بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 2

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 2

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

(77)

لمكان الصوم ليقال أينما كان الصوم كان التتابع شرطا و انما جب لاجل الوقت لانه وجب عليهم صوم شهر معين و لا يتمكن من أداء الصوم في الشهر له الا بصفة التتابع فكان لزوم التتابع لضرورة تحصيل الصوم في هذا الوقت و هذا و الاصل ان كل صوم يؤمر فيه بالتتابع لاجل الفعل و هو الصوم يكون التتابع شرطا في يث دار الفعل و كل صوم يؤمر فيه بالتتابع لاجل الوقت ففوت ذلك الوقت يسقط لتتابع و ان بقي الفعل واجب القضاء فان من قال لله على صوم شعبان يلزمه أن صوم شعبان متتابعا لكنه ان فات شيء منه يقضى ان شاء متتابعا و ان شاء متفرقا ن التتابع ههنا لمكان الوقت فيسقط بسقوطه و بمثله لو قال لله على ان أصوم شهرا تتابعا يلزمه أن يصوم متتابعا لا يخرج عن نذره الا به و لو أفطر يوما في وسط لشهر يلزمه الاستقبال لان التتابع ذكر للصوم فكان الشرط هو وصل الصوم بعينه فلا سقط عنه ابدا و على هذا صوم كفارة القتل و الظهار و اليمين لانه لما وجب لعين لصوم لا يسقط ابدا الا بالاداء متتابعا و الفقه في ذلك ظاهر و هو انه إذا وجب لتتابع لاجل نفس الصوم فما لم يؤده على وصفه لا يخرج عن عهدة الواجب و إذا وجب ضرورة قضأ حق الوقت أو شرط التتابع لوجب الاستقبال فيقع جميع الصوم في لك الوقت الذي أمر بمراعاة حقه بالصوم فيه و لو لم يجب لوقع عامة الصوم فيه بعضه في غيره فكان أقرب إلى قضأ حق الوقت و الدليل على ان التتابع في صوم شهر مضان لما قلنا من قضأ حق الوقت انه لو أفطر في بعضه لا يلزمه الاستقبال و لو ان التتابع شرطا للصوم لوجب كما في الصوم المنذور به بصفة التتابع و كما في وم كفارة الظهار و اليمين و القتل و كذا لو أفطر أياما من شهر رمضان بسبب المرض م برأ في الشهر و صام الباقى لا يجب عليه وصل الباقى بشهر رمضان حتى إذا مضى وم الفطر يجب عليه أن يصوم عن القضاء متصلا بيوم الفطر كما في صوم كفارة لقتل و الافطار إذا أفطرت المرأة بسبب الحيض الذي لا يتصور خلو شهر عنه انها ما طهرت يجب عليها أن تصل و تتابع حتى لو تركت يجب عليها الاستقبال و ههنا يس كذلك بل يثبت له الخيار بين أن يصوم شوال متصلا و بين أن يصوم شهرا آخر دل ان التتابع لم يكن واجبا لاجل الصوم بل لاجل الوقت فيسقط بفوات الوقت الله أعلم و أما الصوم الواجب فصوم التطوع بعد الشروع فيه وصوم قضائه عند لافساد وصوم الاعتكاف عندنا أما مسألة وجوب الصوم بالشروع و وجوب القضاء الافساد فقد مضت في كتاب الصلاة و أما وجوب صوم الاعتكاف فنذكره في الاعتكاف أما التطوع فهو صوم النفل خارج رمضان قبل الشروع فهذه جملة أقسام الصيام الله أعلم ( فصل )

و أما شرائطها فنوعان نوع يعم الصيامات كلها و هو شرط جوا لاداء و نوع يخص البعض دون البعض و هو شرط الوجوب أما الشرائط العامة فبعضها يرجع الصائم و هو شرط أهلية الاداء و بعضها يرجع إلى وقت الصوم و هو شرط لمحلية أما الذي يرجع إلى وقت الصوم فنوعان نوع يرجع إلى أصل الوقت و نوع يرجع إلى وصفه من الخصوص و العموم أما الذي يرجع إلى أصل الوقت فهو بياض النهار ذلك من حين يطلع الفجر الثاني إلى غروب الشمس فلا يجوز الصوم في الليل لان لله تعالي أباح الجماع و الاكل و الشرب في الليالي إلى طلوع الفجر ثم أمر الصوم إلى الليل بقوله تعالي أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله الآن باشروهن و ابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا و اشربوا حتى يتبين لكم الخيط لابيض من الخيط الاسود من الفجر أى حتى يتبين لكم بياض النهار من سواد الليل كذا روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال الخيط الابيض و الاسود هما ياض النهار و ظلمة الليل ثم أتموا الصيام إلى الليل فكان هذا تعيينا لليالي لفطر و النهار للصوم فكان محل الصوم هو اليوم لا الليل و لان الحكمة التي لها شر لصوم و هو ما ذكرنا من التقوي و تعريف قدر النعم الحامل على شكرها لا يحصل الصوم في الليل لان ذلك لا يحصل الا بفعل شاق على البدن مخالف للعادة و هوى النفس لا يتحقق ذلك بالامساك في حالة النوم فلا يكون الليل محلا للصوم و أما الذي يرجع لي وصفه من الخصوص و العموم فنقول و بالله التوفيق أما صوم التطوع فالأَيام كلها حل له عندنا و هو رواية محمد عن أبى حنيفة و يجوز

