مطلب وأما أحد نوعى الاستثناء فهو الخ - بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 3

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
(154)

الاصل نوعان استثناء وضعي و استثناء عرفي أما الوضعي فهو أن
يكون بلفظ موضوع للاستثناء و هو كلمة الا و ما يجرى محراها نحو سوى و غير و أشباه
ذلك و أما العرفي فهو تعليق بمشيئة الله تعالى و أنه ليس باستثناء في الوضع لانعدام
كلمة الاستثناء بل الموجود كلمة الشرط الا انهم تعارفوا إطلاق اسم الاستثناء على
هذا النوع قال الله تعالى اذ أقسموا ليصرمنها مصبحين و لا يستثنون أى لا يقولون ان
شاء الله تعالى و بينه و بين الاول مناسبة في معنى ظاهر لفظ الاستثناء و هو المنع و
الصرف دون الحقيقة فأطلق اسم الاستثناء عليه و بعض مشايخنا قال الاستثناء نوعان
استثناء تحصيل و استثناء تعطيل فسمى الاول استثناء تحصيل لانه تكلم بالحاصل بعد
الثنيا و الثاني تعطيلا لما أنه يتعطل الكلام به و أما الكلام في بيان ماهية كل نوع
أما النوع الاول فهو تكلم بالباقي بعد الثنيا و هذه العبارة هى المختارة دون قولهم
استخراج بعض الجملة الملفوظة لان القدر المستثنى اما أن يدخل بعد نص المستثنى منه و
اما أن لا يدخل فان لم يدخل لا يتصور الاخراج و ان دخل يتناقض الكلام لان نص
المستثنى منه يثبت و نص الاستثناء ينفى و يستحيل أن يكون الحكم الواحد في زمان
مثبتا و منفيا و لهذا فهم من قوله تعالى فلبث فيهم ألف سنة الا خمسين عاما ما ذكرنا
حتى يصير في التقدير كانه قال فلبث فيهم تسعمائة و خمسين عاما لا معنى الاخراج لئلا
يؤدى إلى الخلف في خبر الله تعالى ( و أما )

النوع الثاني فهو تعليق بالشرط إذا كان
مما يتوقف عليه و يعلم وجوده ينزل المعلق عند وجوده و ان كان مما لا يعلم لا ينزل و
هذا النوع من التعليق من هذا القبيل لما نذكره ان شاء الله تعالى ( و أما )

شرط
صحته فلصحة الاستثناء شرائط بعضها يعم النوعين و بعضها يخص أحدهما أما الذي يعمهما
جميعا فهو أن يكون الاستثناء موصولا بما قبله من الكلام عند عدم الضرورة حتى لو حصل
الفصل بينهما بسكوت أو ذلك من ضرورة لا يصح و هذا قول عامة الصحابة رضى الله عنهم و
عامة العلماء لا شيأ روى عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما ان هذا ليس بشرط و يصح
متصلا و منفصلا و احتج بما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال لاغزون
قريشا ثم قال بعد سنة ان شاء الله تعالى و لو لم يصح لما قال و لان الاستثناء في
معنى التخصيص لان كل واحد منهما بيان ثم التخصيص يصح مقارنا و متراخيا فكذا
الاستثناء يجب أن يكون متصلا و منفصلا و لنا أن الاصل في كل كلام تام بنفسه فان كان
مبتدأ و خبرا أن لا يقف حكمه على غيره و الوقف عند الوصل لضرورة و هي ضرورة استدراك
الغلط و الضرورة تندفع بالموصول فلا يقف عند عدم الوصل و لهذا يقف على الشرط
المنقطع فكذا على الاستثناء المنقطع و لانه عند عدم الوصول ليس باستثناء لغة لان
العرب لم تتكلم به و من تكلم به لا يعدونه استثناء بل يسخرون منه و بهذا تبين أن
الرواية عن ابن عباس رضى الله عنهما لا تكاد تصح لانه كان اماما في اللغة كما كان
اماما في الشريعة و أما التخصيص المتراخى فعند بعض مشايخنا ليس ببيان بل هو فسخ فلا
يلزم و عند بعضهم بيان لكن إلحاق البيان بالمجمل و العام الذي يمكن العمل بظاهره
متراخيا مشهور عندهم و انه كثير النظير في كتاب الله عز و جل و أما الحديث ففيه أنه
قال بعد تلك المقالة بسنة ان شاء الله تعالى و ليس فيه انه قصد به تصحيح الاستثناء
فيحمل انه أراد به استدراك الاستثناء المأمور به في الكتاب العزيز قال عز و جل و لا
تقولن لشيء انى فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله أى الا أن تقول ان شاء الله فنسى ذلك
فتذكره بعد سنة فأمر باستدراكه بقوله سبحانه و تعالى و اذكر ربك إذا نسيت و يحتمل
أنه عليه الصلاة و السلام أضمر في نفسه أمرا و أراد في قلبه و عزم عليه فأظهر
الاستثناء بلسانه فقال ان شاء الله و مثل هذا معتاد فيما بين الناس فلا يصح
الاحتجاج به مع الاحتمال هذا الذي ذكرنا إذا كان الفصل من ضرورة فاما إذا كان
لضرورة التنفس فلا يمنع الصحة و لا يعد ذلك فصلا الا أن يكون سكتة هكذا روى هشام عن
أبى يوسف لان هذا النوع من الفصل مما لا يمكن التحرز عنه فلا يعتبر فصلا و يعطى له
حكم الوصل للضرورة و أما كون الاستثناء مسموعا فهل هو شرط ذكر الكرخي انه ليس بشرط
حتى لو حرك لسانه و أتى بحروف الاستثناء يصح و ان لم يكن مسموعا و ذكر الفقية أبو
جعفر الهنداونى أنه شرط و لا يصح الاستثناء بدونه وجه ما ذكره الكرخي ان الكلام هو
الحروف المنظومة

