فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان - بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 3

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
(168)

يمين عندنا و يصير موليا حتى لو تركها أربعة أشهر بانت بتطليقة
لان الاصل في تحريم الحلال ان يكون يمينا لما تبين و ان قال أردت به الكذب يصدق
فيما بينه و بين الله تعالى و لا يكون شيأ و لا يصدق في نفى اليمين في القضاء و قد
اختلف السلف رضى الله عنهم في هذه المسألة روى عن أبى بكر و عمر و عبد الله بن
مسعود و عبد الله بن عباس و عائشة رضى الله عنهم انهم قالوا الحرام يمين حتى روى عن
ابن عباس رضى الله عنهما انه قال إذا حرم الرجل إمرأته فهو يمين يكفرها اما كان لكم
في رسول الله أسوة حسنة و روى عن عبد الله بن عمر رضى الله عنه انه قال ان نوى
طلاقا فطلاق و ان لم ينو طلاقا فيمين يكفرها و عن زيد بن ثابت رضى الله عنه انه قال
فيه كفارة يمين و منهم من جعله طلاقا ثلاثا و هو قول على رضى الله عنه و منهم من
جعله طلاقا رجعيا و عن مسروق انه قال ليس ذلك بشيء ما أبالي حرمتها أو قصعة من ثريد
و قال الشافعي ليس بيمين و فيه كفارة يمين بنفس اللفظ و لقب المسألة ان تحريم
الحلال هل هو يمين عندنا يمين و عنده ليس بيمين ( وجه )

قوله ان تحريم الحلال تغيير
الشرع و العبد لا يملك تغيير الشرع و لهذا خرج قوله تعالى يا أيها النبي لم تحرم ما
أحل الله لك مخرج العتاب لرسول الله صلى الله عليه و سلم فدل انه ليس لاحد ان يحرم
ما أحل الله سبحانه و تعالى و به تبين أن اليمين لا يحرم المحلوف عليه على الحالف و
انما يمنعه منه بكونه حلالا ( و لنا )

الكتاب و السنة و الاجماع أما الكتاب فقوله
عز و جل يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك إلى قوله قد فرض الله لكم تحله
أيمانكم قيل نزلت الآية في تحريم جاريته مارية القبطية لما قال صلى الله عليه و سلم
هى على حرام و سمى الله تعالى ذلك يمينا بقوله قد فرض الله لكم تحله أيمانكم أي وسع
الله عليكم أو أباح لكم ان تحلوا من أيمانكم بالكفارة و في بعض القراآت قد فرض الله
لكم كفارة أيمانكم و الخطاب عام يتناول رسول الله صلى الله عليه و سلم و أمته و أما
السنة فما روى ابن عباس عن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما ان النبي صلى الله عليه و
سلم جعل الحرام يمينا و أما الاجماع فما روى عن جماعة من الصحابة رضى الله عنهم ان
النبي صلى الله عليه و سلم جعل الحرام يمينا و بعضهم نص على وجوب كفارة اليمين فيه
و كفارة اليمين و لا يمين لا تتصور فدل على انه يمين و قول من جعله طلاقا ثلاثا
محمول على ما إذا نوى الثلاث لان الحرمة نوعان غليظة و خفيفة فكانت نية الثلاث
تعيين بعض ما يحتمله اللفظ فيصح و إذا نوى واحدة كانت واحدة بائنة لان اللفظ ينبئ
عن الحرمة و الطلاق الرجعي لا يوجب الحرمة للحال و إثبات حكم اللفظ على الوجه الذي
ينبئ عنه اللفظ أولى و لان المخالف يوجب فيه كفارة يمين و كفارة اليمين تستدعى وجود
اليمين فدل ان هذا اللفظ يمين في الشرع فإذا نوى به الكذب لا يصدق في إبطال اليمين
في القضاء لعدوله عن الظاهر و أما قوله ان تحريم الحلال تغيير الشرع فالجواب عنه من
وجهين أحدهما ان هذا ليس بتحويم الحلال من الحالف حقيقة بل من الله سبحانه و تعالى
لان التحريم إثبات الحرمة كالتحليل إثبات الحل و العبد لا يملك ذلك بل الحرمة و
الحل و سائر الحكومات الشرعية ثبتت بإثبات الله تعالى لا صنع للعبد فيها أصلا انما
من العبد مباشرة سبب الثبوت هذا هو المذهب عند أهل السنة و الجماعة فلم يكن هذا من
الزوج تحريم ما أحله الله تعالى بل مباشرة سبب ثبوت الحرمة أو منع النفس عن
الانتفاع بالحلال لان التحريم في اللغة عبارة عن المنع و قد يمنع المرء من تناول
الحلال لغرض له في ذلك و يسمى ذلك تحريما قال الله تعالى و حرمنا عليه المراضع من
قبل و المراد منه امتناع سيدنا موسى عليه الصلاة و السلام عن الارتضاع من ثدي أمه
لا التحريم الشرعي و على أحد هذين الوجهين يحمل التحريم المضاف إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فان قيل لو كان الامر على ما ذكرتم لم يكن ذلك منه تحريم الحلال
حقيقة فما معنى إلحاق العتاب به فالجواب عنه من وجهين أحدهما ان ظاهر الكلام ان كان
يوهم العتاب فليس بعتاب في الحقيقة بل هو تخفيف المؤنة عليه صلى الله عليه و سلم في
حسن العشرة و الصحبة مع أزواجه لانه كان مندوبا إلى حسن العشرة معهن و الشفقة عليهن
و الرحمة بهن فبلغ من حسن العشرة و الصحبة مبلغا امتنع عن الامتناع بما أحل الله له
يبتغى به حسن العشرة فخرج ذلك مخرج تخفيف المؤنة في حسن


