استيجار المعذور - فقه الحج جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

فقه الحج - جلد 2

لطف الله الصافی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید


ولا يخفى عليك أن استدلال صاحب الحدائق بمعتبرة إسحاق بن عمار قال: «سألته عن الرجل يموت فيوصي بحجة فيعطى رجل دراهم يحج بها عنه فيموت قبل أن يحج ثم اُعطي الدراهم غيره، فقال: إن مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه فإنه يجزي عن الأول، قلت: فإن ابتلي بشىء يفسد عليه حجة حتى يصير عليه الحج من قابل أيجزي عن الأول؟ قال: نعم، قلت: لأن الأجير ضامن للحج؟ قال: نعم»(3) لايستقيم على كل حال سواء كان كلامه راجعاً إلى صورة العجز قبل الخروج إلى الحج كما توهمه البعض أو إلى العجز في الطريق قبل

1 ـ الحدائق الناضرة: 14/257.

2 ـ معتمد العروة: 2/36.

3 ـ وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب النيابة ح 1.

[94]

الإحرام أو قبل الشروع في الأعمال.

أما عدم دلالتها على الإجزاء قبل الخروج وقبل الشروع في السفر فواضح وأما عدم دلالتها أيضاً على الإجزاء قبل الإتيان بالمناسك والشروع في العمل فلأنها ظاهرة في الإجزاء إذا مات قبل انقضاء المناسك وانتهاء الأعمال.

اللهم إلا أن يقال: إن التعليل للإجزاء بأن الأجير ضامن للحج يدل على أن ضمان الأجير موجب للإجزاء مطلقاً ولكن ذلك ينافي مفهوم قوله: «إن مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه» فإنه يدل على عدم الإجزاء مضافاً إلى أن قوله: «لأن الأجير ضامن للحج» أنه ضامن للحج الذي يصير عليه بابتلائه بما يفسد عليه الحج.

والله هو العالم.

استيجار المعذور

استيجار المعذور

مسألة 8 ـ هل يجوز استيجار المعذور في ترك بعض الأعمال، بل وهل يكتفى بنيابة المعذور إذا تبرع بالنيابة عن الميت؟

مقتضى الأصل عدم الجواز كأصل النيابة، فإن الأصل عدم مشروعيتها وما ثبت مشروعيته منها هو نيابة غير المعذور ولا إطلاق للأدلة حتّى يشمل المعذور وغير المعذور على السواء فالمتبادر منها نيابة القادر على أداء العمل جامعاً لجميع أجزائه وشرائطه.

وبعبارة اُخرى: النائب يلزم أن يأتي بما هو عمل المنوب عنه وما يأتي به المعذور غيره فلا وجه لإجزائه عنه.

لايقال: فإذا كان المنوب عنه معذوراً مثل النائب يكتفى به، فإنه يقال: إن مافات من المنوب عنه هو عمل القادر لا العاجز فيجب أن يأتي به القادر وبعبارة اُخرى: في ظرف الإمتثال سواء كان الممتثل أصيلا أو نائباً، مشروعية البدل ثابتة إن لم يكن المبدل منه مقدوراً، فإذا أمكن استنابة القادر لا يكفي استنابة العاجز، نعم في النيابة التبرعية إذا لم يكن متبرع من القادرين، يمكن أن يقال بجواز نيابة المعذور.

ثم إنه يمكن أن نقول في خصوص الحج حيث إن ترك بعض واجباته عمداً لا يضر بصحته وفراغة الذمة عن الإشتغال به، فنيابة من كان معذوراً في ترك هذه

[95]

الواجبات تجزي عن المنوب عنه، لأن النائب أتى بما يفرغ ذمة المنوب عنه كما لو أتاه هو أيضاً بنفسه.

نعم، إذا كان المنوب عنه أوصى بذلك يمكن الإشكال في استنابة مثله، بدعوى تبادر استنابة القادر من وصيته.

والله هو العالم.

موت الأجير قبل الإتيان بالمناسك

موت الأجير قبل الإتيان بالمناسك

مسألة 9 ـ إذا مات الأجير قبل الإتيان بالمناسك، فإن مات في منزله قبل الخروج إلى السفر، فقد عرفت في المسألة السابقة عدم إجزاء مجرد الإجارة عن الحج الذي هو في ذمة المنوب عنه.

