وكان يقول (2): الوضوء غسلتان ومسحتان (3) ولما بلغه أن الربيع بنت معوذ بن عفراء الأنصارية تزعم أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم توضأ عندها فغسل رجليه، أتاها يسألها عن ذلك وحين حدثته به قال ـ غير مصدق بل منكراً ومحتجاً ـ ان الناس أبوا الا الغسل ولا أجد في كتاب الله الا المسح (4).
ثانيها: انها لو كانت حقاً لأربت على التواتر، لأن الحاجة إلى معرفة طهارة الأرجل في الوضوء حاجة عامة لرجال الأمة ونسائها، أحرارها ومماليكها، وهي حاجة لهم ماسة في كل يوم وليلة فلو كانت غير المسح المدلول عليه بحكم الآية لعلمه المكلفون في عهد النبوة وبعده، ولكان مسلّماً بينهم، ولتواترت أخباره عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في كل عصر ومصر. فلا يبقى مجال لانكاره ولا للريب فيه. ولما لم يكن الأمر كذلك، ظهر لنا الوهن المسقط لتلك الأخبار عن درجة الاعتبار.
ثالثها: ان الاخبار في نوع طهارة القدمين متعارضة، بعضها يقتضي
(1) كما في صفحة 103 من الجزء الخامس من كنز العمال وهو الحديث 2213.
(2) كما في ص103 من الجزء الخامس، من الكنز وهذا هو الحديث 2211.
(3) ومنه أخذ الإمام الشريف بحر العلوم في منظومته الفقهية (درة النجف) اذ يقول:
ان الوضوء غسلتان عندنا * ومسحتان والكتاب معنا
فالغسل للوجه ولليدين * والمسح للرأس وللرجلين
(4) أخرجه ابن ماجة فيما جاء في غسل القدمين من سننه وغير واحد من أصحاب المسانيد.