(155)

مطلب وأما أحد نوعى الاستثناء فهو الخ

و قد وجدت فاما السماع فليس بشرط لكونه كلا فان الاصم يصح
استثناؤه و ان كان لا يسمع و الصحيح ما ذكره الفقية أبو جعفر لان الحروف المنظومة و
ان كانت كلاما عند الكرخي و عندنا هى دلالة الكلام و عبارة عنه لا نفس الكلام في
الغائب و الشاهد جميعا فلم توجد الحروف المظومة ههنا لان الحروف لا تتحقق بدون
الصوت فالحروف المنظومة لا تتحقق بدون الاصوات المتقطعة بتقطيع خاص فإذا لم يوجد
الصوت لم توجد الحروف فلم يوجد الكلام عنده و لا دلالة الكلام عندنا فلم يكن
استثناء و الله الموفق و أما الذي يخص أحد النوعين و هو الاستثناء الوضعي فهو ان
يكون المستثنى بعض المستثنى منه لا كله لما ذكرنا ان الاستثناء تكلم بالباقي بعد
الثنيا و لا يكون تكلما بالباقي الا ان يكون المستثنى بعض المستثنى منه لا كله و
لان الاستثناء يجرى مجرى التخصيص و التخصيص يرد على بعض أفراد العموم لا على الكل
لان ذلك يكون نسخا لا تخصيصا و كذا الاستثناء نسخ الحكم و نسخ الحكم يكون بعد ثبوته
و الطلاق بعد وقوعه لا يحتمل النسخ فبطل الاستثناء و من مشايخنا من قال ان استثناء
الكل من الكل انما يصبح لانه رجوع و الطلاق مما لا يحتمل الرجوع عنه و كذا العتاق و
كذا الاعتاق و كذا الاقرار و هذا سديد لانه لو كان كذلك لصح فيما يحتمل الرجوع و هو
الوصية و مع هذا لا يصح حتى لو قال أوصيت لفلان بثلث مالى الا ثلث مالي لم يصح
الاستثناء و تصح الوصية فدل ان عدم الصحة ليس لمكان الرجوع بل لما قلنا انه ليس
باستثناء و يصح استثناء البعض من الكل سواء كان المستثنى أقل من المستثنى منه أو
أكثر عند عامة العلماء و عامة أهل اللغة و روى عن أبي يوسف انه لا يصح استثناء
الاكثر من الاقل و هو قول الفراء وجه قولهما ان الاستثناء من باب اللغة و أهل اللغة
لم يتكلموا باستثناء الاكثر من الاقل و لان الاستثناء وضع في الاصل لاستدراك الغلط
و الغلط يجرى في الاقل لا في الاكثر و لنا ان أهل اللغة قالوا الاستثناء تكلم
بالباقي بعد الثنيا من فصل بين الاقل و الاكثر الا انه قل استعمالهم الاستثناء في
مثله لقلة حاجتهم اليه لقلة وقوع الغلط فيه و هذا لا يكون منهم إخراجا للفظ من ان
يكون استثناء حقيقة كمن أكل لحم الخنزير لا يمتنع أحد من أهل اللسان من إطلاق القول
بانه أكل لحم الخنزير و ان كان يقل استعمال هذه اللفظة لكن قلة استعمالها لقلة وجود
الاكل لا لانعدام معنى اللفظ حقيقة كذا هذا و على هذا يخرج مسائل هذا النوع إذا قال
لامرأته أنت طالق ثلاثا الا واحدة يقع ثنتان لان هذا استثناء صحيح لكونه تكلما
بالباقي بعد الثنيا و الباقي بعد استثناء الواحدة من الثلاث ثنتان الا ان للثنتين
اسمين أحدهما ثنتان و الآخر ثلاث الا واحدة و لو قال الا اثنتين يقع واحدة لان
استثناء الاكثر من الاقل استثناء صحيح أيضا لما ذكرنا و لو قال الا ثلاثا وقع
الثلاث لان الاستثناء لم يصح لانه استثناء الكل من الكل و لو قال أنت طالق ثلاثا
الا واحدة و واحدة و واحدة وقع الثلاث و بطل الاستثناء في قول أبي حنفية و محمد و
قال أبو يوسف جاز استثناء الاولى و الثانية و بطل استثناء الثالثة و تلزمه واحدة
وجه قوله ان استثناء الاولى و الثانية استثناء البعض من الكل فصح الا انه لو سكت
عليه لجاز فأما استثناء الثالثة فاستثناء الكل من الكل فلم يصح فالتحق بالعدم فيقع
واحدة و لابي حنيفة و محمد ان أول الكلام في الاستثناء يقف على آخره فكان استثناء
الكل من الكل فلا يصح كما لو قال ثلاثا الا ثلاثا و لانه لما قال الا واحدة و واحدة
و واحدة فقد جمع بين الكل بحرف الجمع فصار كانه قال الا ثلاثا و لو قال أنت طالق
واحدة و واحدة و واحدة الا ثلاثا يقع الثلاث و يبطل الاستثناء في قولهم جميعا لان
الاستثناء إذا كان موصولا لا يقف أول الكلام على آخره فكان الاستثناء راجعا إلى
الكل فبطل و لانه ذكر جملتين و جمع بين كل جملة بحرف الجمع فكان استثناء الجملة من
الجملة فلا يصح و إذا قال أنت طالق اثنتين و اثنتين الا اثنتين يقع ثنتان في قول
أبى يوسف و محمد و قال زفر يقع ثلاث كذا ذكر القدوري و لم يذكر قول أبى حنيفة وجه
قول زفر ان الاصل في الاستثناء انه ينصرف إلى ما يليه لانه أقرب اليه و هو متصل به
أيضا و لا ينصرف إلى غيره الا بدليل و متى انصرف إلى ما يليه كان استثناء الكل من
الكل فلا يصح و لهما ان الاستثناء يصحح ما أمكن و لو جعلناه مما يليه لبطل و لو صرف
إلى الجملتين يصح

