يصير هو الغنى و ذكر في الجامع الصغير و ان يغنى به إنسانا أحب إلى و لم يرد به الا غناء المطلق لان ذلك مكروه لما بينا و انما أراد به المقيد و هو انه يغنيه يوما أو أياما عن المسألة لان الصدقة وضعت لمثل هذا الا غناء قال النبي صلى الله عليه و سلم في صدقة الفطر اغنوهم عن المسألة في مثل هذا اليوم هذا إذا اعطى مائتي درهم و ليس عليه دين و لا له عيال فان كان عليه دين فلا بأس بأن يتصدق عليه قدر دينه و زيادة ما دون المائتين و كذا إذا كان له عيال يحتاج إلى نفقتهم و كسوتهم و اما الغنا الذي يحرم به السوأل فهو ان يكون له سداد عيش بان كان له قوت يومه لما روى عن رسول الله صلى عليه و سلم انه قال من سأل الناس عن ظهر غنى فانما يستكثر من جمر جهنم قيل يا رسول الله و ما ظهر الغنا قال ان يعلم ان عنده ما يغديهم أو يعشيهم فان لم يكن له قوت يومه و لا ما يستر به عورته يحل له ان يسأل لان الحال حال الضرورة و قد قال الله تعالى و لا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة و ترك السوأل في هذا الحال إلقاء النفس في التهلكة و انه حرام فكان له أن يسأل بل يجب عليه ذلك و منها أن يكون مسلما فلا يجوز صرف الزكاة الي الكافر بلا خلاف لحديث معاذ رضى الله عنه خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم أمر بوضع الزكاة في فقراء من يؤخذ من أغنيائهم و هم المسلمون فلا يجوز وضعها في غيرهم و أما ما سوى الزكاة من صدقة الفطر و الكفارات و النذور فلا شك في أن صرفها الي فقراء المسلمين أفضل لان الصرف إليهم يقع اعانة لهم على الطاعة و هل يجوز صرفها إلى أهل الذمة قال أبو حنيفة و محمد يجوز و قال أبو يوسف لا يجوز و هو قول زفر و الشافعي وجه قولهم الاعتبار بالزكاة و بالصرف إلى الحربي و لهما قوله تعالى ان تبدو الصدقات فنعما هى و ان تخفوها و تؤتوها الفقراء فهو خير لكم و نكفر عنكم من سيآتكم من فصل بين فقير و فقير و عموم هذا النص يقتضى جواز صرف الزكاة إليهم الا انه خص منه الزكاة لحديث معاذ رضى الله عنه و قوله تعالى في الكفارات فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم من فصل بين مسكين و مسكين الا انه خص منه الحربي بدليل و لان صرف الصدقة إلى أهل الذمة من باب إيصال البر إليهم و ما نهينا عن ذلك قال الله تعالى لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين و لم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم و تقسطوا إليهم ان الله يحب المقسطين و ظاهر هذا النص يقتضى جواز صرف الزكاة إليهم لان أداء الزكاة بربهم الا ان البر بطريق الزكاة مراد عرفنا ذلك بحديث معاذ رضى الله عنه و انما لا يجوز صرفها إلى الحربي لان في ذلك اعانة لهم على قتالنا و هذا لا يجوز و هذا المعنى لم يوجد في الذمي ( و منها )أن لا يكون من بني هاشم لما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال يا معشر بني هاشم ان الله كره لكم غسالة الناس و عوضكم منها بخمس الخمس من الغنيمة و روى عنه صلى الله عليه و سلم انه قال ان الصدقة محرمة على بني هاشم و روى انه رأى في الطريق تمرة فقال لو لا انى أخاف أن تكون من الصدقة لاكلتها ثم قال ان الله حرم عليكم يا بني هاشم غسالة أيدي الناس و المعنى ما أشار اليه انها من غسالة الناس فيتمكن فيها الخبث فصان الله تعالى بني هاشم عن ذلك تشريفا لهم و إكراما و تعظيما لرسول الله صلى الله عليه و سلم و منها أن لا يكون من مواليهم لما روى عن ابن عباس رضى الله عنه انه قال استعمل رسول الله صلى الله عليه و سلم أرقم ابن أبى أرقم الزهرى على الصدقات فاستتبع أبا رافع فاتى النبي صلى الله عليه و سلم فسأله فقال يا أبا رافع ان الصدقة حرام على محمد و آل محمد و ان موالى القوم من أنفسهم أى في حرمة الصدقة لاجماعنا على ان مولى القوم ليس منهم في جميع