فرض المكي إذا خرج منها ثم رجع إليها - فقه الحج جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فقه الحج - جلد 2

لطف الله الصافی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


ولكن يمكن أن يقال كما اشار اليه صاحب الجواهر(2) (قدس سره): بظهور القيدين في غير ذي المنزلين، فعلى هذا يمكن أن يقال ببقاء التخيير بين المصاديق و أقسام الحج فيأتي بأيهما شاء.

وكيف كان فالذي يسهل الخطب إمكان الاحتياط باتيان الحج في كل سنة واحدة بإحدي الصور الثلاثة.

والله أعلم.

فرض المكي إذا خرج منها ثم رجع إليها

فرض المكي إذا خرج منها ثم رجع إليها

مسألة 4 ـ إذا خرج من كان من أهل مكة إلى بعض الأمصار ثم رجع اليها فهل يجوز له التمتع فيكون مخيرا بين الوظيفتين أو لا يجوز له ذلك و يتعين له فرض المكي

فيه قولان و الاول منسوب إلى الاكثر بل إلى المشهور منهم الشيخ على ما حكي عنه في جملة من كتبه والمحقق في المعتبر و العلامه في المنتهى و الثاني محكي عن ابن أبي عقيل و من تبعه.

والمستند لقول الاول صحيح عبدالرحمان بن الحجاج عن أبي عبدالله (عليه السلام)في حديث (في آخره) قال: «وسألته عن رجل من أهل مكة يخرج إلى بعض الأمصار

1 ـ معتمد العروة: 2/199.

2 ـ جواهر الكلام: 18/372.

[211]

ثم يرجع إلى مكة فيمر ببعض المواقيت أله أن يتمتع؟ قال: ما أزعم أن ذلك ليس له لو فعل و كان الإهلال أحب إلي».(1)

و صحيح الاخر عن عبدالرحمان بن أعين قالا: «سألنا أبا الحسن موسى (عليه السلام)عن رجل من أهل مكة خرج إلى بعض الأمصار ثم رجع فمر ببعض المواقيت التي وقت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) له أن يتمتع؟ فقال: ما أزعم أن ذلك ليس له و الاهلال بالحج أحب إلى و رأيت من سأل أبا جعفر (عليه السلام) و ذلك أول ليلة من شهر رمضان فقال له: جعلت فداك إني قدنويت أن أصوم بالمدينة؟ قال له: تصوم إن شاء الله تعالى» الحديث بطوله.(2)

وقد وقع البحث في أن الحديث من قوله: «ورأيت من سأل أبا جعفر (عليه السلام)» إن كان من تتمة الحديث الاول فلا يمكن أن تكون من كلام الا مام موسى بن جعفر (عليه السلام)لانه ولد (عليه السلام) بعدأربعة عشر عاما من شهادة الا مام أبي جعفر الباقر (عليه السلام)فكيف يقول هو: ورأيت من سأل أباجعفر (عليه السلام) و إن كان من كلام ابني الحجاج و أعين فقوله ورأيت لا يوافق ذلك مضافا إلى أن المروي من أهل الرجال أن عبدالرحمان بن أعين مات هو و حمران و بكير و عبدالملك إخوته الثلاثة في زمان أبي عبدالله (عليه السلام)و كانوا من أصحاب أبي جعفر (عليه السلام).

نعم بقي من أبناء الأعين الأربعة زرارة إلى زمان أبي الحسن (عليه السلام).

وقال بعض الأعاظم: (فالظاهر إن قائل هذا الكلام هو الراوي و هو عبدالرحمان فيكون خبرا مستقلا مرويا عن أبي جعفر (عليه السلام) إلا أنه لم يعين عبدالرحمان و لم يعرفه بوالده).(3)

والذي أحتمله أن المروي عنه في هذا الحديث أيضا كالأول هو أبو عبدالله (عليه السلام) و أنه والأول حديث واحد كما يدل على ذلك لفظهما و لا يضر اشتمال كل منهما على ما لايشتمل عليه الاخر لامكان جمع عبدالرحمانين هذه الرواية مع غيرها

1 ـ الكافى: 4/301، ح 5.

2 ـ وسائل الشيعة: ب 7، من ابواب اقسام الحج، ح 1.

3 ـ معتمد العروة: 2/202.

[212]

فتدبر.

والله هو العالم.