(78)

صوم التطوع خارج رمضان ف لايام كلها لقول النبي صلى الله عليه و سلم كل عمل ابن آدم له الا الصوم فانه لي أنا أجزى به و قوله من صام من كل شهر ثلاثة أيام الثالث عشر و الرابع عشر الخامس عشر فكانما صام السنة كلها فقد جعل السنة كلها محلا للصوم على العموم قوله من صام رمضان و أتبعه بست من شوال فكانما صام الدهر كله جعل الدهر كله حلا للصوم عن فصل و قوله الصائم المتطوع أمير نفسه ان شاء صام و ان شاء لم يصم لان المعاني التي لها كان الصوم حسنا و عبادة و هي ما ذكرنا موجودة في سائر لايام فكانت الايام كلها محلا للصوم الا أنه يكره الصوم في بعضها و يستحب في لبعض أما الصيام في الايام المكروهة فمنها صوم يومى العيد و أيام التشريق و عند لشافعى لا يجوز الصوم في هذه الايام و هو رواية أبى يوسف و عبد الله بن المبارك ن أبى حنيفة و احتج بالنهى الوارد عن الصوم فيها و هو ما روى أبو هريرة رضى الل عالى عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم انه قال ألا لا تصوموا في هذه الايام انها أيام أكل و شرب و بعال و النهى للتحريم و لانه عين هذه الايام لاضداد الصوم فلا بقي محلا للصوم و الجواب ان ما ذكرنا من النصوص و المعقول يقتضى جواز الصوم في ذه الايام فيحمل النهى على الكراهة و يحمل التعيين على الندب و الاستحباب و فيقا بين الدلائل بقدر الامكان و عندنا يكره الصوم في هذه الايام و المستحب هو لافطار و منها اتباع رمضان بست من شوال كذا قال أبو يوسف كانوا يكرهون أن تبعوا رمضان صوما خوفا أن يلحق ذلك بالفرضية و كذا روى عن مالك أنه قال أكره ن يتبع رمضان بست من شوال و ما رأيت أحدا من أهل الفقة و العلم يصومها و لم بلغنا عن أحد من السلف و ان أهل العلم يكرهون ذلك و يخافون بدعته و أن يلحق هل الجفاء برمضان ما ليس منه و الاتباع المكروه هو أن يصوم يوم الفطر و يصوم بعده خمسة أيام فأما إذا أفطر يوم العيد ثم صام بعده ستة أيام فليس بمكروه بل هو ستحب و سنة و منها صوم يوم الشك بنية رمضان أو بنية مترددة أما بنية رمضان لقول النبي صلى الله عليه و سلم لا يصام اليوم الذي يشك فيه من رمضان الا تطوعا عن عمر و عثمان و على رضى الله عنهم أنهم كانوا ينهون عن صوم اليوم الذي يشك فيه ن رمضان و لانه يريد أن يزيد في رمضان و قد روى عن ابن مسعود رضى الله عنه أنه ال لان أفطر يوما من رمضان ثم أقضيه أحب إلى أن أزيد فيه ما ليس منه و أما لنية المترددة بأن نوى أن يكون صومه عن رمضان ان كان اليوم من رمضان و ان لم كن يكون تطوعا فلان النية المترددة لا تكون نية حقيقة لان النية تعيين للعمل التردد يمنع التعيين و أما صوم يوم الشك بنية التطوع فلا يكره عندنا و يكره عند لشافعى و احتج بما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال من صام يوم الشك قد عصى أبا القاسم و لنا ما روينا عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لا يصام ليوم الذي يشك فيه من رمضان الا تطوعا استثنى التطوع و المستثنى يخالف حكمه حكم لمستثنى منه و أما الحديث فالمراد منه صوم يوم الشك عن رمضان لان المروي أن لنبي صلى الله عليه و سلم نهى عن صوم يوم الشك عن رمضان و قال من صام يوم لشك فقد عصى أبا القاسم أى صام عن رمضان و اختلف المشايخ في أن الافضل أن صوم فيه تطوعا أو يفطر أو ينتظر قال بعضهم الافضل أن يصوم لما روى عن عائشة و على ضى الله عنهما أنهما كانا يصومان يوم الشك بنية التطوع و يقولان لان نصوم يوما ن شعبان أحب إلينا من أن نفطر يوما من رمضان فقد صاما و نبها على المعنى و هو نه يحتمل أن يكون هذا اليوم من رمضان و يحتمل أن يكون من شعبان فلو صام لدار لصوم بين أن يكون من رمضان و بين أن يكون من شعبان و لو افطر لدار الفطر بين أن كون فب رمضان و بين أن يكون في شعبان فكان الاحتياط في الصوم و قال بعضهم الافطار أفضل و به كان يفتى محمد بن سلمة و كان يضع كوزاله بين يديه يوم الشك فإذا جاءه مستفتى عن صوم يوم الشك افتاه بالافطار و شرب من الكوز بين يدى المستفتي و انما كان يفعل كذلك لانه لو افتى بالصوم لا عتاده الناس فيخاف أن يلحق بالفريضة و قال بعضهم يصام سرا و لا يفتى به العوام لئلا يظنه الجهال زيادة على صوم رمضان هكذا روى عن أبى يوسف أنه استفتى عن صوم يوم الشك فأفتى بالفطر ثم قال للمستفتى تعال فلما دنا منه أخبره سرا فقال انى صائم و قال بعضهم ينتظر فلا يصوم و لا يفطر فان تبين