للإجماع على ذلك، حتى أن صاحب الحدائق وإن تمسك ببعض الأخبار الدالة بزعمه على كفاية ذلك، إلا أنه تمسك بها للإستدلال على إجزاء موت النائب في الطريق دون المنزل، فلا تثبت بذلك مخالفته لهذا الإجماع ولاقتضاء القاعدة عدم الإجزاء.

ويدل عليه ما رواه الشيخ بإسناده عن يعقوب بن يزيد(1) عن ابن أبي عمير(2)عن ابن أبي حمزة(3) والحسين بن يحيى (عثمان)(4) عمن ذكره عن أبي عبدالله(عليه السلام) «في رجل أعطى رجلا مالا يحج عنه فمات؟ قال: فإن مات في منزله قبل أن يخرج فلا يجزي عنه وإن مات في الطريق فقد أجزأ عنه».(5)

وإذا مات في الطريق قبل الإحرام، فمقتضى القواعد فيه أيضاً عدم الإجزاء ولم يعلم الخلاف في ذلك إلا من صاحب الحدائق وقد عرفت الكلام فيما استدل به لذلك .

1 ـ من السابعة الكاتب هو وأبوه ثقتان ـ كثير الرواية، صدوق من كتّاب المنتصر.

2 ـ من السادسة .

3 ـ محمد بن أبي حمزة من الخامسة أو السادسة، الثمالي ثقة فاضل له كتاب.

4 ـ من السادسة.

الحسين بن عثمان الأحمصي الكوفي ثقة له كتاب ولم أجد في الطبقات الحسين بن يحيى وفي جامع الرواة: الحسين بن يحيى الكوفي عنه ابن أبي عمير.

5 ـ وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب النيابة ح 4.

[96]

وأما مافي رواية ابن أبي عمير من دلالة قوله(عليه السلام): «وإن مات في الطريق فقد أجزأ عنه» على الإجزاء إذا خرج من منزله ومات في الطريق، فإطلاقه يقيد بإلاجماع وبمفهوم قوله(عليه السلام) في موثقة إسحاق بن عمار: «إن مات في الطريق، أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه فإنه يجزي عن الأول» الذي قلنا: إن الظاهر منه رجوع القيد المذكور في كلامه(عليه السلام) إلى الأمرين أي الموت في الطريق والدخول في مكة وربما يستفاد ذلك أيضاً ـ كما أشار إليه بعض الفضلاء من شركاء البحث زاد الله في تأييدهم ـ من سؤال الراوي عن ابتلاء هذا الذي مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه بما يفسد حجه

ويويد ذلك ـ أي عدم الإجزاء ـ إطلاق موثقة عمار الساباطي عن أبي عبدالله(عليه السلام)في رجل حج عن آخر ومات في الطريق قال: «قد وقع أجره على الله ولكن يوصي فإن قدر على رجل يركب ويأكل زاده فعل»(1) تدل بالإطلاق على عدم الإجزاء إن مات في الطريق قبل الإحرام والتلبس بالحج، بل المتيقن منه ذلك فإن إطلاقه بالنسبة إلى من دخل في الحج يقيد بمنطوق رواية إسحاق بن عمار.

فتدبر

وإن مات النائب بعد الإحرام وقبل الدخول في الحرم فقد قوينا سابقاً (2) أن الحاج عن نفسه إذا مات بعد الإحرام وقبل الدخول في الحرم لا يجزيه، وهنا أيضاً مقتضى الأصل عدم الإجزاء.

وهل يكون ذلك مقتضى التلازم والاشتراك بين النائب والمنوب عنه في الحكم بحيث لو قلنا بالإجزاء هنا بحسب الدليل كان منافياً للقول بعدمه هناك ام ليس كذلك بل فرق بين ما إذا قلنا هناك بالإجزاء وهنا بالعدم فلا إشكال للفرق بينهما حيث إن الموت الطاري على الحاج عن نفسه ـ كما قيل ـ من قبيل العذر المستمر المانع عن القدرة على الأداء أبدا فحكم الشارع فيه بالإجزاء، والموت الطاري على النائب لا يكون كذلك لبقاء القدرة على استنابة غيره فيجب تجديد الإستنابة دون ما إذا قلنا هناك بعدم الإجزاء وهنا بالإجزاء فإنه يوجب امتياز الفرع على الأصل.

1 ـ وسائل الشيعة: ب 15 من ابواب النيابة في الحج، ح 5.

2 ـ فقه الحج: 1/295.