وكيف كان وقوع هذه المسائل التي موردها الاعمال المندوبة عن أبي جعفر (عليه السلام)بعد صدر الرواية الموافقة للصحيحة الاولى لايخلو من الاشعار بأن السؤال الواقع في الصدر كان عن الحج الندبي دون الواجب و يؤيد ذلك بعد عدم إتيان المكي بحجة الإسلام.

و لكن يبعد هذا قوله(عليه السلام): «و الا هلال بالحج أحب إلي»، فإنه يدل على كون مورد السؤال الحج الواجب لاتفاق النص والفتوى على أفضلية التمتع في الحج المندوب و بعيد من مثل عبدالرحمن بن الحجاج و ابن أعين أن لايكونا عالمين بمثل هذا الحكم بل ربما يقال بأن جواز التمتع فى الحج المندوب مما لا ريب فيه عندهم فبعيد أن يكون السؤال عن الحج المندوب أو الأعم منه و من الواجب و يؤيد ذلك قوله(عليه السلام): «ما أزعم أن ذلك ليس له»، فإن هذا التعبير لا يناسب لبيان الحكم المندوب المعلوم جوازه و بل أفضليته

وبالجملة فمورد الصحيحتين إما يكون الحج الواجب أو الاعم منه و من المندوب فإن كان خصوص الحج الواجب يقيد بهما اطلاق ما دل على أن أهل مكة ليس لهم أوعليهم متعة فالنتيجة تكون جواز المتعة و إن كان الإفراد أحب.

وأما إن قلنا بعدم ظهور الصحيحين في الحج الواجب و أن إطلاقهما يشمل المندوب والواجب فحينئذ يقع التعارض بينهما و بين ما دل على أن ليس لاهل مكة متعة الدال على أنه ليس لهم إتيان حجة الا سلام بالتمتع و إطلاقه يشمل من كان من أهل مكة فيها و من خرج منها إلى بعض الأمصار فيتعارضان في من كان من أهل مكة و خرج إلى الامصار و رجع و عليه حجة الاسلام فبمقتضى إطلاق الصحيحين يجوز له التمتع و بمقتضى إطلاق أهل مكة ليس لهم التمتع لا يجزي التمتع عنه فيتساقطان بالتعارض.

إلا أن نقول بترجيح مايدل على عدم جواز المتعة لمخالفة مايدل على الجواز لقوله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام).

ولكن استشكل بعض الأعاظم في ذلك و جعل الآية فى جانب الأخبار المعارضة لانه قال: (إن الترجيح بالكتاب انما هو فيما إذا كانت دلالة الكتاب دلالة لفظية

[213]

وأما إذا كانت الدلالة بالاطلاق فقاعدة الترجيح بالكتاب غير جارية إذ ليس ذلك مدلولا لفظيا للكتاب لان الاطلاق مستفاد من قيد عدمي و العدمي ليس من القرآن ليكون مرجعا أو مرجحا لأحد الطرفين (قال) و بتعبير آخر مورد الرجوع إلى القرآن و الترجيح به إنما هو فيما إذا كان عدم العمل بالقرآن منافيا للظهور اللفظي بحيث يصدق انه قال الله تعالى كذا فى الكتاب و هذا المعنى لا يصدق على مجرد الاطلاق المستفاد من مقدمات الحكمة وعليه لامجال للرجوع إلى إطلاق الكتاب لسقوطه بالتعارض فالمرجع إطلاق ما دل على أصل وجوب الحج المقتضي للتخيير بين الأقسام الثلاثة فإن الواجب انما هو طبيعى الحج و التقييد ببعض الاقسام قد سقط بالمعارضة على الفرض) (1)

و فيه: أنه لا فرق بين الإطلاق و العموم في ذلك فكما أن العموم دلالته عليه لفظية دلالة الإطلاق أيضا على الإطلاق لفظية و كون عموم العام مستفاداً من الوضع و اطلاق المطلق مستفاد من مقدمات الحكمة لا يجعل دلالته غير لفظية فكما لايمكن أن يقال فى أحد أفراد المطلق قال الله تعالى كذا لايمكن ذلك في أفراد العام أيضا و إلا فلا يجوز استناد كل ما يستفاد من الكتاب بالاطلاق إليه و هذا أمر لا يقبله العرف والوجدان.