الاحكام الا ترى انه ليس بكفء لهم و كذا مولى المسلم إذا كان كافرا تؤخذ منه الجزية و مولي التغلبي تؤخذ منه الجزية و لا تؤخذ منه الصدقة المضاعفة فدل ان المراد منه في حرمة الصدقة خاصة و بنو هاشم الذين تحرم عليهم الصدقات آل العباس و آل على و آل جعفر و آل عقيل و ولد الحارث بن عبد المطلب كذا ذكره الكرخي و منها أن لا تكون منافع الاملاك متصلة بين المؤدى و بين المؤدى اليه لان ذلك يمنع وقوع الاداء تمليكا من الفقير من كل وجه بل يكون صرفا إلى نفسه من وجه و على هذا يخرج الدفع إلى الوالدين و ان علوا و المولودين و ان سفلوا لان أحدهما ينتفع بمال الآخر و لا يجوز أن يدفع الرجل الزكاة إلى زوجته بالاجماع و فى دفع المرأة إلى زوجها اختلاف بين
(50)
أبى حنيفة و صاحبيه ذكرناه فيما تقدم و أما صدقة التطوع فيجوز دفعها إلى هؤلاء و الدفع إليهم أولى لان فيه أجرين أجر الصدقة و أجر الصلة و كونه دفعا إلى نفسه من وجه لا يمنع صدقة التطوع قال النبي صلى الله عليه و سلم نفقة الرجل على نفسه صدقة و على عياله صدقة و كل معروف صدقة و يجوز دفع الزكاة إلى من سوى الوالدين و المولودين من الاقارب و من الاخوة و الاخوات و غيرهم لانقطاع منافع الاملاك بينهم و لهذا تقبل شهادة البعض على البعض و الله أعلم هذا الذي ذكرنا إذا دفع الصدقة إلى إنسان على علم منه بحاله انه محل الصدقة فاما ذا لم يعلم بحاله و دفع اليه فهذا على ثلاثة أوجه في وجه هو على الجواز حتى يظهر خطأه و فى وجه على الفساد حتى يظهر صوابه و فى وجه فيه تفصيل على الوفاق و الخلاف أما الذي هو على الجواز حتى يظهر خطأه فهو أن يدفع زكاة ماله إلى رجل و لم يخطر بباله وقت الدفع و لم يشك في أمره فدفع اليه فهذا على الجواز الا إذا ظهر بعد الدفع انه ليس محل الصدقة فحينئذ لا يجوز لان الظاهر انه صرف الصدقة إلى محلها حيث نوى الزكاة عند الدفع و الظاهر لا يبطل الا باليقين فإذا ظهر بيقين انه ليس بمحل الصدقة ظهر انه لم يجز و تجب عليه الاعادة و ليس له أن يسترد ما دفع اليه و يقع تطوعا حتى انه لو خطر بباله بعد ذلك و شك فيه و لم يظهر له شيء لا تلزمه الاعادة لان الظاهر لا يبطل بالشك و أما الذي هو على الفساد حتى يظهر جوازه فهو انه خطر بباله و شك في أمره لكنه لم يتحر و لا طلب الدليل أو تحرى بقلبه لكنه لم يطلب الدليل فهو على الفساد الا إذا ظهر انه محل بيقين أو بغالب الرأي فحينئذ يجوز لانه لما شك وجب عليه التحري و الصرف إلى من وقع عليه تحريه فإذا ترك لم يوجد الصرف إلى من أمر بالصرف اليه فيكون فاسدا الا إذا ظهر انه محل فيجوز و أما الوجه الذي فيه تفصيل على الوفاق و الخلاف فهو ان خطر بباله و شك في أمره و تحرى و وقع تحريه على انه محل الصدقة فدفع اليه جاز بالاجماع و كذا ان لم يتحر و لكن سأل عن حاله فدفع أو رآه في صف الفقر امأ و على زى الفقراء فدفع فان ظهر انه كان محلا جاز بالاجماع و كذا إذا لم يظهر حاله عنده و أما إذا ظهر انه لم يكن محلا بان ظهر انه غنى أو هاشمى أو مولى لهاشمي أو كافرا و والد أو مولود أو زوجة يجوز و تسقط عنه الزكاة في قول أبى حنيفة و محمد و لا تلزمه الاعادة و عند أبى يوسف لا يجوز و تلزمه الاعادة و به أخذ الشافعي و روى محمد بن شجاع عن أبى حنيفة في الوالد و الولد و الزوجة انه لا يجوز كما قال أبو يوسف و لو ظهر انه عبده أو مدبره أو أم ولده أو مكاتبه لم يجز و عليه الاعادة في قولهم جميعا و لو ظهر انه مستسعاه لم يجز عند أبى حنيفة لانه بمنزلة المكاتب عنده و عندهما يجوز لانه حر عليه دين وجه قول ابى يوسف ان هذا مجتهد ظهر خطأه بيقين فبطل اجتهاده و كما لو تحرى في ثياب أو أوانى و ظهر خطأه فيها و كما لو صرف ثم ظهر انه عبده أو مدبره أو أم ولده أو مكاتبه و لهما أنه صرف الصدقة إلى من أمر بالصرف اليه فيخرج عن العهدة كما إذا صرف و لم