(79)

قبل الزوال أنه من رمضان عزم على الصوم و ان لم يتبين أفطر لما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال أصبحوا يوم الشك مفطرين متلومين أى آكلهن و لا عازمين على الصوم الا إذا كان صائما قبل ذلك فوصل يوم الشك به و منها أن يستقبل الشهر بيوم أو يومين بأن تعمد ذلك فان وافق ذلك صوما كان يصومه قبل ذلك فلا بأس به لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لا تتقدموا الشهر بيوم و لا بيومين الا أن يوافق ذلك صوما كان يصومه أحدكم و لان استقبال الشهر بيوم أو بيومين يوهم الزيادة على الشهر و لا كذلك إذا وافق صوما كان يصومه قبل ذلك لانه لم يستقبل الشهر و ليس فيه و هم الزيادة و قد روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصل شعبان برمضان و منها صوم الوصال لما روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لا صام من صام الدهر و روى أنه نهى عن صوم الوصال فسر أبو يوسف و محمد رحمهما الله الوصال بصوم يومين لا يفطر بينهما لان الفطر بينهما يحصل بوجود زمان الفطر و هو الليل قال النبي صلى الله عليه و سلم إذا أقبل الليل من ههنا و أدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم أكل أو لم يأكل و قيل في تفسير الوصال أن يصوم كل يوم من السنة دون ليلته و معنى الكراهة فيه أن ذلك يضعفه عن اداء الفرائض و الواجبات و يقعده عن الكسب الذي لا بد منه و لهذا روى أنه لما نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الوصال و قيل له انك تواصل يا رسول الله قال انى لست كأحدكم انى أبيت عند ربي يطعمنى و يسقيني أشار إلى المخصص و هو اختصاصه بفضل قوة النبوة و قال بعض الفقهاء من صام سائر الايام و أفطر يوم الفطر و الاضحى و أيام التشريق لا يدخل تحت نهى صوم الوصال ورد عليه أبو يوسف فقال ليس هذا عندي كما قال و الله أعلم هذا قد صام الدهر كانه أشار إلى أن النهى عن صوم الدهر ليس لمكان صوم هذه الايام بل لما يضعفه عن الفرائض و الواجبات و يقعده عن الكسب و يؤدى إلى التبتل المنهي عنه و الله أعلم و أما صوم يوم عرفة ففى حق الحاج مستحب لكثرة الاحاديث الواردة بالندب إلى صومه و لان له فضيلة على غيره من الايام و كذلك في حق الحاج ان كان لا يضعفه عن الوقوف و الدعاء لما فيه من الجمع بين القربتين و ان كان يضعفه عن ذلك يكره لان فضيلة صوم هذا اليوم مما يمكن استدراكها في هذه السنة و يستدرك عادة فاما فضيلة الوقوف و الدعاء فيه لا يستدرك في حق عامة الناس عادة الا في العمر مرة واحدة فكان إحرازها أولى و كره بعضهم صوم يوم الجمعة بانفراده و كذا صوم يوم الاثنين و الخميس و قال عامتهم انه مستحب لان هذه الايام من الايام الفاضلة فكان تعظيمها بالصوم مستحبا و يكره صوم يوم السبت بانفراده لانه تشبه باليهود و كذا صوم يوم النيروز و المهرجان لانه تشبه بالمجوس و كذا صوم الصمت و هو أن يمسك عن الطعام و الكلام جميعا لان النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن ذلك و لانه تشبه بالمجوس و كره بعضهم صوم يوم عاشوراء وحده لمكان التشبه باليهود و لم يكرهه عامتهم لانه من الايام الفاضلة فيستحب استذراك فضيلتها بالصوم و أما صوم يوم و إفطار يوم فهو مستحب و هو صوم سيدنا داود عليه الصلاة و السلام كان يصوم يوما و يفطر يوما و لانه أشق على البدن إذا الطبع ألوف و قال صلى الله عليه و سلم خير الاعمال أحمزها أى أشقها على البدن و كذا صوم الايام البيض لكثرة الاحاديث فيه منها ما روينا عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال من صام ثلاثة أيام من كل شهر الثالث عشر و الرابع عشر و الخامس عشر فكانما صام السنة كلها و أما صوم الدين فالأَيام كلها محل له و يجوز في جميع الايام الا ستة أيام يومى الفطر و الاضحى و أيام التشريق و يوم الشك أما ما سوى صوم يوم الشك فلورود النهى عنه و النهى و ان كان عن غيره أو لغيره فلا شك أن ذلك الغير يوجد بوجود الصوم في هذه الايام فأوجب ذلك نقصانا فيه و الواجب في ذمته صوم كامل فلا يتأدى بالناقص و بهذا تبين ببطلان أحد قولى الشافعي في صوم المتعة أنه يجوز في هذه الايام لان النهى عن الصوم في هذه الايام عام يتناول الصيامات كلها فيوجب ذلك نقصانا فيه و الواجب في ذمته كامل فلا ينوب الناقص عنه و أما يوم الشك فلانه يحتمل أن يكون من رمضان و يحتمل أن يكون من شعبان فان كان من شعبان يكون قضأ و ان كان من رمضان لا يكون قضأ فلا يكون قضأ مع الشك و هل يصح النذر بصوم يومى