[97]

وبعبارة اُخرى: في الصورة الاُولى التي حكم فيها بإجزاء الحج إذا كان عن نفسه وعدمه إذا كان عن غيره فالحكم بعدم إجزاء حج النائب موافق لما يقتضيه الأصل في حج النائب والمنوب عنه وإنما قلنا بالإجزاء في المنوب عنه بالدليل أما في الصورة الثانية فالقول بالإجزاء في حج النائب دون المنوب عنه مخالف لما هو تكليف المنوب عنه الفعلي.

وبعبارة اُخرى: يلزم قيام غير ما كان على المنوب عنه مقام ما كان عليه بخلاف الصورة الاُولى، فإنه لا يلزم منه ذلك، إذا فالتفريق بين النائب والمنوب عنه بعدم الإجزاء في المنوب عنه والإجزاء في النائب بعيد جداً يحتاج إلى تعبد قوي ودليل ظاهر.

واستدل للإجزاء بما في موثقه إسحاق بن عمار المتقدمة: «إن مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه يجزي عن الأول» وبذلك يقيد إطلاق موثقة عمار الساباطي: «في رجل حج عن آخر ومات في الطريق قال: وقد وقع أجره على الله ولكن يوصي فإن قدر على رجل يركب في رحله ويأكل زاده فعل».

وأما إذا قيل بأنّ القيد يكون راجعاً إلى الأخير فتكون الرواية مجملة والقدر المتيقن منها الإجزاء بعد الإحرام ودخول الحرم.

ويمكن أن يقال: إنا وإن قوينا ظهور الرواية في رجوع القيد إلى الأمرين، أو بنينا على كونها مجملة بناء على احتمال اختصاص رجوع القيد إلى الأخير إلا أنه يمكن أن نقول: ان الظاهر اختصاص القيد بالأخير لا مجرد احتمال ذلك، لأن الموت في الطريق لا يكون غالباً إلا قبل انقضاء المناسك، فلا حاجة إلى تقييده بذلك.

فالرواية على ذلك تكون مطلقة تدل على الإجزاء مطلقاً سواء مات قبل الإحرام أو بعده قبل الدخول في الحرم أو بعده فتكون مدلولها ومدلول رواية ابن أبي عمير: «فإن مات في الطريق فقد أجزأ عنه» واحداً تعارضهما رواية عمار الساباطي، فلابد أن نجمع بينهما بالجمع الدلالي وإلا فبإعمال القواعد المذكورة في التعادل والترجيح أو الحكم بالتساقط.

ويمكن أن يقال: إن روايتي ابن أبي عمير وإسحاق بن عمار نصان على إجزاء الحج إذا مات بعد الإحرام وبعد الدخول في الحرم، وظاهرتان في الإجزاء فيما

[98]

إذا مات قبل الإحرام أو بعده قبل الدخول في الحرم، ورواية عمار الساباطي نص في عدم الإجزاء إذا مات قبل الإحرام، وظاهرة في عدم الإجزاء إذا مات بعد الدخول في الحرم أو بعد الإحرام.

فيحمل ظاهر كل منهما على نص الآخر، فنقول بالإجزاء فيما إذا مات بعد الإحرام ودخول الحرم وبعدم الإجزاء إذا مات قبل الإحرام، فيرتفع تعارضهما فيما إذا مات قبل الإحرام أو بعد الإحرام والدخول في الحرم ويبقى على حاله فيما إذا مات بعد الإحرام وقبل الدخول في الحرم فيتساقطان بالتعارض، وتبقى المسألة حينئذ تحت الأصل.

ويمكن المناقشة في أصل دلالة رواية عمار الساباطي على عدم الإجزاء فإن قوله: «يوصى فإن قدر على رجل يركب في رحله ويأكل زاده فعل» ليس ظاهراً في استنابة الحج بذلك، بل المراد مجرد الوصية برحله وزاده لمن ليس له ذلك استحباباً وإلا فجواز استنابته رجلا آخر للنيابة عن المنوب عنه بدون إذنه يتوقف صحته على كون إجارته نفسه غير مشروطة بمباشرته،وإلا فلا يجزي عما عليه من رد الاُجرة إلى المستأجر، إذاً فلا يعتمد بهذه الرواية قبال الروايات الدالة على الإجزاء لولم نقل أنها أيضاً واحدة منها فتأمل جداً.

فعلى هذا يتم القول بالإجزاء إن مات بعد الإحرام وقبل الدخول في الحرم.

