فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ - بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 3

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
(63)

إذا كانت تستبين في السويق و يوجد طعمه يحنث و ان كان لا يوجد
طعمه و لا يرى مكانه لم يحنث لانها إذا استبانت لم تصر مستهلكة فكأنه أكل السمن
بنفسه منفردا و إذا لم يستبن فقد صارت مستهلكة فلا يعتد بها و روى المعلى عن محمد
انه ان كان السمن مستبينا في السويق و كان إذا عصر سأل السمن حنث و ان كان على ذلك
لم يحنث و هذا لا يوجب اختلاف الرواية لامكان التوفيق بين القولين لانه إذا كان
يحنث إذا عصر سأل السمن لم يكن مستهلكا و إذا لم يسل كان مستهلكا و إذا اختلط
المحلوف عليه بجنسه كاللبن المحلوف عليه إذا اختلط بلبن آخر قال أبو يوسف هذا و
الاول سواء و تعتبر فيه الغلبة و ان كانت الغلبة لغير المحلوف عليه لم يحنث و قال
محمد يحنث و ان كان مغلوبا فمن أصل محمد أن الشيء لا يصير مستهلكا بجنسه و انما
يصير مستهلكا بغير جنسه و إذا لم يصر مستهلكا بجنسه صار كأنه مغلوب و قال المعلى عن
محمد في رجل حلف لا يشرب من هذه الخمر فصبها في ماء فغلب على الخمر حتى ذهب لونها و
طعمها فشربه لم يحنث فقد قال مثل قول أبى يوسف و لو حلف على ماء من ماء زمزم لا
يشرب منه شيأ فصب عليه ماء من غيره كثيرا حتى صار مغلوبا فشربه يحنث لما ذكرنا من
أصله أن الشيء لا يصير مستهلكا بجنسه و لو صبه في بئر أو حوض عظيم لم يحنث قال لانى
لا أدري لعل عيون البئر تغور بما صب فيها و لا أدري لعل اليسير من الماء الذي صب في
الحوض العظيم لم يختلط به كله و لو حلف لا يشرب هذا الماء العذب فصبه في ماء مالح
فغلب عليه ثم شربه لم يحنث فجعل الماء مستهلكا بجنسه إذا كان على صفته قال و كذلك
إذا حلف لا يشرب لبن ضأن فخلطه بلبن معز فانه تعتبر الغلبة لانهما نوعان فكانا
كالجنسين قال الكرخي و لو قال لا أشرب لبن هذه الشاة لشاة معز أو ضأن ثم خلطه بغيره
من لبن ضأن أو معز حنث إذا شربه و لا تعتبر الكثرة و الغلبة و علل فقال لانه ليس في
يمينه ضأن و لو معز و معناه ان يمينه وقعت على لبن و اختلاطه بلبن آخر لا يخرجه من
أن يكون لبنا و اليمين في المسألة الاولى وقعت على لبن الضأن فإذا غلب عليه لبن
المعز فقد استهلكت صفته و استشهد محمد للفرق بين المسئلتين فقال و لا تشبه الشاة
إذا حلف عليها بعينها حلفه على لبن المعز الا يرى أنه لو قال و الله لا أشترى رطبا
فاشترى كباسة بسر فيها رطبتان أو ثلاث لم يحنث لان هذا انما هو الغالب و لو قال و
الله لا أشترى هذه الرطبة لرطبة في كباسة ثم اشترى الكباسة حنث و نظير هذا ما ذكر
ابن سماعة عن محمد في رجل قال و الله لا آكل ما يجئ به فلان يعنى ما يجئ به من طعام
أو لحم أو غيره لك مما يؤكل فدفع الحالف إلى المحلوف عليه لحما ليطبخه فطبخه و ألقى
فيه قطعة من كرش بقر ثم طبخ القدر به فأكل الحالف من المرق قال محمد لا أراه يحنث
إذا ألقى فيه من اللحم ما لا يطبخ وحده و يتخذ منه مرقة لقلته و ان كان مثل ذلك
يطبخ و يكون له مرقة فانه يحنث لانه جعل اليمين على اللحم الذي يأتى به فلان و على
مرقته و المرقة لا تكون الا بدسم اللحم الذي جاء به فإذا اختلط به لحم لا يكون له
مرق لقلته فلم يأكل ما جاء به فلان و إذا كان مما يفرد بالطبخ و يكون له مرق و
المرق جنس واحد فلم تعبر فيه الغلبة و حنث و قد قال محمد فيمن من قال لا آكل ما يجئ
به فلان فجاء فلان بلحم فشواه و جعل تحته أرزا للحالف فأكل الحالف من جوانبه حنث و
كذلك لو جاء المحلوف عليه بحمص فطبخه فأكل الحالف من مرقته و فيه طعم الحمص حنث و
كذلك لو جاء برطب فسأل منه رب فأكل منه أو جاء بزيتون فعصر فأكل من زيته حنث قال
ابن سماعة عن أبي يوسف في رجل قال و الله لا أكل من ثمرة هذا البستان و فيه نخل
يحصى أولا آكل من ثمرة هذا النخل و هي عشرة أو ثلاث أو لا آكل من ثمرة هاتين
النخلتين أو من هاتين الرطبتين أو من هذه الثلاث التفاحات أو من هذين الرغيفين أو
لا أشرب من لبن هاتين الشاتين فأكل بعض ذلك أو شرب بعضه فانه يحنث لانه منع نفسه من
أكل بعض المذكور و شرب بعضه لان كلمة من للتبعيض فإذا أكل البعض أو شرب حنث قال أبو
يوسف و لو قال و الله لا أشرب لبن هاتين الشاتين و لم يقل من فانه لا يحنث حتى يشرب
من لبن كل شاة لانه حلف على شرب لبنهما فلا يحنث بشرب لبن احداهما و إذا شرب جزأ من
لبن كل واحدة منهما حنث لان الانسان لا يمكنه أن