(80)

العيد و أيام التشريق روى محمد عن أبى حنيفة انه يصح نذره لكن الافضل أن يفطر فيها و يصوم في أيام أخر و لو صام في هذه الايام يكون مسيأ لكنه يخرج عنه النذر لانه أوجب ناقصا و أداه ناقصا و روى أبو يوسف عن أبى حنيفة أنه لا يصح نذره و لا يلزمه شيء و هكذا روى ابن المبارك عن أبى حنيفة و هو قول زفر و الشافعي و المسألة مبنية على جواز صوم هذه الايام و عدم جوازه و قد مرت فيما تقدم و لو شرع في صوم هذه الايام ثم أفسده لا يلزمه القضاء في قول ابى حنيفة و عند أبى يوسف و محمد يلزمه وجه قولهما أن الشروع في التطوع سبب الوجوب كالنذر فإذا وجب المضي فيه وجب القضاء بالافساد كما لو شرع في التطوع في سائر الايام ثم أفسده و لابي حنيفة أن الشروع ليس سبب الوجوب وضعا و انما الوجوب يثبت ضرورة صيانة للمؤدى عن البطلان و المؤدى ههنا لا يجب صيانته لمكان النهى فلا يجب المضي فيه فلا يضمن بالافساد و لو شرع في الصلاة في أوقات مكروهة فأفسدها ففيه روايتان عن أبى حنيفة في رواية لا قضأ عليه كما في الصوم و فى رواية عليه القضاء بخلاف الصوم و قد ذكرنا وجوه الفرق في كتاب الصلاة و أما صوم رمضان فوقته شهر رمضان لا يجوز في غيره فيقع الكلام فيه في موضعين أحدهما في بيان وقت صوم رمضان و الثاني في بيان ما يعرف به وقته أما الاول فوقت صوم رمضان شهر رمضان لقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فاليصمه أى فليصم في الشهر و قول النبي صلى الله عليه و سلم و صوموا شهركم أى في شهركم لان الشهر لا يصام و انما يصام فيه و أما الثاني و هو بيان ما يعرف به وقته فان كانت السماء مصحية يعرف بروية الهلال و ان كانت متغيمة يعرف بإكمال شعبان ثلاثين يوما لقول النبي صلى الله عليه و سلم صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته فان غم عليكم فأكملوا شعبان ثلاثين يوما ثم صوموا و كذلك ان غم على الناس هلال شوال أكملوا عدة رمضان ثلاثين يوما لان الاصل بقاء الشهر و كماله فلا يترك هذا الاصل الا بيقين على الاصل المعهود أن ما ثبت بيقين لا يزول الا بيقين مثله فان كانت السماء مصحية ورأى الناس الهلال صاموا و ان شهد واحد بروية الهلال لا تقبل شهادته ما لم تشهد جماعة يقع العلم للقاضي بشهادتهم في ظاهر الرواية و لم يقدر في ذلك تقديرا و روى عن أبى يوسف أنه قدر عدد الجماعة بعدد القسامة خمسين رجلا و عن خلف بن أيوب أنه قال خمسمأة ببلخ قليل و قال بعضهم ينبغى أن يكون من كل مسجد جماعة واحد أو اثنان و روى الحسن عن أبى حنيفة رحمهما الله تعالى أنه يقبل فيه شهادة الواحد العدل و هو أحد قولى الشافعي رحمه الله تعالى و قال في قول آخر تقبل فيه شهادة اثنين وجه رواية الحسن رحمه الله تعالى أن هذا من باب الاخبار لا من باب الشهادة بدليل أنه تقبل شهادة الواحد إذا كان بالسماء علة و لو كان شهادة لما قبل لان العدد شرط في الشهادات و إذا كان اخبار الا شهادة فالعدد ليس بشرط في الاخبار عن الديانات و انما تشترط العدالة فقط كما في رواية الاخبار عن طهارة الماء و نجاسته و نحو ذلك وجه ظاهر الرواية ان خبر الواحد العدل انما يقبل فيما لا يكذبه الظاهر و ههنا الظاهر يكذبه لان تفرده بالرؤية مع مساواة جماعة لا يحصون إياه في الاسباب الموصلة إلى الرؤية و ارتفاع الموانع دليل كذبه أو غلطه في الرؤية و ليس كذلك إذا كان بالسماء علة لان ذلك يمنع التساوى في الرؤية لجواز ان قطعة من الغيم انشقت فظهر الهلال فرآه واحد ثم استتر بالغيم من ساعته قبل أن يراه غيره و سواء كان هذا الرجل من المصر أو من خارج المصر و شهد بروية الهلال انه لا تقبل شهادته في ظاهر الرواية و ذكر الطحاوي انه تقبل وجه رواية الطحاوي ان المطالع تختلف بالمصر و خارج المصر في الظهور و الخفاء لصفاء الهواء خارج المصر فتختلف الرؤية وجه ظاهر الرؤية ان المطالع لا تختلف الا عند المسافة البعيدة الفاحشة و على هذا الرجل الذي أخبر أن يصوم لان عنده ان هذا اليوم من رمضان و الانسان يؤاخذ بما عنده فان شهد فرد الامام شهادته ثم أفطر يقضى لانه أفسد صوم رمضان في زعمه فيعامل بما عنده و هل تلزمه الكفارة قال أصحابنا لا تلزمه و قال الشافعي تلزمه إذا أفطر بالجماع و ان أفطر قبل أن يرد الامام شهادته فلا رواية عن أصحابنا في وجوب الكفارة و اختلف المشايخ فيه قال بعضهم تجب و قال بعضهم لا تجب وجه قول الشافعي انه أفطر في يوم علم انه من رمضان لوجود دليل العلم في حقه و هو الرؤية و عدم علم غيره لا يقدح في علمه