(156)

لانه يصر مستثنيا من كل ثنتين واحدة فبقى من كل جملة واحدة و
روى هشام بن عبد الله الرازي عن محمد فيمن قال أنت طالق اثنتين و اثنتين الا ثلاثا
انه يقع ثلاث لانه لا يمكن تصحيح الاستثناء ههنا لان أول الكلام في كل واحدة من
الجملتين وقف على آخره فصار كانه قال أنت طالق ثلاثا الا ثلاثا لانه لا يمكن ان
يجعل الاستثناء في الجملتين على السوآء لانه يصير مستثنيا من كل جملة تطليقة و نصفا
و هذا استثناء جميع الجملة لان استثناء واحدة و نصف استثناء ثنتين لان ذكر البعض
فيما لا يتبعض ذكر لكله فكان استثناء الكل من الكل و لا يمكن ان يجعل من احدى
الجملتين لانه يكون استثناء الكل من الكل و زيادة و لا يمكن ان يصرف اثنتان من
الثلاث أو جملة واحدة إلى جملة أخرى لان هذا خلاف تصرفه و إنشاء تصرف آخر لم يوجد
منه فتعذر تصحيح هذا الاستثناء من جميع الوجوه فبطل و الاشكال على القسم الاول ان
ذكر البعض فيما لا يتبعض لا يكون ذكرا للكل في الاستثناء بل هو ملحق بالعدم بدليل
انه لو قال أنت طالق ثلاثا الا واحدة و نصفا يقع عليها ثنتان و لو كان ذكر بعض
الطلاق ذكرا لكله في الاستثناء لوقع عليه واحدة لانه يصير كانه قال أنت طالق ثلاثا
الا اثنتين و كان الفقة في ذلك ان الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا فينظر إلى
الباقى و الباقى ههنا تطليقة و نصف و نصف تطليقة تطليقة كاملة فيقع ثنتان كانه قال
أنت طالق اثنتين و إذا لم يصر ذكر البعض ذكرا للكل في الاستثناء يصير مستثنيا من كل
جملة تطليقة واحدة و تلغو واحدة من الاستثناء و هذه أولى من الغاء الكل فيجب ان يقع
ثنتان كما في المسألة الاولى عندهما و في هذه المسألة اشكال على ما روى هشام عن
محمد و روى هشام أيضا عن محمد فيمن قال أنت طالق اثنتين و أربعا الا خمسا انها تطلق
ثلاثا لانه لا يمكن تصحيح الاستثناء بالصرف إلى الجملتين على الشيوع و لا بالصرف
إلى واحدة منهما و لا يصرف البعض عينا إلى جملة و البعض إلى جملة أخرى لما قلنا و
الاشكال على القسم الاول على ما بينا و قال بشر عن أبى يوسف فيمن قال لامرأته أنت
طالق واحدة و اثنتين الا اثنتين انه ثلاث و هو قول محمد و الوجه فيه ما ذكرنا و
الاشكال على نحو ما بينا هذا إذا كان لفظ الاستثناء من جنس المستثنى منه فان كان
شيأ خلاف جنسه يصح الاستثناء و لا تطلق و ان أتى على جميع المسمى نحو ان يقول نسائى
طوالق الا هؤلاء و ليس له نساء غيرهن فانه يصح الاستثناء و لا تطلق واحدة منهن لان
الاستثناء يعتبر فيه اللفظ و الاشارة مع التسمية مختلفان لفظا فصح الاستثناء بخلاف
قوله نسائى طوالق الا نسائى و لان عند اختلاف اللفظين يكون معناه نسائى هؤلاء طوالق
و هذا اضافة الطلاق إلى هؤلاء و قيل هذا إذا كان الاربع ما دون هؤلاء فإذا كن أربعا
لا يصح الاستثناء و يطلقن كلهن لانه لا يتصور استثناء غيرهن فصار كما لو قال نسائى
طوالق و لا نساء له و هناك لا يصح الاستثناء و يطلقن كلهن فيصير التقدير كانه قال
نسائى الا نسائى طوالق و لو قال ذلك طلقن كذا هذا و كذا في العتاق إذا قال عبيدي
كلهم أحرار الا عبيدي لم يصح الاستثناء و عتقوا جميعا و لو قال عبيدي أحرار الا
هؤلاء و ليس له عبيد هؤلاء لم يعتق واحد منهم و كذلك هذا في الوصية إذا قال أوصيت
بثلث مالى لفلان أو أوصيت لفلان بثلث مالى الا ألف درهم و مات و ثلث ماله ألف درهم
صح الاستثناء و بطلت الوصية و لو قال أوصيت بثلث مالى لا ثلث مالى لم يصح الاستثناء
و كان للموصى له ثلث ماله و لو قال أنت طالق عشرا الا تسعا يقع واحدة و الاصل انه
إذا تكلم بالطلاق بأكثر من الثلاث ثم استثنى منه فالاستثنى يرجع إلى جملة الكلام لا
إلى القدر الذي يصح وقوعه و هو الثلاث خاصة فيتبع اللفظ لا الحكم فلا يثبت الحكم في
القدر المستثنى و يثبت فيما بقي قدر ما يصح ثبوته لانه تكلم بالباقي بعد الثنيا
فإذا قال أنت طالق عشرا الا تسعا يقع واحدة و لو قال الا ثمانيا يقع اثنتان و إذا
قال الا سبعا يقع ثلاثا لما ذكرنا ان الاستثناء يتبع اللفظ لا الحكم فصح الاستثناء
و دخل على الجملة الملفوظة و عمل فيها فتبين ان القدر المستثنى لم يدخل في الجملة
فلا يقع قدر ما دخل عليه الاستثناء و يقع الباقى و هو الثلاث لانه مما يصح وقوعه
كذلك إذا قال الا ستا أو خمسا أو أربعا أو ثلاثا أو اثنتين أو واحدة يقع ثلاث لان
الثلاث هى التي يصح وقوعها مما بقي اذ لا يزيد الطلاق على الثلاث و لو قال أنت طالق
ثلاثا