يظهر حاله بخلافه و دلالة ذلك انه مأمور بالصرف الي من هو محل عنده و فى ظنه و اجتهاده لا على الحقيقة اذ لا علم له بحقيقة الغنا و الفقر لعدم إمكان الوقوف على حقيقتهما و قد صرف إلى من أدى اجتهاده انه محل فقد أتى بالمأمور به فيخرج عن العهدة بخلاف الثياب و الاوانى لان العلم بالثوب الطاهر و الماء الطاهر ممكن فلم يأت بالمأمور به فلم يجز و بخلاف ما إذا ظهر انه عبده لان الوقوف على ذلك بامارات تدل عليه ممكن على ان معنى صرف الصدقة و هو التمليك هناك لا يتصور لاستحالة تمليك الشيء من نفسه و قوله ظهر خطأه بيقين ممنوع و انما يكون كذلك ان لو قلنا انه صار محل الصدقة باجتهاده فلا نقول كذلك بل المحل المأمور بالصرف اليه شرعا حالة الاشتباه و هو من وقع عليه التحري و على هذا لا يظهر خطأه و لهما في الصرف الي ابنه و هو لا يعلم به الحديث المشهور و هو ما روى ان يزيد بن معن دفع صدقته إلى رجل و أمره بأن يأتى المسجد ليلا فيتصدق بها فدفعها إلى ابنه معن فلما أصبح رآها في يده فقال له لم أردك بها فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال يا معن لك ما أخذت و يا يزيد لك ما نويت و الله أعلم ( فصل )و أما حولان الحول فليس من شرائط جواز اداء الزكاة عند عامة العلماء و عند مالك من شرائط الجواز فيجوز تعجيل الزكاة عند عامة العلماء خلافا لمالك و الكلام في التعجيل في مواضع في بيان أصل الجواز و فى بيان
(51)
شرائطه و فى بيان حكم المعجل إذا لم يقع زكاة أما الاول فهو على الاختلاف الذي ذكرنا وجه قول مالك ان اداء الزكاة اداء الواجب و اداء الواجب و لا وجوب لا يتحقق و لا وجوب قبل الحول لقول النبي صلى الله عليه و سلم لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول و لنا ما روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم استسلف من العباس زكاة سنتين و أدنى درجات فعل النبي صلى الله عليه و سلم الجواز و اما قوله ان اداء الزكاة اداء الواجب و لا وجوب قبل حولان الحول فالجواب عنه من وجهين أحدهما ممنوع انه لا وجوب قبل حولان الحول بل الوجوب ثابت قبله لوجود سبب الوجوب و هو ملك نصاب كامل نام أو فاضل عن الحاجة الاصلية لحصول الغنا به و لوجوب شكر نعمة المال على ما بينا فيما تقدم ثم من المشايخ من قال بالوجوب توسعا و تأخير الاداء إلى مدة الحول ترفيها و تيسيرا على أرباب الاموال كالدين المؤجل فإذا عجل فلم يترفه فيسقط الواجب كما في الدين المؤجل فمنهم من قال بالوجوب لكن لا على سبيل التأكيد و انما يتأكد الوجوب بآخر الحول و منهم من قال بالوجوب في أول الحول لكن بطريق الاستناد و هو أن يجب أولا في آخر الحول ثم يستند الوجوب إلى أوله لاستناد سببه و هو كون النصاب حوليا فيكون التعجيل اداء بعد الوجوب لكن بالطريق الذي قلنا فيقع زكاة و الثاني ان سلمنا انه لا وجوب قبل الحول لكن سبب الوجوب موجود و هو ملك النصاب و يجوز اداء العبادة قبل الوجوب بعد وجود سبب الوجوب كاداء الكفارة بعد الجرح قبل الموت و سواء عجل عن نصاب واحد أو اثنين أو أكثر من ذلك مما يستفيده في السنة عند أصحابنا الثلاثة و عند زفز لا يجوز الا عن النصاب الموجود حتى لو كان له مائتا درهم فعجل زكاة الالف و ذلك خمسة و عشرون ثم استفاد ما لا أو ربح في ذلك المال حتى صار ألف درهم فتم الحول و عنده ألفا درهم جاز عن الكل عندنا و عند زفر لا يجوز الا عن المائتين وجه قوله ان التعجيل عما سوى المائتين تعجيل قبل وجود السبب فلا يجوز كما لو عجل قبل ملك المائتين و لنا ان ملك النصاب موجود في أول الحول و المستفاد على ملك النصاب في الحول كالموجود من ابتداء الحول بدليل وجوب الزكاة فيه عند حولان الحول فلو لم يجعل كالموجود في أول الحول لما وجبت الزكاة فيه لقوله صلى الله عليه و سلم لا زكاة في مال حتى يحول عليه الحول و إذا كان