(64)

يشرب جميع لبن الشاة فلا يقصد بيمينه منع نفسه عن ذلك فينعقد
يمينه على البعض كما إذا حلف لا يشرب ماء البحر قال و ان كان لبن قد حلب فقال و
الله لا أشرب لبن هاتين الشاتين للبن بعينه فان كان لبنا يقدر على شربه في مرة
واحدة لم يحنث بشرب بعضه و ان كان لبنا لا يستطيع شربه في مرة واحدة يحنث بشرب بعضه
لان يمينه وقعت على شرب الكل حقيقة فإذا استطاع شربه دفعة واحدة أمكن العمل
بالحقيقة و إذا لم يستطع شربه دفعة يحمل على الجزء كما في ماء البحر و على هذا إذا
قال لا آكل هذا الطعام و هو لا يقدر على أكله دفعة واحدة نظير هذا ما قالوا فيمن
قبض من رجل دينا عليه فوجد فيه درهمين زائفين فقال و الله لا آخذ منهما شيأ فأخذ
أحدهما حنث لان كلمة من للتبعيض و قال ابن رستم عن محمد إذا قال و الله لا آكل لحم
هذا الحروف فهذا على بعضه لانه لا يمكن أكل كله مرة واحدة عادة و ذكر في الاصل فيمن
قال لا آكل هذه الرمانة ان فأكلها الا حبة أو حبتين حنث في الاستحسان لان ذلك القدر
لا يعتد به فانه يقال في العرف لمن أكل رمانة و ترك منها حبة أو حبتين انه أكل
رمانة و ان ترك نصفها أو ثلثها أو ترك أكثر مما يجرى في العرف انه يسقط من الرمانة
لم يحنث لانه لا يسمى آكلا لجميعها و لو قال و الله لا أبيعك لحم هذا الخروف أو
خابية الزيت فباع بعضها لم يحنث لانه يمكن حمل اليمين ههنا على الحقيقة لان بيع
الكل ممكن و قد قال ابن سماعة فيمن قال لا أشترى من هذه الرجلين انه لا يحنث حتى
يشترى منهما و لا يشبه هذا قوله لا آكل هذين الرغيفين لان من للتبعيض و يمكن العمل
بالتبعيض في الاكل و لا يمكن في الشراء لان البيع لا يتبعض فيحمل على ابتداء الغاية
فقد ذكر في الاصل و الجامع فيمن حلف لا يتزوج النساء أو لم يكلم بني آدم أنه يقع
على الواحد لتعذر الحمل على الكل فيحمل على بعض الجنس و قد ذكرناه فيما تقدم و لو
حلف لا يأكل من كسب فلان فالكسب ما صار للانسان ان يفعله كالايجاب و القبول في
البيع و الاجارة و القبول في الهبة و الصدقة و الوصية و الاخذ في المباحات فأما
الميراث فلا يكون كسبا للوارث لانه يملكه من صنعه و لو مات المحلوف عليه و قد كسب
شيأ فورثه رجل فأكل الحالف منه حنث لان ما في يد الوارث يسمى كسب الميت بمعنى
مكسوبه عرفا فلو انتقل عنه إلى غيره بغير الميراث لم يحنث لانه صار للثاني بفعله
فبطلت الاضافة إلى الاول قال أبو يوسف و كذلك إذا قال لا آكل مما ملكت أو مما يملك
له أو من ملكك فإذا خرج من ملك المحلوف عليه إلى ملك غيره فأكل منه الحالف لم يحنث
لانه إذا ملكه الثاني لم يبق ملك الاول فلم يبق مضافا اليه بالملك قال و كذلك إذا
حلف لا يأكل مما اشترى فلان أو مما يشترى فاشترى المحلوف لنفسه أو لغيره فأكل منه
الحالف حنث فان باعه المحلوف عليه من غيره بامر المشترى له ثم أكل منه الحالف لم
يحنث لان الشراء إذا طرأ على الشراء بطلت الاضافة الاولى و تجددت اضافة أخرى لم
تتناولها اليمين و انما كان الشراء لغيره و لنفسه سواء لان حقوق العقد تتعلق
بالمشتري فكانت الاضافة اليه لا إلى المشترى له قال و كذلك لو حلف لا يأكل من ميراث
فلان شيأ فمات فلان فأكل من ميراثه حنث فان مات وارثه فاورث ذلك الميراث فأكل منه
الحالف لم يحنث لنسخ الميراث الاخير الميراث الاول كذا ذكر لان الميراث إذا طرأ على
الميراث بطلت الاضافة الاولى و من هذا القبيل ما قالوا فيمن حلف لا يأكل مما زرع
فلان فباع فلان زرعه فأكله الحالف عند المشترى حنث لان الاضافة إلى الاول لا تبطل
بالبيع فان بذره المشترى و زرعه فاكل الحالف من هذا الزرع فانه لا يحنث لان الاضافة
بالزرع انما تكون إلى الثاني دون الاول و على هذا لو حلف لا يأكل من طعام يصنعه
فلان أو من خبز يخبزه فلان فتناسخته الباعة ثم أكل الحالف منه فانه يحنث لانه يقال
هو من خبز فلان و من طبيخه و ان باعه و كذلك لو حلف لا يلبس ثوبا من نسج فلان فنسج
فلان ثوبا فباعه لان البيع لا يبطل الاضافة و لو كان ثوب خز فنقض و نسجه آخر ثم
لبسه الحالف لم يحنث لان النسج الثاني أبطل الاضافة الاولى و لو حلف لا يشترى ثوبا
مسه فلان فمس فلان ثوبا و تناسخته الباعة فانه يحنث إذا اشتراه لان الاضافة بالمس
لا تبطل البيع صار كانه قال لا أشترى ثوبا كان فلان مسه و قال بشر عن أبى يوسف في
رجل حلف أن لا يأكل من هذه

