وأيضاً اختار هذا القول ابن حمزة فقال: (فإذا فرغ من المناسك للعمرة لم يخل إمّا أمكنه الاحلال من الاحرام و الاحرام بالحج و الوقوف بالموقفين أو لم يمكنه فإن لم يمكنه و هو زوال الشمس من يوم عرفة و لم يفرغ من مناسك العمرة لم يجز له التحلل و إن كان قبل ذلك جاز له التحلل و هو وقت الامكان)(4) الخ ولكن كلامه ليس صريحاً في عدم جواز العدول بعد الزوال إن أمكنه الإحلال و الإحرام بالحج و الوقوف بالموقفين إن كان مراده من وقت الإمكان وقت الإمكان العرفي و العادي.نعم إن كان مراده من وقت الإمكان، الإمكان الشرعي يكون كلامه ظاهراً في هذا القول و لعل لذلك قال في الجواهر: (ولعله يرجع اليه (يعنى القول بوجوب الإتيان بالتمتع بإدراك مناسك العمرة و تجديد إحرام الحج و إن كان بعد زوال الشمس يوم عرفة) ما عن المبسوط و النهاية و الوسيلة والمهذب من الفوات بزوال
1 ـ النهاية /247 .2 ـ المبسوط: 1/364 .3 ـ المهذب: 1/243.4 ـ الوسيلة /176.
[287]
الشمس من يوم عرفة قبل إتمام العمرة بناء على تعذر الوصول غالباً إلى عرفة بعد هذا الوقت لمضىّ الناس عنه لا أن المراد حتى إذا تمكن و أدرك مسمى الوقوف بعد الزوال) (1)، ولكن هذا الاحتمال وإن كان، قريب في كلام الوسيلة بعيد عن كلام الشيخ و القاضي.وكيف كان فالذي يستدل به لهذا القول من الروايات مارواه الشيخ بسند صحيح عن سعد بن عبدالله(2) عن محمد بن عيسى (3) عن ابن أبي عمير(4) عن جميل بن دراج(5) عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «المتمتع له المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة و له الحج إلى زوال الشمس من يوم النحر».(6) ومفهوم هذا الصحيح فوت عمرة التمتع بزوال الشمس من يوم عرفة.فان قلت: الظاهر أن التحديد الى زوال الشمس من يوم عرفة مبنى كما أشار اليه في الجواهر على تعذر الوصول غالباً بعد الزوال لا أنه يجب عليه العدول بعد ذلك وإن تمكن من إتمام متعته و الإحرام للحج و إدراك مسمى الوقوف بعد الزوال.قلت: تعميم الحكم بالنسبة الى مابعد الزوال خلاف ظاهر قوله (عليه السلام): «المتمتع له المتعة الى زوال الشمس» و ليس التحديد بزوال الشمس لتعذر الوصول لاختلاف طول الأيام بحسب فصول السنة كما هو واضح مضافاً إلى أن الظاهر من كلام الإمام (عليه السلام) بيان الحكم لاالموضوع و مضافاً إلى أن ذلك أي موضوعية زوال الشمس للحكم يستفاد منه بقرينة قوله (عليه السلام): «وله الحج الى زوال الشمس من يوم النحر».1 ـ جواهر الكلام: 18/29.2 ـ من كبار الثامنة قمي جليل القدر شيخ هذه الطائفة واسمع الاخبار كثير التصانيف.3 ـ من السابعة ابن سعد بن مالك الاشعرى القمى شيخ القميين و وجه الاشاعرة له كتاب الخطب.4 ـ من السادسة مشهور معروف بجلالة القدر عند الفريقين له مصنفات كثيرة....5 ـ من الخامسة وجه الطائفة ثقة ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه....6 ـ وسائل الشيعة: ب 20 من أقسام الحج ح 15.