كذلك جعلت الالف كانها كانت موجودة في ابتداء الحول ليصير مؤديا بعد وجود الالف تقديرا فجاز و الله أعلم ( فصل )و أما شرائط الجواز فثلاثة أحدها كمال النصاب في أول الحول و الثاني كماله في آخر الحول و الثالث ان لا ينقطع النصاب فيما بين ذلك حتى لو عجل و له في أول الحول أقل من النصاب ثم كمل في آخره فتم الحول و النصاب كامل لم يكن المعجل زكاة بل كان تطوعا و كذا لو عجل و النصاب كامل ثم هلك نصفة مثلا فتم الحول و النصاب كامل لم يجز التعجيل و انما كان كذلك لان المعتبر كمال النصاب في طرفي الحول و لان سبب الوجوب هو النصاب فأحد الطرفين حال انعقاد السبب و الطرف الآخر حال الوجوب أو حال تأكد الوجوب بالسبب و ما بين ذلك ليس بحال الانعقاد و لا حال الوجوب اذ تأكد الوجوب بالسبب فلا معنى لاشتراط النصاب عنده و لان في اعتبار كمال النصاب فيما بين ذلك حرجا لان التجار يحتاجون إلى النظر في ذلك كل يوم و كل ساعة و فيه من الحرج ما لا يخفى و لا حرج في مراعاة الكمال في أول الحول و آخره و كذلك جرت عادة التجار بتعرف رؤوس أموالهم في أول الحول و آخره و لا يلتفتون إلى ذلك في اثناء الحول الا أنه لا بد من بقاء شيء من النصاب و ان قل في اثناء الحول ليضم المستفاد اليه و لانه إذا هلك النصاب الاول كله فقد انقطع حكم الحول فلا يمكن ابقاء المعجل زكاة فيقع تطوعا و لو كان له نصاب في أول الحول فعجل زكاته و انتقص النصاب و لم يستفد شيأ حتى حال الحول و النصاب ناقص لم يجز التعجيل و يقع المؤدى تطوعا و لا يعتبر المعجل في تمام النصاب عندنا و عند الشافعي يكمل النصاب بما عجل و يقع زكاة و صورته إذا عجل خمسة عن مائتين و لم يستفد شيأ حتى حال الحول و عنده مائة و خمسة و تسعون أو عجل شاة من أربعين فحال عليها الحول و عنده تسعة و ثلاثون لم يجز التعجيل عندنا و عنده جائز وجه قوله ان المعجل وقع زكاة عن كل النصاب فيعتبر في إتمام النصاب و لنا أن المؤدى مال أزال ملكه عنه بنية الزكاة فلا يكمل به النصاب كما لو
(52)
هلك في يد الامام و لو استفاد خمسة في آخر الحول جاز التعجيل لوجود كمال النصاب في طرفي الحول و لو كان له مائتا درهم فعجل زكاتها خمسة فانتقص النصاب ثم استفاد ما يكمل به النصاب بعد الحول في أول الحول الثاني و تم الحول الثاني و النصاب كامل فعليه الزكاة للحول الثاني و ما عجل يكون تطوعا لانه عجل للحول الاول و لم تجب عليه الزكاة للحول الاول لنقصان النصاب في آخر الحول و لو كان له مائتا درهم فعجل خمسة منها ثم تم الحول و النصاب ناقص و دخل الحول الثاني و هو ناقص ثم تم الحول الثاني و هو كامل لا تجزي الخمسة عن السنة الاولى و لا عن السنة الثانية لان في السنة الاولى كان النصاب ناقصا في آخرها و فى السنة الثانية كان ناقصا في أولها فلم تجب الزكاة في السنتين فلا يقع المؤدى زكاة عنهما و لو كان له مائتا درهم فحال الحول وادي خمسة منها حتى انتقص منها خمسة ثم انه عجل عن السنة الثانية خمسة حتى انتقص منها خمسة أخرى فصار المال مائة و تسعين فتم الحول الثاني و قد استفاد عشرة حتى حال الحول على المائتين ذكر في الجامع أن الخمسة التي عجل للحول الثاني جائزة طعن عيسى ابن أبان و قال ينبغى أن لا تجزئه هذه الخمسة عن السنة الثانية لان الحول الاول لما تم وجبت الزكاة و صارت خمسة من المائتين واجبة و وجوب الزكاة يمنع وجوب الزكاة فانعقد الحول الثاني و النصاب ناقص فكان تعجيل الخمسة عن السنة الثانية تعجيلا حال نقصان النصاب فلم يجز و الواجب أن الزكاة تجب بعد تمام السنة الاولى و تمام السنة الاولى يتعقبه الجزء الاول من السنة الثانية و الوجوب ثبت مقارنا لذلك الجزء و النصاب كان كاملا في ذلك الوقت ثم انتقص بعد ذلك و هو حال وجود الجزء الثاني من السنة الثانية فكان ذلك نقصان النصاب في اثناء الحول و لا عبرة به عند وجود الكمال