حتى تبول فما لم يوجد ذلك لم يبر في يمينه لان هذا يحدث عند شدة الضرب غالبا فيراعى
وجوده للبر و لو حلف ليضربن غلامه في كل حق و باطل فمعني ذلك ان يضربه في كل ما شكى
بحق أو بباطل لانه لا يمكن حمله على الحقيقة و هو الضرب عن كل حق و باطل لان العبد
لا يخلو من ذلك فإذا يكون عند الشكاية فإذا يكون المولى في ضربه أبدا فحمل الضرب
على الشكاية للعرف و لا يكون الضرب في هذا عند الشكاية أى لا يحمل الضرب على فور
الشكاية لان اليمين الواقعة على فعل مطلق عن زمان لا تتوقت بزمان دون زمال بل تقع
على العمر الا ان يعنى به الحال فيكون قد شدد على نفسه فان شكى اليه فضربه ثم شكى
اليه في ذلك الشيء مرة أخرى و المولى يعلم انه في ذلك الشيء أو لا يعلم فذلك سواء و
ليس عليه ان يضربه للشكاية الثانية لانه قد ضربه فيها مرة واحدة و لا يتعلق بالفعل
الواحد الذي وقعت الشكاية عليه أكثر من ضرب واحد في العرف كما لو قال ان أخبرتني
بكذا فلك درهم فاخبره مرة بعد مرة انه لا يجب الا درهم واحد و ان كان الثاني إخبارا
كالأَول كذا هذا و قال المعلى سألت محمدا عن رجل حلف ليقتلن فلانا ألف مرة فقتله ثم
قال انما نويت ان آلى على نفسى بالقتل قال أدينه في القضاء لان العادة انهم يريدون
بهذا تشديد القتل دون تكرره لعدم تصوره و قال ابن سماعة عن أبى يوسف فيمن قال
لامرأته ان لم أضربك حتى أتركك لا حية و لا ميتة فهذا على ان يضربها ضربا شديدا
يوجعها فإذا فعل ذلك فقد بر لان المراد منه ان لا يتركها حية سليمة و لا ميتة و ذلك
بالضرب الشديد فينصرف اليه و قال محمد فيمن حلف بالطلاق لقد سمع فلانا يطلق إمرأته
ألف مرة و قد سمعه طلقها ثلاثا فانه يدين فيما بينه و بين الله تعالى لان حكم
الثلاث حكم الالف في الايقاع و لانه يراد بمثله أكثر عدد الطلاق في العادة و هو
الثلاث و لو قال إمرأته طالق ان لم يكن لقى فلانا ألف مرة و قد لقيه مرارا كثيرة
لان ذلك لا يكون ألف مرة و انما أراد كثرة اللقاء و لم يرد العدد انى أدينه لان مثل
هذا يذكر في العادة و العرف للتكثير دون العدد المحصور و قد قال الله تعالى استغفر
لهم أو لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم و ليس ذلك على عدد
السبعين بل ذكره سبحانه و تعالى للتكثير كذا هذا و لو قال و الله لا أقتل فلانا
بالكوفة أو قال و الله لا أتزوج فلانة بالكوفة فضربه الحالف ببغداد فمات بالكوفة أو
زوجه الولى إمرأة كبيرة ببغداد فبلغها الخبر بالكوفة فأجازت حنث في اليمين جميعا و
كذلك لو حلف على الزمان فقال لا أفعل ذلك يوم الجمعة فمات يوم الجمعة أو أجازت
النكاح يوم الجمعة حنث الحالف و لو كان حلف ليفعلن ذلك بالكوفة أو يوم الجمعة فكان
ما ذكرنا بر في يمينه و انما كان ذلك لان الفعل الذي هو قتل ان وجد ببغداد و يوم
السبت لكنه موصوف بصفة الاضافة إلى المخاطب و انما يصير موصوفا بالاضافة وقت ثبوت
أثره و هو زهوق الروح و ذلك وجد بالكوفة يوم الجمعة فيحنث في يمينه و نظيره لو قال
ان خلق الله تعالى لفلان ابنا في هذه السنة فعبدي حر فحصل له ولد في هذه السنة يحنث
و ان كان خلق الله أزليا لكن الاضافة إلى المخلوق انما تثبت عند وجود أثره و هو
وجود الولد كذا ههنا و النكاح في الشرع اسم لما بعد الحل و ذلك انما يوجد عند
الاجازة و كذلك العبد إذا اشترى عبدا بغير اذن مولاه ثم بلغ المولى فاجاز فانه
مشترى يوم أجازه المولى لانه يوم ثبوت الملك و قال محمد في البيع الموقوف و الفاسد
انه بائع يوم باع و مشتر يوم اشترى و قال في القتل كما قال أبو يوسف لمحمد ان الملك
عند الاجازة يتعلق بالعقد كما يتعلق به عند إسقاط الخيار و لابي يوسف ان الاحكام لا
تتعلق بالعقد الموقوف و انما تتعلق بالاجازة و لو كانت الضربة قبل اليمين و مات