(157)

مطلب في مسائل نوع من الاستثناء

الا ثلاثا الا واحدة تقع واحدة و الاصل في مسائل الاستثناء
من الاستثناء ان لتخريجها طريقين أحدهما انه ينظر إلى الاستثناء الاخير فيجعل
استثناء مما يليه ثم ينظر إلى ما بقي منه فيجعل ذلك استثناء مما يليه هكذا إلى
الاستثناء الاول ثم ينظر إلى الباقى من الاستثناء الاول فيستثنى ذلك القدر من
الجملة الملفوظة فما بقي منها فهو الواقع فإذا قال أنت طالق ثلاثا الا ثلاثا الا
واحدة يستثنى الواحدة من الثلاثة يبقى اثنتان يستثنيهما من الثلاثة فتبقى واحدة
كانه قال أنت طالق ثلاثا الا اثنتين فان قال أنت طالق ثلاثا الا ثلاثا الا اثنتين
يقع اثنتان لانك تستثنى الاثنتين من الثلاثة فتبقى احدة تستثنيها من الثلاثة فيبقى
اثنتان فان قال أنت طالق ثلاثا الا ثلاثا الا اثنتين الا واحدة يقع واحدة لانك
تستثنى الواحدة من اثنتين فيبقى واحدة تستثنيها من الثلاث فيبقى اثنتان تستثنيهما
من الثلاث فيبقى واحدة هى الواقع و كذلك إذا قال أنت طالق عشرا الا تسعا الا ثمانيا
انك تستثنى ثمانيا من تسع فبقى واحدة تستثنيها من العشر فيبقى تسع كانه قال أنت
طالق تسعا فيقع ثلاث فان قال أنت طالق عشرا الا تسعا الا واحدة يقع ثنتان لانك إذا
استثنيت الواحدة من التسع يبقى ثمانية تستثنيها من العشر فيبقى اثنتان كانه قال أنت
طالق عشرا الا ثمانيا و على هذا جميع هذا الوجه و قياسه و الثاني يرجع إلى عقد اليد
و هو أن تعقد العدد الاول بيمينك و الثاني بيسارك و الثالث تضمه إلى ما في يمينك و
الرابع بيسارك تضمه إلى ما بيسارك ثم تطرح ما اجتمع في يسارك من جملة ما اجتمع في
يمينك فما بقي في يمينك فهو الواقع و الله أعلم و أما مسائل النوع الثاني من
الاستثناء و هو تعليق الطلاق بمشيئة الله عز و جل فنقول إذا علق طلاق إمرأته بمشيئة
الله يصح الاستثناء و لا يقع الطلاق سواء قدم الطلاق على الاستثناء في الذكر بان
قال أنت طالق ان شاء الله أو أخره عنه بان قال ان شاء الله تعالى فأنت طالق و هذا
قول عامة العلماء و قال مالك لا يصح الاستثناء و الطلاق واقع و على هذا تعليق العتق
و النذر و اليمين بمشيئة الله سبحانه و تعالى وجه قوله ان هذا ليس تعليقا بشرط لان
الشرط ما يكون معدوما على خطر الوجود و مشيئة الله تعالى أزلية لا تحتمل العدم فكان
هذا تعليقا بأمر كائن فيكون تحقيقا لا تعليقا كما لو قال أنت طالق ان كانت السماء
فوقنا و لنا قوله عز و جل خبرا عن موسى عليه و على نبينا أفضل الصلاة و السلام
ستجدني ان شاء الله صابرا و صح استثناؤه حتى لم يصر بترك الصبر مخلفا في الوعد و لو
لا صحة الاستثناء لصار مخلفا في الوعد بالصبر و الخلف في الوعد لا يجوز و النبي
معصوم و قال سبحانه و تعالى و لا تقولن لشيء انى فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله أى
الا أن تقول ان شاء الله و لو لم يحصل به صيانة الخبر عن الخلف في الوعد لم يكن
للامر به معنى و روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال من حلف بطلاق أو
عتاق و قال ان شاء الله فلا حنث عليه و هذا نص في الباب و روى انه صلى الله عليه و
سلم قال من استثنى فله ثنياه و لان تعليق الطلاق بمشيئة الله تعالى تعليق بما لا
يعلم وجوده لانا لا ندرى انه شاء وقوع هذا الطلاق أو لم يشأ على معنى ان وقوع هذا
الطلاق هل دخل تحت مشيئة الله تعالى أو لم يدخل فان دخل وقع و ان لم يدخل لا يقع
لان ما شاء الله كان و ما لم يشأ لم يكن فلا يقع بالشك و به تبين ان هذا ليس تعليقا
بأمر كائن و لان دخول الوقوع تحت مشيئة الله تعالى معلوم و هذا هو تفسير تعليق
الطلاق بمشيئة الله عز و جل و من الناس من فرق بين الطلاق و العتاق فقال لا يقع
الطلاق و يقع العتاق و زعم بانه لم توجد المشيئة في الطلاق و وجدت في العتاق لان
الطلاق مكروه الشرع و العتق مندوب اليه و هذا هو مذهب المعتزلة ان إرادة الله تعالى
تتعلق بالقرب و الطاعات لا بالمكان و المعاصي و ان الله تعالى أراد كل خير و صلاح
من العبد ثم العبد قد لا يفعله لسوء اختياره و بطلان مذهبهم يعرف في مسائل الكلام
ثم انهم ناقضوا حيث قالوا فيمن حلف فقال لاصومن غدا ان شاء الله تعالى أو قال
لاصلين ركعتين أو لاقضين دين فلان فمضى الغد و لم يفعل شيأ من ذلك انه لا يحنث و لو
شاء الله تعالى كل خير لحنث لان هذه الافعال خيرات و قد شاءها عندهم و كذلك لو قال
أنت طالق لو شاء الله تعالى أو قال ان لو يشاء الله تعالى لما قلنا و كذا لو قال
الا أن يشاء الله لان معناه الا أن يشاء الله أن لا يقع ذلك و ذلك معلوم و كذا لو
قال ما شاء الله تعالى لان معناه الذي شاءه الله تعالى و لو قال أنت


(158)