[288]
وما رواه شيخنا الكليني(رض) عن العدة رفعه عن ابي عبدالله (عليه السلام) «في متمتع دخل يوم عرفة قال: متعته تامة الى أن يقطع التلبية».(1)و هو من حيث السند ضعيف و دلالته على فوت العمرة بزوال الشمس لأن التلبية تقطع عند زوال الشمس من يوم عرفة.يمكن الجمع بينهما سيّما صحيح جميل و بين الطائفة الاُولى بحمل الصحيح على حال الإختيار وأنه يجوز أن ياتي بالعمرة إلى زوال الشمس ولايجوز له التأخير عنه.أمّا الطائفة الاُولى فهي أيضاً محمولة على حال عدم التمكن والإضطرار و بعبارة اُخرى مفاد صحيح جميل عدم جواز تأخير المتعة من زوال الشمس اختياراً المستفاد من سائر الروايات المذكورة عدم جواز العدول إلى الإفراد للمعذور إذا أمكن له درك الموقف و لم يخف من فوته ولعلّه يرجع إليه ما في المبسوط و النهاية و المهذب و الفرق بينه و بين ما ذكره صاحب الجواهر يظهر بالتأمل.وكيف كان سواء كان مدلول الصحيح في تحديد المتعة إلى زوال الشمس الإخبار عن الموضوع وأنه يفوته الوقوف و بعد الزوال في هذه الأزمنة أو بيان الحكم وأنه لايجوز تأخير المتعة اختياراً من زوال الشمس لايقع التعارض بينه و بين مايدل على أن المدار في الحكم بجواز العدول خوف فوت الموقف.و مع ذلك مقتضى الاحتياط بعد الزوال إتمام العمرة و الاحرام لحج التمتع و الإتيان بأعمال الحج بقصد ما في الذمه من التمتع و الإفراد و الإتيان بالعمرة بعد الحج بقصد ما هو مأمور به واقعاً.ثم إنّ هنا طوائف اُخرى من الروايات ربما يستدل بها للقول بغير ما ذكر من الأقوال مثل أن حدّ الضيق المسوغ للعدول إلى الإفراد زوال يوم التروية أو غروبه و لكن كلّها لاتقوم حجة قبال هذا القول المحكي عن جماعة من الأكابر لعدم
1 ـ الوسائل: ب 20 من أبواب أقسام الحج، ح 7 و رواه في الوسائل من الشيخ بإسناده عن الكليني و لكن لم نجده لافي التهذيب و لا في الإستبصار فراجع لعلك تجده في طيّ الأبواب.
[289]
تمامية دلالة بعضها و ضعف سند البعض الاخر أو كونه غير معمول به أو سقوطه من جهة تعارضه مع ما هو الأقوى منه و إمكان حمل بعضها على مراتب الفضل و غير ذلك من المحامل و الله العالم. ثم انّ هنا فروع:
ثم انّ هنا فروع:
أحدها أنه لو أتم عمرته في سعة الوقت ثم اتفق أنه لم يدرك الإختياري من الوقوف كفاه الإضطراري لا لما ذكرنا من الأخبار بل للأخبار الدالة على أن «من يأتي بعد إفاضة الناس من عرفات و أدركها ليلة النحرتم حجه»(1).و هل يلحق به من أتم عمرته باعتقاد سعة الوقت و بان كونه مضيقاً؟ فيه وجهان: وجه الإلحاق أنه أيضاً يكفيه وقوف الإضطراري و هو وقوف ليلة العيد في عرفات لأنه لم يترك الوقوف الإختياري عمداً حتى يفسد حجه بل تركه باعتقاد سعة الوقت ولايجوز له العدول إلى إلافراد لأنه مترتب على خشية فوت الموقف و هو لم يكن خائفاً.وقال بعض الأعاظم: (ويمكن أن يقرب ما ذكرنا بأن العدول إنما جاز لدرك الموقف الإختياري لأهميته و المفروض أنه قد فاته على كل تقدير عدل أو لم يعدل فأدلة العدول لاتشمل المقام فيكون حجه صحيحاً لدرك الموقف الإضطراري و أما ترك الإختياري فهو غير ضائر إذا كان عن عذر). (2)وفيه: أن تسويغ العدول إلى الإفراد إذا خاف من فوت الموقف يدل على أن الحكم العدول إلى الإفراد إذا لم يتمكن من إدراك الموقف إلاّ به سواء علم المكلف بتحقق موضوعه أو لم يلتفت إليه، إذاً فالوجه عدم إلحاقه به و أنه داخل تحت ما يدل على أن التكليف العدول إلى الإفراد.وعليه يمكن أن يقال: إن حجه وقع صحيحاً بالإفراد و لاهدي عليه و إنه يعتمر بعده لأن إتمامه للعمرة لايجزي عنها فهو باق على إحرامه لايجوز له التقصير و لم يخرج به عن إحرامه الأول وصحة حجه في هذه الصورة لاتتوقف على درك
1 ـ وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر.2 ـ معتمد العروة: 2 / 303.