بالكوفة أو يوم الجمعة لا يحنث في يمينه و ان وجد القتل المضاف إلى المخاطب يوم
الجمعة لان هذا القتل وجد منه قبل اليمين فلا يتصور امتناعه عن اتصافه بصفة الاضافة
و الانسان لا يمنع نفسه عما ليس في وسعه الامتناع عنه اذ مقصود الحالف البر لا
الحنث و لهذا لو حلف لا يسكن هذه الدار و هو ساكنها فاخذ في النقلة من ساعته لا
يحنث فان وجد السكنى و عرف بدلالة الحال انه أراد منع نفسه عن قتل مضاف إلى مخاطب
باشره بعد اليمين و نظيره ما ذكره محمد أنه لو قال لامرأته أنت طالق غدا ثم قال لها
ان طلقتك فعبدي حر فجاء غد فطلقت لم يعتق عبده و لو قال لها ان
(78)
فصل وأما الحلف على ما يضاف إلى غير الخالف
فصل وأما الحلف على المفارقة والوزن فهو الخ
طلقتك فعبدي حر ثم قال لها إذا جاء غد فأنت طالق فجاء غد وطلقت عتق عبده لهذا المعنى كذا هذا ( فصل )و أما الحلف على المفارقة و الوزن و ما
أشبه ذلك إذا حلف لا يفارق غريمه حتى يستوفى ما عليه و اشترى منه شيأ على ان البائع
بالخيار ثم فارقه حنث لان الثمن ما يستحق على المشترى فلم يصر مستوفيا فان أخذ به
رهنا أو كفيلا من براءة المكفول عنه ثم فارقه يحنث لان الحق في ذمة الغريم بحاله لم
يستوف فان هلك الرهن قبل الافتراق بر في يمينه لانه صار مستوفيا و ان هلك بعد
الافتراق لا يبر لانه فارقه قبل الاستيفاء فحنث و قال أبو يوسف في رجل له على إمرأة
دين فحلف ان لا يفارقها حق يستوفى ثم تزوجها عليه و فارقها و كانت عقدة النكاح
جائزة فقد بر في يمينه لانه قد وجب في ذمته بالنكاح مثل دينه و صار قصاصا فجعل
مستوفيا و ان كان النكاح فاسدا و لم يدخل بها حنث لان المهر لا يجب بالنكاح الفاسد
فلم يصر مستوفيا فان دخل بها قبل ان يفارقها و مهر مثلها مثل الدين أو أكثر لم يحنث
لان المهر وجب عليه بالدخول فصار مستوفيا فان كان العقد صحيحا فوقعت الفرقة بسبب من
جهتها و سقط مهرها و فارقها لم يحنث لان المهر الواجب بالعقد قد سقط و انما عاد له
دين بالفرقة بعد انحلال اليمين فلا يحنث و لو حلف ليزنن ما عليه فأعطاه عددا فكانت
وازنة حنث لانه حلف على الوزن و الوزن فعله و لم يفعله و قال ابن سماعة عن أبى يوسف
إذا قال و الله لا أقبضن مالى عليك الا جميعا و له عشرة دراهم و على الطالب لرجل
خمسة دراهم فأمر الذي له الخمسة هذا الحالف ان يحتسب للمطلوب بالخمسة التي عليه و
جعلها قصاصا و دفع فلان المطلوب إلى الحالف خمسة فكانه قال إذا كان متوافرا فهو
جائز فلا يحنث لان الاستيفاء دفعة واحدة يقع على القبض في حالة واحدة و ان يعرف
الوزن ألا ترى ان الدين إذا كان ما لا كثيرا لا يمكنه دفعه في وزنة واحدة و قد قبض
الخمسة في حقيقة و الخمسة بالمقاصة و قد روى ابن رستم عن محمد فيمن قال و الله لا
آخذ مالى عليك الا ضربة واحدة فوزن خمسمأة و أخذها ثم وزن خمسمأة قال فقد أخذها
ضربة واحدة لانه هذا لا يعد متفرقا قال و كذلك لو جعل يزنها درهما درهما و قال محمد
في الجامع إذا كان له عليه ألف درهم فقال عبده حر ان أخذها اليوم منك درهما دون
درهم فاخذ منها خمسة و لم يأخذ ما بقي لم يحنث لان يمينه وقعت على أخذ الالف متفرقة
في اليوم و لم يأخذ الالف بل بعض الالف و لو قال عبده حر ان أخذ منها اليوم درهما
دون درهم فأخذ منها خمسة دراهم و لم يأخذ ما بقي حتى غربت الشمس يحنث حين أخذ
الخمسة لان يمينه ما وقعت على أخذ الكل متفرقا بل على أخذ البعض لان كلمة من
للتبعيض و لو قال عبده حر ان أخذها اليوم درهما دون درهم فأخذ في أول النهار بعضها
و في آخر النهار الباقى حنث لانه أضاف الاخذ إلى الكل و قد أخذ الكل في يوم متفرقا
و قال أصحابنا إذا حف لا يفارقه حتى يستوفى ماله عليه فهرب أو كابره على نفسه أو
منعه منه إنسان كرها حتى ذهب لم يحنث الحالف لانه حلف على فعل نفسه و هو مفارقته
