وكيل حلف و هو لا يعلم شهد شاهده بحق أم لا و هو إن حلف حلف على ما لا يعلمه
( قال الشافعي ) رحمه الله : فقلت له لا ينبغي لرجل أن يحلف على ما لا يعلم و لكن العلم يكون من وجوه .
قال و ما هي ؟ قلت أن يرى الرجل بعينه أو يسمع بأذنه من الذي عليه الحق أو يبلغه فيما غاب عنه الخبر يصدقه فيسعه اليمين على كل واحد من هذا .
قال أما الرؤية و ما سمع من الذي عليه الحق فأعرفه .
و أما ما جاء به الخبر الذي يصدق فقد يمكن فيه الكذب فكيف يكون هذا علما أحلفه عليه ؟ قال فقلت له الشهادة على علمه أولى أن لا يشهد بها حتى يسمعها من المشهود عليه أو يراها أو اليمين قال كل لا ينبغي إلا هكذا و إن الشهادة لا ولاهما أن لا يشهد منها إلا على ما رأى أو سمع قلت لان الله عز و جل حكى عن قوم أنهم قالوا ( و ما شهدنا إلا بما علمنا ) و قال ( إلا من شهد بالحق و هم يعلمون ) قال نعم قلت له أفيشهد الرجل على أن فلانا ابن فلان و هو غريب لم ير أباه قط ؟ قال نعم قلت فإنما سمعه ينتسب هذا النسب و لم يسمع من يدفعه عنه و لا من شهد له بأن ما قال كما قال .
قال : نعم قلت و يشهد أن هذه الدار دار فلان و أن هذا الثوب ثوبه و قد يمكن أن يكون غصب هذه الدار أو أعيرها و يمكن ذلك في الثوب .
قال و إن أمكن إذا لم ير مدافعا له في الدار و الثوب و كان الاغلب عليه أن ما شهد به كما شهد وسعته الشهادة و إن أمكن فيه أن يكون ليس على ما شهد به و لكن يشهد على الاغلب قلت : أ رأيت لو اشترى رجل من رجل عبدا ولد بالمشرق أو بالمغرب و المشترى ابن مائة سنة أو أكثر و المشترى ابن خمس عشرة سنة ثم باعه فأبق عند المشتري فكيف تحلف البائع ؟ قال أحلفه لقد باع العبد بريئا من الاباق قال فقلت يحلف البائع فقال لك هذا مغربي أو مشرقي و قد يمكن أن يكون أبق قبل أن يولد جدي ، قال و إن يسأل ؟ قلت و كيف تمكن المسألة ؟ قال كما أمكنتك قلت و كيف يجوز هذا ؟ قال لان الايمان يدخلها هذا قال أو رأيت لو كان العبد ولد عنده أما كان يمكن فيه أن يأبق و لا يدري به ؟ قلت بلى : قال فهذا لا تختلف الناس في أنهم يحلفون على البت لقد باع بريئا من الاباق و لكن يسعه أن يحلف على البت و إنما ذلك على علمه قلت فهل طعنت في الحالف على الحق يصير له بوجه من الوجوه وصية أو ميراث أو شيء يليه عبده أو وكيله غائبا عنه بشيء الا لزمك أكثر منه في الشهادات و الايمان ؟ قال ما يجد الناس من هذا بدا و ما زال الناس يجيزون ما وصفت لك : قلت فإذا أجازوا الشيء فلم لم يجيزوا مثله و أولى أن يكون علما يسمع عليه الشهادة و اليمين منه ؟ قال هذا يلزمنا قال فإن مما رددنا به اليمين مع الشاهد أن الزهري أنكرها قلت لقد قضى بها الزهري حين ولي فلو كان أنكرها ثم عرفها و كنت إنما اقتديت به فيها كان ينبغي أن يكون أثبت لها عندك أن يقضى بها بعد إنكارها و تعلم أنه إنما أنكرها عارف بها و قضى بها مستفيدا علمها .
و لو أقام على إنكارها ما كان في هذا ما يشبه على عالم قال و كيف قلت أرويت أن علي بن أبى طالب رضى الله عنه أنكر على معقل بن يسار حديث بروع بنت و أشق أن النبي صلى الله عليه و سلم جعل لها المهر و الميراث ورد حديثه و قال بخلافه ؟ قال : نعم قلت و قال بخلاف حديث بروع بنت و أشق مع علي زيد بن ثابت و ابن عباس و ابن عمر ؟ قال : نعم قلت و رويت عن عمر بن الخطاب ان عمار بن ياسر روى أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر الجنب أن يتيمم فأنكر ذلك عليه و أقام عمر على أن لا يتيمم الجنب و أقام على ذلك مع عمر بن مسعود و تأولا قول الله عز و جل : ( و إن كنتم جنبا فاطهروا ) قال : نعم قلت و رويت و روينا أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل الكعبة و ليس معه من الناس إلا بلال و أسامة و عثمان فأغلقها عليه وكلهم سميع بصير حريص على حفظ فعله و الاقتداء به فخرج أسامة فقال أراد النبي صلى الله عليه و سلم الصلاة فيها فجعل كلما