لم تروها إلا من حديث مرسل قلنا : لم نثبتها بحديث مرسل و إنما ثبتناها بحديث ابن عباس و هو ثابت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي لا يرد أحد من أهل العلم مثله لو لم يكن فيها غيره مع أن معه غيره ممن يشده
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : فقال منهم قائل فكيف قلتم يقضي بها في الاموال دون غيرها فجعلتموها تامة في شيء ناقصة في غيره ؟ فقلت له لما قال عمرو بن دينار و هو حملها قضي بها رسول الله صلى الله عليه و سلم في الاموال كان هذا موصولا في خبره عن النبي صلى الله عليه و سلم .
و قال جعفر في الحديث في الدين و الدين مال و قاله من لقيت من حملتها و الحكام بها قلنا إذا قيل بها في الاموال دل ذلك و الله تعالى أعلم على أنه لا يقضي بها في ما قضي بها فيه لان الشاهدين أصل في الحقوق فهما ثابتان و اليمين مع الشاهد أصل فيما يحكم بها فيه و فيما كان في معناه فإن كان شيء يخرج من معناه كان على الاصل الاول و هو الشاهدان قال فالعبد ؟ قلت : له فإذا أقام رجل شاهدا على عبد أنه له حلف مع شاهده و استحق العبد ، قال فإن أقام شاهدا أن سيده أعتقه ؟ قلت فلا يعتق .
قال فما الفرق بين العبد يقيم رجل عليه شاهدا و يحلف و يأخذه و بين العبد يقيم شاهدا أن سيده أعتقه ؟ قلت الفرق البين ، قال و ما هو ؟ قلت أ رأيت أن قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم باليمين مع الشاهد في الاموال أما في هذا بيان أن المال المقضي به للمقيم شاهدا الحالف هو ما ليس بالمقضى له و لا بالمقضى عليه و إنما هو مال أخرجه من يدي المقضي عليه إلى يدي المقضي له به فملكه إياه كما كان المقضي عليه له مالكا ؟ قال بلى قلت : و هكذا العبد الذي سألت عنه أخرجه من يدي مالكه المقضي عليه إلى مالك مقضى له قال نعم : قلت أ فليس تجد معنى العبد إذا أقام شاهدا أن سيده أعتقه معنى المال الذي يتنازع فيه المشهود له و المشهود عليه لانه إنما ينازع في نفسه ؟ قال إنه ليخالفه في هذا الموضع قلت : و يخالفه أنه لا يخرجه من يدي مالكه إلى ملك نفسه فيكون يملك من نفسه ما كان سيده يملكه كما كان المقضي عليه يملك المال ثم أخرج من يده فملكه المقضي له قال أجل قلت : فكيف أقضي باليمين مع الشاهد في شيء معناه معنى ما قضى به رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال فإنك تعتقه بالشاهدين ؟ قلت : أجل و أقتل بالشاهدين لانهما حكم مطلق و اليمين مع الشاهد حكم خاص
( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : و قلت له رأيتك عبت أن تكون الشهادة تامة في بعض الاشياء دون بعض أ فرأيت الشاهدين أ ليسا تأمين في كل شيء ناقصين في الزنا ؟ قال بلى .
قلت أ فرأيت الشاهد و الامرأتين أ ليسا تأمين في الاموال ناقصين في الحدود و غيرها ؟ قال : بلى قلت أ رأيت شهادة النساء في الاستهلال و الرضاع و عيوب النساء أ ليست تامة حتى يلحق بها النسب و فيه عظيم من الاموال و أن يكون لمن شهدت له إمرأة عندك أن فلانة ولدته و المشهود عليه ينكر أن يلحق به نسبه فيعفو دمه و يرى بناته و يرث ماله ؟ قال : بلى قلت أ رأيت أهل الذمة أ ليست تتم شهادتهم عندك فيما بينهم على كل شيء و لو شهدوا على مسلم بفلس لم يجز ؟ قال بلى قلت و لو شهدت لرجل إمرأة وحدها على أحد بفلس لم يجز ؟ قال : بلى قلت فأسمعك فيما عدا شهود الزنا من المسلمين قد جعلت الشهادات كلها تامة في شيء ناقصة في غيره و عبت ذلك علينا و إنما قلنا بسنة رسول الله صلى الله عليه و سلم فوضعناها حيث وضعها رسول الله صلى الله عليه و سلم و وضعنا حكم الله عز و جل حيث وضعه .
قال فقال فإذا حلفتم الرجل مع شاهده فكيف زعمتم أن رجل لو كان غائبا عن بلد فشهد له رجل بحق له على رجل من وصية أوصى له بها ميت أو شهد لابنه بحق و هو يوم شهد الشاهد صغير و غائب أو شهد له بحق ( 1 )
وليه عبد له أو 1 - أى تولاه عبد له أو وكيل الخ ، فتنبه .