ويمكننا أن نقول إن اطلاق الصحيحتين في من خرج إلى بعض الأمصار و عليه حجة الإسلام معارض لاطلاق نفس الآية لا أنه معارض لا طلاق «ليس لاهل مكة متعة» في من خرج منها إلى الأمصار و رجع و عليه حجة الإسلام لان مثل هذا الحديث تفسير للاية و مدلوله الآية و هي تدل بمفهومها على أن المتعة لا يكون لمن كان أهله حاضر المسجد الحرام سواء كان خرج منه إلى بعض الأمصار أو لم يخرج منه و الصحيحين بالإطلاق يدلان على جواز المتعة لمن خرج منه إلى بعض الأمصار واجباً كان الحج عليه أم مندوبا فيتعارضان في من يخرج و يرجع وعليه حجة الإسلام و في مثل ذلك لايقال بسقوط الكتاب بالتعارض فانه لافرق بينه و بين ما يعارض الكتاب بالتباين.

1 ـ معتمد العروة: 2/203.

[214]

فعلى هذا كله على القول بورود الصحيحين في حجة الإسلام يقيد بهما إطلاق الكتاب و على القول بأنهما مطلقان يشملان الحج الواجب والمندوب يقع بينهما و الكتاب التعارض فيمن خرج و عليه حجة الإسلام و لاريب في تقديم الكتاب فيجب عليه الافراد.

انقلاب فرض النائي الى المكي

انقلاب فرض النائي الى المكي

مسألة 5 ـ من ليس من أهل مكة (لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) فالإجماع قائم على أنه إن أقام في مكة إلى تمام ثلاث سنين ينقلب فرضه إلى فرض المكي كما أنه لاريب في أن فرضه قبل إتمام سنة فرض النائي.

وما جاء في بعض الأخبار من أنه ينقلب فرضه إلى فرض المكى بعد ستة أشهر أو خمسة، معرض عنه لاعامل به مضافاً إلى ضعف سند بعضها وعلى فرض القول بعدم وهن ما فيها من الصحيح بعدم العامل به و عدم ترجيح الأخبار الصحيحة المعارضة له مثل صحيح زرارة و عمر بن يزيد الآتيان فهو ساقط عن الحجية بمعارضة مثل الصحيحين له فلا يحتج بصحيح حفص بن البختري الذي رواه الشيخ بإسناده عن يعقوب بن يزيد عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي عبدالله (عليه السلام): «في المجاور بمكة يخرج إلى أهله ثم يرجع إلى مكة بأي شيء يدخل؟ فقال: إن كان مقامه بمكة أكثر من ستة أشهر فلا يتمتع وإن كان أقل من ستة أشهر فله أن يتمتع».(1)

وعلى هذا إما أن نقول بسقوطه عن الحجية لإعراضهم عنه أو لترجيح الأخبار المعارضة له عليه أو لتساقط الطائفتين عن الحجية بالمعارضة و على الأخير فالمرجع هو عمومات الكتاب و السنة الدالة على وجوب التمتع على كل من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام و هذا كله على فرض تمامية دلالة هذا الصحيح وأن المراد منه بيان فرض المجاور.

أما لو كان المراد من المجاور المذكور في السؤال الذي أتى بفرضه كما هو النائب فالسؤال لابد و أن يكون عما هو الأفضل منهما و كيف كان هذا الإحتمال ساقط

1 ـ وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب اقسام الحج، ح 3.

[215]

لايعتنى به.

وإنما الخلاف واقع في أنه هل ينقلب تكليف النائي بإقامته في مكة سنتين أو يكفي لذلك إقامة سنة واحدة،

أما القول بانقلابه بعد إتمام الثلاثة والدخول في الرابعة فلا دليل له إلا مثل ادعاء إجماعهم على عدم جواز التمتع له بعد إقامة الثلاثة و تساقط الروايات بالتعارض و التمسك بأصالة العموم بالنسبة إلى قبل إتمام الثلاثة وهذا قول الشيخ في المبسوط و النهاية:

قال في المبسوط: (و من جاور بمكة سنة واحدة أو سنتين جاز له أن يتمتع فيخرج إلى الميقات و يحرم بالحج متمتعاً و إن جاور بها ثلاث سنين لم يجز له ذلك)(1) ونحوه قوله في النهايه (2) و قول ابن إدريس في السرائر قال: (فإن جاور بها ثلاث سنين لم يجز له التمتع)(3) و ظاهر المحقق في الشرايع (4) وقول العلامة في الإرشاد قال له: (وينتقل فرض المقيم ثلاث سنين إلى المكي و دونها يتمتع)(5).