إياه و لم يوجد منه فعل المفارقة و لو كان قال لا تفارقني حتى آخذ مالى عليك حنث
لانه حلف على فعل الغريم و قد وجد و الله تعالى أعلم ( فصل )و أما الحلف على ما
يضاف إلى الحالف بملك أو غيره فجملة الكلام فيه أن الحالف لا يخلو اما ان اقتصر على
الاضافة و اما ان جمع بين الاضافة و الاشارة و الاضافة لا تخلو اما ان تكون اضافة
ملك أو اضافة نسبة من ملك فان اقتصر في يمينه على الاضافة و الاضافة اضافة ملك
فيمينه على ما في ملك فلان يوم فعل ما حلف عليه حتى يحنث سواء كان الذي أضافه إلى
ملك فلان في ملكه يوم حلف أو لم يكن بان حلف لا يأكل طعام فلان أو لا يشرب شراب
فلان أو لا يدخل دار فلان أو لا يركب دابة فلان أو لا يلبس ثوب فلان أو لا يكلم عبد
فلان و لم يكن شيء منها في ملكه ثم استحدث الملك فيها هذا جواب ظاهر الرواية في
الاصل و الزيادات و هو احدى الروايتين عن أبى يوسف و روى عن رواية أخرى ان الاضافة
إذا كانت فيما يستحدث الملك فيه حالا فحالا في العادة فان اليمين تقع على ما في
ملكه يوم فعل كالطعام و الشراب و الدهن و ان كان الاضافة فيما يستدام فيه الملك و
لا يستحدث ساعة فساعة عادة فاليمين على ما كان في ملكه يوم حلف كالدار و العبد و
الثوب و ذكر ابن سماعة في
إذا حلف لا يكلم زوج فلانة أو إمرأة فلان أو صديق فلان أو ابن فلان أو أخ فلان و لا
نية له ان ذلك على ما كان يوم حلف و لا تقع على ما يحدث من الزوجية و الصداقة و
الولد ففرق في ظاهر الرواية بين الاضافتين و سوى بينهما في النوادر وجه رواية
النوادر ان الاضافة تقتضي الوجود حقيقة إذا الموجود يضاف لا المعدوم فلا تقع يمينه
الا على الموجود يوم الحلف و لهذا وقعت على الموجود في احدى الاضافتين و هي اضافة
النسبة كذا في الاخرى وجه ظاهر الرواية و هو الفرق بين الاضافتين ان في اضافة الملك
عقد يمينه على مذكور مضاف إلى فلان بالملك مطلقا عن الجهة و هي ان يكون مضافا اليه
بملك كان وقت الحلف أو بملك كان استحدث فلا يجوز تقييد المطلق الا بدليل و قد وجدت
الاضافة عند الفعل فيحنث و في اضافة النسبة قام دليل التقييد و هي ان أعيانهم
مقصودة باليمين لاجلهم عرفا و عادة لما تبين فانعقدت على الموجود و صار كما لو
ذكرهم باساميهم أو أشار إليهم فاما الملك فلا يصدق باليمين لذاته بل للمالك فيزول
بزوال ملكه و أبو يوسف على ما روى عنه ادعى تقييد المطلق بالعرف و قال استحداث
الملك في الدار و نحوها متعارف بل هو في حكم الندرة حتى يقال الدار هي أول ما يشترى
و آخر ما يباع و تقييد المطلق بالعرف جائز فتقييد اليمين فيها بالموجود وقت الحلف
للعرف بخلاف الطعام و الشراب و نحوهما لان استحداث الملك فيها معتاد فلم يوجد دليل
التقييد و الجواب ان دعوى العرف على الوجه المذكور ممنوعة بل العرف مشترك فلا يجوز
تقييد المطلق بعادة مشتركة و لو حلف لا يدخل دار فلان فالصحيح انه على هذا الاختلاف
لان كل اضافة تقدر فيها اللام فكان الفصلان من الطعام و العبد و نحوهما على
الاختلاف ثم في اضافة الملك إذا كان المحلوف عليه في ملك الحالف وقت الحلف فخرج عن
ملكه ثم فعل لا يحنث بالاجماع ( و أما )في اضافة النسبة من الزوجة و الصديق و
نحوهما إذا طلق زوجته فبانت منه أو عادي صديقه ثم كلمه فقد ذكر في الجامع الصغير ان
لا يحنث و ذكر في الزيادات انه يحنث و قيل ما ذكر في الجامع قول أبى حنيفة و أبى
يوسف و ما ذكر في الزيادات قول محمد المذكور في النوادر وجه المذكور في الزيادات ان
يمينه وقعت على الموجود وقت الحلف فحصل تعريف الموجود بالاضافة فيتعلق الحكم بالعرف
لا بالاضافة وجه ما ذكر في الجامع الصغير ان الانسان قد يمنع نفسه عن تكليم إمرأة
لمعنى فيها و قد يمنع من تكليهما لمعنى في زوجها فلا يسقط اعتبار الاضافة مع
لاحتمال و ان جمع بين الملك و الاشارة بان قال لا أكلم عبد فلان هذا أو لا أدخل دار