(65)

الدراهم فاشترى بها طعاما فاكله حنث و ان بدلها بغيرها و اشترى
مما أبدل طعاما فاكله لم يحنث لان الدراهم بعينها لا تحتمل الاكل و انما أكلها في
المتعارف أكل ما يشترى بها و لما اشترى ببدلها لم يوجد أكل ما اشترى بها فلا يحنث و
كذلك لو حلف لا يأكل من ثمن هذا العبد فاشترى بثمنه طعاما فاكله و لو حلف لا يأكل
من ميراث أبيه شيأ و أبوه حى فمات أبوه فورث منه ما لا فاشترى به طعاما فأكله ففى
القياس ينبغى ان لا يحنث لان الطعام المشترى ليس بميراث و في الاستحسان يحنث لان
المواريث هكذا تؤكل و يسمى ذلك أكل الميراث عرفا و عادة فان اشترى بالميراث شيأ
فاشترى بذلك الشيء طعاما فأكله لم يحنث لانه مشتر بكسبه و ليس بمشتر بميراثه و قال
أبو يوسف في الميراث بعينه إذا حلف عليه فغيره و اشترى به لم يحنث لما قلنا قال فان
كان قال لا آكل ميراثا يكون لفلان فكيف ما غيره فأكله حنث لان اليمين المطلقة تعتبر
فيها الصفة المعتادة و في العادة انهم يقولون لما ورثه الانسان انه ميراث و ان غيره
و قال المعلى عن أبى يوسف إذا حلف لا يطعم فلانا مما ورث من أبيه شيأ فان كان ورث
طعاما فأطعمه منه حنث فان اشترى بذلك الطعام طعاما فأطعمه منه لم يحنث لان اليمين
وقعت على الطعام الموروث فإذا باعه بطعام آخر فالثاني ليس بموروث و قد أمكن حمل
اليمين على الحقيقة فلا تحمل على المجاز و ان كان ورث دراهم فاشترى بها طعاما
فأطعمه منه حنث لانه لا يمكن حمل اليمين على الحقيقة فحملت على المجاز و قال هشام
سمعت محمدا يقول في رجل معه دراهم حلف ان لا يأكلها فاشترى بها دنانير أو فلوسا ثم
اشترى بالدنانير أو الفلوس طعاما فأكله لم يحنث فان حلف لا يأكل هذه الدراهم فاشترى
بها عرضا ثم باع ذلك العرض بطعام فأكله فانه لا يحنث لان العادة في قوله لا أشترى
بهذه الدراهم الامتناع من إنفاقها في الطعام و النفقة تارة تكون بالابتياع و تارة
بتصريفها بما ينفق فحملت اليمين على العادة فاما ابتياع العروص بالدراهم فليس بنفقة
في الطعام في العادة فلا تحمل اليمين عليه و هذا خلاف ما حكاه عن أبى يوسف و قال
ابن رستم فيمن قال و الله لا آكل من طعامك و هو يبيع الطعام فاشترى منه فأكل حنث