(81)

فيؤاخذ بعلمه فيوجب عليه الكفارة و لهذا أوجب عليه الصوم ( و لنا )

انه أفطر في يوم هو من شعبان و إفطار يوم هو من شعبان لا يوجب الكفارة و انما قلنا ذلك لان كونه من رمضان انما يعرف بالرؤية إذا كانت السماء مصحية و لم تثبت رؤيته لما ذكرنا ان تفرده بالرؤية مع مساواة عامة الناس إياه في التفقد مع سلامة الآلات دليل عدم الرؤية و إذا لم تثبت الرؤية لم يثبت كون اليوم من رمضان فيبقى من شعبان و الكفارة لا تجب بالافطار في يوم هو من شعبان بالاجماع و أما وجوب الصوم عليه فممنوع فان المحققين من مشايخنا قالوا لا رواية في وجوب الصوم عليه و انما الرواية أنه يصوم و هو محمول على الندب احتياطا و قال الحسن البصري انه لا يصوم الا مع الامام و لو صام هذا الرجل و أكمل ثلاثين يوما و لم ير هلال شوال فانه لا يفطر الا مع الامام و ان زاد صومه على ثلاثين لانا انما أمرناه بالصوم احتياطا و الاحتياط ههنا ان لا يفطر لاحتمال ان ما رآه لم يكن هلالا بل كان خيالا فلا يفطر مع الشك و لانه لو أفطر للحقة التهمة لمخالفته الجماعة فالاحتياط ان لا يفطر و ان كانت السماء متغيمة تقبل شهادة الواحد بلا خلاف بين أصحابنا سواء كان حرا أو عبدا رجلا أو إمرأة محدود في قذف أو محدودا تائبا بعد ان كان مسلما عاقلا بالغا عدلا و قال الشافعي في أحد قوليه لا تقبل الا شهادة رجلين عدلين اعتبارا بسائر الشهادات ( و لنا )