وأما القول بالإنقلاب بإقامة سنتين فهو قول الشيخ في التهذيب قال: (فأما المجاور بمكة فإن كان قد أقام دون السنتين فإنه يجوز له أن يتمتع فإن أقام أكثر من ذلك فحكمه حكم أهل مكة في أنه ليس عليه المتعة)(6) وفي الإستبصار يستفاد منه أقسام الحج في (باب فرض من كان ساكن الحرم من أنواع الحج)(7)وهو قول المحقق في المختصر النافع قال: (ولو أقام سنتين انتقل فرضه إلى القران و الإفراد)(8) و إن كانت العبارة المنقولة عنه في جامع المدارك(9) غير هذه لم

1 ـ المبسوط: 1 / 308.

2 ـ النهاية /206.

3 ـ السرائر: 1/522.

4 ـ شرايع الإسلام: 1/177.

5 ـ إرشاد الأذهان: 1/309.

6 ـ تهذيب الأحكام: 5/34.

7 ـ الإستبصار : 2/157 ب 91 باب فرض من كان ساكن الحرم من أنواع الحج.

8 ـ مختصر النافع /50.

9 ـ جامع المدارك: 2 / 355 هكذا نقل عبارة المصنف: (فإن دخل في الثالثة مقيماً ثم حج انتقل فرضه إلى القران والإفراد).

[216]

نجدها في المختصر النافع.

وقال العلامة في التذكرة: (مسألة: و من كان من أهل الأمصار فجاور بمكة ثم أراد حجة الإسلام خرج إلى ميقات أهله فأحرم منه فإن تعذر خرج إلى أدنى الحل و لو تعذر أحرم من مكة هذا إذا لم يجاور مدة سنتين فإن مضى عليه سنتان و هو مقيم بمكة صار من أهل مكة و حاضريها ليس له أن يتمتع)(1) وبه قال الشيخ في كتابي الأخبار و قال في النهاية: (لاينتقل فرضه إلى التمتع حتى يقيم ثلاث سنين)(2) ولعل هذا القول هو المشهور.

وأما كون ذلك بالدخول في السنة الثانية فهو ظاهر الشهيد في الدروس قال: «و لو أقام النائي بمكة سنتين انتقل فرضه إليها في الثالثة كما في المبسوط و النهاية و يظهر من أكثر الروايات أنه في الثانية و روى محمد بن مسلم: «من أقام سنة فهو بمنزلة أهل مكة، وروى حفص بن البختري إن أقام أكثر من ستة أشهرلم يتمتع».(3)

إلا أنك قد عرفت من كلام الشيخ في المبسوط و النهاية أن انتقال فرضه إلى فرض المكي إنما يكون إذا جاور بها ثلاث سنين لا في الثالثة.

إذا عرفت ذلك كله فأعلم أن العمدة في الباب الروايات فمنها ما يدل على القول الذي قيل: إنه المشهور مثل ما أخرجه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر(عليه السلام) قال: «من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لامتعة له» الحديث(4)و أخرجه في باب الزيادات(5) و في الاستبصار(6) وكأنه زعم صاحب الوسائل

1 ـ تذكرة الفقهاء:1/319
2 ـ النهاية /165.

3 ـ الدروس الشرعية: 1 /331.

4 ـ تهذيب الأحكام: 5/34 ح 30.

5 ـ الاستبصار: 2/159 ح 6.

6 ـ وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 1.

[217]

كون الثاني غير الأول فقال: «وبإسناده عن زرارة مثله» (1) بدلاً عن قوله: «ورواه في باب الزيادات».