لان مثل هذه اليمين يراد بها منع النفس عن الابتياع قال محمد و لو قال و الله لا
آكل من طعامك هذا الطعام بعينه فأهداه له فأكله لا يحنث في قياس قول أبى حنيفة و
أبى يوسف و يحنث في قول محمد و هذا فرع اختلافهم فيمن قال لا أدخل دار فلان هذه
فباعها فلان ثم دخلها و المسألة تجئ فيما بعد ان شاء الله تعالى قال محمد و لو حلف
لا يأكل من طعامه فأكل من طعام مشترك بينهما حنث لان كل جزء من الطعام يسمى طعاما
فقد أكل من طعام المحلوف عليه و قال علي بن الجعد و ابن سماعة عن أبي يوسف في رجل
حلف لا يأكل من غلة أرضه و لا نية له فأكل من ثمن الغلة حنث لان هذا في العادة يراد
به استغلال الارض فان نوى أكل نفس ما يخرج منه فأكل من ثمنه دينته فيما بينه و بين
الله تعالى و لم أدينه في القضاء قال القدوري و هذا على أصله فيمن حلف لا يشرب
الماء و نوى الجنس انه لا يصدق في القضاء فاما على الرواية الظاهرة فيصدق لانه نوى
حقيقة كلامه و قال محمد في الجامع إذا حلف لا يأكل من هذه النخلة شيأ و أكل من
ثمرها أو جمارها أو طلعها أو بسرها أو الدبس الذي يخرج من رطبها فانه يحنث لان
النخلة لا يتأتى أكلها فحملت اليمين على ما يتولد منها و الدبس اسم لما يسيل من
الرطب لا المطبوخ منه و لو حلف لا يأكل من هذا الكرم شيأ فأكل من عنبه أو زبيبه أو
عصيره حنث لان المراد هو الخارج من الكرم اذ عين الكرم لا تحتمل الاكل كما في
النخلة بخلاف ما إذا نظر إلى عنب فقال عبده حر ان أكل من هذا العنب فأكل من زبيبه
أو عصيره انه لا يحنث لان العنب مما تؤكل عينه فلا ضرورة إلى الحمل على ما يتولد
منه و كذلك لو حلف لا يأكل من هذه الشاة فأكل من لبنها أو زبدها أو سمنها لم يحنث
لان الشاة مأكولة في نفسها فأمكن حمل اليمين على أجزائها فيحمل عليها لا على ما
يتولد منها قال محمد و لو أكل من ناطف جعل من ثمر النخلة أو نبيذ نبذ من ثمرها لم
يحنث لان كلمة من لابتداء الغاية و قد خرج هذا محذوف الصيغة عن حال الابتداء فلم
يتناوله اليمين و لو حلف لا يأكل من هذا اللبن فأكل من زبدة أو سمنه لم يحنث لان
اللبن مأكول بنفسه فتحمل اليمين على نفسه دون ما يتخذ منه و الله عز و جل أعلم و
أما الحلف على الشرب

