فصل واماركن اليمين فهو الخ - بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 3

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

(1)



الجزء الثالث من كتاب بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع تأليف
الامام علاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني الحنفي الملقب بملك العلماء المتوفى
سنة 587 هجرية ( الطبعة الاولى )


1409 ه 1989 م الناشر المكتبة الحبيبية كانسي رود
حاجي غيبي شوك كوئسه باكستان


(2)



بسم الله الرحمن الرحيم ( كتاب الايمان )


الكلام في هذا الكتاب
في أربعة مواضع في بيان أنواع اليمين و في بيان ركن كل نوع و في بيان شرائط الركن و
في بيان حكمه في بيان ان اليمين بالله تعالى على نية الحالف أو المستحلف أما الاول
فاليمين في القسمة الاولى ينقسم إلى قسمين يمين بالله سبحانه و هو المسمى بالقسم في
عرف اللغة و الشرع و يمين بغير الله تعالى و هذا قول عامة العلماء و قال أصحاب
الظاهر هي قسم واحد و هو اليمين بالله تعالى فاما الحلف بغير الله عز و جل فليس
بيمين حقيقة و انما سمى بها مجازا حتى ان من حلف لا يحلف فحلف بالطلاق أو العتاق
يحنث و عند عامة العلماء لا يحنث وجه قولهم ان اليمين انما يقصد بها تعظيم المقسم
به و لهذا كانت عادة العرب القسم بما جل قدره و عظم خطره و كثر نفعه عند الخلق من
السماء و الارض و للشمس و القمر و الليل و النهار و نحو ذلك و المستحق للتعظيم بهذا
النوع هو الله تعالى لان التعظيم بهذا النوع عبادة و لا تجوز العبادة الا لله تعالى
و لنا ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال من حلف بطلاق أو عتاق و
استثنى فلا حنث عليه سماه حلفا و الحلف و اليمين من الاسماء المترادفة الواقعة على
مسمى واحد و الاصل في إطلاق الاسم هو الحقيقة فدل ان الحلف بالطلاق و العتاق يمين
حقيقة و كذا مأخذ الاسم دليل عليه لانها أخذت من القوة قال الله تعالى لاخذنا منه
باليمين اي بالقوة و منه سميت اليد اليمين يمينا لفضل قوتها على الشمال عادة قال
الشاعر رأيت عرابة الاوسى يسمو إلى الخيرات منقطع القرين إذا ما راية رفعت لمجد
تلفاها عرابة باليمين اي بالقوة و معنى القوة يوجد في النوعين جميعا و هو ان الحالف
يتقوى بها على الامتناع من المرهوب و على التحصيل



(3)



