اعتبار الفصل بين العمرتين - فقه الحج جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فقه الحج - جلد 2

لطف الله الصافی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


وهذا الوجوب ليس غيريا مقدميا لعدم توقف الواجب عليه فإن الدخول لا يتوقف على الإحرام بما هو الدخول و لا بما أنه موضوع للوجوب نعم يتوقف جواز الدخول على الإحرام.

إلا أن يقال: إن الدخول الموضوع للوجوب هو الدخول المشروع المشروط بالإحرام فيجب تحصيل الإحرام من باب كونه مقدمة للواجب.

و كيف كان فإذا وجب الدخول يجب الإحرام له بحكم العقل إما تخلصا من الحرام أو من باب وجوب مقدمة الواجب.

هذا إذا كان الدخول واجباً اما إذا لم يكن الدخول واجباً فمعنى وجوب الإحرام كونه شرطا لجواز الدخول و التعبير عن هذا بالوجوب قبال الإحرام الذي يجب بالنذر أو لأجل وجوب الدخول يكون بالتكلف و المسامحة لا حاجة إليه.

ثم إنه قد استثنى من حرمة دخول مكة المكرمة بغير إحرام من يتكرر دخوله و خروجه كالحطاب و الحشاش فلاخلاف في الجملة و يدل عليه صحيح رفاعة بن موسى(1) قال فيه: «وقال (يعنى ابا عبدالله (عليه السلام)) إن الحطابة و المجتلبة أتوا النبي

1 ـ النحاس ثقة حسن الطريقة.

.

.

من الخامسة.

[184]

(صلى الله عليه وآله وسلم)سألوه فأذن لهم أن يدخلوا حلالا»(1).

والظاهر أن الحطابة و الاجتلاب من باب المثال و لا يختص بمن كان مهنته خصوص الحطابة أو إجتلاب الأرزاق فيشمل من يتكرر منه ذلك في سائر المشاغل التي يحتاج الأشتغال بها تكرار الدخول إلى البلد كالذي منزله خارج البلد و يأتيه كل يوم للعمل فيه أو سائق السيارة أو كان مدرسا و نحو ذلك.

و هل يشمل الحكم الذي لا يتكرر دخوله عرفا كمن يتكرر ذلك منه في شهرين؟ الظاهر أنه لا يشمله الحديث وإن كان هو آتيا لحوائج البلد من الأطعمة و غيرها فالقدر المتيقن منه الذي يتكرر منه في كل شهر بحيث يكون شغله الخروج و الدخول إلى البلد دون غيره.

اعتبار الفصل بين العمرتين

اعتبار الفصل بين العمرتين

مسألة 3 ـ يستحب تكرار العمرة كتكرار الحج إلا أن الحج لا يكون في السنة إلا مرة واحدة فالفصل بين الحجين يكون بالسنة و لكن ذلك ليس من جهة اعتبار الفصل بينهما بل من جهة اختصاصه بوقت لا يمكن تكراره في السنة أزيد من مرة بخلاف العمرة فإنه يؤتى بها في كل يوم و زمان و اختلفوا في اعتبار الفصل بين العمرتين.

ففي الشرايع جعل عدم اعتبار الفصل بينهما أشبه.(2)

وفي الجواهر قال: (إليه يرجع ما عن الجمل و الناصريات و السرائر و المراسم و التلخيص و اللمعة من جواز التوالي بين العمرتين بل نسب إلى كثير من المتأخرين بل في الناصريات نسبته إلى أصحابنا).(3)

وذهب جماعة إلى اعتبار الفصل بينهما و اختلفوا في مقداره فحكي عن النافع والوسيله والتهذيب و الكافي و الغنية والمختلف و الدروس ، أنه يعتبر الفصل

1 ـ الاستبصار: 2/245، ب 165، ح 3.

2 ـ الشرايع: 1/230 .

3 ـ جواهر الكلام: 20/464

[185]

بينهما بشهرو عن جماعة اُخرى بعشرة أيام.