نعم، لايؤخذ بإطلاقها في من مات قبل الإحرام بإعراض الأصحاب وتركهم العمل بها.

هذا ومن ذلك كله ظهر لك وجه الإجزاء إذا مات بعد الإحرام ودخول الحرم وهو ثابت مجمع عليه.

استحقاق الاجرة قبل إتمام المناسك

استحقاق الاجرة قبل إتمام المناسك

مسألة 10 ـ إذا مات الأجير بعد الإحرام ودخول الحرم أو قبله على البناء على اجزائه فإن كان أجيراً على تفريغ ذمة الميت وبعبارة اُخرى على إتيان طبيعة الحج عنه، فلاريب في أنه يستحق تمام الاُجرة لأن ما أتى به فرد من تلك الطبيعة وإذا كان أجيراً على إتيان فرد معين كالحج الذي يؤتى به بإتيان جميع المناسك، لا يستحق من الاُجرة شيئاً.

ولو استأجره المستأجر للإتيان بالمناسك والأجزاء على أن تكون الأجزاء ملحوظة قبال الاُجرة فهل يستحق من الاُجرة ما يقابل ما أتى به أولا يستحق شيئاً

[99]

أو يستحق تمام الاُجرة؟

الظاهر أنه في هذه الصورة يستحق اُجرة ما أتى به من العمل، لأن المستأجر استأجره على كل واحد منها ليترتب عليه الحج وقد ترتب عليه في الفرض، ولا وجه لاستحقاقه تمام الاُجرة لأنه صار أجيراً لكل واحد من هذه المناسك مشروطاً بدخله في وقوع الحج وبعد ظهور عدم دخله في ذلك وعدم إتيان الأجير به لا وجه لاستحقاقه اُجرته.

هذا بالنسبة إلى نفس المناسك وما في ضمنها من المقدمات، أما بالنسبة إلى المقدمات السابقة على المناسك كالمشي إلى الميقات في الحج البلدي فهي وإن لم تكن ملحوظة على نحو الموضوعية بأن ينوي الأجير النيابة عن المنوب عنه في مشيه إلى الميقات، كما هو الأمر في استيجار الحج البلدي يكون الأجير مستحقاً لتمام أجرة الحج إذا كان أجيراً لأداء طبيعة الحج ومستحقاً لاُجرة ما أتى به إذا كان أجيراً لإتيان المناسك وإذا كانت المقدمات ملحوظة في الإجارة كالمناسك يستحق اُجرتها واُجرة ما أتى به من المناسك من الاُجرة المسماة.

هذا إذا ترتب الحج على المقدمات وأما إذا لم يترتب عليها، كما إذا مات قبل وصوله إلى الميقات أو قبل دخوله الحرم، فالظاهر أنه لا يستحق من الأجرة شيئاً، أما إذا لم تكن المقدمات ملحوظة في الإجارة، فعدم استحقاقه واضح وإذا كانت ملحوظة فيها فلأنّها ملحوظة فيها بشرط وصولها إلى ذي المقدمة لا مطلقاً.

ومن ذلك يظهر حكم الإياب إذا مات بعد الإحرام أو بعد تمام المناسك وأداء الحج فإنه إن كان ملحوظاً في الإجارة رجوع الأجير إلى بلد المنوب عنه لبعض الأغراض الشرعية أو العقلائية يوضع من الاُجرة بحسبها وإلا فهو يستحق تمام الاُجرة.

كما ظهر بذلك أيضاً أنه لايغرم المستأجر الأجير إن أتى ببعض المقدمات كتحصيل الجواز بصرف المال ومات قبل الوصول إلى الميقات.

تعيين نوع الحج في الاجارة

تعيين نوع الحج في الاجارة

مسألة 11 ـ قيل: إنه يجب في الإجارة تعيين نوع الحج من التمتع والقران والإفراد، حتى لا يلزم الغرر وذلك لكون أعمال الحج غير متساوية، بل مختلفة حسب الكيفية والأحكام والاُجرة والقيمة.

[100]

وفيه: أن ذلك إذا كان راجعاً إلى إبهام في موضوع الإجارة وأنه هذا أو هذا فيجب تعيينه، لعدم إمكان إلزام الأجير على أحدهما المعين لما شاء المستأجر أحدهما وأراد الأجير الآخر.