في المرعوب و ذلك ان الانسان إذا دعاه طبعه إلى فعل لما يتعلق
به من اللذة الخاضرة فعقله يزجره عنه لما يتعلق به من العاقبة الوخيمة و ربما لا
يقاوم طبعه فيحتاج إلى ان يتقوى على الجري على موجب العقل فيحلف بالله تعالى لما
عرف من قبح هتك حرمة اسم الله تعالى و كذا إذا دعاه عقله إلى فعل تحسن عاقبته و
طبعه يستثقل ذلك فيمنعه عنه فيحتاج إلى اليمين بالله تعالى ليتقوى بها على التحصيل
و هذا المعنى يوجد في الحلف بالطلاق و العتاق لان الحالف يتقوى به على الامتناع من
تحصيل الشرط خوفا من الطلاق و العتاق الذي هو مستثقل على طبعه فثبت ان معنى اليمين
يوجد في النوعين فلا معنى للفصل بين نوع و نوع و الدليل عليه ان محمدا سمى الحلف
بالطلاق و العتاق في أبواب الايمان من الاصل و الجامع يمينا و قوله حجة في اللغة ثم
اليمين بالله تعالى منقسم ثلاثة أقسام في عرف الشرع يمين الغموس و يمين اللغو و
يمين معقودة و ذكر محمد في أول كتاب الايمان من الاصل و قال الايمان ثلاثة يمين
مكفرة و يمين لا تكفر و يمين نرجو ان لا يؤاخذ الله بها صاحبها و فسر الثالثة بيمين
اللغو و إنما أراد محمد بقوله الايمان ثلاث الايمان بالله تعالى لا جنس الايمان لان
ذلك كثير فان قيل كيف أخبر محمد عن انتفاء المؤاخذة بلغو اليمين بلفظه الترجي و
انتفاء المؤاخذة بهذا النوع من اليمين مقطوع به بنص الكتاب و هو قوله عز و جل لا
يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم فالجواب عنه من وجهين أحدهما ان يمين اللغو هي
اليمين الكاذبة لكن لا عن قصد بل خطأ أو غلطا على ما نذكر تفسيرها ان شاء الله
تعالى و التحرز عن فعله ممكن في الجملة و حفظ النفس عنه مقدور فكان جائز المؤاخذة
عليه لكن الله تعالى رفع المؤاخذة عليه رحمة و فضلا و لهذا يجب الاستغفار و التوبة
عن فعل الخطا و النسيان كذلك فذكر محمد لفظ الرجاء ليعلم ان الله تفضل برفع
المؤاخذة في هذا النوع بعد ما كان جائز المؤاخذة عليه و الثاني ان المؤاخذة و ان
كانت منتفية عن هذا النوع قطعا لكن العلم بمراد الله تعالى من اللغو المذكور مقطوع
به بل هو محل الاجتهاد على ما نذكره ان شاء الله تعالى و العلم الحاصل عن اجتهاد
علم غالب الرأي و أكثر الظن لا علم القطع فاستعمل محمد لفظة الرجاء لاحتمال ان لا
يكون مراد الله تعالى من اللغو المذكور ما أفضي اليه اجتهاد محمد فكان استعمال لفظة
الرجاء في موضعه و ذكر الكرخي و قال اليمين على ضربين ماض و مستقبل و هذه القسمة
صحيحة لان من شرط صحتها ان تكون محيطة بجميع اجزاء المقسوم به و لم يوجد لخروج
الحال عنها و انها داخلة في يمين الغموس و يمين اللغو على ما نذكر تفسيرهما فكانت
القسمة ناقصة و النقصان في القسمة من عيوب القسمة كالزيادة فكانت القسمة الصحيحة ما
ذكرنا لوقوعها حاصرة جميع أجزاء المقسوم بحيث لا يشذ عنها جزء و كذا ما ذكر محمد
صحيح الا انه بين كل نوع بنفسه و حكمه دفعة واحدة و نحن أخرنا بيان الحكم عن بيان
النوع سوقا للكلام على الترتيب الذي ضمناه أما يمين الغموس فهي الكاذبة قصدا في
الماضي و الحال على النفي أو على الاثبات و هي الخير عن الماضي أو الحال فعلا أو
تركا متعمدا للكذب في ذلك مقرونا بذكر اسم الله تعالى نحو ان يقول و الله ما فعلت
كذا و هو يعلم انه فعله أو يقول و الله لقد فعلت كذا و هو يعلم انه لم يفعله أو
يقول و الله ما لهذا على دين و هو يعلم ان له عليه دينا فهذا تفسير يمين الغموس و
أما يمين اللغو فقد اختلف في تفسيرها قال أصحابنا هي اليمين الكاذبة خطأ أو غلطا في
الماضي أو في الحال و هي ان يخبر عن الماضي أو عن الحال على الظن ان المخبر به كما
أخبر و هو بخلافه في النفي أوفى لاثبات نحو قوله و الله ما كلمت زيدا و في ظنه انه
لم يكلمه أو و الله لقد كلمت زيد ا و في ظنه انه كلمه و هو بخلافه أو قال و الله ان
هذا الجائي لزيد ان هذا الطائر لغراب و في ظنه انه كذلك ثم تبين بخلافه و هكذا روى
ابن رستم عن محمد انه قال اللغو ان يحلف الزجل على الشيء و هو يرى انه حق و ليس بحق
و قال الشافعي يمين اللغو هي اليمين التي لا يقصدها الحالف و هو ما يجرى على السن
الناس في كلامهم من قصد اليمين من قولهم لا و الله بلى و الله سواء كان في الماضي
أو الحال أو المستقبل و أما عندنا فلا لغو في المستقبل بل اليمين على أمر في
المستقبل يمين معقودة و فيها الكفارة إذا حنث قصد اليمين أو لم يقصد و إنما اللغو
في الماضي و الحال فقط و ما ذكر محمد على أثر حكايته عن أبي حنيفة ان اللغو ما يجرى
بين الناس من قولهم لا و الله و بلى و الله فذلك محمول عندنا على الماضي أو الحال و
عندنا ذلك لغو فيرجع حاصل الخلاف بيننا و بين الشافعي في يمين