فلان هذه أو لا أركب دابة فلان هذه أو لا ألبس ثوب فلان هذا فباع فلان عبده أو داره
أو دابته أو ثوبه فكلم أو دخل أو ركب أو لبس لم يحنث في قول أبى حنيفة الا ان يعنى
ذلك الشيء خاصة و عند محمد يحنث الا ان يعنى ما دامت ملكا لفلان فهما يعتبران
الاشارة و الاضافة جميعا وقت الفعل فما لم يوجد الا يحنث و محمد يعتبر الاشارة دون
الاضافة و أما في اضافة النسبة فلا يشترط قيام الاضافة وقت الفعل للحنث بالاجماع
حتى لو حلف لا يكلم زوجة فلان هذا أو صديق فلان هذا فبانت زوجته منه أو عادي صديقه
فكلم يحنث وجه قول محمد في مسألة الخلاف ان الاضافة و الاشارة كل واحد منهما
للتعريف و الاشارة أبلغ في التعريف لانها تخصص العين و تقطع الشركة فتلغو الاضافة
كما في اضافة النسبة و كما لو حلف لا يكلم هذا الشاب فكلمه بعد ما شاخ انه يحنث لما
قلنا كذا هذا و لهما ان الحالف لما جمع بين الاضافة و الاشارة اعتبارهما ما أمكن
لان تصرف العاقل واجب الاعتبار ما أمكن و أمكن اعتبار الاضافة ههنا مع وجود الاشارة
لانه باليمين منع نفسه عن مباشرته المحلوف و الظاهر انه العاقل لا يمنع نفسه عن شيء
منعا مؤكدا باليمين الا لداع يدعو اليه و هذه الاعيان لا تقصد بالمنع لذاتها بل
لمعنى في المالك أما الدار و نحوها فلا شك فيه و كذا العبد لانه لا يقصد بالمنع
لخسته و انما يقصد به مولاه و قد زال بزوال الملك عن المالك و صار كانه قال مهما
دامت لفلان ملكا بخلاف المرأة و الصديق لانهما يقصدان بالمنع لانفسهما فتتعلق
اليمين بذاتيهما و الذات لا تتبدل بالبيتوتة و المعاداة فيحنث كما إذا حلف لا يكلم
هذا الشاب فكلمه بعد ما صار شيخا و لو حلف لا يكلم صاحب هذا الطيلسان فباع
(80)
فصل وأما الحالف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج الخ
الطيلسان فكلمه حنث لان الطيلسان مما لا يقصد بالمنع و انمايقصد ذات صاحبه و انها باقية و ذكر محمد في الزيادات إذا حلف لا يركب دواب فلان أو
لا يلبس ثيابه أو لا يكلم غلمانه ان ذلك على ثلاثة لان أقل الجمع الصحيح ثلاثة و
كذلك لو قال لا آكل أطعمة فلان أو لا أشربة فلان ان ذلك على ثلاثة أطعمة و ثلاثة
أشربة لما قلنا و يعتبر قيام الملك فيها وقت الفعل لا وقت الحلف في ظاهر الروايات
على ما بينا فان قال أردت جميع ما في ملكه من الاطعمة لم يدين في القضاء لانه خلاف
ظاهر كلامه كذا ذكر القدوري و ذكر في الزيادات انه يدين في القضاء لانه نوى حقيقة
ما تلفظ به فيصدق في القضاء كما إذا حلف لا يتزوج النساء أو لا يشرب الماء أو لا
يكلم الناس و نحو ذلك و نوى الجميع و لو كانت اليمين على اخوة فلان أو بني فلان أو
نساء فلان لا يحنث ما لم يكلم الكل منهم عملا بحقيقة اللفظ و يتناول الموجودين وقت
الحلف لان هذه اضافة نسبة و قال أبو يوسف ان كان ذلك مما يحصى فاليمين على جميع ما
في ملكه لانه صار معرفا بالاضافة و يمكن استيعابه فكان كالمعرف بالالف و اللام و ان
كان لا يحصى الا بكتاب حنث بالواحد منه لانه تعذر استغراق الجنس فيصرف إلى أدنى
الجنس كقوله لا أتزوج النساء و مما يجانس مسائل الفصل الاول ما قال خلف بن أيوب
سألت أسدا عن رجل حلف لا يتزوج بنت فلان أو بنتا لفلان فولدت له بنت ثم تزوجها أو
قال و الله لا أتزوج من بنات فلان و لا بنات له ثم ولد له أو قال و الله لا أشرب من
لبن بقرة فلان و لا بقرة له ثم اشترى بقرة فشرب من لبنها أو قال لصبى صغير و الله
لا أتزوج من بناتك فبلغ فولد له فتزوج منهن أ يحنث أم لا أو قال لا آكل من ثمرة
شجرة فلان و لا شجرة لفلان ثم اشترى شجرة فأكل من ثمرها قال أما إذا حلف لا يتزوج
بنت فلان و لا يشرب من لبن بقرة فلان و لا يأكل من ثمرة شجرة فلان فلا يحنث في شيء
من هذا و أما قوله لا أتزوج بنتا من بنات فلان أو بنتا لفلان فانه يحنث و تلزمه