وقيل بسنة و هو منسوب إلى العماني و إن كان الكلام المحكي عنه كما في الجواهر غير صريح في ذلك فإنه قال على ما في الجواهر: (وقد تأول بعض الشيعة هذا الخبر (يعنى العمرة في كل سنة مرة) على معنى الخصوص فزعمت أنها في التمتع خاصة فأما غيره فله أن يعتمر في أي الشهور شاء و كم شاء من العمرة فإن يكن ما تأولوه موجودا في التوقيف عن السادة آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فمأخوذ به، و إن كان غير ذلك من جهة الا جتهاد و الظن فذلك مردود عليهم و أرجع في ذلك كله إلى ما قالته الائمة(عليهم السلام))(1)

و الظاهر أن اختلافهم يرجع إلى اختلاف النصوص أو اختلاف استظهارهم من النصوص: فمنها صحيح الحلبي عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «العمرة فى كل سنة مرة»(2)

و صحيح حريز عنه (عليه السلام): «و لا تكون عمرتان في سنة»(3) و مثله صحيح زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام)(4) .

و هذه الثلاثة قد تأولت كما سمعت من العمانى (قدس سره) على معنى الخصوص أي العمرة المتمتع بها إلى الحج و إلا فبظاهرها غير معمول به فإنه لا خلاف بينهم في استحباب تكرار العمرة في سنة واحدة و لم يسمع الخلاف في ذلك إلا عن العماني وقد عرفت أنه أيضا اشترط القول بالفصل بالسنة بما إذا لم يكن فيما ورد عن آل الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ما يأول به أخبار السنة و يكفي في ذلك الاخبار المستفيضة فكأنه لم يكن عنده من الكتب ما فيه هذه الأخبار و الحاصل أن هذا القول مردود لا اعتبار به.

و من الأخبار في الباب ما استشهد بها القائل باعتبار الفصل بالشهر مثل صحيح

1 ـ جواهر الكلام: 20/413 .

2 ـ وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب العمرة ح 6 .

3 ـ وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب العمرة ح 7.

4 ـ وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب العمرة ح 8.

[186]

عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال (عليه السلام): «في كتاب علي(عليه السلام) في كل شهر عمرة»(1) و صحيح معاوية بن عمار عن أبي عبدالله (عليه السلام) «كان علي (عليه السلام)يقول لكل شهر عمرة»(2) و مصحح إسحاق بن عمار قال: «قال أبوعبدالله(عليه السلام): السنة إثنا عشر شهرا يعتمر لكل شهر عمرة»(3) و غيرها من الروايات.

و لكن يمكن أن يقال: إن مثل هذه الأخبار لا يدل على نفي استحباب العمرة في أقل من شهر بل إنما يدل على استحباب العمرة لكل شهر فلاينافي استحبابه لكل يوم و لكل ليلة و لكل اُسبوع و لكل ساعة.

نعم ربما يرد على ما قلناه ما في خبر على بن أبي حمزه في حديث عن أبي الحسن(عليه السلام)قال: «و لكل شهر عمرة قال: و قلت له: يكون أقل من ذلك؟ قال: في كل (لكل) عشرة أيام عمرة» فإنه لو كان المفهوم من قوله (عليه السلام): «لكل شهر عمرة» مجرد استحبابها لكل شهر لم يكن وجه لسؤاله من أقل ذلك فكان السائل فهم من قوله(عليه السلام)عدم جواز العمرة في أقل من شهر فسأله عن الأقل منه.

وفيه مضافا إلى ضعف الخبر بسنده يمكن أن يكون ذكر عشرة على سبيل المثال و بيان مراتب الإستحباب قوة أو ضعفا حتى يكون استحبابه في كل سنة في مرتبة أقوى مما دونه و هو استحبابه في كل شهر واستحبابه في كل شهر أقوى من استحبابه في كل عشرة أيام و الأقل منها فكأنه قال: «إذا تركت العمرة في كل يوم فأت بها في كل عشرة و إلا فأت بها في كل شهر و إلا فأت بها في السنة».

وكيف كان هذا الخبر ضعيف بالبطائني و به يضعف القول باعتبار الفصل بعشرة أيام.

فتلخص من ذلك أن الأقرب عدم اعتبار الفصل و بعد ذلك كله فلا ريب في استحباب العمرة في كل شهر و لاينبغي ترك الإحتياط بالإتيان به رجاءاً إن أراد الإتيان بها كرارا في شهر واحد.