ما روى عن ابن عباس رضى الله عنه انه رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال أبصرت الهلال فقال أتشهد أن لا اله الا الله و أن محمدا رسول الله قال نعم قال قم يا بلال فأذن في الناس فليصوموا غدا فقد قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم شهادة الواحد على هلال رمضان و لنا في رسول الله صلى الله عليه و سلم اسوة حسنة و لان هذا ليس بشهادة بل هو اخبار بدليل ان حكمه يلزم الشاهد و هو الصوم و حكم الشهادة لا يلزم الشاهد و الانسان لا يتهم في إيجاب شيء على نفسه فدل انه ليس بشهادة بل هو اخبار و العدد ليس بشرط في الاخبار الا انه اخبار في باب الدين فيشترط فيه الاسلام و العقل و البلوغ و العدالة كما في رواية الاخبار و ذكر الطحاوي في مختصره انه يقبل قول الواحد عدلا كان أو عدل و هذا خلاف ظاهر الرواية الا أنه يريد به العدالة الحقيقية فيستقيم لان الاخبار لا تشترط فيه العدالة الحقيقية بل يكتفى فيه بالعدالة الظاهرة و العبد و المرأة من أهل الاخبار الا ترى انه صحت روايتهما و كذا المحدود في القذف فان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قبلوا اخبار أبى بكرة و كان محدودا في قذف و روى أبو يوسف عن أبى حنيفة ان شهادته بروية الهلال لا تقبل و الصحيح انها تقبل و هو رواية الحسن عن أبى حنيفة لما ذكرنا ان هذا خبر و ليس بشهادة و خبره مقبول و تقبل شهادة واحد عدل على شهادة واحد عدل في هلال رمضان بخلاف الشهادة على الشهادة في سائر الاحكام انها لا تقبل ما لم يشهد على شهادة رجل واحد رجلان أو رجل و امرأتان لما ذكرنا ان هذا من باب الاخبار لا من باب الشهادة و يجوز اخبار رجل عدل عن رجل عدل كما في رواية الاخبار و لو رد الامام شهادة الواحد لتهمة الفسق فانه يصوم ذلك اليوم لان عنده ان ذلك اليوم من رمضان فيؤاخذ بما عنده و لو أفطر بالجماع هل تلزمه الكفارة فهو على الاختلاف الذي ذكرنا و أما هلال شوال فان كانت السماء مصحية فلا يقبل فيه الا شهادة جماعة يحصل العلم للقاضي بخبرهم كما في هلال رمضان كذا ذكر محمد في نوادر الصوم و روى الحسن عن أبى حنيفة انه يقبل فيه شهادة رجلين أو رجل و إمرأتين سواء كان بالسماء علة أو لم يكن كما روى عن أبى حنيفة في هلال رمضان انه تقبل فيه شهادة الواحد العدل سواء كان في السماء علة أو لم يكن و ان كان بالسماء علة فلا تقبل فيه الا شهادة رجلين أو رجل و إمرأتين مسلمين حرين عاقلين بالغين محدودين في قذف كما في الشهادة في الحقوق و الاموال لما روى عن ابن عباس و ابن عمر رضى الله عنهما انهما قالا ان رسول الله صلى الله عليه و سلم أجاز شهادة رجل واحد على رؤية هلال رمضان و كان لا يجيز الافطار الا بشهادة رجلين و لان هذا من باب الشهادة الا ترى انه لا يلزم الشاهد شيء بهذه الشهادة بل له فيه نفع و هو إسقاط الصوم عن نفسه فكان متهما فيشترط فيه العدد نفيا للتهمة بخلاف هلال رمضان فان هناك لا تهمة اذ الانسان لا يتهم في الاضرار بنفسه بالتزام الصوم فان غم على الناس هلال شوال فان صاموا رمضان بشهادة شاهدين أفطروا

(82)

بتمام العدة ثلاثين يوما بلا خلاف لان قولهما في الفطر يقبل و ان صاموا بشهادة شاهد واحد فروى الحسن عن أبى حنيفة انهم لا يفطرون على شهادته بروية هلال رمضان عند كمال العدد و ان وجب عليهم الصوم بشهادته فثبتت الرمضانية بشهادته في حق الصوم لا في حق الفطر لانه لا شهادة له في الشرع على الفطر جميعا الا ترى انه لو شهد وحده مقصود الا تقبل بخلاف ما إذا صاموا بشهادة شاهدين لان لهما شهادة على الصوم و الفطر جميعا الا ترى لو شهدا بروية الهلال تقبل شهادتهما لان وجوب الصوم عليهم بشهادته من طريق الاحتياط و الاحتياط ههنا في ان لا يفطروا بخلاف ما إذا صاموا بشهادة شاهدين لان الوجوب هناك ثبت بدليل مطلق فيظهر في الصوم و الفطر جميعا و روى ابن سماعة عن محمد انهم يفطرون عند تمام العدد فأورد ابن سماعة على محمد اشكالا فقال إذا قبلت شهادة الواحد في الصوم تفطر على شهادته و متى أفطرت عند كمال العدد على شهادته فقد أفطرت بقول الواحد و هذا لا يجوز لاحتمال ان هذا اليوم من رمضان فأجاب محمد رحمه الله فقال لا أتهم المسلم أن يتعجل يوما مكان يوم و معناه أن الظاهر انه ان كان صادقا في شهادته فالصوم وقع في أول الشهر فيختم بكمال العدد و قيل فيه بجواب آخر و هو ان جواز الفطر عند كمال العدد لم يثبت بشهادته مقصودا بل بمقتضى الشهادة و قد يثبت بمقتضى الشيء ما لا يثبت به مقصودا كالميراث بحكم النسب الثابت انه يظهر بشهادة القابلة بالولادة و ان كان لا يظهر بشهادتها مقصودا و الاستشهاد على مذهبهما لا على مذهب أبى حنيفة لان شهادة القابلة بالولادة لا تقبل في حق الميراث عنده ( و اما )