اليمين في قول أبى حنيفة و اما أنا فأقول لا يحنث لانه حلف يوم حلف على ما لم يخلق
حال حلف و سألت الحسن فقال مثل قول أبى حنيفة لابى حنيفة ان قوله لا أتزوج بنت فلان
يقتضى بنتا موجودة في الحال فلم تعقد اليمين على الاضافة و إذا قال بنتا لفلان فقد
عقد اليمين على الاضافة فيعتبر وجودها يوم الحلف كقوله عبدا لفلان و أما أسد فاعتبر
وجود المحلوف عليه وقت اليمين فما كان معدوما لا تصح الاضافة فيه فلا يحنث و قال
خلف سألت أسدا عن رجل حلف لا يتزوج إمرأة من أهل هذه الدار و ليس للدار أهل ثم
سكنها قوم فتزوج منهم قال يحنث في قول أبى حنيفة و لا يحنث في قولى و هو على ما
بينا من اعتبار الاضافة ( فصل )و أما الحلف على ما يخرج من الحالف أو لا يخرج إذا
قال ان دخل داري هذه أحد أو ركب دابتي أو ضرب عبدي ففعل ذلك الحالف لم يحنث لان
قوله أحد نكرة و الحالف صار معرفة بياء الاضافة و المعرفة لا تدخل تحت النكرة لان
المعرفة ما يكون متميز بالذات من بني جنسه و النكرة ما لا يكون متميز الذات عن بني
جنسه بل يكون مسماه شائعا في جنسه أو نوعه و يستحيل أن يكون الشيء الواحد متميز
الذات متميز الذات و كذلك لو قال لرجل ان دخل دارك هذه أحد أو لبس ثوبك أو ضرب
غلامك ففعله المحلوف عليه لم يحنث لان المحلوف صار معرفة بكاف الخطاب فلا يدخل تحت
النكرة و ان فعله الحالف حنث لانه ليس بمعرفة لانعدام ما يوجب كونه معرفة فجاز أن
يدخل تحت النكرة و لو قال ان ألبست هذا القميص أحدا فلبسه المحلوف عليه لم يحنث
لانه صار معرفة بتاء الخطاب و ان ألبسه المحلوف عليه الحالف حنث لان الحالف نكرة
فيدخل تحت النكرة و ان قال ان مس هذا الرأس أحد و أشار إلى رأسه لم يدخل الحالف فيه
و ان لم يضفه إلى نفسه بياء الاضافة لان رأسه متصل به خلقة فكان أقوى من اضافته إلى
نفسه بياء الاضافة و لو قال ان كلم غلام عبد الله بن محمد أحدا فعبدي حر فكلم
الحالف و هو غلام الحالف و اسمه عبد الله بن محمد حنث و طعن القاضي أبو حازم عبد
الحميد العراقي في هذا في الجامع و قال ينبغى أن لا يحنث لان الحلف تحت اسم العلم و
الاعلام معارف و هي عند أهل النحو أبلغ في التعريف من الاشارة و المعرفة لا تدخل
تحت النكرة و كذا عرفه بالاضافة إلى ابيه بقوله اين محمد فامتنع دخوله تحت النكرة
وجه ظاهر الرواية أنه
فصل وأما الحلف على أمو شرعية الخ
يجوز استعال العلم في موضع النكرة لان اسم الاعلام و ان كانتمعارف لكن لابد من سبق المعرفة من المتكلم و السامع حتى يجعل هذا اللفظ علما عنده و
عند سبق المعرفة منهما بذلك اما بتعين المسمى بالعلم باسمه إذا لم يكن يزاحمه غيره
و العلم و احتمال المزاحمة ثابت و إذا جاز استعمال العلم في موضع النكرة و قد وجد
ههنا دليل انصراف التسمية إلى الحالف و هو أن الانسان في العرف الظاهر من أهل
اللسان أنه لا يذكر نفسه بإسم العلم بل يضيف غلامه اليه بياء الاضافة فيقول غلامي
فالظاهر انه لم يرد نفسه و انه ما دخل تحت العلم الذي هو معرفة فلم يخرح الحالف عن
عموم هذه النكرة ( فصل )و أما النوع الثاني و هو الحلف على أمور شرعية و ما يقع
منها على الصحيح و الفاسد أو على الصحيح دون الفاسد مثل البيع و الشراء و الهبة و
المعاوضة و العارية و النحلة و العطية و الصدقة و القرض و التزويج و الصلاة و الصوم
و نحو ذلك إذا حلف لا يشترى ذهبا و لا فضة فاشترى دراهم أو دنانير أو آنية أو تبرأ
أو مصوغ حلية أو ذلك مما هو ذهب أو فضة فانه يحنث في قول أبى يوسف و قال محمد لا
يحنث في الدراهم و الدنانير و الاصل في جنس هذه المسائل أن أبا يوسف يعتبر الحقيقة
و محمد يعتبر العرف لمحمد ان اسم الذهب و الفضة إذا أطلق لا يراد به الدرهم و
الدنانير في العرف ألا ترى انها اختصت بإسم على حدة فلا يتناولها مطلق اسم الذهب و