في طرفيه و قد وجد ههنا فجاز التعجيل لوجود حال كمال النصاب ( فصل )و أما حكم المعجل إذا لم يقع زكاة أنه ان وصل إلى يد الفقير يكون تطوعا سواء وصل إلى يده من يد رب المال أو من يد الامام أو نائبه و هو الساعي لانه حصل أصل القربة و انما التوقف في صفة الفرضية و صدقة التطوع لا يحتمل الرجوع فيها بعد وصولها إلى يد الفقير و ان كان المعجل في يد الامام قائما له أن يسترده لانه لما لم يصل إلى يد الفقير لم يتم الصرف لان يد المصدق في الصدقة المعجلة يد المالك من وجه لانه مخير في دفع المعجل اليه و ان كان يد الفقير من وجه من حيث انه يقبض له فلم يتم الصرف فلم تقع صدقة أصلا و ان هلك في يده لا يضمن عندنا و قال الشافعي ان استسلف الامام بغير مسألة رب المال و لا أهل السهمان يضمن و هذا فاسد لان الضمان انما يجب على الانسان بفعله و فعله الاخذ و انه مأذون فيه فلا يصلح سببا لوجوب الضمان و الهلاك ليس من صنعه بل هو محض صنع الله تعالى اعنى مصنوعه و لو دفع الامام المعجل إلى فقير فأيسر الفقير قبل تمام الحول أو مات أو ارتد جاز عن الزكاة عندنا و قال الشافعي يترده الامام الا أن يكون يساره من ذلك المال وجه قوله أن كون المعجل زكاة انما يثبت عند تمام الحول و هو ليس محل الصرف في ذلك الوقت فلا يقع زكاة الا إذا كان يساره من ذلك المال لانه حينئذ يكون أصلا فلا يقطع التبع عن أصله و لنا أن الصدقة لاقت كف الفقير فوقعت موقعها فلا تتغير بالغنا الحادث بعد ذلك كما إذا دفعها إلى الفقير بعد حولان الحول ثم أيسر و لو عجل زكاة ماله ثم هلك المال لم يرجع على الفقير عندنا و قال الشافعي يرجع عليه إذا كان قال له انها معجلة و هذا سديد لان الصدقة وقعت في محل الصدقة و هو الفقير بنية الزكاة فلا يحتمل الرجوع كما إذا لم يقل انها معجلة و لو كان له دراهم أو دنانير أو عروض للتجاره فعجل زكاة جنس منها ثم هلك بعض المال جاز المعجل عن الباقى لان الكل في حكم مال واحد بدليل أنه يضم البعض إلى البعض في تكميل النصاب فكانت نية التعيين في التعجيل لغوا كما لو كان له ألف درهم فعجل زكاة المائتين ثم هلك بعض المال و هذا بخلاف السوائم المختلفة بأن كان له خمس من الابل و أربعون من الغنم فعجل شاة عن خمس من الابل ثم هلكت الابل أن المعجل لا يجوز عن زكاة الغنم لانهما مالان مختلفان صورة و معنى فكان نية التعيين صحيحة فالتعجيل عن أحدهما لا يقع عن الآخر و الله أعلم ( فصل )و أما بيان ما يسقطها بعد وجوبها فالمسقط لها بعد الوجوب أحد الاشياء الثلاثة منها هلاك
(53)
النصاب بعد الحول قبل التمكن من الاداء و بعده عندنا و عند الشافعي لا يسقط بالهلاك بعد التمكن و المسألة قد مضت و منها الردة عندنا و قال الشافعي الردة لا تسقط الزكاة الواجبة حتى لو أسلم لا يجب عليه الاداء عندنا و عنده يجب وجه قوله أن المرتد قادر على اداء ما وجب عليه لكن بتقديم شرطه و هو الاسلام فإذا أسلم وجب عليه الاداء كالمحدث و الجنب انهما قادر ان على اداء الصلاة لكن بواسطة الطهارة فإذا وجدت الطهارة يجب عليهما الاداء كذا هذا و لنا قول النبي صلى الله عليه و سلم الاسلام يجب ما قبله و لان المرتد ليس من أهل اداء العبادة فلا يكون من أهل وجوبها فتسقط عنه بالردة و ما ذكر أنه قادر على الاداء بتقديم شرطه و هو الاسلام كلام فاسد لما فيه من جعل الاصل تبعا لتبعه و جعل التبع أصلا لمتبوعه على ما بينا فيما تقدم و منها موت من عليه الزكاة من وصية عندنا و عند الشافعي لا تسقط و جملة الكلام فيه أن من عليه الزكاة إذا مات قبل ادائها فلا يخلو اما ان كان أوصى بالاداء و اما ان كان لم يوص فان كان لم يوص تسقط عنه في أحكام الدنيا حتى لا تؤخذ من تركته و لا يؤمر الوصي أو الوارث بالاداء من تركته عندنا و عنده تؤخذ من تركته و على هذا الخلاف إذا مات من عليه صدقة الفطر أو النذر أو