باب الطيب للمحرم سألت الشافعي عن الطيب قبل الاحرام بما يبقى ريحه بعد الاحرام و بعد رمى الجمرة و الحلاق قبل الافاضة فقال جائز و أحبه و لا أكرهه لثبوت السنة فيه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و الاخبار عن واحد من أصحابه فقلت و ما الحجة فيه ؟ فقال أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أنها قالت كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه و سلم لاحرامه قبل أن يحرم و لحله قبل أن يطوف بالبيت فقلت للشافعي فإنا نكره الطيب للمحرم و نكره الطيب قبل الاحرام و بعد الاحلال قبل أن يطوف بالبيت و نروي ذلك عن عمر بن الخطاب فقال الشافعي إنى أراكم لا تدرون ما تقولون فقلت و من أين ؟ فقال أ رأيتم نحن و أنتم بأى شيء عرفنا أن عمر قاله أ ليس إنما عرفنا بأن ابن عمر رواه عن عمر فقلت بلى فقال و عرفنا أن النبي صلى الله عليه و سلم تطيب بخبر عائشة فقلت بلى قال و كلاهما صادق فقلت نعم فإذا علمنا بأن النبي صلى الله عليه و سلم تطيب و أن عمر نهى عن الطيب علما واحدا هو خبر الصادقين عنهما معا فلا أحسب أحدا من أهل العلم يقدر أن يترك ما جاء عن النبي صلى الله عليه و سلم لغيره فإن جاز أن يتهم الغلط على بعض من بيننا و بين النبي صلى الله عليه و سلم ممن حدثنا جاز مثل ذلك على من بيننا و بين عمر ممن حدثنا بل من روى عن عائشة تطيب النبي صلى الله عليه و سلم أكثر ممن روى عن ابن عمر نهى عمر عن الطيب روى عن عائشة سالم و القاسم و عروة و الاسود بن يزيد و غيرهم ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى فأراكم إذا أصبتم لم تعقلوا من أين أصبتم و إذا أخطاتم لم تعرفوا سنة تذهبون إليها فتعذروا بان تكونوا ذهبتم إلى مذهب بل أراكم إنما ترسلون ما جاء على ألسنتكم عن معرفة إنما كان ينبغى أن تقولوا من كره الطيب للمحرم إنما نهى عن الطيب أنه حضر النبي صلى الله عليه و سلم بالجعرانة حين سأله أعرابي أحرم و عليه جبة و جلوق فأمره بنزع الجبة و غسل الصفرة .فقلت للشافعي أفترى لنا بهذا حجة أو إنما هذا شبهة و ما الحجة على من قال هذا قال إن كان قاله بهذا فقد ذهب عليه أن النبي صلى الله عليه و سلم تطيب فقال بما حضر و تطيب النبي صلى الله عليه و سلم في حجة الاسلام سنة عشر و أمر الاعرابى قبل ذلك بسنتين في سنة ثمان فلو كانا مختلفين كان إباحته التطيب ناسخا لمنعه و ليسا بمختلفين إنما نهى النبي صلى الله عليه و سلم أن يتزعفر الرجل ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : أخبرنا ابن علية عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى أن يتزعفر الرجل ( قال الشافعي ) و أمر الرجل أن يغسل الزعفران عنه و قد تطيب سعد بن أبى وقاص و ابن عباس للاحرام و كانت الغالية ترى في مفارق ابن عباس مثل الرب ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : أخبرنا ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبد الله قال قال عمر من رمى الجمرة فقد حل ما حرم عليه إلا النساء و الطيب و قال سالم قالت عائشة طيبت رسول الله صلى الله عليه و سلم بيدي و سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم أحق أن تتبع ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : و هكذا ينبغى أن يكون الصالحون من أهل العلم فأما ما تذهبون إليه من ترك السنة لغيرها و ترك ذلك الغير لرأى أنفسكم فالعلم إذا إليكم تأتون منه ما شئتم و تدعون منه ما شئتم تأخذون بلا تبصر لما تقولون و لا حسن روية فيه أ رأيتم إذا خالفتم السنة هل عرفتم ما قلتم كرهتم الطيب قبل الاحرام لانه يبقى بعد الاحرام و قد كان الطيب حلالا فإذ كرهتموه إذا كان يبقى بعد الاحرام فلا وجه لقوكم إلا أن تقولوا وجدناه إذا كان محرما ممنوعا أن يبتدئ طيبا فإذا تطيب قبل يحرم فما يبقى كان كابتداء الطيب في