[290]
وقوف الركني من عرفة الذي لم يكن متمكناً من دركه لو أتم عمرته فيكفيه إدراك المشعر الإختياري فتدبر.الفرع الثاني: الظاهر أنه لافرق في الحكم المذكور بين التمتع الواجب والمندوب لدلالة الاخبار على أن ماذكر حكم التمتع بنفسه فلو نوى التمتع ندباً لايجوز له العدول إلى الإفراد مادام يمكن له إتمام العمرة و درك مسمى الوقوف في عرفات وإن ضاق وقته و لايدرك مسمى الوقوف يعدل إلى الإفراد، و في وجوب العمرة بعده كما يجب في الواجب المعدول منه إلى الإفراد و جهان: من قوله (عليه السلام) في مثل صحيح الحلبي: «فإذا أتمّ حجه صنع كما صنعت عايشة و لاهدي عليه» و من أن وجوب العمرة المفردة يستفاد من ذلك إذ كانت العمرة المتمتع بها إلى الحج واجباً عليه لامطلقا والحديث ليس ظاهراً في الوجوب مطلقاً و الأصل البرائة عنه.الفرع الثالث: الظاهر أنه إذ كان عالماً بضيق الوقت و عدم إمكان إتمام عمرة التمتع لايجزيه الإفراد عن التمتع الواجب عليه كما لايجزيه الاحرام بقصد التمتع لاعن التمتع الذي هو وظيفته و لاعن الإفراد.أمّا الأول، فإن كان ضيق الوقت حاصلاً بعصيانه و تأخيره عمداً فلايجزيه الإفراد عن التمتع الواجب وإن لم يكن بتأخيره و اختياره فلايجزيه عن حجة الإسلام لكشف ذلك عن عدم استطاعته.وأما الثاني، فلان الإحرام بقصد التمتع إنما يصح إذا كان متمكناً من الإتيان به وإذا لم يكن متمكنا منه لايأتي منه نية التمتع ولايجوز له البناء على الإفراد بعد الدخول في هذا الإحرام فإنه أولا متفرع على صحته وثانياً لأن العدول إلى الإفراد إنما دل الدليل على جوازه لو عرض له العجز عن إتمامه في الأثناء لاما إذا كان حاصلاً من الأول.الفرع الرابع: لو دخل في عمرة التمتع في سعة الوقت و أخر إتمامها إلى ضيق الوقت متعمداً و من غير عذر فهل يجب عليه العدول إلى الإفراد أو يأتي بما بقي من أعمال العمرة ثم يأتي بالوقوف الإضطراري أو يجعل عمرته مفردة كمن أحرم للحج و لم يدرك الوقوف بالمشعر فتبطل عمرته دون إحرامه أو يحكم ببطلان عمرته و إحرامه؟ فصور المسألة أربعة.[291]
وجه الأول: إلحاقه بمن وقع في ضيق الوقت و خاف فوت الوقوف الركني إن أتم عمرته بدعوى عدم الفرق بين كون وقوعه في الضيق بالعمد و الإختيار أو بالإضطرار كما هو الشأن في نظائره من الأبدال الإضطرارية فمن أراق عمداً ماء الوضوء صحّ تيممه ومن أخر الصلاة عمداً حتى أدرك ركعة من الوقت صحت صلاته و من عجز نفسه عن القيام في الصلاة صحت صلاته جالساً.بل يمكن أن يقال: إن هذا الإلحاق يحتاج إليه لو لم تكن نصوص المسألة دالة عليه وأما إن قلنا بأن ظاهر النصوص يشمل المقام فالعمل يكون على طبق النصوص.وفيه: أما شمول النصوص فممنوع لاختصاصه بمن حصل له الضيق بغير اختياره دون من كان متمكناً منه و جعل نفسه عاجزاً عمداً و أما الأبدال المذكورة فمثل الأول و الثالث ينتقل إلى البدل للدليل على أن الصلاة لاتدع بحال.