وصحيح عمر بن يزيد قال: «قال أبوعبدالله(عليه السلام): المجاور بمكة يتمتع بالعمرة إلى الحج إلى سنتين فإذا جاوز سنتين كان قاطناً و ليس له أن يتمتع».(2)

ومنها ما يدل على اعتبار سنة مثل صحيح الحلبي الذي رواه الشيخ عن موسى بن القاسم عن ابن أبي عمير عن حماد عن الحلبي قال: «سألت أباعبدالله(عليه السلام)لأهل مكة أن يتمتعوا؟ فقال: لا ليس لأهل مكة أن يتمتعوا قال: قلت: فالقاطنين بها؟ قال: إذا أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكة فإذا أقاموا شهراً فإن لهم أن يتمتعوا قلت: من أين؟ قال: يخرجون من الحرم قلت: من أين يهلون بالحج؟ فقال: من مكة نحواً مما يقول الناس».(3)

و مارواه الكليني عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن داود عن حمّاد قال: «سألت أباعبدالله(عليه السلام) عن أهل مكة أيتمتعون؟ قال: ليس لهم متعة قلت: فالقاطن بها؟ قال: إن أقام بها سنة أو سنين صنع صُنعَ أهل مكة قلت: فإن مكث الشهر؟ قال: يتمتع قلت من أين (يحرم) قال: يخرج من الحرم قلت: من أين يهل بالحج؟ قال: من مكة نحواً كما يقول الناس»(4)

و ضعفه بعض الأعاظم لأن ابن أبي عمير يرويه عن داود عن حماد ولم يعلم من هو داود فإنه مشترك بين الثقة و غيره (5) هذا على بنائه على عدم الإعتناء بما قاله علماء الرجال والحديث من أن مراسيل ابن أبي عمير كالمسانيد و أنّه لايروي إلا عن الثقة فإنه وجد في مسانيده الرواية عن المجروحين و غير الثقات.

وفيه: أن الشيخ قدس سره قال في العدة: (سوت الطائفة بين ما يرويه محمد بن

1 ـ وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 2.

2 ـ وسائل الشيعة:ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 3.

3 ـ وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 3.

4 ـ وسائل الشيعة ب 9 من أبواب اقسام الحج ح 5
5 ـ معتمد العروة: 2/208.

[218]

أبي عمير و صفوان بن يحيى و أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي و غيرهم من الثقات الذين عرفوا بأنهم لايروون ولايرسلون إلا عمن يوثق به و بين ما أسنده غيرهم و لذلك عملوا بمراسيلهم إذا انفرد عن رواية غيرهم) (1).

و من هذا تعرف شهادة طائفة من أجلاء الأصحاب على كون من يروي عنه هؤلاء الأعاظم كلهم من الثقات لو لم نقل بإجماعهم على ذلك و هذا شهادة جمع من الأصحاب على وثاقة (داود) هذا الراوي عن حماد.

لايقال: إن هذا يتم لو لم يقع في اسناد روايات مثل ابن أبي عمير جمع من الضعفاء.

فإنه يقال: لايضر ذلك بهذه الكلية و توثيق شيوخ هؤلاء غاية الأمر يثبت بذلك جرحهم و سقوط توثيقهم عن الإعتبار لتقديم الجارح على المعدل ولايسقط بذلك شهادتهم على وثاقة السائرين.

فان قلت: إن بعد العلم بخروج جمع من مشايخهم عن تحت هذه الكلية يكون التمسك بها لإثبات وثاقة كل واحد منهم من التمسك بعموم العام في الشبهة المصداقية.

قلت: كلا، ليس المقام منه فإنه إنما يكون إذا كان المخصص عنواناً كلياً كقوله تخصيصاً: (لاتكرم الفساق من العلماء) وكان العام مثل (اكرم العلماء) وشككنا في كون «زيد» من الفساق فإنه لايجوز التمسك بعموم (أكرم العلماء) فإنه يكون مثل التمسك بعمومه في وجوب إكرام من شككنا في كونه من العلماء و أما إذا ثبت خروج خصوص بعض الأفراد مثل زيد و عمرو و بكر عن تحت العام، لايضر ذلك بحجية العام في سائر الأفراد.

هذا مضافاً إلى قلة ما يوجد في مشايخهم من الضعفاء فإن في مشايخ ابن أبي عمير على ما أحصاه البعض ثلاثة عشر ستة منهم ثابت الضعف و سبعة منهم غيرثابت الضعف وإنما يحتمل فيهم ذلك وهذه في جنب سائر مشايخه الذين بلغت عدتهم أكثر من أربعمأة في نهاية القلة لايؤثر في الإعتماد على رواياته

1 ـ العدة: 1/386.

[219]

الكثيرة من مشايخه التي ما روى عنه أحد تلامذته وهو إبراهيم بن هاشم بلغت على حسب ما اُحصي عنه (2922) رواية.