(4)



لا يقصدها الحالف في المستقبل عندنا ليس بلغو و فيها الكفارة و
عنده هي لغو و لا كفارة فيها و قال بعضهم يمين اللغو هي اليمين على المعاصي نحو ان
يقول و الله لا أصلي صلاة الظهر و لا اصوم صوم شهر رمضان أو لا أكلم أبوي أو يقول و
الله لاشربن الخمر أو لا زنين أو لاقتلن فلانا ثم منهم من يوجب الكفارة إذا حنث في
هذه اليمين و منهم من لا يوجب وجه قول هؤلاء ان اللغو هو الاثم في اللغة قال الله
تعالى و إذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه أي كلاما فيه إثم فقالوا ان معنى قوله تعالى لا
يؤاخدكم الله باللغو في أيمانكم أي لا يؤاخذكم الله بالاثم في أيمانكم على المعاصي
بنقضها و الحنث فيها لان الله تعالى جعل قوله في سورة البقرة لا يؤاخذكم الله
باللغو في أيمانكم صلة قوله عز و جل و لا تجعلوا الله عرضة لايمانكم ان تبروا و
تتقوا و تصلحوا بين الناس و قيل في القصة ان الرجل كان يحلف ان لا يصنع المعروف و
لا يبر و لا يصل اقرباءه و لا يصلح بين الناس فإذا أمر بذلك يتعلل و يقول إنى حلفت
على ذلك فاخبر الله تعالى بقوله سبحانه لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم الآية
لانه لا مأثم عليهم بنقض ذلك اليمين و تحنيث النفس فيها و ان المؤاخذ بالاثم فيها
بحفظها و الاصرار عليها بقوله و لكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم و بقوله تعالى و لكن
يؤاخذكم بما عقدتم الايمان ثم منهم من أوجب الكفارة لقوله تعالى في هذه الآية
فكفارته إلى قوله ذلك كفارة ايمانكم إذا حلفتم اي حلفتم و حنثتم و منهم من لم يوجب
فيها الكفارة أصلا لما نذكر ان شاء الله تعالى في بيان حكم اليمين وجه قول الشافعي
ما روى عن عائشة رضى الله عنها انها سئلت عن يمين اللغو فقالت هي ان يقول الرجل في
كلامه لا و الله و بلى و الله و عن عطاء رضى الله عنه انه سئل عن يمين اللغو فقال
قالت عائشة رضى الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال هو كلام الرجل في
بيته لا و الله و بلى و الله فثبت موقوفا و مرفوعا ان تفسير يمين اللغو ما قلنا من
فصل بين الماضي و المستقبل فكان لغوا على كل حال إذا لم يقصده الحالف و لان الله
تعالى قابل يمين اللغو باليمين المكسوبة بالقلب بقوله عز و جل لا يؤاخذكم الله
باللغو في ايمانكم و لكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم و المكسو بة هى المقصودة فكان
المقصودة داخلا في قسم اللغو تحقيقا للمقابلة ( و لنا )