طالق ان لم يشاء الله تعالى يكون المستثنى كقوله ان شاء الله
تعالى لان هذا في الحقيقة تعليق بعدم دخول الوقوع تحت مشيئة الله تعالى و ذلك معلوم
و لو قال أنت طالق و ان شاء الله أو قال فان شاء الله تعالى لم يكن استثناء عند أبى
يوسف لانه حال بين الطلاق و بين الاستثناء حرف هو حشو فيصير فاصلا بمنزلة السكتة
فيمنع التعليق بالشرط فيقع في الحال و لو قال أنت طالق ثلاثا و ثلاثا ان شاء الله
تعالى لا يصح الاستثناء و يقع الثلاث في قول أبى حنيفة و قال أبو يوسف و محمد
الاستثناء جائز و على هذا الخلاف إذا قال أنت طالق ثلاثا و واحدة ان شاء الله تعالى
وجه قولهما ان في الاستثناء الموصول يقف أول الكلام على آخره فكان قوله ثلاثا و
ثلاثا كلاما واحدا فيعمل فيه الاستثناء كما لو قال أنت طالق ستا ان شاء الله تعالى
و لانه جمع بين الجملتين بحرف الجمع و هو حرف الواو فصار كما لو ذكرهما بلفظ واحد
فقال أنت طالق ستا ان شاء الله تعالى و لابي حنيفة ان العدد الثاني وقع لغوا لانه
لا يتعلق به حكم اذ لا مزيد للطلاق على الثلاث فصار فاصلا فمنع صحة الاستثناء كما
لو سكت بخلاف ما لو قال أنت طالق ستا لانه ذكر الكل جملة واحدة فلا يمكن فصل البعض
عن البعض و لو قال أنت طالق واحدة و ثلاثا ان شاء الله تعالى جاز الاستثناء في
قولهم جميعا لان الكلام الثاني ههنا ليس بلغو لانه جملة يتعلق بها حكم فلم يصر
فاصلا بخلاف الفصل الاول و لو جمع بين جملتين بحرف الواو ثم قال في آخرهما ان شاء
الله تعالى بان قال إمرأته طالق و عبده حر ان شاء الله تعالى انصرف الاستثناء إلى
الجملتين جميعا حيت لا يقع الطلاق و العتاق بالاتفاق و كذا إذا ذكر الشرط في آخر
الجملتين بان قال ان دخلت الدار أو ان كلمت فلانا و لو قال لزيد على ألف درهم و
لعمر و على ألف درهم الا خمسمأة انصرف الاستثناء إلى الجملة الاخيرة عند عامة
العلماء و قال بعضهم ينصرف إلى جميع ما تقدم من الجمل و به أخذ الشافعي و على هذا
الاصل بنوا مسألة المحدود في القذف إذا تاب و شهد لانه قوله الا الذين تابوا منصرف
إلى ما يليه عندنا و عندهم إلى جميع ما تقدم وجه قول هؤلاء ان واو العطف إذا دخل
بين الكلامين يجعلهما كلاما واحدا كما في قول القائل جاءني زيد و عمر و معناه جاآنى
و كما إذا قال إمرأته طالق و عبده حر ان شاء الله تعالى أو قال ان دخلت الدار انه
يتعلق الامران جميعا بالشرط و ان كان كل واحد منهما جملة تامة لكن لما دخل بينهما
واو العطف جعل كلاما واحدا و تعلقا جميعا بالشرط كذا هذا و لهذا إذا كان المعطوف
ناقصا شارك الاول في حكمه و جعل الكل كلاما واحدا بان قال لامرأته أنت طالق و فلانة
حتى يقع الطلاق عليهما كذا هذا و لنا ان الاصل في الاستثناء أن ينصرف إلى ما يليه
لانه أقرب اليه و متصل به و لانه ليس بكلام مفيد بنفسه مستقل بذاته فلا بد من ربطه
بغيره ليصير مفيدا و هذه الضرورة تندفع بالصرف إلى ما يليه فانصرف إلى غيره من
الجمل المتقدمة بدخول حرف العطف بين الجملتين فيجعلهما كلاما واحدا و جملة واحدة و