نعم، في من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت يمكن أن يقال: بأنه لايدل على التوسعة في الوقت إن أخره عمداً وأن ما يدل على أن الصلاة لاتدع بحال يدل على أنه لاتدع بحال في وقته و دليل من أدرك ناهض على كونه مدركاً لوقته إذا أخرها عن عمد و تقصير.اللهم إلا أن يقال: إن الأصحاب فهموا منه الإطلاق و الشمول للعامد أيضاً لبعض القرائن و كيف كان لاوجه لإلحاق مانحن فيه بهذه الموارد.و وجه الثاني: أنه يتم عمرته و يأتى بالوقوف الإضطرارى لعرفة فلايضره مافاته من عرفات.و فيه: أن مادل على كفاية اضطراري العرفة أو الإجتزاء بالوقوف بالمشعر خاص بحال الإضطرار لا العمد و الإختيار فمن فوت على نفسه ذلك لايشمله الدليل والقاعدة تقتضي فساد حجه.وأما جعل عمرته مفردة بالقول ببطلان متعته دون إحرامه كمن أحرم للحج و لم يدرك الوقوف بالمشعر فلادليل عليه.بقى الوجه الرابع و هو الحكم ببطلان عمرته و إحرامه فان الإحرام الصحيح هو الإحرام المتعقب بالطواف في عمله هذا و مع عدم التعقب و لو كان بالإختيار[292]
انكشف بطلان إحرامه من الأول.و فيه: من أين نقول: إن الاحرام الصحيح هو ما يكون هكذا و يمكن أن يقال: إنه لافرق في العدول إلى الإفراد في صورة عدم التمكن من إدراك الوقوف الركني إن أتم عمرته بين كون عجزه عن ذلك بالعذر أو العمد فيجب عليه إتمام ما بيده من الإحرام بالعدول و درك الوقوف.والمسألة محل الإشكال لاحتمال انقلاب عمرته إلى المفردة فيدور الأمر بين إتمام عمرته مفردة أو العدول عنها إلى الحج الإفراد. الحائض والنفساء المعذورين عن إتمام العمرة
الحائض والنفساء المعذورين عن إتمام العمرة مسألة 7 ـ اختلفت كلمات الأصحاب في وظيفة الحائض و النفساء إذا منعهما عذرهما عن إتمام العمرة و إدراك الحج لضيق الوقت على أقوال:
أحدها أن عليهما العدول إلى الإفراد والإتمام ثم الإتيان بالعمرة بعد الحج قال الشيخ في الخلاف: (إذا حاضت المتمتعة قبل أن تفرغ من أفعال العمرة جعلته حجة مفردة قال الفقهاء بأسرهم تحتاج إلى تجديد الإحرام دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم). (1)
وقال في الجواهر: (على المشهور بين الأصحاب شهرة عظيمة بل في المنتهى الإجماع عليه) ثم نقل ما في المنتهى في ذلك إلى قوله: (ذهب اليه علماؤنا اجمع) وقال في الجواهر: (فلاريب أنّ الأصح ما عليه المشهور).(2)
و مستند أرباب هذا القول طائفة من الروايات مثل صحيح جميل: «سألت أباعبدالله(عليه السلام) عن المرأة الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية؟ قال: تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجة ثمّ تقيم حتى تطهر و تخرج إلى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة قال ابن أبي عمير: كما صنعت عايشة»(3) وإطلاقه يشمل صورة كونها حائضاً من حين الشروع في الإحرام كما يشمل صورة حدوث الحيض لها بعد
1 ـ الخلاف: 2/334.2 ـ جواهر الكلام: 18/36.3 ـ وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 2.