الفضة و لابي يوسف ان اسم الذهب و الفضة يقع على الكل لانه اسم جنس و كونه مضروبا و
مصوغا و تبرأ أسماء أنواع له و اسم الجنس يتناول الانواع كاسم الآدمى و الدليل عليه
قوله تعالى و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب
أليم فدخل تحت هذا الوعيد كأثر المضروب و غيره و لو حلف لا يشترى حديدا فهو على
مضروب ذلك و تبره سلاحا كان أو سلاح بعد أن يكون حديدا في قول أبى يوسف و قال محمد
ان اشترى شيأ من الحديد يسمى بائعه حدادا يحنث و ان كان بائعه لا يسمى حدادا لا
يحنث و بائع التبر لا يسمى حداد فلا يتناولها مطلق اسم الحديد و لها اسم يخصها فلا
يدخل تحت اليمين و لابي يوسف ان الحديد اسم جنس يتناول المعمول و غير المعمول و قال
أبو يوسف في باب الذهب و الفضة انه ان كان له نية دين فيما بينه و بين الله سبحانه
و النية في هذا واسعة لانها تخصيص المذكور و قال في باب الحديد لو قال عنيت التبر
فاشترى إناء لم يحنث و لو قال عنيت قمقما فاشترى سيفا أو ابرا أو سكاكين أو شيأ من
السلاح لم يحنث و يدين في القضاء و هذا مشكل على مذهبه لان الاسم عنده عام فإذا نوى
شيأ منه بعينه فقد عدل عن ظاهر العموم فينبغي أن لا يصدق في القضاء و ان صدق فيما
بينه و بين الله تعالى و قال محمد في الزيادات لو حلف لا يشترى حديدا و لا نية له
فاشترى درع حديد أو سيفا أو سكينا أو ياعدين أو بيضة أو ابرا أو مسال لا يحنث و ان
اشترى شيأ مضروب أو إناء من آنية الحديد أو مسامير أو أقفالا أو كانون حديد يحنث
قال لان الذي يبيع السلاح و الابر و المسال لا يسمى حدادا و الذى يبيع ما وصفت لك
يسمى حدادا قال أبو يوسف ان اشترى باب حديد أو كانون حديد أو إناء حديد مكسور أو
نصل سيف مكسور حنث فأبو يوسف اعتبر الحقيقة و هو أن ذلك كله حديد فتناوله اليمين و
محمد اعتبر العرف و هو أنه لا يسمى حديدا في العرف حتى لا يسمى بائعه حدادا و قال
أبو يوسف و لو حلف لا يشترى صفرا فاشترى طشت صفرا و كوزا وتورا حنث و كذلك عند محمد
أما عند أبى يوسف فلاعتبار الحقيقة و أما عند محمد فلان بائع ذلك يسمى صفارا و قال
محمد لو اشترى فلوسا لا يحنث لانها لا تسمى صفرا في كلام الناس و لو حلف لا يشترى
صوفا فاشترى شاة على ظهرها صوف لم يحنث و الاصل فيه أن من حلف لا يشترى شيئا فاشترى
غيره و دخل المحلوف عليه في البيع تبعا لم يحنث و ان دخل مقصودا يحنث و الصوف ههنا
لم يدخل في العقد مقصودا لان التسمية لم تتناول الصوف و انما دخل في العقد تبعا
للشاة و كذلك لو حلف لا يشترى آجرا أو خشبا أو قصبا فاشترى دارا لم يحنث لان البناء
يدخل في العقد تبعا لدخوله في العقد بغير تسمية فلم يكن مقصودا بالعقد و انما يدخل
فيه تبعا و ان حلف لا يشترى ثمر نخل فاشترى أرضا فيها نخل مثمرة و شرط المشترى
الثمرة يحنث لان الثمرة دخلت في العقد مقصودة
(82)
كذلك لو حلف لا يشترى بقلا فاشترى أرضا فيها بقل و اشترط المشترى البقل فانه يحنث
لدخول البقل في البيع مقصودا لا تبعا و لو حلف لا يشترى لحما فاشترى شاة حية لا
يحنث لان العقد لم يتناول لحمها لان لحم الشاة الحية محرم لا يجوز العقد عليه و
كذلك ان حلف أن لا يشترى زيتا فاشترى زيتونا لان العقد لم يقع على الزيت ألا ترى
أنه ليس في ملك البائع و على هذا قالوا فيمن حلف لا يشترى قصبا و لا خوصا فاشترى
بوريا أو زنبيلا من خوص لم يحنث لان الاسم لم يتناول ذلك و كذلك لو حلف لا يشترى
جديا فاشترى شاة حاملا بجدي و كذلك لو حلف لا يشترى لبنا فاشترى شاة في ضرعها لبن و
كذلك لو حلف لا يشترى مملوكا صغيرا فاشترى أمة حاملا و كذلك لو حلف لا يشترى دقيقا
فاشترى حنطة و قالوا لو حلف لا يشترى شعيرا فاشترى حنطة فيها شعيرا لم يحنث لان
الشعير ليس بمعقود عليه مقصودا و انما يدخل في العقد تبعا بخلاف ماذا حلف لا يأكل