(169)

العشرة معهن لا مخرج النهى و العتاب و ان كانت صيغته صيغة النهى
و العتاب و هو كقوله تعالى فلا تذهب نفسك عليهم حسرات و الثاني ان كان ذلك الخطاب
عتابا فيحتمل انه انما عوتب لانه فعل بلا اذن سبق من الله عز و جل و ان كان ما فعل
مباحا في نفسه و هو منع النفس عن تناول الحلال و الانبياء عليهم الصلاة و السلام
يعاتبون على أدنى شيء منهم يوجد مما لو كان ذلك من غيرهم لعد من أفضل شمائله كما
قال تعالى عفا الله عنك لم أذنت لهم و قوله عبس و تولى ان جاءه الاعمى و نحو ذلك و
الثاني ان كان هذا تحريم الحلال لكن لم قلت ان كل تحريم حلال من العبد تغيير للشرع
بل ذلك نوعان تحريم ما أحله الله تعالى مطلقا و ذلك تغيير بل اعتقاده كفر و تحريم
ما أحله الله مؤقتا إلى غاية لا يكون تغييرا بل يكون بيان نهاية الحلال ألا ترى ان
الطلاق مشروع و ان كان تحريم الحلال لكن لما كان الحل مؤقتا إلى غاية وجود الطلاق
لم يكن التطليق من الزوج تغيير للشرع بل كان بيان انتهاء الحل و على هذا سائر
الاحكام التي تحتمل الارتفاع و السقوط و على هذا سبيل النسخ فيما يحتمل التناسخ
فكذا قوله لامرأته أنت على حرام و ان نوى بقوله أنت على حرام الظهار كان ظهارا عند
أبى حنيفة و أبى يوسف و قال محمد لا يكون ظهارا ( وجه )

قوله ان الظهار تشبيه
الحلال بالحرام و التشبيه لا بد له من حرف التشبيه و لم يوجد فلا يكون ظهارا و لهما
انه وصفها بكونها محرمة و المرأة تارة تكون محرمة بالطلاق و تارة تكون محرمة
بالظهار فأى ذلك نوى فقد نوى ما يحتمله كلامه فيصدق به هذا إذا أضاف التحريم إلى
المرأة فأما إذا أضافه إلى الطعام أو الشراب أو اللباس بان قال هذا الطعام على حرام
أو هذا الشراب أو هذا اللباس فهو يمين عندنا و عليه الكفارة إذا فعل و قال الشافعي
إذا قال ذلك في الزوجة و الجارية لا يجب شيء و هي مسألة تحريم الحلال انه يمين أم
لا وجه قول الشافعي في المسألة الاولى ما ذكرنا في المسألة الاولى ( و لنا )