قوله تعالى لا يؤاخذكم الله
باللغو في ايمانكم و لكن يؤاخذكم بما عقدتم الايمان قابل يمين اللغو باليمين
المعقودة و فرق بينهما في المؤاخذة و نفيها فيجب ان تكون يمين اللغو اليمين
المعقودة تحقيقا للمقابلة و اليمين في المستقبل يمين معقودة سواء وجد القصد أو لا و
لان اللغو في اللغة اسم للشيء الذي لا حقيقة له قال الله تعالى لا يسمعون فيها لغوا
و لا تأثيما أى باطلا و قال عز و جل خبرا عن الكفرة و الغوا فيه لعلكم تغلبون و ذلك
فيما قلنا و هو الحلف بما لا حقيقة له بل على ظن من الحالف ان الامر كما حلف عليه و
الحقيقة بخلافه و كذا ما يجرى على اللسان من قصد لكن في الماضي أو الحال فهو مما لا
حقيقة له فكان لغوا و لان اللغو لما كان هو الذي لا حقيقة له كان هو الباطل الذي لا
حكم له فلا يكون يمينا معقودة لان لها حكما ألا ترى ان المؤاخذة فيها ثابتة و فيها
الكفارة بالنص فدل ان المراد من اللغو ما قلنا و هكذا روى عن ابن عباس رضى الله
عنهما في تفسير يمين اللغو هى ان يحلف الرجل على اليمين الكاذبة و هو يرى انه صادق
و به تبين أن المراد من قول عائشة رضى الله عنها و قول رسول الله صلى الله عليه و
سلم ان يمين اللغو ما يجرى في كلام الناس لا و الله و بلى و الله في الماضي لا في
المستقبل و الدليل عليه أنها فسرتها بالماضي في بعض الروايات و روى عن مطر عن رجل
قال دخلت انا و عبد الله بن عمر على عائشة رضى الله عنها فسألتها عن يمين اللغو
فقالت قول الرجل فعلنا و الله كذا و صنعنا و الله كذا فتحمل تلك الرواية على هذا و
توفيقا بين الروايتين اذ المجمل محمول على المفسر و أما قوله ان الله سبحانه و
تعالى قابل اللغو باليمين المكسوبة فنقول في تلك الآية قابلها بالمكسوبة و في هذه
الآية قابلها بالمعقودة و متى أمكن حمل الآيتين على التوافق كان أولى من الحمل على
التعارض فنجمع بين حكم الآيتين فنقول يمين اللغو التي هى مكسوبة و غير معقودة و
المخالف عطل احدى الآيتين فكنا أسعد حالا منه و أما قوله تعالى و لا تجعلوا الله
عرضة لايمانكم ان تبروا الآية فقد روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ان ذلك نهي عن
الحلف على الماضي معناه و لا تجعلوا الله عرضة لايمانكم ان تبروا أى لا تحلفوا ان



(5)



فصل واماركن اليمين فهو الخ


لا تبروا و يجوز إضمار حرف لا في موضع القسم و غيره قال الله
تعالى و لا يأتل أولو الفصل منكم و السعة ان يؤتوا أولى القربى أى لا يؤتوا و يحتمل
ان تكون الآية عامة أى لا تحلفوا لكي تبروا فتجعلوا الله عرضة بالحنث بعد ذلك بترك
التعظيم بترك الوفاء باليمين يقال فلان عرضة للناس أى لا يعظمونه و يقعون فيه فيكون
هذا نهيا عن الحلف بالله تعالى إذا لم يكن الحالف على يقين من الاصرار على موجب
اليمين و هو البر أو غالب الرأي و الله عز و جل أعلم و أما اليمين المعقودة فهي
اليمين على أمر في المستقبل نفيا أو إثباتا نحو قوله و الله لا أفعل كذا و كذا و
قوله و الله لافعلن كذا ( فصل )