والظاهر أن المراد من الشهر، الهلالي فيجوز على القول باعتبار الفصل بالشهر أن

1 ـ وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب العمرة ح 1.

2 ـ وسائل الشيعه: ب 6 من أبواب العمرة ح 4.

3 ـ وسائل الشيعه: ب 6 من أبواب العمرة ح 9 .

[187]

يأتى به في أول الشهر الآتى إذا أتى بها في آخر شهره الحالي فلا تجب مراعاة مضي ثلاثين يوما من عمرته.

ولا يخفى أن رعاية الفصل إنما يكون بين العمرتين المفردتين إذا أتى بهما عن نفسه أو نيابة عن غيره و أما إذا كانت العمرة السابقة عمرة التمتع و الثانية العمرة المفردة أو كانت الاولى لنفسه و الاخر لغيره فلا يضر عدم الفصل على جميع الأقوال و الله هو العالم.

[190]

الكلام في اقسام الحج

الكلام في اقسام الحج

قال في الجواهر: (و هي ثلاثة تمتع و قران و إفراد بلاخلاف أجده فيه بين علماء الإسلام بل إجماعهم بقسميه عليه مضافا إلى النصوص المتواترة أو القطعية، لكن عن عمرمتواترا أنه قال: «متعتان كانتا على عهد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) أنا محرمهما و معاقب عليهما متعة النساء و متعة الحج» و ظاهره عدم مشروعية المتعة في الحج أصلا بمعنى بقاء الحج عنده كما كان قبل نزول التمتع ما بين قران و إفراد و قد أخبره بذلك رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في المروى متواترا عنه في حجة الوداع ـ ثم ذكر من الروايات المصرحة بمخالفته للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و قال في آخر كلامه ـ هي مخالفة لرسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) على وجه يقتضى الكفرو كم له و كم له وكفى بالله حاكما.(1)

ثم إن التمتع فرض من كان بعيدا عن مكة قال في كشف اللثام: «لايجزيه غيره اختيارا للاخبار و هي كثيرة و الاجماع كما في الانتصار(2) والخلاف(3) و الغنية(4) والتذكرة(5) المنتهى(6) و ظاهر المعتبر(7) و حكى القاضى في شرح الجمل(8) خلافه عن نفر من الاصحاب» انتهى.

1 ـ جواهر الكلام: 18/2.

2 ـ الانتصار / 238.

3 ـ الخلاف: 2/272.

4 ـ الغنية /152.

5 ـ تذكرة الفقهاء: 7/169.

6 ـ منتهىالمطلب: 2/659.

7 ـ المعتبر: 2/783.

8 ـ شرح الجمل: 211 .

[191]

أقول: الاولى قبل الاستدلال بالاخبار و الإجماع النظر في قوله تعالى: (فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلثه أيام في الحج و سبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام)(1) فإنه استدل بقوله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام)إن التمتع فرض من كان بعيدا عن مكه فلا يجزي منه غيره.

واستشكل عليه بأنه يدل على اختصاص مشروعية التمتع بالنائي فلايجزي الإتيان به من غيره أما اختصاص النائي به وعدم اجزاء غير التمتع عنه فالآية ساكتة عنه.

و أجيب عن هذا الإشكال: أنا نعلم أن الواجب على كل مكلف حج واحد فإذا دلت الآية على أن الواجب على النائي الحج التمتع يدل بالإلتزام على عدم وجوب غيره.

قال المجيب: (و بتعبير آخر الآية في مقام بيان الوظيفة العملية الاولية فإذا كان التمتع وظيفة النائي و المفروض وجوب حج واحد عليه فقط فلازم ذلك عدم الإجتزاء بهما فى مقام اداء الوظيفة). (2)

و فيه: أنه لا شك في أن الواجب على كل مكلف حج واحد إلا أنه ليس معناه أن على كل مكلف نوع واحد منه حتى لا يكون له اختيار ما عليه من نوع آخرو لا يستفاد من الآية إن ما على النائي و وظيفته خصوص التمتع بل غاية ما دلت عليه أن التمتع لا يتأتى به إلا إذا كان الشخص نائيا فلا تدل على حصر النائي به و عدم اجتزائه بغيره في مقام أداء حج واحد هو عليه.