هلال ذي الحجة فان كانت السماء مصحية فلا يقبل فيه الا ما يقبل في هلال رمضان و هلال شوال و هو ما ذكرنا و ان كان بالسماء علة فقد قال أصحابنا انه يقبل فيه شهادة الواحد و ذكر الكرخي انه لا يقبل فيه الا شهادة رجلين أو رجل و إمرأتين كما في هلال شوال لانه يتعلق بهذه الشهادة حكم شرعي و هو وجوب الاضحية على الناس فيشترط فيه العدد و الصحيح هو الاول لان هذا ليس من باب الشهادة بل من باب الاخبار الا ترى ان الاضحية تجب على الشاهد ثم تتعدى إلى غيره فكان من باب الخبر و لا يشترط فيه العدد و لو رأوا يوم الشك الهلاك بعد الزوال أو قبله فهو لليلة المستقبلة في قول أبى حنيفة و محمد و لا يكون ذلك اليوم من رمضان و قال أبو يوسف ان كان بعد الزوال فكذلك و ان كان قبل الزوال فهو لليلة الماضية و يكون ذلك اليوم من رمضان و المسألة مختلفة بين الصحابة و روى عن عمر و ابن مسعود و ابن عمر و أنس مثل قولهما و روى عن عمر رضى الله عنه رواية اخرى مثل قوله و هو قول على و عائشة رضى الله عنهما و على هذا الخلاف هلال شوال إذا رأوه يوم الشك و هو يوم الثلاثين من رمضان قبل الزوال أو بعده فهو لليلة المستقبلة عندهما و يكون اليوم من رمضان و عنده ان رأوا قبل الزوال يكون لليلة الماضية و يكون اليوم يوم الفطر و الاصل عندهما انه لا يعتبر في رؤية الهلال قبل الزوال و لا بعده و انما العبرة لرؤية قبل غروب الشمس و عنده يعتبر وجه قول أبى يوسف ان الهلال لا يرى قبل الزوال عادة الا أن يكون لليلتين و هذا يوجب كون اليوم من رمضان في هلال رمضان و كونه يوم الفطر في هلال شوال و لهما قول النبي صلى الله عليه و سلم صوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته أمر بالصوم و الفطر بعد الرؤية و فيما قاله أبو يوسف يتقدم وجوب الصوم و الفطر على الرؤية و هذا خلاف النص و لو أن أهل مصر لم يروا الهلال فأكملوا شعبان ثلاثين يوما ثم صاموا و فيهم رجل صام يوم الشك بنية رمضان ثم رأوا هلال شوال عشية التاسع و العشرين من رمضان فصام أهل المصر تسعة و عشرين يوما و صام ذلك الرجل ثلاثين يوما فأهل المصر قد أصابوا و أحسنوا و أساء ذلك الرجل و أخطأ لانه خالف السنة اذ السنة ان يصام رمضان لرؤية الهلال إذا كانت السماء مصحية أو بعد شعبان ثلاثين يوما كما نطق به الحديث و قد عمل أهل المصر بذلك و خالف الرجل فقد أصاب أهل المصر و أخطأ الرجل و لا قضأ على أهل المصر لان الشهر قد يكون ثلاثين يوما و قد يكون تسعة و عشرين يوما لقول النبي صلى الله عليه و سلم الشهر هكذا و هكذا و أشار إلى جميع أصابع يديه ثم قال الشهر هكذا هكذا ثلاثا و حبس ابهامه في المرة الثالثة فثبت ان الشهر قد يكون ثلاثين و قد يكون تسعة و عشرين و قد روى عن أنس رضى الله تعالى عنه انه قال صمنا على عهد رسول الله صلى الله عليه

(83)