[293]
الإحرام.ومثل صحيح ابن بزيع عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) ففيه: «إذا زالت الشمس ذهبت المتعة فقلت: فهي على إحرامها أو تجدد إحرامها للحج؟ فقال: لاهي على إحرامها قلت: فعليها هدي؟ قال: لا إلاّ أن تحبّ أن تطوع، ثم قال: أما نحن فإذا رأينا هلال ذي الحجة قبل ان نحرم فاتتنا المتعة».(1)لكنه يدل على العدول الى الافراد إذا حدث الحيض بعد الاحرام لقوله في صدر الحديث: «سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن المرأة تدخل مكة متمتعاً فتحيض قبل أن تحل».إلاّ أن يقال: إن الإعتبار في الحكم بالعدول إلى الإفراد ذهاب المتعة و خوف فوت الوقوف و لافرق في حصول ذلك بين كونها حائضاً من أول الإحرام أو بعده و في الأثناء.وبعبارة اُخرى ما هو الموضوع في الحكم هو كون الحيض مانعاً من إتمام العمرة و درك الوقوف و لافرق في ذلك بين كون مبدأ حدوثه قبل الإحرام أو حينه أو بعده.ورواية موسى بن القاسم عن ابن جبلة (2) عن اسحاق بن عمار(3) عن أبي الحسن(عليه السلام) قال: «سألته عن المرأة تجيء متمتعة فتطمث قبل أن تطوف بالبيت حتى تخرج إلى عرفات؟ قال: تصير حجة مفردة قلت: عليها شيء؟ قال: دم تهريقه و هي اُضحيتها» (4) و دلالتها مثل صحيح ابن بزيع.ثانيها: أنها تبقي على متعتها فتترك الطواف و تأتي بالسعي والتقصير ثم تحرم بالحج من مكانها ثم تقضي طواف عمرتها بعد أن تطهر حكي ذلك عن الإسكافي و علي بن بابويه و أبي الصلاح و في الجواهر و حكاه في كشف اللثام عن
1 ـ وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب أقسام الحج، ح 14.2 ـ هو عبدالله بن جبلة بن حيان بن أبحر الكناني واقفي له كتب عن الكاظم (عليه السلام) ثقة من السادسة.3 ـ فطحي ثقة من الخامسة.4 ـ وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 13.
[294]
الحلبيين و جماعة ولكن الموجود في كشف اللثام ما هذا لفظه: (وعن جماعة من الأصحاب العدم (أي عدم العدول إلى الإفراد) (ولعلّ منهم الحلبي فإنه أطلق أنه لايجزي النائي سوى التمتع وأن المرأة إذا حاضت قبل الإحرام أو بعده و لم تطهر للطواف سعت فإذا قضت مناسك الحج قضت الطواف و لم يذكر أن لها العدول)(1).أقول: ما ظفرنا به من كلام الحلبي هكذا: (وتؤدى الحائض و النفساء جميع المناسك إلاّ الطواف فانها تقضيه إذا طهرت بدليل الاجماع المشار اليه(2).وكيف كان فمستند هؤلاء الأكابر أيضاً الأخبار:منها مارواه الكلينى عن عدة من أصحابنا(3) عن أحمد بن محمد بن عيسى(4)عن محمد بن أبي عمير(5) عن حفص بن البختري (6) عن العلاء بن صبيح(7) و عبدالرحمان بن الحجاج (8) و علي بن رئاب(9) و عبدالله بن صالح(10) كلهم يروونه عن أبي عبدالله(عليه السلام) قال: «المرأة المتمتعة إذا قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها و بين التروية فإن طهرت طافت بالبيت وسعت بين الصفاء و المروة وإن لم تطهر إلى يوم التروية اغتسلت و احتشت ثم سعت بين الصفاء و المروة ثم خرجت إلى منى فإذا قضت المناسك وزارت بالبيت (البيت خ) طافت بالبيت طوافاً
1 ـ كشف اللثام: 5/28.2 ـ الكافى فى الفقه /218 .3 ـ هم محمد بن يحيى و أحمد بن إدريس و علي بن إبراهيم و داود بن كوره و علي بن موسى الكميداني.4 ـ هو من السابعة .5 ـ من السادسة مشهور بجلالة القدر.6 ـ من الخامسة ثقة و رمي عداوة بلعب الشطرنج.7 ـ كأنه من الخامسة.8 ـ من الخامسة ثقة ثقة ثبت مات في عصر مولانا الرضا عليه السّلام على ولايته.9 ـ من الخامسة ثقة جليل القدر له كتب و أصل كبير.10 ـ من الخامسة ثقة شيخ القميين له كتب.