اللهم إلا أن يقال: إن المستفاد من الآية تنويع التكليف بحسب نوع المكلفين بعد ما كان المشروع على جميع المكلفين القران و الإفراد فكما يستفاد من الآية من اختصاص التمتع بالنائين و عدم مشروعيته للحاضرين يستفاد منه اختصاص القران و الإفراد بالحاضرين فكأنه هنا إيجاز و حذف يستفاد من قوله تعالى (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) و هو إما من كان أهله حاضري

1 ـ كشف اللثام: 5/15 .

2 ـ البقرة /165 .

[192]

المسجد الحرام فله الا فراد و القرإن و مع ذلك فالقول به لا يجوز إلا بتفسير أهل البيت (عليهم السلام)و حسب تلك الروايات الكثيرة المراد من الآية حصر وظيفة النائي بالتمتع و الله هو العالم.

حد البعد الموجب للتمتع

حد البعد الموجب للتمتع

مسألة 1 ـ اختلفوا في حد البعد الموجب للتمتع.

فاختار الشيخ في المبسوط (1) والإقتصاد (2) والعلامة في التبصرة (3)والإرشاد(4) والتلخيص (5) والقواعد (6) وابن زهرة في الغنية (7) وابن حمزة في الوسيلة (8) والصهرشتي في الإصباح (9) وابن إدريس في السرائر (10) والحلبي في إشارة السبق (11) والمحقق في الشرايع (12) وأبو الصلاح في الكافي (13) و الراوندي في فقه القرآن (14) والهذلي في الجامع (15) وحكي عن التبيان و مجمع البيان و روض الجنان أن التمتع فرض من كان بين منزله وبين مكة أو المسجد

1 ـ المبسوط: 1/306 .

2 ـ الاقتصاد /298.

3 ـ تبصرة المتعلمين /88 .

4 ـ ارشاد الاذهان: 1/309
5 ـ التلخيص /93.

6 ـ قواعد الاحكام: 1/398.

7 ـ غنية النزوع /152 .

8 ـ الوسيله /157.

9 ـ الاصباح / 149.

10 ـ السرائر: 1/520.

11 ـ إشارة السبق /124.

12 ـ شرايع الاحكام: 1/174.

13 ـ الكافى /191.

14 ـ فقه القرآن: 1/265.

15 ـ الجامع / 178.

[193]

الحرام اثنى عشر ميلا فما زاد من كل جانب و هذا مختار صاحب الجواهر.(1)

واختار الصدوق في المقنع و الهداية(2) والشيخ في النهاية(3) والعلامة في التذكرة(4) والشهيد في الدروس(5) و اللمعة(6) وابن فهد في المحرر و حكي عن القمي في تفسيره(7) و المحقق في النافع(8) والمعتبر(9) والعلامة في المختلف(10) والتذكره والتحرير(11) والمنتهى(12) وغيرهم ثمانية و أربعين ميلا و عن المدارك(13) نسبته إلى أكثر الأصحاب و عن غيرها إلى المشهور.

والدليل للقول الأول يمكن أن يكون الآية الكريمة فإنه نص على أن التمتع فرض من لم يكن حاضري المسجد الحرام و مقابل الحاضر المسافر و حد السفر أربعة فراسخ

وربما أيد ذلك بإطلاق ما دل على وجوب التمتع و أنه خرج منه الحاضرو من كان منزله دون اثنى عشر ميلا فيبقى من كان منزله فوق ذلك تحت الإطلاق.

وفيه: إن كان الحاضر في الآية الكريمة مقابل المسافر يكون المعنى أن ذلك لمن كان أهله المسافرين من المسجد الحرام و هذا معنى عجيب لا يمكن استفادته من

1 ـ جواهر الكلام: 18/6.

2 ـ الهداية / 216.

3 ـ النهاية / 206 .

4 ـ تذكرة الفقهاء: 7/169 .

5 ـ الروس الشرعيه: ج 1 ص 330.

6 ـ اللمعة الدمشقية /55 .

7 ـ تفسير القمى: 1/197 .

8 ـ مختصر النافع /78 .