و سلم تسعة و عشرين يوما أكثر مما صمنا ثلاثين يوما و لو صام أهل بلد ثلاثين يوما و صام أهل بلد آخر تسعة و عشرين يوما فان كان صوم أهل ذلك البلد بروية الهلال و ثبت ذلك عند قاضيهم أو عدوا شعبان ثلاثين يوما ثم صاموا رمضان فعلى أهل البلد الاخر قضأ يوم لانهم أفطروا يوما من رمضان لثبوت الرمضانية بروية أهل ذلك البلد و عدم رؤية أهل البلد لا يقدح في رؤية أولئك اذ العدم لا يعارض الوجود و ان كان صوم أهل ذلك البلد بغير رؤية هلال رمضان أو لم تثبت الرؤية عند قاضيهم و لا عدوا شعبان ثلاثين يوما فقد أساؤا حيث تقدموا رمضان بصوم يوم و ليس على أهل البلد الآخر قضاؤه و لما ذكرنا ان الشهر قد يكون ثلاثين و قد يكون تسعة و عشرين هذا إذا كانت المسافة بين البلدين قريبة لا تختلف فيها المطالع فاما إذا كانت بعيدة فلا يلزم أحد البلدين حكم الآخر لان مطالع البلاد عند المسافة الفاحشة تختلف فيعتبر في أهل كل بلد مطالع بلدهم دون البلد الآخر و حكى عن أبى عبد الله بن أبى موسى الضر ير انه استفتى في أهل اسكندرية ان الشمس تغرب بها و من على منارتها يرى الشمس بعد ذلك بزمان كثير فقال يحل لاهل البلد الفطر و لا يحل لمن على رأس المنارة إذا كان يرى غروب الشمس لان مغرب الشمس يختلف كما يختلف مطلعها فيعتبر في أهل كل موضع مغربه و لو صام أهل مصر تسعة و عشرين و أفطروا للرؤية و فيهم مريض لم يصم فان علم ما صام أهل مصره فعليه قضأ تسعة و عشرين يوما لان القضاء على قدر الفائت و الفائت هذا القدر فعليه قضأ هذا القدر و ان لم يعلم هذا الرجل ما صنع أهل مصره صام ثلاثين يوما لان الاصل في الشهر ثلاثون يوما و النقصان عارض فإذا لم يعلم عمل بالاصل و قالوا فيمن أفطر شهر العذر ثلاثين يوما ثم قضى شهرا بالهلال فكان تسعة و عشرين يوما ان عليه قضأ يوم آخر لان المعتبر عدد الايام التي أفطر فيها دون الهلال لان القضاء على قدر الفائت و الفائت ثلاثون يوما فيقضى يوما آخر تكملة الثلاثين و اما الذي يرجع إلى الصائم فمنها الاسلام فانه شرط جواز الاداء بلا خلاف و فى كونه شرط الوجوب خلاف سنذكره في موضعه و منها الطهارة عن الحيض و النفاس فانها شرط صحة الاداء بإجماع الصحابة رضى الله عنهم و فى كونها شرط الوجوب خلاف نذكره في موضعه فاما البلوغ فليس من شرائط صحة الاداء فيصح اداء الصوم من الصبي العاقل و يثاب عليه لكنه من شرائط الوجوب لما نذكره و كذا العقل و الافاقة ليسا من شرائط صحة الاداء حتى لو نوى الصوم من الليل ثم جن في النهار أو أغمى عليه يصح صومه في ذلك اليوم و لا يصح صومه في اليوم الثاني لا لعدم أهلية الاداء بل لعدم النية لان النية من المجنون و المغمى عليه لا تتصور و فى كونهما من شرائط الوجوب كلام نذكره في موضعه و منها النية و الكلام في هذا لشرط يقع في ثلاث مواضع أحدها في بيان أصله و الثاني في بيان كيفيته و الثالث في بيان وقته اما الاول فاصل النية شرط جواز الصيامات كلها في قول أصحابنا الثلاثة و قال زفر صوم رمضان في حق المقيم جائز بدون النية و احتج بقوله تعالى فمن شهد منكم الشهر فليصمه أمر بصوم الشهر مطلقا عن شرط النية و الصوم هو الامساك و قد أتى به فيخرج عن العهدة و لان النية انما تشترط للتعيين و الحاجة إلى التعيين عند المزاحمة و لا مزاحمة لان الوقت لا يحتمل الا صوما واحدا في حق المقيم و هو صوم رمضان فلا حاجة إلى التعيين بالنية و لنا قول النبي صلى الله عليه و سلم لا عمل لمن لا نية له و قوله الاعمال بالنيات و لكل امرئ ما نوى و لان صوم رمضان عبادة و العبادة اسم لفعل يأتيه العبد باختياره خالصا لله تعالى بأمره و الاختيار و الاخلاص لا يتحققان بدون النية و اما الآية فمطلق اسم الصوم ينصرف إلى الصوم الشرعي و الامساك لا يصير صوما شرعا بدون النية لما بينا و اما قوله ان النية شرط للتعيين و زمان رمضان متعين لصوم رمضان فلا حاجة إلى النية فنقول لا حاجة إلى النية لتعيين الوصف لكن تقع الحاجة إلى النية لتعيين الاصل بيانه ان أصل الامساك متردد بين ان يكون عادة أو حمية و بين أن يكون لله تعالى بل الاصل ان يكون فعل كل فاعل لنفسه ما لم يجعله لغيره فلا بد من النية ليصير لله تعالى ثم إذا صار أصل الامساك لله تعالى في هذا الوقت بأصل النية و الوقت متعين لفرضه يقع عن الفرض من الحاجة إلى تعيين الوصف و اما الثاني في كيفية النية فان كان الصوم عينا و هو صوم

/ 50