(66)

فقد ذكرنا معنى الشرب انه إيصال ما لا يحتمله المضغ من المائعات
إلى الجوف حتى لو حلف لا يشرب فأكل لا يحنث كما لو حلف لا يأكل فشرب لا يحنث لان
الاكل و الشرب فعلان متغايران قال الله تبارك و تعالى وكلوا و اشربوا حتى يتبين لكم
الخيط الابيض عطف الشرب على الاكل و المعطوف المعطوف عليه و إذا حلف لا يشرب و لا
نية له فاى شراب شرب من ماء أو غيره يحنث لانه منع نفسه عن الشرب عاما و سواء شرب
قليلا أو كثيرا لان بعض الشراب يسمى شرابا و كذا لو حلف لا يأكل طعاما فأكل شيأ
يسيرا يحنث لان قليل الطعام طعام و لو حلف لا يشرب نبيذا فأى نبيذ شرب حنث لعموم
اللفظ و ان شرب سكرا لا يحنث لان السكر لا يسمى نبيذا لانه اسم لخمر التمر و هو
الذي من ماء التمر إذا غلا و اشتد و قذف بالزبد أو لم يقذف على الاختلاف و كذا لو
شرب فضيخا لانه لا يسمى نبيذا اذ هو اسم للمثلث يصب فيه الماء و كذا لو شرب عصيرا
لانه لا يسمى نبيذا و ان حلف لا يشرب مع فلان شرابا فشربا في مجلس واحد من شراب
واحد حنث و ان كان الانآء الذي يشربان فيه مختلفا و كذا لو شرب الحالف من شراب و
شرب الآخر من شراب غيره و قد ضمهما مجلس واحد لان المفهوم من الشرب مع فلان في
العرف هو ان يشربا في مجلس واحد اتحد الانآء و الشراب أو اختلفا بعد ان ضمهما مجلس
واحد يقال شربنا مع فلان و شربنا مع الملك و ان كان الملك يتفرد بالشرب من إناء فان
نوى شرابا واحدا و من إناء واحد يصدق لانه نوى ما يحتمله لفظه و لو حلف لا يشرب من
دجلة أو من الفرات قال أبو حنيفة لا يحنث ما لم يشرب منه كرعا و هو ان يضع فاه عليه
فيشرب منه فان أخذ الماء بيده أو باناء لم يحنث و عند أبي يوسف و محمد يحنث شرب
كرعا أو باناء أو اغترف بيده وجه قولهما ان مطلق اللفظ يصرف إلى المتعارف عند أهل
اللسان و المتعارف عندهم ان من رفع الماء من الفرات بيده أو بشيء من الاوانى انه
يسمى شاربا من الفرات فيحمل مطلق الكلام على غلبة المتعارف و ان كان مجازا بعد ان
كان متعارفا كما لو حلف لا يأكل من هذه الشجرة أو من هذا القدر انه ينصرف ذلك إلى
ما يخرج من الشجرة من الثمر و إلى ما يطبخ في القدر من الطعام كذلك ههنا و لابي
حنيفة ان مطلق الكلام محمول على الحقيقة و حقيقة الشرب من الفرات هو ان يكرع منه
كرعا لان كلمة من ههنا استعملت لابتداء الغاية بلا خلاف لتعذر حملها على التبعيض اذ
الفرات اسم للنهر المعروف و النهر اسم لما بين ضفتى الوادي لا للماء الجاري فيه
فكانت كلمة من ههنا لابتداء الغاية فتقتضى ان يكون الشرب من هذا المكان و لن يكون
شربه منه الا و ان يضع فاه عليه فيشرب منه و هو تفسير الكرع كما لو حلف لا يشرب من
هذا الكوز ألا ترى انه لو شرب من إناء أخذ فيه الماء من الفرات كان شاربا من ذلك
الانآء حقيقة لا من الفرات و الماء الواحد لا يشرب من مكانين من كل واحد منهما
حقيقة و لهذا لو قال شربت من الانآء لا من الفرات كان مصدقا و لو قال على القلب كان
مكذبا فدل ان الشرب من الفرات هو الكرع منه و انه ممكن و مستعمل في الجملة و قد روى
ان رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى قوما فقال هل عندكم من ماء بات في شن و الا
كرعنا و يستعمله كثير في زماننا من أهل الرساتيق على انه ان لم يكن فعلا مستعملا
فذا لا يوجب كون الاسم منقولا عن الحقيقة بعد ان كان الاسم مستعملا فيه تسمية و
نطقا كما لو حلف لا يأكل لحما فأكل لحم الخنزير انه يحنث و ان كان لا يؤكل عادة
لانطلاق الاسم عليه حقيقة تسمية و نطقا و بهذا تبين ان قلة الحقيقة وجودا لا يسلب
اسم الحقيقة عن الحقيقة بخلاف ما إذا حلف لا يأكل من هذه الشجرة أو من هذا القدر
لان ههنا كما لا يمكن جعل هذه الكلمة لتبعيض ما دخلت عليه بخروج الشجرة و القدر من
ان يكون محلا للاكل لا يمكن جعلها ابتدائين لغاية الاكل لان حقيقة الاكل لا يحصل من
المكان بل من اليد لان المأكول مستمسك في نفسه و الاكل عبارة عن البلع عن مضغ و لا
يتأتى فيه المضغ بنفسه فلم يكن جعلها لابتداء الغاية فاضمر فيه ما يتأتى فيه الاكل
و هو الثمرة في الشجرة و المطبوخ في القدر فكان من للتبعيض و ههنا أمكن جعلها
لابتداء الغاية لان الماء يشرب من مكان لا محالة لانعدام استمساكه في نفسه اذ الشرب
هو البلع من مضغ و ما يمكن ابتلاعه من مضغ لا يكون له في نفسه استمساك فلا بد من
حامل له يشرب منه و الله عز و جل أعلم و لو شرب من نهر يأخذ من


(67)