شعيرا فأكل حنطة فيها شعيرا لان الاكل فعل فإذا وقع في عينين لم تتبع احداهما
الاخرى فأما الشراء فهو عقد و بعض العين مقصودة بالعقد و بعضها مقصودة و قد كان قول
أبى يوسف الاول أنه إذا حلف لا يشترى صوفا فاشترى شاة على ظهرها صوف يحنث و لو حلف
لا يشترى لبنا فاشترى شاة في ضرعها لبن لم يحنث و قال لان الصوف ظاهر فتناوله العقد
( و أما )اللبن فباطن فلم يتناوله ثم رجع فسوى بينهما لما بينا و لو حلف لا يشترى
دهنا فهو على دهن جرت عادة الناس ان يدهنوا به فان كان مما ليس في العادة أن يدهنوا
به مثل الزيت و البزر و دهن الاكارع لم يحنث لان الدهن عبارة عما يدهن به و الايمان
محمولة على العادة فحملت اليمين على الادهان الطيبة و ان حلف لا يدهن بدهن و لا نية
له فادهن بزيت حنث و ان ادهن بسمن لم يحنث لان الزيت لو طبخ بالطيب صار دهنا فأجراه
مجرى الادهان من وجه و لم يجره مجراها من وجه حنث قال في الشراء لا يحنث و في
الادهان يحنث فأما السمن فانه لا يدهن به بحال في الوجهين فلم يحنث و كذلك دهن
الخروع والبزور و لو اشترى زيتا مطبوخا و لا نية له حين حلف يحنث لان الزيت المطبوخ
بالنار و الزئبق دهن يدهن به كسائر الادهان و لو حلف لا يشترى بنفسجا أو حناء أو
حلف لا يشمهما فهو على الدهن و الورق في البابين جميعا و قد ذكر في الاصل إذا حلف
لا يشترى بنفسجا انه على الدهن دون الورق و هذا على عادة أهل الكوفة لانهم إذا
أطلقوا البنفسج أرادوا به الدهن فأما في عرف الكوفة فالإِسم على الورق فتحمل اليمين
عليه و الكرخي حمله عليهما و هو رواية عن أبى يوسف و أما الحناء و الورد فهو على
الورق دون الدهن الا أن ينوى الدهن فيدين فيما بينه و بين الله تعالى و في القضاء
لان اسم الورد و الحناء إذا أطلق يراد به الورق لا الدهن و ذكر في الجامع الصغير أن
البنفسج على الدهن و الورد على ورق الورد و جعل في الاصل الخيري مثل الورد و الحناء
فحمله على الورق و لو حلف لا يشترى بزرا فاشترى دهن بزر حنث و ان اشترى حبا لم يحنث
لان إطلاق اسم البزر يقع على الدهن لا على الحب و لو حلف لا يبيع أو لا يشترى فأمر
غيره ففعل فجملة الكلام فيمن حلف على فعل فأمر غيره ففعل ان فعل المحلوف عليه لا
يخلو إما أن يكون له حقوق أو لا حقوق له فان كان له حقوق فاما ان ترجع إلى الفاعل
أو إلى الآمر أولا فان كان له حقوق ترجع إلى الفاعل كالبيع و الشراء و الاجارة و
القسمة لا يحنث لان حقوق هذه العقود إذا كانت راجعة إلى فاعلها لا إلى الآمر بهما
كانت العقود مضافة إلى الفاعل لا إلى الآمر على أن الفاعل هو العاقد في الحقيقة لان
العقد فعله و انما للآمر حكم العقد شرعا لا لفعله و عند بعض مشايخنا يقع الحكم له
ثم ينتقل إلى الآمر فلم يوجد منه فعل المحلوف عليه فلا يحنث الا إذا كان الحالف ممن
لا يتولى العقود بنفسه فيحنث بالامر لانه انما يمتنع عما يوجد منه عادة و هو الامر
بذلك لا الفعل بنفسه و لو كان الوكيل هو الحالف قالوا يحنث لما ذكرنا أن الحقوق
راجعة اليه و أنه هو العاقد حقيقة لا الآمر و ان كانت حقوقه راجعة إلى الآمر أو كان
مما لا حقوق له كالنكاح و الطلاق و العتاق و الكتابة و الهبة و الصدقة و الكسوة و
الاقتضاء و القضاء
فعقد عقد الشركة و الذبح و الضرب و القتل و البناء و الخياطة و النفقة و نحوها فإذا
حلف لا يفعل شيأ من هذه الاشياء ففعله بنفسه أو أمر غيره حنث لان ما لا حقوق له أو
ترجع حقوقه إلى الآمر لا إلى الفاعل يضاف إلى الآمر لا إلى الفاعل ألا ترى ان
الوكيل بالنكاح لا يقول تزوجت و انما يقول زوجت فلانا و الوكيل بالطلاق يقول طلقت
إمرأة فلان فكان فعل المأمور مضافا إلى الآمر و اختلفت الرواية عن أبى يوسف في
الصلح روى بشر بن الوليد عنه ان من حلف لا يصالح فوكل بالصلح لم يحنث لان الصلح عقد