و أما ركن اليمين بالله تعالى فهو اللفظ الذي
يستعمل في اليمين بالله تعالى و انه مركب من المقسم عليه و المقسم به ثم المقسم به
قد يكون صفة و الاسم قد يكون مذكورا و قد يكون محذوفا و المذكور قد يكون صريحا و قد
يكون كناية أما الاسم صريحا فهو ان يذكر أسما من أسماء الله تعالى أى اسم كان سواء
كان اسما خاصا لا يطلق الا على الله تعالى نحو الله و الرحمن أو كان يطلق على الله
تعالى و على غيره كالعليم و الحكيم و الكريم و الحليم و نحو ذلك لان هذه الاسماء و
ان كانت تطلق على الخلق و لكن تعين الخالق مرادا بدلالة القسم اذ القسم بغير الله
تعالى لا يجوز فكان الظاهر انه أراد به اسم الله تعالى حملا لكلامه على الصحة الا
ان ينوى به الله تعالى فلا يكون يمينا لانه نوى ما يحتمله كلامه فيصدق في أمر بينه
و بين ربه و حكى عن بشر المريسي فيمن قال و الرحمن انه ان قصد اسم الله تعالى فهو
حالف و ان أراد به سورة الرحمن فليس بحالف لكانه حلف بالقرآن و سواء كان القسم بحرف
الباء أو الواو أو التاء بان قال بالله أو و الله أو تالله لان القسم بكل ذلك من
عادة العرب ورد به الشرع أيضا قال الله تعالى و الله ربنا ما كنا مشركين و قال و
تالله لاكيدن أصنامكم و قال تعالى خبرا عن اخوة يوسف قالو تالله تفتؤ تذكر يوسف و
قال عز و جل تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك و قال عز و جل و اقسموا بالله و قال
عز و جل و يحلفون بالله تعالى و قد روينا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال
لا تحلفوا بآبائكم و لا بالطواغيت فمن كان منكم حالفا فليحلف بالله أو ليدع الا ان
الباء هى الاصل و ما سواها دخيل قائم مقامها فقول الحالف بالله أى احلف بالله لان
الباء حرف إلصاق و هو إلصاق الفعل بالاسم و ربط الفعل بالاسم و النحويون يسمون
الباء حرف إلصاق و حرف الربط و حرف الآلة و التسبيب فانك إذا قلت كتبت بالقلم فقد
الصقت الفعل بالاسم و ربطت أحدهما بالآخر فكان القلم آلة الكتابة و سببا يتوصل به
إليها فإذا قال بالله فقد ألصق الفعل المحذوف و هو قوله احلف بالاسم و هو قوله
بالله و جعل اسم الله آلة للحلف و سببا يتوصل به اليه الا انه لما كثر استعمال هذه
اللفظة أسقط قوله احلف و اكتفى بقوله بالله كما هو دأب العرب من حذف البعض و إبقاء
البعص عند كثرة الاستعمال إذا كان فيما بقي دليلا على المحذوف كما في قولهم بإسم
الله و نحو ذلك و انما خفض بالاسم لان الباء من حروف الخفض و الواو قائم مقامه فصار
كأن الباء هو المذكور و كذا التاء قائم مقام الواو فكان الواو هو المذكور الا ان
الباء تستعمل في جميع ما يفسم به من أسماء الله و صفاته و كذا الواو فاما التاء
فانه لا يستعمل الا في اسم الله تعالى تقول تالله و لا تقول تالرحمن و تعزة الله
تعالى لمعنى يذكر في النحو و لو لم يذكر شيأ من هذه الادوات بان قال الله لا أفعل
كذا يكون يمينا لما روى أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حلف ركانة بن زيد أو زيد
ابن ركانة حين طلق إمرأته البتة و قال الله ما أردت بالبيت الا واحدة و به تبين ان
الصحيح ما قاله الكوفيون و هو ان يكون بالكسر لان النبي صلى الله عليه و سلم ذكر
الله بالكسر و هو أفصح العرب صلى الله عليه و سلم و كذا روى عن ابن عمر و غيره من
الصحابة انه سأله واحد و قال له كيف أصبحت قال خير عافاك الله بكسر الراء و لو قال
لله هل يكون يمينا لم يذكر هذا في الاصل و قالوا انه يكون يمينا لان الباء توضع
موضع اللام يقال آمن بالله و امن له بمعنى قال الله تعالى في قصة فرعون آمنتم له و
في موضع آخر آمنتم به و القصة واحدة و لو قال و ربي و رب العرش أو رب العالمين كان
حالفا لان هذا من الاسماء الخاصة بالله تعالى لا يطلق على غيره ( و أما )


الصفة
فصفات الله تعالى مع انها كلها لذاته على ثلاثة أقسام منها ما لا يستعمل في عرف
الناس و عاداتهم الا في الصفة نفسها فالحلف بها يكون يمينا و منها ما يستعمل في
الصفة و في


(6)



غيرها استعمالا على السوآء فالحلف بها يكون يمينا أيضا و منها
ما يستعمل في الصفة و في غيرها لكن استعمالها في الصفة هو الغالب فالحلف بها لا
يكون يمينا و عن مشايخنا من قال ما تعارفه الناس يمينا يكون يمينا إلا ما ورد الشرع
بالنهي عنه و ما لم يتعارفوه يمينا لا يكون يمينا و بيان هذه الجملة إذا قال و عزه
الله و عظمة الله و جلالة و كبريائه يكون حالفا لان هذه الصفات إذا ذكرت في العرف و
العادة لا يراد بها الا نفسها فكان مراد الحالف بها الحلف بالله تعالى و كذا الناس
يتعارفون الحلف بهذه الصفات و لم يرد الشرع بالنهي عن الحلف بها و كذا لو قال و
قدرة الله تعالى و قوته و ارادته و مشيئته و رضاه و محبته و كلامه يكون حالفا لان
هذه الصفات و ان كانت تستعمل في الصفة كما تستعمل في الصفة لكن الصفة تعينت مرادة
بدلالة القسم اذ لا يجوز القسم بغير اسم الله تعالى و صفاته فالظاهر إرادة الصفة
بقرينة القسم و كذا الناس يقسمون بها في المتعارف فكان الحلف بها يمينا و لو قال و
رحمة الله أو غضبه أو سخطه لا يكون هذا يمينا لانه يراد بهذه الصفات آثارها عادة لا
نفسها فالرحمة يراد بها الجنة قال الله تعالى ففي رحمة الله هم فيها خالدون و الغضب
و السخط يراد به أثر الغضب و السخط عادة و هو العذاب و العقوبة لا نفس الصفة فلا
يصير به حالفا إلا إذا نوى به الصفة و كذا العرب ما تعارفت القسم بهذه الصفات فلا
يكون الحلف بها يمينا و كذا و علم الله لا يكون يمينا استحسانا و القياس أن يكون
يمينا و هو قول الشافعي لان علم الله تعالى صفة كالعزة و العظمة ( و لنا )