الفرات لم يحنث في قولهم جميعا أما عنده فلا يشكل لان هذا النهر
ليس بفرات فصار كما لو شرب من آنية و أما عندهما فلانهما يعتبران العرف و العادة و
من شرب من نهر يأخذ من الفرات لا يعرف شاربا من الفرات لان الشرب من الفرات عندهما
هو أخد الماء المفضي إلى الشرب من الفرات و لم يوجد ههنا لانه أخذ من نهر لا يسمى
فراتا و لو حلف لا يشرب من ماء الفرات فشرب من نهر أخذ الماء من الفرات فان شرب منه
بالاغتراف بالآنية أو بالاستقاء براوية يحنث بالاجماع و ان كرع منه يحنث في ظاهر
الرواية و روى عن أبي يوسف انه لا يحنث و وجهه ان النهر لما أخذ الماء من الفرات
فقد صار مضافا اليه فانقطعت الاضافة إلى الفرات و وجه ظاهر الرواية انه منع نفسه عن
شرب جزء من ماء الفرات لان كلمة من دخلت في الماء صلة للشرب و هو قابل لفعل الشرب
فكانت للتجزئة و بالدخول في نهر انشعب من الفرات لا تنقطع اليه النسبة كما لا تنقطع
بالاغتراف بالآنية و الاستقاء بالراوية ألا ترى ان ماء زمزم ينقل إلينا و نتبرك به
و نقول شربنا من ماء زمزم و لو حلف لا يشرب من ماء دجلة فهذا و قوله لا أشرب من
دجلة سواء لانه ذكر الشرب من النهر فكان على الاختلاف و روى المعلى عن محمد فيمن
حلف لا يشرب من نهر يجرى ذلك النهر إلى دجلة فاخذ من دجلة من ذلك الماء فشربه لم
يحنث لانه قد صار من ماء دجلة لزوال الاضافة إلى النهر الاول بحصوله في دجلة و لو
حلف لا يشرب من هذا الجب فهو على الاختلاف حتى لو اغترف من مائه في إناء آخر فشرب
لم يحنث حتى يضع فاه على الجب في قول أبى حنيفة و عندهما يحنث و من مشايخنا من قسم
الجواب في الجب فقال ان كان ملا آن فهو على الاختلاف لان الحقيقة مقصورة الوجود و
ان كان ملآن فاغترف يحنث بالاجماع لعدم تصور الحقيقة فتنصرف يمينه إلى المجاز و لو
حلف لا يشرب من هذا الكوز انصرفت يمينه إلى الحقيقة إجماعا لتصور الحقيقة عنده و
عندهما للعرف فان نقل الماء من كوز إلى كوز و شرب من الثاني لا يسمى شاربا من الكوز
الاول و ان حلف لا يشرب من ماء هذا الجب فاغترف منه باناء فشرب حنث بالاجماع لانه
عقد يمينه على ماء ذلك الجب و قد شرب من مائه فان حول ماءه إلى جب آخر فشرب منه
فالكلام فيه كالكلام فيمن حلف لا يشرب من ماء الفرات فشرب من نهر يأخذ الماء من
الفرات و قد مر و لو قال لا أشرب من ماء هذا الجب فالكلام فيه كالكلام في قوله لا
أشرب من ماء دجلة و قد ذكرناه و لو حلف لا يشرب من هذه البئر أو من مائها فاستقى
منها و شرب حنث لان الحقيقة متصورة الوجود فيصرف إلى المجاز و قالوا فيمن حلف لا
يشرب من ماء المطر فمدت الدجلة من المطر فشرب لم يحنث لانه إذا حصل في الدجلة
انقطعت الاضافة إلى المطر فان شرب من ماء واد سأل من المطر لم يكن فيه ماء قبل ذلك
أو جاء من ماء مطر مستنقع في قاع حنث لانه لما لم يضف إلى نهر بقيت الاضافة إلى
المطر كما كافت و لو حلف لا يشرب من ماء فرات فشرب من ماء دجلة أو نهر آخر أو بئر
عذبة يحنث لانه منع نفسه من شرب ماء عذب اذ الفرات في اللغة عبارة عن العذب قال
الله عز و جل و أسقيناكم ماء فراتا و لما أطلق الماء و لم يضفه إلى الفرات فقد جعل
الفرات نعتا للماء و قد شرب من الماء المنعوت فيحنث و في الفصل الاول أضاف الماء
إلى الفرات و عرف الفرات بحرف التعريف فيصرف إلى النهر المعروف المسمى بالفرات ( و
أما )

الحلف على الذوق فالذوق هو إيصال المذوق إلى الفم ابتلعه أولا بعد ان وجد
طعمه لانه من أحد الحواس الخمس الموضوعة للعلم بالمذوقات كالسمع و البصر و الشم و
اللمس للعلم بالمسموعات و المبصرات و المشمومات و الملموسات و العلم بالطعم يحصل
بحصول الذوق في فمه سواء ابتلعه أو مجه فكل أكل فيه ذوق و ليس كل ذوق أكلا إذا عرف
هذا فنقول إذا حلف لا يذوق طعاما أو شرابا فادخله في فيه حنث لحصول الذوق لوجود
معناه و هو ما ذكرنا فان قال أردت بقوله لا أذوقه لا آكلة و لا أشربه دين فيما بينه
و بين الله عز و جل و لا يدين في القضاء لانه قد يراد بالذوق و الاكل و الشرب يقال
في العرف ما ذقت اليوم شيأ و ما ذقت الا الماء و يراد به الاكل و الشرب فإذا نوى
ذلك لا يحنث فيما بينه و بين الله تعالى حتى يأكل أو يشرب لانه نوى ما يحتمله كلامه
و لا يصدق في القضاء لعدو له عن الظاهر قال هشام و سألت محمدا عن رجل حلف


(68)