9 ـ المعتبر: 2/784 .

10 ـ مختلف الشيعة: 4/26 .

11 ـ تحرير الاحكام: 1/558 .

12 ـ منتهى المطلب: 2/661 .

13 ـ مدارك الاحكام : 7/160 .

[194]

الآية و بالجملة فالحاضر فى هذا الباب معناه المقيم بمكة و ساكنيها وفي مقابله من كان منزله خارج هذا الحد.

وأما تأييد ذلك بإطلاقات ما دل على وجوب التمتع في الروايات ففيه منع إطلاقها في ذلك بعد كون الجميع واردا لبيان التمتع الثابت بالآية

و ربما يورد على ذلك بانه من التمسك بالعام فى الشبهة المصداقية.

وفيه: أنه لو كان للخاص الخارج من تحت عموم مفهوم مبين و شككنا في كون فرد منه يكون التمسك بإطلاق أو عموم ما دل على وجوب التمتع من التمسك بالعموم في الشبهة المصداقية.

وأما إذا كان مفهوم الحاضر مرددا بين من كان منزله على اثنى عشر ميلا أو الاعم منه و ممن كان على أزيد من ذلك إلى ثمانية و أربعين ميلا فالتمسك بالا طلاق أو العموم في من كان على أزيد من اثنى عشر ميلا ليس منه والعموم فيه ثابت يتمسك به.

ولايصح الاستدلال للقول بان المراد من ثمانية و أربعين ميلا في الروايات توزيع هذه المسافة على الجوانب الاربع لمنافاته لظاهر تلك الروايات.

والدليل على الثانى الروايات: فمنها صحيح زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام)قال: «قلت لأبي جعفر (عليه السلام): قول الله عزوجل فى كتابه (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام)؟ قال: يعنى: أهل مكة ليس عليهم متعة كل من كان أهله دون ثمانية و أربعين ميلا ذات عرق و عسفان كما يدور حول مكة فهو ممن دخل في هذه الآية و كل من كان وراء ذلك فعليهم المتعة»(1) ودلالته على القول الثانى واضحة لايمكن حملها على ما اختاره ابن إدريس من تقسيط ثمانية وأربعين على الجوانب الأربعة كما مر.

ونحوها رواية اُخرى عن زرارة قال: «سألته عن قول الله: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام)؟ قال: ذلك أهل مكة ليس لهم متعة ولاعليهم عمرة قال: قلت فما حد ذلك؟ قال: ثمانية و أربعين ميلا من جميع نواحى مكة دون عسفان و

1 ـ وسائل الشيعة: ب 6، من أبواب أقسام الحج، ح 3.

[195]

دون ذات عرق».(1)

إلا أن الظاهر أنها و الرواية الاولى واحدة لاتحاد سندهما فإن الاُولى ينتهي سندها إلى حماد بن عيسى عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) و الثانية أيضاً ينتهي سندها إلى حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) و لاتحاد مضمونهما.

اعلم أنه قد روى الشيخ الرواية الثانية في التهذيب مرسلا عن علي بن السندي عن حماد عن حريز عن زرارة.

وضعفها بعض الاعاظم بجهالة طريق الشيخ إلى علي بن السندي قال: (فإن الشيخ كثيرا ما يروى عن علي بن السندي وغيره من الرواة من دون ذكر الواسطة بينه وبين الراوي ولكن يذكر في آخر كتاب التهذيب طرقه إلى الرواية ليخرج الخبر من الإرسال إلى الإسناد ولكن لم يذكر طريقه الى علي بن السندي بل لم يتعرض الشيخ لترجمته لا في المشيخه و لا في الفهرست ولا في رجاله وكذا النجاشي مع أن كتابه موضوع لذكر المصنفين و المؤلفين و لو فرضنا عدم ثبوت كتاب لعلي بن السندي فلا عذر للشيخ في عدم ذكره في كتاب الرجال لأن كتاب الرجال موضوع لذكر الرواة و الأصحاب و إن لم يكونوا من المصنفين.