انه يراد
به المعلوم عادة يقال أللهم اغفر لنا علمك فينا أي معلومك منا و من زلاتنا و يقال
هذا علم أبي حنيفة أي معلومه لان علم أبي حنيفة قائم بأبي حنيفة لا يزايله و معلوم
الله تعالى قد يكون الله تعالى من العالم بأعيانها و اعراضها و المعدومات كلها لان
المعدوم معلوم فلا يكون الحلف به يمينا الا إذا أراد به الصفة و كذا العرب لم
تتعارف القسم بعلم الله تعالى فلا يكون يمينا بدون النية و سئل محمد عمن قال و
سلطان الله فقال لا أرى من يحلف بهذا أي لا يكون يمينا و ذكر القدوري انه ان أراد
بالسلطان القدرة يكون حالفا كما لو قال و قدرة الله و ان أراد المقدور لا يكون
حالفا لانه حلف بغير الله و لو قال و أمانة الله ذكر في الاصل انه يكون يمينا و ذكر
إبن سماعة عن أبي يوسف انه لا يكون يمينا و ذكر الطحاوي عن أصحابنا جميعا انه ليس
بيمين وجه ما ذكره الطحاوي ان أمانة الله فرائضه التي تعبد عباده بها من الصلاة و
الصوم و غير ذلك قال الله تعالى إنا عرضنا الامانة على السموات و الارض و الجبال
فأبين ان يحملنها و أشفقن منها و حملها الانسان فكان حلفا بغير إسم الله عز و جل
فلا يكون يمينا ( وجه )


ما ذكره في الاصل ان الامانة المضافة إلى الله تعالى عند
القسم يراد بها صفته ألا ترى ان الامين من أسماء الله تعالى و انه اسم مشتق من
الامانة فكان المراد بها عند الاطلاق خصوصا في مواضع القسم صفة الله و لو قال و عهد
الله فهو يمين لان العهد يمين لما يذكر فصار كأنه قال و يمين الله و ذلك يمين فكذا
هذا و لو قال بإسم الله لا افعل كذا يكون يمينا كذا روى عن محمد لان الاسم و المسمى
واحد عند أهل السنة و الجماعة فكان الحلف بالاسم حلفا بالذات كانه قال بالله و لو
قال و وجه الله فهو يمين كذا روى ابن سماعة عن أبي يوسف عن أبي حنيفة لان الوجه
المضاف إلى الله تعالى يراد به الذات قال تعالى كل شيء هالك الا وجهه أي ذاته و قال
عز و جل و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الاكرام أي ذاته و ذكر الحسن بن زياد عن أبي
حنيفة ان الزجل إذا قال و وجه الله لا أفعل كذا ثم فعل انها ليست بيمين و قال ابن
شجاع انها ليست من ايمان الناس انما هي حلف السفلة و روى المعلى عن محمد إذا قال لا
اله إلا الله لا أفعل كذا و كذا لا يكون يمينا إلا ان ينوي يمينا و كذا قوله سبحان
الله و الله أكبر لا أفعل كذا لان العادة ما جرت بالقسم بهذا اللفظ و انما يذكر هذا
قبل الخبر على طريق التعجب فلا يكون يمينا الا إذا نوى اليمين فكانه حذف حرف القسم
فيكون حالفا و عن محمد فيمن قال و ملكوت الله و جبروت الله انه يمين لانه من صفاته
التي لا تستعمل الا في الصفة فكان الحلف به يمينا كقوله و عظمة الله و جلالة و
كبريائه و لو قال و عمر الله لا أفعل كذا كان يمينا لان هذا حلف ببقاء الله و هو لا
يستعمل الا في الصفة و كذا الحلف به متعارف قال الله عز و جل لعمرك انهم لفي سكرتهم
يعمهون و قال طرفة

/ 37