لا يذوق في منزل فلان طعاما و لا شرابا فذاق منه شيأ أدخله فاه
و لم يصل إلى جوفه فقال محمد هذا على الذوق الا ان يكون تقدم كلام قلت فان كان قال
له المحلوف عليه تغد عندي اليوم فحلف لا يذوق في منزله طعاما و لا شرابا فقال محمد
هذا على الاكل ليس على الذوق و انما كان كذلك لما بينا ان حقيقة الذوق هى اكتساب
سبب العلم بالمذوق و قد يستعمل ذلك في الاكل و الشرب فان تقدمت هناك دلالة حال خرج
الكلام عليه حملت اليمين عليها و الا عملت بحقيقة اللفظ و لو حلف لا يذوق الماء
فتمضمض للصلاة لا يحنث و ان حصل له العلم بطعم الماء لان ذلك لا يسمى ذوقا عرفا و
عادة إذا المقصود منه التطهير لا معرفة طعم المذوق و لو حلف لا يأكل طعاما أو لا
يشرب شرابا أو لا يذوق و نوى طعاما دون طعام أو شرابا دون شراب فجملة الكلام في هذا
ان الحالف لا يخلو اما ان ينوى تخصيص ما هو مذكور و اما ان نوى تخصيص ما ليس بمذكور
فان نوى تخصيص ما هو مذكور بان ذكر لفظ عاما و أراد به بعض ما دخل تحت اللفظ العام
من حيث الظاهر يصدق فيما بينه و بين الله تعالى و لا يصدق في القضاء لان التكلم
بالعام على إرادة الخاص جائز الا انه خلاف الظاهر لان اللفظ وضع دلالة على العموم و
الظاهر من اللفظ الموضوع دلالة إلى العموم في اللغة إرادة العموم فكان نية الخصوص
خلاف الظاهر فلا يصدق قضأ و ان نوى تخصيص ما ليس بمذكور لا يصدق في القضاء و لا
فيما بينه و بين الله عز و جل سواء كان التخصيص راجعا إلى الذات أو إلى الصفة أو
إلى الحال لان الخصوص و العموم من صفات الالفاظ دون المعاني فغير الملفوظ لا يحتمل
التعميم و التخصيص و التقييد فإذا نوى التخصيص فقد نوى ما لا يحتمله كلامه فلم تصح
نيته رأسا و إذا عرف هذا فتخرج عليه مسائل إذا قال ان أكلت طعاما أو شربت شرابا أو
ان ذقت طعاما أو شرابا فعبدي حر و قال عنيت اللحم أو الخبز فأكل غيره لا يصدق في
القضاء و يصدق فيما بينه و بين الله تعالى لانه نوى التخصيص من اللفظ المذكور في
موضع العموم كما بينا فيما تقدم ان قوله أن أكلت طعاما بمعنى قوله لا آكل طعاما
فيتناول بظاهره كل طعام فإذا نوى به بعض الاطعمة دون بعض فقد نوى الخصوص في اللفظ
العام و انه يحتمله لكنه خلاف الظاهر فلا يصدق قضأ و يدين فيما بينه و بين الله عز
و جل و ان قال ان أكلت أو ذقت أو شربت فعبدي حر و هو ينوى طعاما بعينه أو شرابا
بعينه فأكل أو شرب غيره فان عبده يعتق في القضاء و فيما بينه و بين الله عز و جل
لانه نوى التخصيص من المذكور اذ الطعام و الشراب ليسا بمذكورين بل يثبتان بطريق
الاقتضاء و المقتضى لا عموم له و عند الشافعي يدين فيما بينه و بين الله عز و جل و
يزعم ان للمقتضي عموما و الصحيح قولنا لما ذكرنا ان العموم و الخصوص من صفات
الموجود دون المعدوم اذ المعدوم لا يحتمل الصفة حقيقة الا انه يجعل موجودا بطريق
الضرورة لصحة الكلام فيبقى فيما وراءه على حكم العدم و أما التخصيص الراجع إلى
الصفة و الحال فنحو ما حكى بشر عن أبى يوسف في رجل قال و الله لا أكلم هذا الرجل و
هو قائم و عنى به ما دام قائما لكنه لم يتكلم بالقيام كانت نيته باطلة و حنث ان
كلمه لان الحال و الصفة ليست بمذكورة فلا تحتمل التخصيص و لو حلف لا يكلم هذا
القائم يعنى به ما دام قائما وسعه فيما بينه و بين الله لورود التخصيص على الملفوظ
و كذلك إذا قال و الله لاضربن فلانا خمسين و هو ينوى بسوط بعينه فبأى سوط ضربه فقد
خرج عن يمينه و النية باطلة لان آلة الضرب ليست بمذكورة فبطلت نية التخصيص و نظير
هذا ما حكى ابن سماعة عن محمد في رجل حلف و قال و الله لا أتزوج إمرأة و هو ينوى
كوفية أو بصرية فقال ليس في هذا نية فلا يصدق فيما بينه و بين الله عز و جل و لا في
القضاء و لو قال و الله لا أتزوج إمرأة يعنى إمرأة كان أبوها يعمل كذا و كذا فهذا
كله لا تجوز فيه النية و لو قال و الله لا أتزوج إمرأة يعنى إمرأة عربية أو حبشية
قال هذا جائز يدين فيما نواه فقد جعل قوله عربية أو حبشية بيان النوع و قوله كوفية
أو بصرية وصفا فجوز تخصيص النوع و لم يجوز تخصيص الوصف لان الصفة ليست بمذكورة و
الجنس مذكورة و هو قوله إمرأة لانه يتناول كل إمرأة لانه في موضع النفي فتعمل نيته
في نوع دون نوع لاشتمال اسم الجنس على الانواع و قال ابن سماعة عن محمد في رجل قال
و الله لا أتزوج إمرأة على ظهر الارض ينوى إمرأة بعينها قال يصدق فيما بينه


(69)

