إلى يمين المدعي و مع ذلك لا ينبغي ترك الإحتياط.
المكان الذي يجب الاستيجار منه للحج الموصى به
المكان الذي يجب الاستيجار منه للحج الموصى به مسألة 2 ـ في الحج الموصى به يكفي الميقاتي منه إن لم تكن الوصية منصرفة إلى البلدي سواء كان الحج واجباً أو مندوباً.لأن الحج من الميقات و الزايد عليه من المقدمات فإذا ذهب المستطيع إلى الميقات لغرض آخر فبدا له الإقامة هناك إلى الموسم يكفي عنه و يخرج حجة الإسلام و النذر في مقدار الميقاتية منهما من الأصل و غيرهما من الثلث.وأما إذا كانت الوصية منصرفة إلى الحج البلدي فيخرج حج الإسلام و النذر
[141]
الميقاتي من الأصل و الزايد عليه من الثلث كما أن في غير حج الإسلام و النذر يخرج الكل من الثلث.و يمكن أن يقال بكفاية الحج من دون الميقات إذا كان منزل النائب دونه، فإن ميقات من كان دون الميقات دويرة أهله ولا يكفي لمن كان منزله دون الميقات استنابة من كان منزله قبل الميقات من دون الميقات. حكم الاجرة في الحج الموصى به
حكم الاجرة في الحج الموصى به مسألة 3 ـ فيها فروع:
الأول ـ إذا عين الموصي الاُجرة يؤخذ بها إن لم تكن زائدةً على الثلث و كانت وافية بالحج سواء كان الموصى به الحج الواجب أو المندوب وإن كان زائداً على الثلث فإن كان الموصى به حجة الإسلام أو الحج الواجب بالنذر فإن كانت الاُجرة لا تزيد على اُجرة المثل تخرج من الأصل و إن كانت تزيد عليها يؤخذ الزائد من الثلث و إن كان الموصى به غير حجة الإسلام و الواجب بالنذر يحتاج نفوذ الوصية في الزائد على الثلث بإمضاء الورثة.الثاني ـ إذا لم يعين الموصي الاُجرة، تخرج اُجرة مثل حجة الإسلام الميقاتية والحج الواجب بالنذر الميقاتي من أصل التركة وإذا كانت وصيته منصرفة إلى الحج البلدي أو عين ذلك يخرج ما به التفاوت بين البلدي والميقاتي من الثلث و أما غير حجة الإسلام و الحج الواجب بالنذر فيخرج من الثلث سواء كان ميقاتياً أو بلدياً.الثالث ـ هل الوصي إذا كان هنا من يقبل النيابة بأقل من اُجرة المثل مخير بين الإستيجار بالأقل و باُجرة المثل أم لا يجوز له إلا استيجار من هو أقل اُجرة من الأجيرين؟
يمكن أن يقال: إذا كان من يرضى بالأقل مساوياً في الجهات المعنوية مع غيره لا يجوز إلا استيجاره و أما إذا كان الإختلاف في الاُجرة لاختلاف الأشخاص و ما فيهم من الخصوصيات الموجبة لكمال العمل و زيادة الأجر و الثواب فكانت اُجرة مثل هذا ألفين و الآخر ثلاثة أو أربعة آلاف، وبالجملة كان الإختلاف في الاُجرة لاختلاف أنواع الأجير فاُجرة المثل تنطبق على الأقل كما تنطبق على
[142]
الأكثر، فيمكن أن يقال: إن الوصي مخير بين اختيار النوع الأرخص و النوع الأعلى، لأن الوصية تنطبق عليهما على حد سواء و لا يعد ذلك إضراراً بالورثة، لأن ما ينتقل إليهم من تركة الميت ما يزيد على اُجرة المثل التي تنطبق على الأُجرتين.ويمكن أن يقال: إن الحكم كذلك و إن لم يوص من عليه حجة الإسلام بالإستنابة عنه فلا تنتقل إلى الورثة معادل اُجرة النوع الأعلى قبل استيفاء الحج منه.ولكن مع ذلك كله المسألة لا تخلو من الإشكال، فالأحوط للوصي و للورثة إن كان فيهم صغير، اختيار الأجير الذي اُجرة مثله أرخص فهو القدر المتيقن.الرابع ـ في كل مورد يجب على الوصي اختيار من يرضى بالأقل هل يجب الفحص عنه أو يجوز له البناء على عدم وجوده بالأصل؟ الظاهر عدم الوجوب.لايقال: إن ذلك مزاحم لحق الورثة و إضرار عليهم.فإنه يقال: إن ذلك فرع انتقال ما زاد على الأقل إلى الورثة و إلا لا يتحقق التزاحم فللموصي الإستيجار بالزايد و لو احتمل وجود من يرضى بالأقل.نعم يجب الفحص المتعارف الذي به يجد من يرضى بالأقل.الخامس ـ إذا لم يوجد من يرضى باُجرة المثل يجب دفع الأزيد إن كانت الوصية بحج الإسلام أو بالحج النذري كما إذا لم يجد من يحج إلا من البلد يجب استيجاره و لا يجوز التأخير إلى العام القابل و أما في غير حجة الإسلام و الحج النذري فإن لم تكن الوصية مقيدة بعامه هذا يأتي به في العام المقبل و إن كانت مقيدة به و قلنا بانصرافه إلى الإستيجار باُجرة المثل سقط وجوب الإستيجار.والله العالم.السادس ـ على القول بالاقتصار على الأقل مع اختلاف مراتب أجرة المثل، لا إشكال في أن ذلك إذا كان سببا لهتك الميت ينتقل الواجب إلى الأكثر، نظير ما إذا تعذر استيجار الأقل بأسباب اُخرى عادية وكما إذا تلفت التركة و لم يبق منها إلا بقدر استيجار الحج وأما إذا كان شرف الميت و اعتباره مناسباً لاستيجار الأكثر دون أن يكون الأقل هتكا و عاراً عليه عند العرف فالظاهر لزوم الإقتصار على الأقل إلا إذا رضي الورثة بالأكثر.[143]