انما يجعل كلاما واحدا و الجملتان جملة واحدة بواو العطف إذا كانت احدى الجملتين
ناقصة بحيث لو فصلت عن الجملة الاخرى لا تكون مفيدة فأما إذا كانت كاملة بحيث لو
فصلت عن الاخرى كانت مفيدة فلا يجعلان كلاما واحدا لان الجعل للعطف الموجب للشركة و
الشركة ثابتة بدون حرف الواو فكان الوصل و الاشراك بحرف الواو و عدمه سواء و لان
جعل الكلامين كلاما واحدا خلاف الحقيقة فلا يصار اليه الا لضرورة و هي أن تكون احدى
الجملتين ناقصة اما صورة أو معنى كما في قول القائل جاءني زيد و عمر فان الجملة
الثانية ناقصة لانها مبتدأ لا خبر له فجعلت كاملة بالاشراك بحرف الواو كما في قول
الرجل لامرأتيه زينب طالق و عمرة لما قلنا أو تكون ناقصة معنى في حق حصول غرض
المتكلم كما في قوله إمرأته طالق و عبده حر ان شاء الله تعالى أو ان دخلت الدار فان
هناك احدى الجملتين ناقصة في حق حصول غرضه أن يجعلهما جميعا جزاء واحدا للشرط و ان
كان كل واحد في نفسه يصلح جزاء تاما و هذا الغرض لا يحصل الا بالاشراك و الوصل
فيكون أحدهما بعض الجزاء فكانت جملة ناقصة في المعنى و هو تحصيل غرضة فيجعل كانه
ناقص في أصل الافادة و مثل هذه الضرورة لم توجد ههنا فبقيت كل جملة منفردة بحكمها و
ان كانت معطوفة بحرف الواو كما لو قال جاءني زيد و ذهب عمر فان هذا


(159)

عطف جملة على جملة بحرف الواو و لم تثبت الشركة بينهما في الخبر
لما قلنا كذا هذا و لو أدخل الاستثناء على جملتين كل واحدة منهما يمين بان قال
إمرأتي طالق ان دخلت الدار و عبدي حر ان كلمت فلانا ان شاء الله تعالى انصرف
الاستثناء إلى ما يليه في قول أبى يوسف فتطلق إمرأته و لا يعتق عبده و قال محمد
ينصرف إلى الجملتين جميعا و لا يقع الطلاق و لا العتاق وجه قول محمد على نحو ما
ذكرنا ان الكلام معطوف بعضه على بعض بحرف العطف لانه عطف احدى الجملتين على الاخرى
بحرف الواو فيجعلهما كلاما واحدا كما في التنجيز بان يقول إمرأته طالق و عبده حر ان
شاء الله تعالى وأى فرق بين التنجيز و التعليق و حجة أبى يوسف على نحو ما ذكرنا ان
الاصل في الاستثناء أن ينصرف لما يليه لما بينا و انصرافه إلى غيره لتتم الجملة
الناقصة صورة و معنى أو معنى على ما ذكرنا و ههنا كل واحدة من الجملتين تامة صورة و
معنى أما الصورة فظاهر و أما المعنى فلانه لما علق كل جزاء بشرط على حدة علم ان
غرضه ليس جعلهما جميعا جزاء واحدا فكان كل واحد منهما جملة واحدة فكان كل واحد
منهما من الطلاق و العتاق جزاء تاما صورة و معنى و لو قدم الاستثناء فقال ان شاء
الله تعالى فأنت طالق فهو استثناء صحيح لانه وصل الطلاق بالاستثناء بحرف الوصل و هو
الفآء فيصح التعليق بمشيئة الله تعالى كما لو قال ان دخلت الدار فأنت طالق و كذا لو
قال ان شاء الله تعالى و أنت طالق لان الواو للجمع فتصير الجملة كلاما واحدا و لو
قال ان شاء الله تعالى أنت طالق جاز الاستثناء في قول أبى حنيفة و أبى يوسف و لا
يقع الطلاق و قال محمد هو استثناء منقطع و الطلاق واقع في القضاء و يدين فيما بينه
و بين الله عز و جل انه أراد به الاستثناء ( وجه )