الكفارات أو الصوم أو الصلاة أو النفقات أو الخراج أو الجزية لانه لا يستوفى من تركته عندنا و عنده يتسوفى من تركته و ان مات من عليه العشر فان كان الخارج قائما فلا يسقط بالموت في ظاهر الرواية و روى عبد الله بن المبارك عن أبى حنيفة أنه يسقط و لو كان استهلك الخارج حتى صار دينا في ذمته فهو على هذا الاختلاف و ان كان أوصى بالاداء لا يسقط و يؤدى من ثلث ماله عندنا و عند الشافعي من جميع ماله و الكلام فيه بناء على أصلين أحدهما ما ذكرناه فيما تقدم و هو أن الزكاة عبادة عندنا و العبادة لا تتأدى الا باختيار من عليه اما بمباشرته بنفسه أو بأمره أو انابته غيره فيقوم النائب مقامه فيصير مؤديا بيد النائب و إذا أوصى فقد اناب و إذا لم يوص فلم ينب فلو جعل الوارث نائبا عنه شرعا من انابته لكان ذلك انابة جبرية و الجبر ينافى العبادة اذ العبادة فعل يأتيه العبد باختياره و لهذا قلنا انه ليس للامام أن يأخذ الزكاة من صاحب المال من اذنه جبرا و لو أخذ لا تسقط عنه الزكاة و الثاني أن الزكاة وجبت بطريق الصلة الا ترى أنه لا يقابلها عوض مالى و الصلات تسقط بالموت قبل التسليم و العشر مؤنة الارض و كما ثبت ثبت مشتركا لقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم و مما أخرجنا لكم من الارض أضاف المخرج إلى الكل الاغنياء و الفقراء جميعا فإذا ثبت مشتركا فلا يسقط بموته و عنده الزكاة حق العبد و هو الفقير فاشبه سائر الديون و انها لا تسقط بموت من عليه كذا هذا و لو مات من عليه الزكاة في خلال الحول ينقطع حكم الحول عندنا و عند الشافعي لا ينقطع بل يبنى الوارث عليه فإذا تم الحول أدى الزكاة و الكلام فيه أيضا مبنى على ما ذكرنا و هو أن الزكاة عبادة عندنا فيعتبر فيه جانب المؤدى و هو المالك و قد زال ملكه بموته فينقطع حوله و عنده ليست بعبادة بل هو مؤنة الملك فيعتبر قيام نفس الملك و انه قائم اذ الوارث يخلف المورث في عين ما كان للمورث و الله تعالى أعلم ( فصل )و أما زكاة الزروع و الثمار و هو العشر فالكلام في هذا النوع أيضا يقع في مواضع في بيان فرضيته و فى بيان كيفية الفرضية و فى بيان سبب الفرضية و فى بيان شرائط الفرضية و فى بيان القدر المفروض و فى بيان صفته و فى بيان من له ولاية الاخذ و فى بيان وقت الفرض و فى بيان ركنه و فى بيان شرائط الركن و فى بيان ما يسقطه و فى بيان ما يوضع في بيت المال من الاموال و فى بيان مصارفها أما الاول فالدليل على فرضيته الكتاب و السنة و الاجماع و المعقول أما الكتاب فقوله تعالى و آتوا حقه يوم حصاده قال عامة أهل التأويل ان الحق المذكور هو العشر أو نصف العشر فان قيل ان الله تعالى أمر بإيتاء الحق يوم الحصاد و معلوم أن زكاة الحبوب لا تخرج يوم الحصاد بل بعد التنقية و الكيل ليظهر مقدارها فيخرج عشرها فدل أن المراد به العشر فالجواب أن المراد منه و الله أعلم و آتوا حقه الذي وجب فيه يوم حصاده بعد التنقية فكان اليوم ظرفا للحق لا للايتاء على أن عند أبى حنيفة يجب العشر في الخضراوات و انما يخرج الحق منها يوم الحصاد و هو القطع و لا ينتظر شيء آخر فثبت أن الآية في العشر الا أن مقدار
(54)
هذا الحق مبين في الآية فكانت الآية مجملة في حق المقدار ثم صارت مفسرة ببيان النبي صلى الله عليه و سلم بقوله ما سقته السماء ففيه العشر و ما سقي بغرب أو دالية ففيه نصف العشر كقوله تعالى و آتوا الزكاة أنها مجملة في حق المقدار فبينه النبي صلى الله عليه و سلم بقوله في مائتي درهم خمسة دراهم فصار مفسرا كذا هذا و قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم و مما أخرجنا لكم من الارض و فى الآية دلالة على أن الفقراء حقا في المخرج من الارض حيث أضاف المخرج إلى الكل فدل على أن للفقراء في ذلك حقا كما أن للاغنياء فيدل على كون العشر حق الفقراء ثم عرف مقدار الحق بالسنة و أما