وظاهر بعض الأعاظم لزوم الإستيجار بما هو لائق بشرف الميت و مكانته واستدل عليه بالسيرة كما هي قائمة على ذلك في الكفن و قال: (يمكن استظهار ذلك من بعض النصوص كقوله (عليه السلام): «يحج عنه من صلب ماله» لظهوره في الحج من ماله بما يناسب شأنه و اعتباره و بعبارة اُخرى: أدلة إخراج مصارف الحج من التركة ناظرة إلى التعارف الخارجي والتعارف الخارجي يختلف حسب اختلاف الناس).(1)وفيه: منع قيام السيرة على ذلك حتى في الكفن إذا لم يكن الوارث راضياً به و منع ظهور النصوص أيضاً في وجوب استيجار ما هو مناسب شأنه إذا لم يكن الأقل موجباً لهتكه و منع كون ذلك متعارفاً.هذا كله إذا لم يوص به و أما إذا أوصى به واجباً كان أم مندوبا فلاريب في انصراف الوصية عن فرد يوجب هتك الموصي فلابد من حملها على غيره و إذا كان هنا فردان أحدهما أليق بشأن الموصي و الاُخرى دون ذلك و كان المتعارف بين الناس الوصية بالأليق و استيجار الأليق في مقام العمل بالوصية تحمل الوصية على المتعارف و إلا فيقتصر على الأقل.و الله هو العالم.
إذا أوصى بالحج مطلقاً من غير تعيين المرة أو التكرار
إذا أوصى بالحج مطلقاً من غير تعيين المرة أو التكرار مسألة 4 ـ لو أوصى بالحج و عين المرة أو التكرار بعدد معين فهو يعمل على طبق وصيته و أما إن لم يعين فهل يكفي حج واحد لأن الوصية بطبيعي الحج و هو يحصل بالمرة أويجب التكرار مادام الثلث باقياً.حكي ذلك عن الشيخ و جماعة، عملا بما رواه الشيخ با سناده عن موسى بن القاسم عن عبد الرحمن بن أبي نجران (2) عن محمدبن الحسن (الحسين)(3) أنه قال لأبي جعفر(عليه السلام): «جعلت فداك قد اضطررت إلى مسألتك؟ فقال: هات، فقلت: سعد بن سعد أوصى حجوا عني مبهما ولم يسم شيئاً و لا يدرى كيف ذلك قال:
1 ـ معتمد العروة: 2 / 111.2 ـ من السادسة.ثقة ثقة له كتب كثيرة.3 ـ من الخامسة ابن أبي خالد القمي الأشعري.
[144]
يحج عنه مادام له مال».(1)و بما روى بإسناده عن محمد بن علي بن محبوب(2) عن العباس(3) عن محمد بن الحسين بن أبي خالد (4) قال: «سألت أبا جعفر (عليه السلام) عن رجل أوصى أن يحج عنه مبهماً؟ فقال: يحج عنه ما بقي من ثلثه شي».(5)
وبما روى الشيخ في التهذيب عن علي بن الحسين بن فضال عن محمد بن أورمة القمي عن محمد بن الحسين الأشعري قال: «قلت لأبي الحسن (عليه السلام): جعلت فداك إني سألت أصحابنا عما اُريد أن أسألك فلم أجد عندهم جواباً و قد اضطررت إلى مسألتك و إن سعد بن سعد أوصى إلي فأوصى في وصيته: حجوا عني مبهما و لم يفسر فكيف أصنع؟ قال: يأتيك جوابك في كتابك فكتب (عليه السلام) يحج مادام له مال يحمله».(6)
و الظاهر اتحاد هذه الثلاثة فإن الراوي عن الإمام في الثلاثة هو محمد بن الحسن (الحسين) الأشعري أبي خالد القمي.وقد ضعف بعض الأعاظم (7) هذه الروايات بضعف أسناد الجميع بمحمد بن الحسين (الحسن) الذي لم يثبت توثيقه.ويمكن أن يقال: إن رواية مثل الحسين بن سعيد الأهوازي القمي الثقة العين الجليل القدر صاحب المصنفات وعلي بن مهزيار الأهوازي الثقة الممدوح بمدائح كثيرة و أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري شيخ القميين و حمزة بن يعلى الأشعري الثقة صاحب الكتاب الكبير عنه لا تقل في حصول الإطمينان بصدور
1 ـ وسائل الشيعة باب 4 من أبواب النيابة ح 1.2 ـ من كبار الثامنة شيخ القميين ثقة فقيه صحيح المذهب له كتب.3 ـ من السابعة.4 ـ من الخامسة.5 ـ وسائل الشيعة ب 4 من أبواب النيابة ح 2.6 ـ تهذيب الأحكام: 5/408.7معتمد العروة: 2 / 111.