أولى أن أشهد عليه من كتاب غيري و لو جاز أن أفرق بينهما جاز أن أشهد على كتابي و لا أشهد على كتاب غيري و لا يجوز واحد منهما لما وصفت من معنى كتاب الله عز و جل قال فإنا نحتج عليك في أنك تعطى بالقسامة و تحلف الرجل مع شاهده على ما غاب بأنهم قد يحلفون على ما لا يعلمون قلت يحلفون على ما يعلمون من أحد الوجوه الثلاثة التي وصفت لك قلت فإن قال لا يكون إلا من المعاينة و السماع فقلت له أترك هذا القول إذا سئلت قال فاذكر ذلك قلت أ رأيت الشهادة على النسب و الملك أ تقبلهما من الوجوه التي قبلناها منها ؟ قال نعم قلت و قد يمكن أن ينتسب الرجل إلى نسبه لم ير أباه يقر به و يمكن أن تكون الدار في يد الرجل و هو لا يملكها قد غصبها أو أعاره إياها غائب و يمكن ذلك في الثوب و العبد قال فقد أجمع الناس على إجازة هذا قلنا و إن كانوا أجمعوا ففيه دلالة لك على أن القول كما قلنا دون ما قلت أو رأيت عبدا ابن خمسين و مائة سنة ابتاعه ابن خمس عشرة سنة ثم باعه وأبق عند المشترى فخاصمه فيه فقال أحلفه لقد باعه إياه بريا من الاباق فقلت و قال لك هذا ولد بالمشرق و أنا بالمغرب و لا تمكننى المسألة عنه لانه ليس ها هنا أحد من أهل بلده أثق به قال يحلف على البت و إنما يرجع في ذلك إلى علمه قلت و يسعك ذلك و يسع القاضي ؟ قال نعم قلت أ رأيت قوما قتل أبوهم فأمكنهم أن يعترفوا القاتل أو يعاينوه أو يخبرهم من عاينه ممن مات أو غاب ممن يصدق عندهم و لا تجوز شهادتهم عندي أليسوا أولى أن يقسموا من صاحب العبد الذي وصفها أن يحلف ؟ و الله تعالى أعلم : باب ما يجب على المرء من القيام بشهادته ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى قال الله تبارك و تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط و لا يجر منكم شنان قوم على أن لا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى ) و قال ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء إلى آخر الآية و قال ( و إذا قلتم فأعدلوا و لو كان ذا قربى ) و قال ( و الذين هم بشهاداتهم قائمون ) و قال عز وجل ( و لا تكتموا الشهادة و من يكتمها فإنه آثم قلبه و الله بما تعملون عليم ) و قال ( و أقيموا الشهادة لله ) ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى و الذى أحفظ عن كل من سمعت منه من أهل العلم في هذه الآيات أنه في الشاهد و قد لزمته الشهادة و أن فرضا عليه أن يقوم بها على والديه و ولده و القريب و البعيد و للبغيض القريب و البعيد و لا يكتم عن أحد و لا يحابى بها و لا يمنعها أحدا قال ثم تتفرع الشهادات فيجتمعون و يختلفون فيما يلزم منها و ما لا يلزم و لهذا كتاب هذا .باب ما على من دعى يشهد بشهادة قبل أن يسألها ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : قال الله عز و جل ( إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه و ليكتب بينكم كاتب بالعدل ) إلى قوله ( و لا يأب الشهداء إذا ما دعوا ) ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : في قول الله عز و جل ( و لا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله ) دلالة على أن عليه فيما علمه الله من الكتاب حقا في منفعة المسلمين و يحتمل ذلك الحق أن يكون كلما دعى لحق كتبه لابد و يحتمل أن يكون عليه و على من هو في مثل حاله أن يقوم منهم من يكفى حتى لا تكون الحقوق معطلة لا يوجد