وبعبارة اُخرى: لا يمكن فصل خصومتهما في ذلك

وأما إن استأجر لإتيان طبيعة الحج الصادقة على أفرادها من التمتع والقران والإفراد وكانا عالمين باختلاف هذه الأفراد من حيث الكيفيات والأحكام فلا يوجب ذلك غرراً بعد علمهما بذلك ورضاهما بالإجارة.

نعم، إذا لم يكونا عالمين بذلك يعتبر في صحة الإجارة التعيين، بل إذا كان الإجارة واقعة على هذه الأقسام المعينة يجب علمهما على الإجمال بالأعمال بمقدار يرفع به الغرر.

هذا إذا لم يكن نوع خاص من الحج متعيناً على المنوب عنه وإلا يجب في أداء ما في ذمته تعيين ما عليه ولكن هذا لا يرتبط بصحة الإجارة كما لا يخفى.

ثم إن عين في الإجارة نوعاً أو فرداً خاصاً لا يجوز للموجر العدول عنه إلى غيره .

قال في العروة: (وإن كان إلى الأفضل، كالعدول من أحد الأخيرين (القران والإفراد) إلى الأول (التمتع) إلا إذا رضي المستأجر بذلك فيما إذا كان مخيراً بين النوع أو الأنواع كما في الحج المستحبي والمنذور المطلق أو كان ذا منزلين متساويين في مكة وخارجها ـ إلى أن قال ـ ويظهر من جماعة جواز العدول إلى الأفضل كالعدول إلى التمتع تعبداً من الشارع لخبر أبي بصير عن أحدهما (عليها السلام) في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها حجة مفردة أيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال (عليه السلام): نعم إنما خالف إلى الأفضل (1) والأقوى ما ذكرناه والخبر منزل على صورة العلم برضا المستأجر بذلك مع كونه مخيراً بين النوعين جمعاً بينه وبين خبر آخر: في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها حجة مفردة؟ قال: ليس له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج لا يخالف صاحب الدراهم)(2)

1 ـ وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب النيابة في الحج ح 1.

2 ـ وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب النيابة في الحج ح 2.

[101]

أقول: سند الحديث الأول في الكافي(1) محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن محبوب عن هشام بن سالم عن أبي بصير عن أحدهما(عليهما السلام) «في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها عنه».

الحديث.

وفي الفقيه(2) عن ابن محبوب مثله غير أنه قال: «إلى الفضل والخير» وفي الإستبصار(3) مثل الفقيه وفي التهذيب (4) مثل الكافي وفي الوسائل (5) رواه عن الشيخ وقال بعد«عن أبي بصير»: «يعنى المرادي» .

وأما الحديث الثاني ففي الإستبصار (6) رواه عن محمد بن أحمد بن يحيى بن الهيثم بن النهدي عن الحسن بن محبوب عن علي (عليه السلام) «في رجل أعطى رجلا دراهم يحج بها عنه حجة مفردة؟ قال: ليس له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج لا يخالف صاحب الدراهم».

ورواه أيضاً في التهذيب وليس فيه ((عليه السلام)).

والذي يظهر من سند الثاني ضعفه لقطع الشيخ الذي أخرجه في كتابيه بأنه موقوف غير مسند إلى أحد من الائمة.

ولا يعترض بمثله على الأخبار المسندة، فما في الإستبصار المطبوع دون التهذيب من ذكر ((عليه السلام)) بعد «علي» اشتباه ووهم من النساخ، واحتمل في المدارك (7) أنه علي بن رئاب لكثرة رواية ابن محبوب عنه تبلغ 287 مورداً إن بنينا عليه يكفي في الإستدلال بالرواية، لأن مثل علي بن رئاب صاحب الأصل الكبير الثقة جليل القدر الذي قال المسعودي (إنه كان من علية علماء الشيعة وكان أخوه اليمان بن رئاب من علية علماء الخوارج وكانا يجتمعان في كل سنة ثلاثة أيام يتناظر ان فيها ثم يفترقان ولا يسلم أحدهما على

1 ـ الكافي: 4 /307.

2 ـ الفقيه: 2 /261.

3 ـ الإستبصار: 2 /323.

4 ـ تهذيب الاحكام: 5/415.

5 ـ وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب النيابه ح 1.

6 ـ الإستبصار: 2/323.

7 ـ مدارك الاحكام: 7/121.

