و أصحابه أهل الحديبية فكان ينبغى أن يكون هذا العمل عندكم لا تخالفونه لانه فعل النبي صلى الله عليه و سلم و ألف و أربعمأة من أصحابه ( قال الشافعي ) أخبرنا سفيان عن عمرو عن جابر بن عبد الله قال : كنا يوم الحديبية ألفا و أربعمأة و قال لنا النبي صلى الله عليه و سلم أنتم اليوم خير أهل الارض قال جابر لو كنت أبصر لاريتكم موضع الشجرة و أنتم تجعلون قول الواحد و فعله حجة في بعض الاشياء فإذا وجدتم السنة و فعل ألف و أربعمأة من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فهو أوجب عليكم أن تجعلوه حجة .باب التمتع في الحج سألت الشافعي عن التمتع بالعمرة إلى الحج فقال حسن مكروه و قد فعل ذلك بأمر النبي صلى الله عليه و سلم و إنما اخترنا الافراد لانه ثبت أن النبي صلى الله عليه و سلم أفرد كراهية للتمتع و لا يجوز إذا كان فعل التمتع بأمر النبي صلى الله عليه و سلم أن يكون مكروها فقلت للشافعي و ما الحجة فيما ذكرت ؟ قال الاحاديث الثابتة من وجه و قد حدثنا مالك بعضها ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الله بن الحرث بن نوفل أنه سمع سعد بن أبى وقاص و الضحاك بن قيس عام حج معاوية بن أبى سفيان و هما يتذاكران التمتع بالعمرة إلى الحج فقال الضحاك لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله فقال سعد بئسما قلت يا ابن أخى فقال الضحاك فإن عمر قد نهى عن ذلك فقال سعد قد صنعها رسول الله و صنعناها معه فقلت للشافعي قد قال مالك قول الضحاك أحب إلى من قول سعد و عمر أعلم برسول الله صلى الله عليه و سلم من سعد ( قال الشافعي ) عمر و سعد عالمان برسول الله و ما قال عمر عن رسول الله شيئا يخالف ما قال سعد إنما روى مالك عن عمر أنه قال افصلوا بين حجكم و عمرتكم فإنه أتم لحج أحدكم و عمرته أن يعتمر في أشهر الحج و لم يرو عنه أنه نهى عن العمرة في أشهر الحج ( قال الشافعي ) أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة أنها قالت خرجنا مع رسول الله عام حجة الوداع فمنا من أهل بحج و منا من أهل بعمرة و منا من جمع الحج و العمرة و كنت ممن أهل بعمرة ( قال الشافعي ) أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر عن حفصة أنها قالت للنبي صلى الله عليه و سلم ما شأن الناس حلوا و لم تحل أنت من عمرتك قال إنى لبدت رأسي و قلدت هديى فلا أحل حتى أنحر هديى ( قال الشافعي ) أخبرنا مالك عن صدقة بن يسار عن ابن عمر أنه قال لان اعتمر قبل الحج و أهدى أحب إلى من اعتمر بعد الحج في ذي الحجة ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فهذان الحديثان من حديث مالك موافقان ما قال سعد من أنه عمل بالعمرة مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في أشهر الحج فكيف جاز لكم و أنتم ترون هذا أن تكرهوا العمرة فيه و أنتم تثبتون عن النبي صلى الله عليه و سلم فيما وصفت و ادعيتم من خلاف عمر و سعد و عمر لم يخالف سعدا عن النبي صلى الله عليه و سلم إنما أختار شيئا مخالف لما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم و قد تتركون أنتم على عمر اختياره و حكمه هو أكثر من الاختيار لما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم ثم تتركونه لما جاء عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم تتركونه لقولكم فإذا جاز لكم هذا فكيف يجوز لكم أن تحتجوا بقوله على السنة و أنكم تدعون أنه خالفها و هو لا يخالفها و ما رويتم عنه يدل على أنه لا يخالفها فادعيتم خلاف ما رويتم و تخالفون اختياره .