قول محمد ان الجزاء إذا كان
متأخرا عن الشرط لابد من ذكر حرف الاتصال و هو حرف الفآء ليتصل الجزاء بالشرط و إذا
لم يوجد لم يتصل فكان قوله ان شاء الله تعالى استثناء منقطعا فلم يصح و يقع الطلاق
كما إذا قال ان ذخلت الدار فأنت طالق فانه لا يتعلق لعدم حرف التعليق و هو حرف
الفآء فيبقى تنجيزا فيقع الطلاق كذا هذا و لهما ان الفآء يضمر في كلامه تصحيحا
للاستثناء و الاضمار في مثل هذا الكلام جائز قال الشاعر من يفعل الحسنات الله
يشكرها و الشر بالشر عند الله مثلان أى فالله يشكرها أو يجعل الكلام على التقديم و
التأخير تصحيحا للاستثناء كانه قال أنت طالق ان شاء الله تعالى و التقديم و التأخير
في الكلام جائز أيضا في اللغة و هذان الوجهان يصحان لتصحيح الاستثناء فيما بيه و
بين الله تعالى لا في القضاء لان كل واحد منهما خلاف الظاهر فلا يصدقه القاضي ألا
ترى انه إذا قال ان دخلت الدار أنت طالق لا يتعلق و ان أمكن تصحيح التعليق بأحد
هذين الطريقين لكن لما كان خلاف الظاهر لم يتعلق و لا يصدق انه أراد به التعليق في
القضاء و انما يصدق فيما بينه و بين الله تعالى لا كذا هذا ( و وجه )

الفرق بين
المسئلتين ان الحاجة إلى ذكر حرف الفآء في التعليق بسائر الشروط إذا كان الجزاء
متأخرا عن الشرط في الملك ليتصل الجزاء بالشرط فيوجد عند وجود الشرط لانه شرط يمكن
الوقوف عليه و العلم به على تقدير وجوده فلا بد من وصل الجزاء بالشرط بحرف الوصل
بخلاف التعليق بمشيئة الله تعالى و وقوع هذا الطلاق مما لا سبيل لنا إلى الوقوف
عليه رأسا حتى تقع الحاجة إلى وصل الجزاء به ليوجد عند وجوده فكان تعطيلا في علمنا
فلا حاجة إلى ذكر حرف الوصل قبل هذا الشرط و الدليل على التفرقة بين الشرطين انه
إذا قال ان شاء الله تعالى و أنت طالق يصح الاستثناء و لو قال ان دخلت الدار و أنت
طالق لا يصح التعليق و يقع الطلاق للحال و لو قال عنيت به التعليق لا يصدق قضأ و لا
ديانة لما ذكرنا كذا هذا هذا كله إذا علق الطلاق بمشيئة الله تعالى فأما إذا علق
الطلاق بمشيئة الله فان علق بمشيئة من يتوقف على مشيئته من العباد بأن قال ان شاء
زيد فالطلاق موقوف على مشيئته في المجلس الذي يعلم فيه بالتعليق لان هذا النوع من
التعليق تمليك لما نذكر فيتقيد بالمجلس كسائر التمليكات و ان علقه بمشيئة من لا
يوقف على مشيئته نحو أن يقول ان شاء جبريل أو الملائكة أو الجن أو الشياطين فهو
بمنزلة التعليق بمشيئة الله تعالى لانه لا يتوقف على مشيئة هؤلاء كما


(160)

لا يتوقف على مشيئة الله عز و جل فصار كانه قال ان شاء الله
تعالى و لو جمع بين مشيئة الله تعالى و بين مشيئة العباد فقال ان شاء الله تعالى
وشاء زيد فشاء زيد لم يقع الطلاق لانه علقه بشرطين لا يعلم وجود أحدهما و المعلق
بشرطين لا ينزل عند وجود أحدهما كما لو قال ان شاء زيد و عمر فشاء أحدهما و الله
الموفق ( و منها )