معاوضة كالبيع و روى ابن سماعة عنه أنه يحنث لان الصلح إسقاط حق كالابراء فان قال
الحالف فيما لا ترجع حقوقه إلى الفاعل بل إلى الآمر كالنكاح و الطلاق و العتاق نويت
أن إلى ذلك بنفسي يدين فيما بينه و بين الله تعالى و لا يدين في القضاء لان هذه
الافعال جعلت مضافة إلى الآمر لرجوع حقوقها اليه لا إلى الفاعل و قد نوى خلاف ذلك
الظاهر فلا يصدق في القضاء و يصدق فيما بينه و بين الله تعالى لانه نوى المحتمل و
ان كان خلاف الظاهر و لو قال فيما لا حقوق له من الضرب و الذبح عنيت أن إلى ذلك
بنفسي يصدق فيما بينه و بين الله تعالى و في القضاء أيضا لان الضرب و الذبح من
الافعال الحقيقة و أنه بحقيقته وجد من المباشر و ليس بتصرف حكمى فيه لتغيير وقوعه
حكما لغير المباشر فكانت العبرة فيه للمباشرة فإذا نوى به أن يلى بنفسه فقد نوى
الحقيقة فيصدق قضأ و ديانة و لو حلف لا يبيع من فلان شيأ فأوجب البيع لا يحنث ما لم
يقبل المشترى و لو حلف لا يهب لفلان شيأ أو لا يتصدق عليه أو لا يعيره أو لا ينحل
له أو لا يعطيه ثم وهب له أو تصدق عليه أو أعاره أو نحله أو أعطاه فلم يقبل المحلوف
عليه يحنث عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر لا يحنث و نذكر المسألة و الفرق بين الهبة
و أخواتها و بين البيع في كتاب الهبة ان شاء الله تعالى و أما القرض فقد روى عن
محمد أنه لا يحنث ما لم يقبل و عن أبى يوسف روايتان في رواية مثل قول محمد و في
رواية يحنث من قبول وجه هذه الرواية ان القرض لا تقف صحته على تسمية عوض فأشبه
الهبة وجه الرواية الاخرى ان القرض يشبه البيع لانه تمليك بعوض و قد قال أبو يوسف
على هذه الرواية لو حلف لا يستقرض من فلان شيأ فاستقرضه فلم يقرضه انه حانث فرق بين
القرض و بين الاستقراض لان الاستقراض ليس بقرض بل هو طلب القرض كالسوم في باب البيع
و لو حلف لا يبيع فباع بيعا فاسدا و قبل المشترى و قبض يحنث لان اسم البيع يتناول
الصحيح و الفاسد و هو مبادلة شيء مرغوب بشيء و لان المقصود من البيع هو الوصول إلى
العوض و هذا يحصل بالبيع الفاسد إذا اتصل به القبض لانه يفيد الملك بعد القبض و لو
باع الميتة و الدم لا يحنث لانه ليس ببيع لانعدام معناه و هو ما ذكرنا و لانعدام
حصول المقصود منه و هو الملك لانه لا يقبل الملك و لو باع بيعا فيه خيار للبائع أو
للمشتري لم يحنث في قول أبى يوسف و حنث في قول محمد وجه قول محمد أن اسم البيع كما
يقع على البيع الثابت يقع على البيع الذي فيه خيار فان كل واحد منهما يسمى بيعا في
العرف الا أن الملك فيه يقف على أمر زائد و هو الاجازة أو على سقوط الخيار فأشبه
البيع الفاسد و لابي يوسف ان شرط الخيار يمنع انعقاد البيع في حق الحكم فأشبه
الايجاب بدون القبول قال محمد سمعت أبا يوسف قال فيمن قال ان اشتريت هذا العبد فهو
حر فاشتراه على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام فمضت المدة الثلاث و وجب البيع يعتق و
انه على أصله صحيح لان اسم البيع عنده لا يتناول البيع المشروط فيه الخيار فلا يصير
مشتريا بنفس القبول بل عند سقوط الخيار و العبد في ملكه عند ذلك يعتق و ذكر القاضي
في شرحه مختصر الطحاوي في البيع بشرط خيار البائع أو المشترى انه يحنث و لم يذكر
الخلاف واصل فيه أصلا و هو أن كل بيع يوجب الملك أو تلحقه الاجازة يحنث به و ما لا
فلا هذا إذا حلف على البيع و الشراء بطلاق إمرأته أو عتاق عبده ان قال لامرأته أنت
طالق أو عبده حر فأما إذا حلف على ذلك بعتق العبد المشترى أو المبيع فان كان الحلف
على الشراء بان قال ان اشتريت هذا العبد فهو حر فاشتراه ينظر ان اشتراه شراء جائزا
باتا عتق بلا شك و كذلك لو كان المشترى فيه بالخيار أما على قولهما فلا يشكل لان
خيار المشترى لا يمنع وقوع الملك له و اما على قول أبى حنيفة