هذا مضافا إلى أن علي بن السندي لم يوثق ولا عبرة بتوثيق نصربن الصباح له لأن نصر بنفسه لم يوثق أيضا وقد حاول جماعة منهم الوحيد البهبهاني توثيق علي بن السندي بدعوى اتحاده مع علي بن اسماعيل الميثمي الثقة إلا أنه لا يمكن الجزم بالإتحاد و تفصيل ذلك موكول إلى كتابنا معجم الرجال). (2)

أقول: أولا إن العلامة الرجالي الكبير الأردبيلي في تصحيح الأسانيد صرح بصحة طريق الشيخ إلى ابن السندي فقد ذكر الشيخ (قدس سره) طريقه إليه في نفس التهذيب و إن لم يذكره في آخره فترى أنه يروي عنه في أبواب الزيادات في أبواب كتاب الطهارة باب الأحداث غير الموجبة للطهارة (ح 1019 ـ 11) بواسطة محمد بن علي بن محبوب و هو يروي عن صفوان و في هذا الكتاب أيضا

1 ـ وسائل الشيعة: ب 6، من أبواب أقسام الحج، ح 7 .

2 ـ معتمد العروة: 2 / 185.

[196]

عنه (ح 1058 ـ 21) و في كتاب العتق باب العتق و أحكامه (ح 120) أيضا عنه بواسطة و هو يروي عن حماد و في كتاب القضايا و الأحكام باب من عليه الحكم (ح 30) أيضا عن علي بن السندي بواسطة محمد بن علي بن محبوب و هو يروي عن أبيه و في كتاب النكاح باب تفصيل أحكام النكاح (ح 17) روى عنه بواسطة محمد بن أحمد بن يحيى و هو يروي عن عثمان بن عيسى و في باب من أحل الله نكاحه من النساء و حرم منهن (ح 39) روى عنه بواسطة محمد بن علي بن محبوب و هو يروي عن ابن أبي عمير وأيضا ذكر طريقه إليه في باب العارية (ح 807 ـ 10) و في كتاب التجارات باب من الزيادات (ح 1024 ـ 44) و في كتاب النكاح في المهور و الاُجور (ح 430 ـ 34) و في كتاب الصيد و الذبائح (ح 533 ـ 269) و هو يروي عن محمد بن إسماعيل.

ومن ذلك كله يعلم أن الشيخ يروي عن على بن السندي بواسطة هذه المشايخ العظماء و كتبهم و الظاهر أنه سقط من روايتنا هذه اسم بعض هذه المشايخ الذين هم من أرباب الكتب و إنما لم يذكره في المشيخة لأنه لم يرو عنه من كتابه.

و ثانيا لا يستبعد أن يكون هو علي بن إسماعيل السندي و كان السندي لقب إسماعيل فيذكر ابنه تارة باسم علي بن ا سماعيل السندي و اخرى بعلي بن السندي فعلى هذا يكون هو من أصحاب الرضا(عليه السلام) و كيف كان هو من الطبقة السابعة.

وثالثا و إن لم يذكر الرجل بمدح و توثيق و لم نعتمد بتوثيق نصر بن الصباح له لو كان هو و علي بن اسماعيل السندي واحدا إلا أن كونه من تلامذة المشايخ الاعاظم مثل حماد و صفوان و عثمان بن عيسى و محمد بن اسماعيل و محمد بن عمرو بن سعيد و ابن أبي عمير و كون الرواة عنه مثل الحسين بن سعيد و محمد بن أحمد بن يحيى و محمد بن علي بن محبوب يكفي في الاعتماد عليه.

والله هو الموفق للصواب.

ثم إن هنا روايات اخرى دلالتها تعارض هذه الطائفة من الروايات غير أن بعضها ضعيف من حيث السند و بعضها مورد لا عراض الاصحاب عنه.

فمنها صحيح حريز «عن أبي عبدالله(عليه السلام) في قول الله عز وجل: (ذلك لمن لم يكن

[197]

أهله حاضري المسجد الحرام)؟ قال من كان منزله على ثمانية عشرميلا من بين يديها و ثمانية عشر ميلا من خلفها و من ثمانية عشر ميلا عن يسارها فلا متعة له مثل مرّ و أشباهه»(1).

و هذا الخبر قد دل على أن حد البعد ثمانية عشرميلا عن جهاتها الأربع و حمله شيخنا الحر في الوسائل على أنه صريح في الحكم بثمانية عشر ميلا و أما الزائد على ذلك فهو غير صريح فيه.