[102]

الآخر ولا يخاطبه)(1) ومثل هذا الشخص لا يقول ما يقول في الأحكام الشرعية إلا عن الإمام(عليه السلام)، ولا يروي مثل ابن محبوب عنه فتواه إذا لم يكن منقولا عن الإمام (عليه السلام).

وكيف كان بصرف النظر عن هذا الخبر ففي دلالة خبر أبي بصير على جواز العدول تعبداً نظر، فإن الظاهر منه أنه أعطاه الدراهم ليحج عنه حجة مفردة لعدم كفاية ذلك للحج التمتع، فلم يرد معطيها الاخصوص حج الإفراد، فإن كان يرى أن من أعطاه الدراهم يقبل ذلك يذكر له حج التمتع، فلا دلالة لهذا الحديث أزيد من ذلك.

والله العالم.

عدم اشتراط تعيين الطريق والمركب في الاجارة

عدم اشتراط تعيين الطريق والمركب في الاجارة

مسألة 12 ـ لا يشترط في الإجارة تعيين الطريق وتعيين المركب من السفينة أو السيارة أو الطائرة أو غيرها، وإن كان في الحج البلدي، قال في العروة: (لعدم تعلق الغرض بالطريق نوعاً).

وفيه: أن ذلك يصلح لعدم اشتراط الطريق من جانب المستأجر، فإنه بحسب النوع لا يشترط فيها خصوص الطريق، أما عدم اشتراط تعيين الطريق في صحة الإجارة فوجهه عدم اعتبار ذلك في صحتها فيستأجر المستأجر الأجير في الحج البلدي فهو يأتي به من بلده من أي طريق كان إلى مكة كمن صار أجيراً لإيصال مكتوب إلى بلد معين فإنه تصح إجارته ولولم يعين الطريق إليه.

والحاصل أن الإجارة تقع صحيحة إن لم يعين الطريق فيها وإن كان بعض الطرق متعلقاً لبعض أغراضه، حتى إن كان الحج من طريق خاص واجباً على المنوب عنه لا دخل لاشتراطه على الأجير في صحة الإجارة، نعم هو دخيل في تفريغ ذمة المنوب عنه.

ولو عين المستأجر طريقاً خاصاً تعيّن ولا يجوز للأجير العدول عنه إلى غيره، إلا إذا علم أنه لم يرد ـ بذكره طريقاً خاصاً ـ التعيين وخصوص ذلك الطريق وإنما ذكره على المتعارف فيكون هو بالخيار يختار أي طريق شاء ولا يكفي في ذلك

1 ـ راجع مروج الذهب: 3/129.

[103]

مجرد عدم العلم بإرادة الخصوصّية، فإن العدول عما يستفاد من ظاهر اللفظ عند العرف لا يجوز إلا بالقرينة وإلا فالمتبع هو أصالة الظهور والبناء على كون المتكلم في كلامه مريدا لظاهره.

وعلى هذا إذا علم أنه لم يرد الخصوصية فعدل عنها لم يعمل خلاف مقتضى الإجارة ويستحق تمام الاُجرة، كما إذا أسقط المستأجر بعد العقد تلك الخصوصية ، أما القول بجواز العدول مطلقاً أو إذا لم يعلم بإرادة الخصوصية فهو مخالف للقاعدة.

واستدل لجواز العدول بصحيحة حريز التي رواها المشايخ الثلاثة عنه.

قال: «سألت أبا عبدالله (عليه السلام) عن رجل أعطى رجلا حجة يحج (بها) عنه من الكوفة فحج عنه من البصرة؟ فقال: لا بأس إذا قضى جميع المناسك (مناسكه) فقد تم حجه».(1)

إلا أن الظاهر أن السؤال والجواب وقعا عن إجزاء الحج عن المنوب عنه لا عن استحقاق الأجير الاُجرة.

وأما الجواب عنها بأنها محمولة على صورة العلم بعدم الفرض كما هو الغالب(2)، ففيه: أن مورد السؤال هو تخلف الأجير من جهة مبدأ السفر لا من جهة اختيار طريق آخر إلا أن يقال: إن الطريق من الكوفة لا ينتهي إلى البصرة فيكون السؤال عن مبدأ السفر وعن العدول عن الطريق المعين في العقد.

وكيف كان فحمل الرواية على الصورة المذكورة في غاية البعد لا وجه له.