السنة فما روينا و هو قوله صلى الله عليه و سلم ما سقته السماء ففيه العشر و ما سقي بغرب أو دالية ففيه نصف العشر و أما الاجماع فلان الامة أجمعت على فرضية العشر و أما المعقول فعلى نحو ما ذكرنا في النوع الاول لان إخراج العشر إلى الفقير من باب شكر النعمة و اقدار العاجز و تقويته على القيام بالغرائض و من باب تطهير النفس عن الذنوب و تزكيتها و كل ذلك لازم عقلا و شرعا و الله أعلم ( فصل )و أما الكلام في كيفية فرضية هذا النوع فعلى نحو الكلام في كيفية فرضية النوع الاول و قد مضى الكلام فيه ( فصل )و أما سبب فرضيته فالأَرض النامية بالخارج حقيقة و سبب وجوب الخراج الارض النامية بالخارج حقيقة أو تقديرا حتى لو أصاب الخارج آفة فهلك لا يجب فيه العشر في الارض العشرية و لا الخراج في الارض الخراجية لفوات النماء حقيقة و تقديرا و لو كانت الارض عشرية فتمكن من زراعتها فلم تزرع لا يجب العشر لعدم الخارج حقيقة و لو كانت أرض خراجية يجب الخراج لوجود الخارج تقديرا و لو كانت أرض الخراج نزة أو غلب عليها الماء بحيث لا يستطاع فيها الزراعة أو سبخة أو لا يصل إليها الماء فلا خراج فيه لانعدام الخارج فيه حقيقة و تقديرا و على هذا يخرج تعجيل العشر و انه على ثلاثة أوجه في وجه يجوز بلا خلاف و فى وجه لا يجوز بلا خلاف و فى وجه فيه خلاف أما الذي يجوز بلا خلاف فهو ان يعجل بعد الزراعة و بعد النبات لانه تعجيل بعد وجود سبب الوجوب و هو الارض النامية بالخارج حقيقة ألا ترى أنه لو قصله هكذا يجب العشر و أما الذي لا يجوز بلا خلاف فهو أن يعجل قبل الزراعة لانه عجل قبل الوجوب و قبل وجود سبب الوجوب لانعدام الارض النامية بالخارج حقيقة لانعدام الخارج حقيقة و أما الذي فيه خلاف فهو أن يعجل بعد الزراعة قبل النبات قال أبو يوسف يجوز و قال محمد لا يجوز وجه قول محمد ان سبب الوجوب لم يوجد لانعدام الارض النامية بالخارج لا الخارج فكان تعجيلا قبل وجود السبب فلم يجز كما لو عجل قبل الزراعة وجه قول أبى يوسف ان سبب الخروج موجود و هو الزراعة فكان تعجيلا بعد وجود السبب فيجوز و أما تعجيل عشر الثمار فان عجل بعد طلوعها جاز بالاجماع و ان عجل قبل الطلوع ذكر الكرخي انه على الاختلاف الذي ذكرنا في الزرع و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي انه لا يجوز في ظاهر الرواية و روى عن أبى يوسف انه يجوز و جعل الاشجار للثمار بمنزلة الساق للحبوب و هناك يجوز التعجيل كذا ههنا و وجه الفرق لابى حنيفة و محمد ان الشجر ليس بمحل لوجوب العشر لانه حطب ألا ترى انه لو قطعه لا يجب العشر فاما ساق الزرع فمحل بدليل انه لو قطع الساق قبل أن ينعقد الحب يجب العشر و يجوز تعجيل الخراج و الجزية لان سبب وجوب الخراج الارض النامية بالخارج تقديرا بالتمكن من الزراعة لا تحقيقا و قد وجد التمكن و سبب وجوب الجزية كونه ذميا و قد وجد و الله أعلم ( فصل )و أما شرائط الفرضية فبعضها شرط الاهلية و بعضها شرط المحلية أما شرط الاهلية فنوعان أحدهما الاسلام و انه شرط ابتداء هذا الحق فلا يبتدأ بهذا الحق الا على مسلم بلا خلاف لان فيه معنى العبادة و الكافر ليس من أهل وجوبها ابتداء فلا يبتدأ به عليه و كذا لا يجوز أن يتحول اليه في قول أبى حنيفة و عند أبى يوسف و محمد يجوز حتى ان الذمي لو اشترى أرض عشر من مسلم فعليه الخراج عنده و عند أبى يوسف عليه عشران
(55)