[295]
لعمرتها ثم طافت طوافاً للحج ثم خرجت فسعت فإذا فعلت ذلك فقد أحلّت من كل شيء يحلّ منه المحرم إلاّ فراش زوجها فإذا طافت طوافاً آخر (اُسبوعاً آخر خ) حلّ لها فراش زوجها».(1)وهذه الرواية تدل على أنها إن حاضت بعد دخول مكة و لم تطهر إلى يوم التروية تسعى بين الصفا و المروة و تخرج إلى منى و تقضي المناسك و تقضي طواف عمرتها، و يمكن أن يقال: باستفادة حكم من قدمت مكة و هي حائض منها لعدم احتمال دخل تقدم حيضها على دخولها إلى مكة أو تأخرها بل الوجه لذلك عجزها عن أداء الطواف بالحيض.منها ما رواه شيخنا الكليني (قدس سره) عن محمد بن يحيى (2) عن سلمة بن الخطاب(3)عن ابن رباط (4) عن درست بن أبي منصور(5) عن عجلان(6) قال: «قلت لأبي عبدالله (عليه السلام): متمتعة قدمت فرأت الدم كيف تصنع؟ قال: تسعى بين الصفا و المروة و تجلس في بيتها فإن طهرت طافت بالبيت وإن لم تطهر فإذا كان يوم التروية أفاضت عليها الماء وأهلّت بالحج فخرجت إلى منى و قضت المناسك كلها فإذا فعلت ذلك فقد حلت لها كل شيء ما عدا فراش زوجها قال: وكنت أنا و عبيدالله بن صالح(7) سمعنا هذا الحديث في المسجد فدخل عبيدالله على أبي الحسن (عليه السلام)فخرج إلي فقال: قد سألت أبا الحسن (عليه السلام) عن رواية عجلان فحدثني بنحو ما سمعنا من عجلان».(8)
ولكن ليس فيها قضاء طواف عمرتها إلاّ أنه يستفاد من روايتها في الكافي بسند
1 ـ الكافي: 4/444 ح 1.2 ـ من الثامنة أبوجعفر القمي شيخ أصحابنا له كتب كثير الرواية.3 ـ من السابعة البراوستاني الأزدروقاني، له كتب الاردور قانى قرية من سواد الري.4 ـ كأنه من كبار السادسة له كتاب ثقة.5 ـ من الخامسة واسطي و اقفي له كتاب.6 ـ من الخامسة لعله كان من الثقات.7 ـ من الخامسة.8 ـ الكافي: 4، 446.