وقد حمل الحديث على محامل اُخر مثل ما عن الذخيرة: أن قوله: (من الكوفة) متعلق بقوله: (أعطى)(3) وفي المدارك: (وهي لا تدل صريحاً على جواز المخالفة لاحتمال أن يكون قوله: من الكوفة صفة لرجل لاصلة للحج).(4) وكيف كان لا

1 ـ وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب النيابة ح 1.

2 ـ معتمد العروة: 2/62.

3 ـ ذخيرة المعاد /563.

4 ـ مدارك الاحكام: 7/123.

[104]

يتم الإحتجاج بالرواية على جواز العدول مطلقاً.

هذا تمام الكلام في حكم جواز العدول التكليفي عن الطريق المعين إلى غيره، وحكمه الوضعي بالنسبة إلى إجزائه عن المنوب عنه، أما بالنسبة الى استحقاق الأجير الاُجرة على تقدير العدول، فقد ذكر السيد ـ قده سره ـ لذلك صوراً:

إحدها: ما إذا كان الطريق مأخوذاً على نحو الشرطية.

وثانيتها ما إذا كان ذلك على نحو القيدية.

وثالثتها إذا كان على وجه الجزئية.

أما الكلام في الصورة الاُولى فالظاهر أنه يستحق تمام الاُجرة لإتيانه بمتعلق الإجارة، وتخلفه عن الشرط لا يوجب غير ما يوجب التخلف عنه في مثل البيع وهو خيار الفسخ للمستأجر، فإن أخذ بالخيار وفسخ العقد يسترد الاُجرة المسماة وعليه اُجرة المثل، لأن العمل الذي صدر من الأجير صدر بإذنه.

وأما الصورة الثانية ـ وهي ما إذا كان الطريق مأخوذاً على نحو القيدية، كالحج البلدي ـ فإن لم يأت به الأجير وأتى به من غير البلد أو الطريق المعين لايستحق شيئاً من الاُجرة، لأنه لم يأت بالعمل المستأجر عليه، وإن فرض براءة ذمة المنوب عنه بعمله.

وفي الجواهر ـ بعد نقل ذلك عن المدارك ـ قال: «لكن الأصح خلافه ضرورة صدق كونه بعض العمل المستأجر عليه وليس هو صنفاً آخر، وليس الإستيجار على خياطة تمام الثوب فخاط بعضه مثلا بأولى منه بذلك بناءاً على عدم الفرق بين التخلف لعذر وغيره في ذلك، وإن اختلف في الإثم وعدمه لاصالة إحترام عمل المسلم». (1)

وفيه أولا: أن العمل المستأجر عليه هو العمل المقيد بالقيد بجميع أجزائه، وما أتى به عن الأجزاء ليس جزءاً من ذلك العمل

وثانياً قياس ما نحن فيه بالخياطة قياس مع الفارق بأن الأجير على خياطة الثوب أتى ببعض العمل وفيما نحن فيه ما أتى به ليس بعضه لأنه مقيد بالطريق المعيّن

1 ـ جواهر الكلام: 17/376.

[105]

وإذا انتفى القيد ينتفي المقيد، والمثال لذلك الإستيجار لزيارة يوم عرفة أو العمرة الرجبية إذا تحلف الأجير فزار مثلا يوم عاشورا أو اعتمر في شعبان.

وثالثاً احترام عمل المسلم لا يقتضي ضمانه مطلقاً وإلا فأي فرق بين هذه الصورة وما إذا حج عنه متبرعاً؟ والله هو العالم.

الصورة الثالثة من صور أخذ الطريق في عقد الإجارة أن يكون ذلك على نحو الجزئية.

وهذا يكون تارة في مقام الإثبات والدلالة دون مقام الثبوت بحيث يكون كل واحد من جزئي العقد والإجارة مقصوداً بالإستقلال فيكون متعلق الإجارة أمرين والإجارة الواقعة إجارتان إحداهما تعلقت بالطريق وثانيتهما تعلقت بأعمال الحج كما إذا نكح امرأتان بنكاح واحد أو باع الكتاب والبيت مثلا بعقد واحد وإنشاء واحد كل منهما بثمن معين.

ففي هذه الصورة إن لم يأت الأجير أو البايع بأحد جزئي المستأجر عليه أو المبيع فللمستأجر مطالبة به إن بقي إمكان تسليمه وإلا إن فوته عليه الأجير فله مطالبته بقيمته، كما أن الظاهر أن له فسخ المعاملة واسترداد اُجرته المسماة إن أداها إليه.




/ 33