و عند محمد عليه عشر واحد وجه قول محمد ان الاصل ان كل أرض ابتدئت بضرب حق عليها أن لا يتبدل الحق بتبدل المالك كالخراج و الجامع بينهما ان كل واحد منهما مؤنة الارض لا تعلق له بالمالك حتى يجب في أرض مملوكة فلا يختلف باختلاف المالك و أبو يوسف يقول لما وجب العشر على الكافر كما قاله محمد فالواجب على الكافر بإسم العشر يكون مضاعفا كالواجب على التغلبي و يوضع موضع الخراج و لابي حنيفة ان العشر فيه معنى العبادة و الكافر ليس من أهل وجوب العبادة فلا يجب عليه العشر كما لا تجب عليه الزكاة المعهودة و لهذا لا تجب عليه ابتداء كذا في حالة البقاء و إذا تعذر إيجاب العشر عليه فلا سبيل إلى أن ينتفع الذمي بأرضه في دار الاسلام من حق يضرب عليها فضربنا عليها الخراج الذي فيه معنى الصغار كما لو جعل داره بستانا و اختلفت الرواية عن أبى حنيفة في وقت صيرورتها خراجية ذكر في السير الكبير انه كما اشترى صارت خراجية و فى رواية أخرى لا تصير خراجية ما لم يوضع عليها الخراج و انما يؤخذ الخراج إذا مضت من وقت الشراء مدة يمكنه أن يزرع فيها سواء زرع أو لم يزرع كذا ذكر في العيون في رجل باع أرض الخراج من رجل و قد بقي من السنة مقدار ما يقدر المشترى على زرعها فخراجها على المشترى و ان لم يكن بقي ذلك القدر فخراجها على البائع و اختلفت الرواية عن محمد في موضع هذا العشر ذكر في السير الكبير انه يوضع موضع الصدقة لان قدر الواجب لما لم يتغير عنده لا تتغير صفته ايضا و روى عنه انه يوضع موضع الخراج لان مال الصدقة لا يؤخذ فيه لكونه ما لا مأخوذا من الكافر فيوضع موضع الخراج و لو اشترى مسلم من ذمى أرضا خراجية فعليه الخراج و لا تنقلب عشرية لان الاصل ان مؤنة الارض لا تتغير بتبدل المالك الا لضرورة و فى حق الذمي إذا اشترى من مسلم أرض عشر ضرورة لان الكافر ليس من أهل وجوب العشر فاما المسلم فمن أهل وجوب الخراج في الجملة فلا ضرورة إلى التغيير بتبدل المالك و لو باع المسلم من ذمى أرضا عشرية فاخذها مسلم بالشفعة ففيها العشر لان الصفقة تحولت إلى الشفيع كانه باعها منه فكان انتقالا من مسلم إلى مسلم و كذلك لو كان البيع فاسدا فاستردها البائع منه لفساد البيع عادت الي العشر لان البيع الفاسد إذا فسخ يرتفع من الاصل و يصير كان لم يكن فيرتفع بأحكامه و لو وجد المشترى بها عيبا فعلى رواية السير الكبير ليس له أن يردها بالعيب لانها صارت خراجية بنفس الشراء فحدث فيها عيب زائد في يده و هو وضع الخراج عليها فمنع الرد بالعيب لكنه يرجع بحصة العيب و على الرواية الاخرى له أن يردها ما لم يوضع عليها الخراج لعدم حدوث العيب فان ردها برضا البائع لا تعود عشرية بل هى خراجية على حالها عند أبى حنيفة لان الرد برضا البائع بمنزلة بيع جديد و الارض إذا صارت خراجية لا تنقلب عشرية بتبدل المالك و لو اشترى التغلبي أرضا عشرية فعليه عشران في قول أبى حنيفة و أبى يوسف و عند محمد عليه عشر واحد أما محمد فقد مر على أصله ان كل مؤنة ضربت على أرض انها لا تتغير بتغير حال المالك و فقهه ما ذكرنا و هما يقولان الاصل ما ذكره محمد لكن يجوز أن تتغير إذا وجد المغير و قد وجد ههنا و هو قضية عمر رضى الله عنه فانه صالح بني تغلب على ان يؤخذ منهم ضعف ما يؤخذ من المسلمين بمحضر من الصحابة فان اسلم التغلبي أو باعها من مسلم لم يتغير العشر ان عند أبى حنيفة و عند أبى يوسف يتغير إلى عشر واحد وجه قوله ان العشرين كانا لكونه نصرانيا تغلبيا اذ التضعيف يختص بهم و قد بطل بالاسلام فيبطل التضعيف و لابي حنيفة ان العشرين كانا خراجا على التغلبي و الخراج لا يتغير بإسلام المالك لما ذكرنا ان المسلم من أهل وجوب الخراج في الجملة و لا يتفرع التغير على أصل محمد لانه كان عليه عشر واحد قبل الاسلام و البيع من المسلم فيجب عشر واحد كما كان و هكذا ذكر الكرخي في مختصره ان عند محمد يجب عشر واحد و ذكر الطحاوي في التغلبي يشترى أرض العشر من مسلم انه يؤخذ منه عشران في قولهم و الصحيح ما ذكره الكرخي لما ذكرنا من أصل محمد رحمه الله و لو اشترى التغلبي أرض عشر فباعها من ذمى فعليه عشران لما ذكرنا ان التضعيف على التغلبي بطريق الخراج و الخراج لا يتغير بتبدل المالك و روى الحسن عن أبى حنيفة ان عليه الخراج لان التضعيف يختص بالتغلبى و الله أعلم و الثاني العلم بكونه مفروضا