[296]
آخر و لفظ أتم فقد رواه عن أحمد بن محمد(1) عن محمد بن إسماعيل(2) عن درست الواسطي عن عجلان أبي صالح قال: «سألت أباعبدالله (عليه السلام) عن امرأة متمتعة قدمت مكة فرأت الدم؟ قال: تطوف بين الصفاو المروة ثم تجلس في بيتها فان طهرت طافت بالبيت وإن لم تطهر فإذا كان يوم التروية أفاضت عليها الماء وأهلّت بالحج من بيتها و خرجت إلى منى و قضت المناسك كلها فإذا قدمت مكة طافت بالبيت طوافين ثم سعت بين الصفاء والمروة فإذا فعلت ذلك فقد حلّ لها كل شيء ما خلا فراش زوجها»(3)هذا وقد روى في الكافي هذا الخبر بسند آخر بالإختصار أيضاً عن عجلان قال: عدة من أصحابنا(4) عن أحمد بن أبي عبدالله(5) عن علي بن أسباط(6) عن درست عن عجلان أبى صالح «أنه سمع اباعبدالله(عليه السلام) يقول: إذا اعتمرت المرأة ثم اعتلت قبل أن تطوف قدمت السعى و شهدت المناسك فاذا طهرت وانصرفت من الحج قضت طواف العمرة و طواف الحج وطواف النساء ثم احلت من كل شيء».(7) واحتمال تعدد هذه الثلاثة باعتبار تعدد اخراجها في الكافي، في غاية الضعف.وكيف كان يرد على الإحتجاج بخصوص هذه الثلاثة لهذا القول ما في صحيح ابن بزيع فإن الإمام (عليه السلام) رد الإحتجاج برواية عجلان هذه وإليك رواية ابن بزيع قال: «سألت أبا الحسن الرضا(عليه السلام) عن المرأة تدخل مكة متمتعة فتحيض قبل أن تحل متى تذهب متعتها؟ قال: كان جعفر (عليه السلام) يقول: زوال الشمس من يوم التروية
1 ـ ابن خالد البرقي الثقة صاحب المحاسن من السابعة.2 ـ ابن بزيع من السادسة ثقة جليل.3 ـ الكافي: 4/446.4 ـ هم علي بن إبراهيم و علي بن محمد بن عبدالله ابن بنت البرقي و أحمد بن عبدالله بن أحمد البرقي ابن ابنه و علي بن الحسين السعد آبادي المؤدب تلميذ البرقي.5 ـ هو البرقي من السابعة.6 ـ من السادسة من أوثق الناس و أصدقهم لهجة له أصل.7 ـ الكافي: 4/447.
[297]
وكان موسى(عليه السلام)يقول: صلاة الصبح من يوم التروية فقلت: جعلت فداك عامة مواليك يدخلون يوم التروية ويطوفون ويسعون ثم يحرمون بالحج فقال: زوال الشمس فذكرت له رواية عجلان أبي صالح؟ قال: لا إذا ذهبت الشمس ذهبت المتعة فقلت: فهي على إحرامها أو تجدد إحرامها للحج؟ فقال: لاهي على إحرامها» الحديث (1) وبعد هذا التصريح من الإمام (عليه السلام) لايبقي مجال للإحتجاج بها بل يمكن أن يعد هذا الصحيح موهناً للإحتجاج بسائرما استدل به من الرويات للقول الثاني.ثم إن الظاهر أنه لايمكن الأخذ بهذا القول على سبيل التعيين، لأنه لايمكن تصحيحه بعد وقوع مايدل عليه من الروايات قبال الروايات الدالة على القول الأول وعدم إمكان ترجيحه عليها لو لم نقل بالعكس وترجيح ما يدل على العدول إلى الإفراد عليه.ثالثها: القول بالتخيير بين الأمرين كما حكي عن الإسكافي وعن صاحب المدارك.وقال بعض الأعلام:(ولولا خوف مخالفة المشهور لأمكن القول بالتخيير حيث إن كلاً من الطرفين من الأخبار نصّ في الإجزاء وظاهر في التعيين فيرفع اليد عن كل من الظهورين بالنص)(2)وفي هذا القول أن ذلك يتم لو كانت الروايات من الطرفين مشتملة على الإثبات، أما إذا كان بعضها مشتملا على الإثبات والنفي مثل رواية ابن بزيع حيث سئل فيه عن الإمام (عليه السلام): «فهي على إحرامها أو تجدد إحرامها للحج؟ فقال: لاهي على إحرامها».مضافاً إلى أن قوله(عليه السلام): «إذا ذهبت الشمس ذهبت المتعة» أيضاً يمنع من هذا الجمع.هذا ولو بنينا على هذا الجمع فالعدول كما أفاده صاحب المدارك (ره) أولى قال: (لصحة مستنده وصراحة دلالته وإجماع الأصحاب عليه). (3)
1 ـ التهذيب كتاب الحج ح 1366 ـ الإستبصار ب 214 ح 1107
2 ـ جامع المدارك: 2/339.3 ـ مدارك الاحكام: 7/181.