فصل واما الحلف على اللبس والكسوة الخ

و بين الله تعالى لان اللفظ عام يحتمل تخصيص جنس أفراد
العموم الا أنه خلاف الظاهر فلا يصدق في القضاء قال و لو قال لا أشترى جارية و نوى
مولدة فان نيته باطلة لانه ليس بتخصيص نوع من جنس و انما هو تخصيص صفة فاشبه
الكوفية و البصرية و لو قال و الله لا آكل الطعام أو لا أشرب الماء أو لا أتزوج
النساء فيمينه على بعض الجنس لما بينا فيما تقدم و ان أراد به الجنس صدق لانه نوى
حقيقة كلامه و أما الحلف على الغداء و العشاء فلا بد من معرفة معنى الغداء و العشاء
و معرفة وقتهما أما الاول فالغداء و العشاء كل واحد منهما عبارة عن أكل ما يقصد به
الشبع عادة فيعتبر في ذلك العادة في كل بلد فما كان غداء عندهم حملت اليمين عليه و
لهذا قالوا في أهل الحضر إذا حلفوا على ترك الغداء فشربوا اللبن لم يحنثوا لانهم لا
يتناولون ذلك للشبع عادة و لو حلف البدوى فشرب اللبن حنث لان ذلك غداء في البادية و
إذا حلف لا يتغدى فاكل الخبز من أرز أو تمر أو غيره حتى شبع لم يحنث و لم يكن ذلك
غداء و كذلك إذا أكل لحما بغير خبز لم يحنث في قول أبي يوسف و محمد كذا ذكر الكرخي
قال و قالا ليس الغداء في مثل الكوفة و البصرة الا على الخبز و المرجع في هذا إلى
العادة فما كان غداء معتادا عند الحالف حنث و ما لا فلا و روى هشام عن أبي حنيفة في
أكل الهريسة و الارز انه يحنث و روى عن أبي يوسف في الهريسة و الفالوذج و الخبيص
انه لا يحنث الا أن يكون ذلك غداءه و الاصل ان غداء كل بلد ما تعارفونه غداء فيعتبر
عادة الحالف فيما يحلف عليه فان كان الحالف كوفيا يقع على خبز الحنطة و الشعير و لا
يقع على اللبن و السويق و ان كان بدويا يقع على اللبن و السويق و ان كان حجازيا يقع
على السويق و في بلادنا يقع على خبز الحنطة و أما الثاني فنقول وقت الغداء من طلوع
الفجر إلى وقت الزوال لان الغداء عبارة عن أكل الغدوة و ما بعد نصف النهار لا يكون
غدوة و العشاء من وقت الزوال إلى نصف الليل لانه مأخوذ من أكل العشية و أول أوقات
العشاء ما بعد الزوال و قد روى ان النبي صلى الله عليه و سلم صلى صلاتي العشاء
ركعتين يريد الظهر و العصر و في عرف ديارنا العشاء ما بعد وقت صلاة العصر و أما
السحور فما بعد نصف الليل إلى طلوع الفجر لانه مأخوذ من السحر و هو وقت السحر و لم
يذكر في ظاهر الرواية مقدار الغداء و العشاء و قد روى ابن سماعة عن أبي يوسف فيمن
قال لامته ان لم تتعشى الليلة فعبدي حر فأكلت لقمة واحدة لم تزد عليها فليس هذا
بعشاء و لا يحنث حتى تأكل أكثر من نصف شبعها لان من أكل لقمة يقول في العادة ما
تغديت و لا تعشيت فإذا أكل أكثر أكله يسمى ذلك غداء في العادة و روى المعلى عن محمد
فيمن حلف ليأتينه غدوة انه إذا أتاه بعد طلوع الفجر إلى نصف النهار فقد بر و هو
غدوة لما ذكرنا ان هذا وقت الغداء و لو قال ليأتينه ضحوة فهو من بعد طلوع الشمس من
الساعة التي تحل فيها الصلاة إلى نصف النهار لان هذا وقت صلاة الضحى قال محمد إذا
حلف لا يصبح فالتصبيح عندي ما بين طلوع الشمس و بين ارتفاع الضحى الاكبر فإذا ارتفع
الضحى الاكبر ذهب وقت التصبيح لان التصبيح تفعيل من الصباح و التفعيل للتكثير
فيقتضى زيادة على ما يفيده الاصباح و روى المعلى عن محمد فيمن حلف لا يكلمه إلى
السحر قال إذا دخل ثلث الليل الاخير فليكلمه لان وقت السحر ما قرب من الفجر قال
هشام عن محمد و المساء مسا آن أحدهما إذا زالت الشمس ألا ترى انك تقول إذا زالت
الشمس كيف أمسيت و المساء الاخير إذا غربت الشمس فإذا حلف بعد الزوال لا يفعل كذا
حتى يمسى كان ذلك على غيبوبة الشمس لانه لا يمكن حمل اليمين على المساء الاول فيحمل
على الثاني و الله عز و جل أعلم ] فصل [ و أما الحلف على اللبس و الكسوة إذا حلف لا
يلبس قميصا أو سراويل أو رداء فاتزر بالسراويل أو القميص أو الرداء لم يحنث و كذا
إذا أعتم بشيء من ذلك لان المطلق تعتبر فيه العادة و الاتزار و التعمم ليس بمعتاد
في هذه الاشياء فلا يحنث و لو حلف لا يلبس هذا القميص أو هذا الرداء فعلى أى حال
لبس ذلك حنث و ان اتزر بالرداء و ارتدى بالقميص أو اغتسل فلف القميض على رأسه و
كذلك إذا حلف لا يلبس هذه العمامة فالقاها على عاتقه لان اليمين إذا تعلقت بعين
اعتبر فيها وجود الاسم و لا تعتبر فيها الصفة المعتادة لان الصفة في الحاضر معتبرة


/ 37