فصل وأما كيفية فرضيتها
خمسين ألف سنة حتى يقضى بين الناس فيرى سبيله اما إلى الجنة و اما إلى النار و ما من صاحب بقر و لا غنم لا يؤدى حقها الا اتى بها يوم القيامة تطؤه باظلافها و تنطحه بقرنها ثم ذكر فيه ما ذكر في الاول قالوا يا رسول الله فصاحب الخيل قال الخيل ثلاث لرجل أجر و لرجل ستر و لرجل وزر فاما من ربطها عدة في سبيل الله فانه لو طول لها في مرج خصب أو في روضة كتب الله له عدد ما أكلت حسنات و عدد أروائها حسنات و ان مرت بنهر عجاج لا يريد منه السقي فشربت كتب الله له عدد ما شربت حسنات و من ارتبطها عزا و فخرا على المسلمين كانت له وزرا يوم القيامة و من ارتبطها تغنيا و تعففا ثم لم ينس حق الله تعالى في رقابها و ظهورها كانت له سترا من النار يوم القيامة و روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ما من صاحب غنم لا يؤدى زكاتها الا بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر تطؤه باظلافها و تنطحه بقرونها و روى عنه صلى الله عليه و سلم أنه قال في مانعي زكاة الغنم و الابل و البقر و الغرس لالفين أحدكم يأتى يوم القيامة و على عاتقه شاة تيعر يقول يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيأ الا قد بلغت و لالفين أحدكم يأتى يوم القيامة و على عاتقه بعير له رغاء فيقول يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك شيأ الا قد بلغت و لالفين أحدكم يأتى يوم القيامة و على عاتقه بقرة لها خوار فيقول يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيأ الا قد بلغت و لالفين أحدكم يوم القيامة و على عاتقه فرس له حمحمة فيقول يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيأ الا قد بلغت و الاحاديث في الباب كثيرة و أما الاجماع فلان الامة أجمعت على فرضيتها و أما المعقول فمن وجوه أحدها أن اداء الزكاة من باب اعانة الضعيف و إغاثة اللهيف و اقدار العاجز و تقويته على أداء ما افترض الله عز و جل عليه من التوحيد و العبادات و الوسيلة إلى اداء المفروض مغروض و الثاني أن الزكاة تطهر نفس المؤدى عن انجاس الذنوب و تزكى أخلاقه بتخلق الجود و الكرم و ترك الشح و الضن إذا لانفس مجبولة على الضن بالمال فتتعود السماحة و ترتاض لاداء الامانات و إيصال الحقوق إلى مستحقيها و قد تضمن ذلك كله قوله تعالى خذ من أموالهم صدقة تطهرهم و تزكيهم بها و الثالث ان الله تعالى قد أنعم على الاغنياء و فضلهم بصنوف النعمة و الاموال الفاضلة عن الحوائج الاصلية و خصهم بها فيتنعمون و يستمتعون بلذيذ العيش و شكر النعمة فرض عقلا و شرعا و اداء الزكاة إلى الفقير من باب شكر النعمة فكان فرضا ( فصل )
و اما كيفية فرضيتها فقد اختلف فيها ذكر الكرخي انها على الفور و ذكر في المنتقى ما يدل عليه فانه قال إذا لم يؤد الزكاة حتى مضى حولان فقد أساء و اثم و لم يحل له ما صنع و عليه زكاة حول واحد و عن محمد ان من لم يؤد الزكاة لم تقبل شهادته و روى عنه أن التأخير لا يجوز و هذا نص على الفور و هو ظاهر مذهب الشافعي و ذكر الجصاص انها على التراخى و استدل بمن عليه الزكاة إذا هلك نصابه بعد تمام الحول و التمكن من الاداء أنه لا يضمن و لو كانت واجبة على الفور لضمن كمن أخر صوم شهر رمضان عن وقته أنه يجب عليه القضاء و ذكر أبو عبد الله الثلجى عن أصحابنا أنها تجب وجوبا موسعا و قال عامة مشايخنا انها على سبيل التراخى و معنى التراخى عندهم انها تجب مطلقا عن الوقت عين ففى أى وقت أدى يكون مؤديا للواجب و يتعين ذلك الوقت للوجوب و إذا لم يؤد إلى آخر عمره يتضيق عليه الوجوب بأن بقي من الوقت قدر ما يمكنه الاداء فيه و غلب على ظنه أنه لم يؤد فيه يموت فيفوت فعند ذلك يتضيق عليه الوجوب حتى انه لو لم يؤد فيه حتى مات يأثم وأصل المسألة أن الامر المطلق عن الوقت هل يقتضى وجوب الفعل على الفور أم على التراخى كالأَمر بقضاء صوم رمضان و الامر بالكفارات و النذور المطلقة و سجدة التلاوة و نحوها فهو على الاختلاف الذي ذكرنا و قال امام الهدى الشيخ أبو منصور الماتريدى السمرقندي انه يجب تحصيل الفعل على الفور و هو الفعل في أول أوقات الامكان و لكن عملا لا اعتقادا على طريق التعيين بل مع الاعتقاد المبهم أن ما أراد الله به من الفور و التراخى فهو حق و هذه من مسائل أصول الفقة و يجوز أن تبنى مسألة هلاك النصاب على هذا الاصل لان الوجوب لما كان على التراخى عندنا لم يكن بتأخيره الاداء عن أول أوقات الامكان مفرطا فلا يضمن و عنده لما كان الوجوب على الفور صار مفرطا لتأخيره فيضمن و يجوز