وكيف كان الظاهرأنها و صحيح الحلبي واحد كما يظهر من لفظهما وأما سندهما فابن أبي عمير يرويه تارة بلاواسطة عن حماد عن الحلبي قال «سألت أباعبدالله(عليه السلام)»: وفي روايتنا هذه رواها مع الواسطة عن داود عن حماد قال: «سألت أباعبدالله(عليه السلام)» فإما أن نقول بتقديم رواية الشيخ على الكليني لتقديم أصالة عدم الزيادة على أصالة عدم النقيصة فالحكم بصحته في محله و إما أن نقول بتقديم رواية الكليني على رواية الشيخ وتقديم الكافي على غيره لأنه أضبط فالحكم بصحة كل واحد منهما على مبنى عدم الإعتماد على صحة ما رواه ابن أبي عمير مشكل.

اللهم إلا أن يقال: إن ابن أبي عمير روى هذا الحديث تارة عن حماد بلا واسطة و اُخرى بواسطة داود كما أن حماد أيضاً رواه تارة عن الإمام(عليه السلام)بلا واسطه و اُخرى بواسطة الحلبي، وذلك يوجب قوة الحديث وإسناده إلى الإمام(عليه السلام) فتدبر وخذ جميع ذلك واغتنم.

وما رواه الشيخ بإسناده عن العباس بن معروف عن فضالة عن العلا عن محمد بن مسلم عن أحدهما(عليهما السلام) قال: «من أقام بمكة سنة فهو بمنزلة أهل مكة»(1) و عبر منه بالصحيح لأن رجال السند كلهم من الأعيان و الثقات.

لكن ضعفه بعض الأعاظم لأن طريق الشيخ إلى العباس بن معروف في الفهرست ضعيف بأبي المفضل و لم يذكر طريقه إليه في المشيخة.(2)

و لكن قد كررنا التنبيه على أن مجرد ضعف طريق الشيخ و غيره إلى أرباب الكتب لايوجب ضعفاً في الحديث و سنده بعد ما كان الكتاب موجوداً عند الشيخ معروفاً لديه و إليك لفظ الشيخ في الفهرست: (له كتب عدة أخبرنا بها جماعة عن أبي

1 ـ وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب أقسام الحج، ح 4.

2 ـ معتمد العروة: 2/208.

[220]

المفضل عن ابن بطة عن أحمد بن أبي عبدالله عنه).(1)

والخبير يعلم أن الإخبار بهذه الكتب و كتب سائر أرباب الاُصول و الكتب لايمكن عادة إلا بالإخبار عنها مجموعاً بمثل المناولة فلابد أن يكون الكتاب في متناول يد الشيخ و التلميذ مشهوراً معروفاً و بما لم يكن النقل عن الكتاب بالوجادة معمولاً عندهم كما عمل بها في الأعصار الأخيرة و كانت سيرة المحدثين على رواية الكتب بالسماع أو القرائة أو المناولة عن رواتها عن أربابها روى الشيخ تلك الكتب بطرقه عن مؤلفيها و في مثل ذلك لايضر ضعف الطريق إلى الكتاب فتامل جيّداً.

ومارواه الكليني عن على بن إبراهيم عن أبيه عن إسماعيل بن مرار عن يونس عن عبدالله بن سنان عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «المجاور بمكة سنة يعمل عمل أهل مكة: يعنى: يفرد الحج مع أهل مكة و ما كان دون السنة فله أن يتمتع».(2)

و قال بعض الأعاظم: (الرواية معتبرة لأن إسماعيل بن مرار و إن لم يوثق في كتب الرجال و لكنه من رجال تفسير علي بن إبراهيم القمي و ذكرنا في محله أن رجاله كلهم ثقات و في بعض نسخ التفسير إسماعيل بن ضرار و هو غلط). (3)

و ما أخرجه أيضاً بسنده عن حريز عمن أخبره عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: «من دخل مكة بحجة عن غيره ثم أقام سنة فهو مكي»(4) الحديث .

والذي بنى عليه جمع من الفقهاء رضوان الله تعالى عليهم سقوط الطائفة الثانية عن الحجية لإعراض الأصحاب عنها و تركهم العمل بها فالعمل يكون على طبق الطائفة الاُولى.