أن لا يكون انتهاء الغاية فان كان لا يقع و هذا قول أبى حنيفة و
زفر و قال أبو يوسف و محمد هذا ليس بشرط و يقع و ان جعل انتهاء الغاية و هل يشترط
أن لا يكون ابتداء الغاية قال أصحابنا الثلاثة لا يشترط و قال زفر يشترط و الاصل في
هذا ان عند زفر الغايتان لا يدخلان ثم ينظر ان بقي بينهما شيء وقع و الا فلا و عند
أبى يوسف و محمد الغايتان تدخلان و عند أبى حنيفة الاولى تدخل لا الثانية و بيان
هذه الجملة إذا قال لامرأته أنت طالق واحدة إلى اثنتين أو ما بين واحدة إلى اثنتين
فهي واحدة عند أبى حنيفة و عندهما هى اثنتان و عند زفر لا يقع شيء و لو قال أنت
طالق من واحدة إلى ثلاث أو ما بين واحدة إلى ثلاث فهي اثنتان في قول أبى حنيفة و
عندهما هى ثلاث و عند زفر هى واحدة ( وجه )

قول زفران كلمة من لابتداء الغاية و
كلمة إلى لانتهاء الغاية يقال سرت من البصرة إلى الكوفة أى البصرة كانت ابتداء غاية
المسير و الكوفة كانت انتهاء غاية المسير و الغاية لا تدخل تحت ما ضربت له الغاية
كما في البيع فانه اذ قال بعت منك من هذا الحائط إلى هذا الحائط فالحائطان لا
يدخلان في البيع فكان هذا منه إيقاع ما ضربت له الغاية لا الغاية فيقع ما ضربت له
الغاية لا الغاية و كذا إذا قال بعتك ما بين هذا الحائط إلى هذا الحائط لا يدخل
الحائطان في البيع كذا ههنا و لهذا لم تدخل احدى الغايتين عند أبى حنيفة كذا الاخرى
و لهما ان ما جعل غاية لابد من وجوده اذ المعدوم لا يصلح غاية و من ضرورة وجوده
وقوعه و لهذا دخلت الغاية الاولى فكذا الثانية بخلاف البيع فان الغاية هناك كانت
موجودة قبل البيع فلم يكن وجودها بالبيع ليكون من ضرورة وجودها بالبيع دخولها فيه
فلم تدخل و أبو حنيفة بني الامر في ذلك على العرف و العادة فان الرجل يقول في العرف
و العادة لفلان على من مائة درهم إلى ألف و يريد به دخول الغاية الاولى لا الثانية
و كذا يقال سن فلان من تسعين إلى مائة و يراد به دخول الغاية الاولى لا الثانية و
كذا إذا قيل ما بين تسعين إلى مائة و قيل ان الاصمعى ألزم زفر هذا الفصل على باب
الرشيد فقال له كم سنك فقال من سبعين إلى ثمانين و كان سنه أقل من ثمانين فتحير زفر
و لان انتهاء الغاية قد تدخل تحت ما ضربت له الغاية و قد لا تدخل قال الله تعالى ثم
أتموا الصيام إلى الليل و الليل لم يدخل تحت الامر بالصوم فيه فوقع الشك في دخول
الغاية الثانية في كلامه فلا يدخل مع الشك فان نوى واحدة في قوله من واحدة إلى ثلاث
كما قال زفر دين فيما بين و بين الله تعالى لانه نوى ما يحتمله كلامه و لا يدين في
القضاء لانه خلاف الظاهر و قياس ظاهر أصلهما في قوله أنت طالق من واحدة إلى اثنتين
انه يقع الثلاث لان الغايتين يدخلان عندهما الا أنه يحتمل انه جعل تلك الواحدة
داخلة في الثنتين و يحتمل انه جعلهما الثنتين فلا تقع الزيادة على الثنتين بالشك و
روى عن أبى يوسف أنه قال في رجل قال لامرأته أنت طالق اثنتين إلى اثنتين انه يقع
ثنتان لانه يحتمل أن يكون جعل الابتداء هو الغاية كانه قال أنت طالق من اثنتين
إليهما و كذا روى عن أبى يوسف أنه قال إذا قال أنت طالق ما بين واحدة و ثلاث فهي
واحدة لانه ما جعل الثلاث غاية و إنما أوقع ما بين العددين و هو واحدة فتقع واحدة و
ان قال أنت طالق ما بين واحدة إلى أخرى أو من واحدة إلى واحدة فهي واحدة أما على
أصل أبى حنيفة فلان الغاية الاولى تدخل و لا تدخل الثانية فتقع واحدة و أما على
أصلهما فالغايتان و ان كانتا يدخلان جميعا لكن يحتمل أن يكون المراد من قوله من
واحدة إلى واحدة أى منها واليها فلا يقع أكثر من واحدة و أما على أصل زفر فالغايتان
لا يدخلان و لم يبق بينهما شيء و الله عز و جل أعلم ( و منها )

أن لا يكون مضروبا
فيه فان كان لا يقع و يقع المضروب و هذا قول أصحابنا الثلاثة و قال زفر هذا ليس
بشرط و يقع المضروب و المضروب فيه و بيان ذلك فيمن قال لامرأته أنت طالق واحدة في
اثنتين أو قال واحدة في ثلاث أو اثنتين و جملة الجواب فيه انه ان نوى به الظرف و
الوعاء لا يقع الا المضروب لان الطلاق لا يصلح


/ 37