وقال بعض الأعاظم: (يبعده أن الصحيحة في مقام التحديد و يظهر منها قصر الحكم بهذا الحد خاصة فتكون منافية للصحيحة المتقدمة).(2)

وفيه: أن الصحيحتين و إن كانتا في مقام التحديد إلا أنه لا ريب في أن صحيحة حريز بمنطوقها نص في من كان منزله على ثمانية عشر ميلا و دون ذلك فلا متعة له و ظاهر مفهومها على أن من كان منزله قبل ذلك عليه المتعة و صحيح زرارة بمنطوقه نص فيمن كان منزله دون ثمانية و أربعين ميلا فنحمل الظاهر على الأظهر فنأخذ بصحيح زرارة في ما زاد على ثمانية عشر و نترك صحيح حريز فيه.

هذا مضافا إلى أنه لو لم نقل بذلك و بنينا على معارضتهما فلا ريب في ترجيح صحيح زرارة على حريز لعمل الاصحاب بالاول و تركهم الثاني.

ومنها ما يدل على أن العبرة فى الحضور ما دون الميقات فمن كان منزله دون الميقات ليس له المتعة و ذلك مثل صحيح حماد «عن أبي عبدالله (عليه السلام) في (حاضري المسجد الحرام) قال: ما دون الاوقات إلى مكة».(3)

وهذا الصحيح و إن كان يوافق بالتقريب صحيح زرارة في العقيق وقرن المنازل و يلملم، إلا أنه يزيد على ثمانية و أربعين بكثير في الجحفة و سيما في مسجد الشجرة و لم أجد أحدا ينقل عاملا به فهو معرض عنه و معارض لصحيح زرارة و لا ريب أن الترجيح مع الأخير و قال فى الوسائل: (هذا يقارب ما مر من حديث

1 ـ وسائل الشيعة: ب 6، من ابواب اقسام الحج، ح 10 .

2 ـ معتمد العروة: 2 /186.

3 ـ وسائل الشيعة: ب 6، من ابواب اقسام الحج، ح 5.

[198]

زرارة إن كان المراد به ما دون المواقيت كلها). (1)

ونحو هذا الصحيح رواية الحلبى «عن أبى عبدالله (عليه السلام) قال: فى (حاضري المسجد الحرام) قال: ما دون المواقيت إلى مكة فهو حاضرى المسجد الحرام و ليس لهم متعة».(2)

هذا و قد عبر في الجواهر عن هذا الحديث بالصحيح (3) و لكن ضعفه بسنده بعض الأعاظم بأن الموجود في السند على ما في الوسائل أبو الحسن النخعي و هكذا في التهذيب المطبوع وفي بعض نسخ التهذيب أبوب الحسين النخعي و هو كنية أيوب بن نوح بن دراج الثقة، أما أبو الحسن فهو مجهول فيدور الراواي بين الموثق و غيره و تسقط الرواية بذلك عن الاعتبار. (4)

أقول: أبو الحسن النخعي يمكن أن يكون علي بن النعمان الاعلم النخعي الثقة لكون اسم ابنه الراوي عنه الحسن كما احتمله البعض و أبو الحسين النخعي هو أيوب بن نوح بن دراج و الله العالم.

ثم انه بعد ذلك كله لو لم يعتمد على أخبار ثمانية و أربعين ميلا و قلنا بملاحظة سائر الاخبار بتشويشها بل و الاشكال يمكن أن يقال إن القول بثمانية و أربعين هو القدر المتيقن لان الواجب على الجميع بحسب أصل الشرع القران و الافراد خرج منه من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام المردد مفهومه بين من كان منزله بعيدا عن مكة باثنى عشر ميلا أو ثمانية و أربعين و القدر المتيقن منه النائي بالاخير فمن كان منزله دون ذلك يبقى تحت دليل وجوب الحج بالقران و الا فراد على الجميع و أما ما دل على أنه الميقات فقد عرفت أنه لم يعمل به أحد من الأصحاب.

«والله هو العالم بأحكامه و الهادي إلى الصواب .

الكلام في بيان مبدأ البعد



/ 33