و لكن بعض الأعاظم حيث لايرى إعراض الأصحاب عن الرواية الصحيحة وجهاً لتركهم، ردّ ذلك البناء كبروياً و زاد أنه هنا غير تام صغروياً لعمل صاحب

1 ـ الفهرست /144.

2 ـ وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب أقسام الحج، ح 8.

3 ـ معتمد العروة: 2 / 209.

4 ـ وسائل الشيعة: ب 9 من ابواب أقسام الحج، ح 9.

[221]

الجواهر بها(1).

وفيه: أمّا مناقشته في الكبرى فهو و بناؤه وأمّا الصغرى فما صدر منه في الخدشة فيها ظاهر البطلان فإن ما به يتحقق الإعراض عن الحديث الصحيح الذي قالوا عنه: (كلما ازداد صحة ازداد ضعفاً بالإعراض عنه) هو ترك العمل به من القدماء المقاربين لعصر الأئمة عليهم السّلام و أصحابهم و أرباب جوامع الحديث لامثل صاحب الجواهر (المتوفى فى 1266) و أما القاضي ابن البرّاج (المتوفى 481) صاحب «جواهر الفقه»، فلم نجدله التعرض لتلك المسألة في كتابه فياليته قال في مقام المناقشة في الصغرى إن إعراض القدماء من الطائفة الثانية لم يثبت كما يظهر من ملاحظة كلماتهم.

و كيف كان فالذي بنى عليه أن الروايات متعارضة متكافئة فالمرجع يكون عموم ما دل على أن النائي وظيفته التمتع و لم يثبت تخصيصه بالمجاور في سنة واحدة و قال: (نعم إذا تجاوز عن السنتين فلاكلام في انقلاب فرضه إلى الإفراد لأنه القدر المتقين من التخصيص و في غير ذلك فالمرجع عموم ما دل على أن البعيد وظيفته التمتع)(2).

و فيه: منع تكافؤ الطائفتين لترجيح ما يدل على توقف انقلاب الفرض على إقامته سنتين على ما يدل على إقامة السنة بموافقة الاُولى للكتاب فهو أيضاً في نهاية المطاف يتفق مع الذين يحتجون بأحاديث السنتين و يرجحونها على أخبار السنة والله العالم.

يمكن أن يقال: إن هذه الأحاديث وردت لبيان ما هو الموضوع بحسب العرف للحكم و بعبارة اُخرى بيان مصاديق من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام أو من كان أهله من حاضريه عند العرف لا إلحاق من لم يكن عند العرف من أهل مكة و لم يكن أهله حاضرى المسجد الحرام إلى من كان من أهلها.

و بعبارة اُخرى لم ترد لتوسعة موضوع أحدهما و تضييق دائرة موضوع الآخر

1 ـ معتمد العروة: 2/210.

2 ـ معتمد العروة 2/211 .

[222]

تعبداً فإن ذلك بعيد جدّاً.

إذاً فيمكن أن يقال: إن الإختلاف الواقع في الروايات نشأ من اختلاف الأشخاص و ملاحظة اختلاف أحوالهم فإنه بذلك يصدق على بعضهم كونه من أهل مكة بعد مجاورتها ستة أشهر، و على بعضهم بعد سنة و على بعضهم لاينطبق إلا بعد سنتين.

فعلى هذا بالنسبة إلى ما قبل سنتين إذا كان الحال على نحو يكون الشخص محسوباً من أهل مكة فهو و إلاّ ففرضه التمتع و أمّا بالنسبة إلى بعد السنتين ففرضه فرض المكي لاتفاق الروايات عليه و بعبارة اُخرى مجرد مضي سنتين على إقامته يكفي في انقلاب الفرض و مضي نحواً من سنة أيضاً يكفي إذا كان مقترناً بوضع و حالة من الشخص يكون به معدوداً من أهل مكة و يمكن الإستشهاد على ذلك بقوله (عليه السلام) في بعض هذه الروايات: «سنة أو سنتين» فيكون السنة أقل مدة من المجاورة يمكن أن يصدق بها على النائي المكي حتى إذا بلغت سنتين فإنه بمجردها معدود صاحبها من أهل مكة وعلى هذا فالأمر بين السنة إلى السنتين موكول إلى العرف و كان الإمام (عليه السلام) أيضاً أحال ذلك إلى العرف.




/ 33