قوله
عز و جل يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك قيل نزلت الآية في تحريم العسل و قد
سماه الله تعالى يمينا بقوله سبحانه و تعالى قد فرض الله لكم تحله أيمانكم فدل ان
تحريم الزوجة و الجارية يمين موجب للكفارة لان تحله اليمين هى الكفارة فان قيل فقد
روى انها نزلت في تحريم جاريته مارية فالجواب انه لا يمتنع ان تكون الآية الكريمة
نزلت فيهما لعدم التنافي و لانه لو أضاف التحريم إلى الزوجة و الجارية لكان يمينا
فكذا إذا أضيف إلى غيرهما كان يمينا كلفظ القسم إذا أضيف إلى الزوجة و الجارية كان
يمينا و إذا أضيف إلى غيرهما كان يمينا أيضا كذا هذا فان فعل كان يمينا مما حرمه
قليلا أو كثيرا حنث و انحلت اليمين لان التحريم المضاف إلى المعين يوجب تحريم كل
جزء من أجزاء المعين كتحريم الخمر و الخنزير و الميتة و الدم فإذا تناول شيأ منه
فقد فعل المحلوف عليه فيحنث و تنحل اليمين بخلاف ما إذا حلف لا يأكل هذا الطعام
فأكل بعضه انه لا يحنث لان الحنث هناك معلق بالشرط و هو أكل كل الطعام و المعلق
بشرط لا ينزل عند وجود بعض الشرط و لو قال نسائى علي حرام و لم ينو الطلاق فقرب
إحداهن كفر و سقطت اليمين فيهن جميعا لانه أضاف التحريم إلى جمع فيوجب تحريم كل فرد
من أفراد الجمع فصار كل فرد من أفراد الجمع محرما على الانفراد فإذا قرب واحدة منهن
فقد فعل ما حرمه على نفسه فيحنث و تلزمه الكفارة و تنحل اليمين و ان لم يقرب واحدة
منهن حتى مضت أربعة أشهر بن جميعا لان حكم الايلاء لا يثبت في حق كل واحدة منهن على
انفرادها و الايلاء يوجب البينونة بمضي المدة من فىء هذا إذا أضاف التحريم إلى نوع
خاص فاما إذا أضافه إلى الانواع كلها بان قال كل حلال على حرام فان لم تكن له نية
فهو على الطعام و الشراب خاصة استحسانا و القياس ان يحنث عقيب كلامه و هو قول زفر
وجه القياس ان اللفظ خرج مخرج العموم فيتناول كل حلال و كما فرغ عن يمينه لا يخلو
عن نوع حلال يوجد منه فيحنث وجه الاستحسان ان هذا عام لا يمكن العمل بعمومه لانه لا
يمكن حمله على كل مباح من فتح عينه و غض بصره و تنفسه و غيرها من حركاته و سكناته
المباحة لانه لا يمكنه الامتناع عنه و العاقل لا يقصد بيمينه منع نفسه عما لا يمكنه
الامتناع عنه فلم يمكن العمل بعموم هذا اللفظ فيحمل على الخصوص و هو الطعام و
الشراب باعتبار العرف و العادة لان هذا اللفظ مستعمل فيهما في العرف و نظيره


(170)

فصل وأما شرائط ركن الايلاء فنوعان

قوله تعالى لا يستوى أصحاب النار و أصحاب الجنة انه لما لم
يمكن العمل بعمومه لثبوت المساواة بين المسلم و الكافر في أشياء كثيرة حمل على
الخصوص و هو نفى المساواة بينهما في العمل في الدنيا أو في الجزاء في الآخرة كذا
هذا فان نوى مع ذلك اللباس أو إمرأته فالتحريم واقع على جميع ذلك وأى شيء من ذلك
فعل وحده لزمته الكفارة لان اللفظ صالح لتناول كل المباحات و انما حملناه على
الطعام و الشراب بدليل العرف فإذا نوى شيأ زائد على المتعارف نوى بما يحتمله لفظه و
فيه تشديد على نفسه فيقبل قوله فإذا نوى شيأ بعينه دون غيره بان نوى الطعام خاصة أو
الشراب خاصة أو اللباس خاصة أو إمرأته خاصة فهو على ما نوى فيما بينه و بين الله
تعالى و في القضاء لما ذكرنا ان هذا اللفظ متروك العمل بظاهر عمومه و مثله يحمل على
الخصوص فإذا قال أردت واحدا بعينه دون غيره فقد ترك ظاهر لفظ هو متروك الظاهر فلم
يوجد منه العدول فيصدق و ان قال كل حل على حرام و نوى إمرأته كان عليها و على
الطعام و الشراب لان الطعام و الشراب دخلا تحت ظاهر هذا اللفظ و لم ينفهما بنيته
فبقيا داخلين تحت اللفظ بخلاف الفصل الاول لانه هناك نوى إمرأته خاصة و نفى الطعام
و الشراب بنيته فلم يدخلا و ههنا لم ينف الطعام و الشراب بنيته و قد دخلا تحت اللفظ
فبقيا كذلك ما لم ينفيا بالنية و ان نوى في إمرأته الطلاق لزمه الطعام فيها فان أكل
أو شرب لم تلزمه الكفارة لان اللفظ الواحد لا يجوز حمله على الطلاق و اليمين
لاختلاف معنييهما و اللفظ الواحد لا يشتمل على معنيين مختلفين فإذا أراد به في
الزوجة الطلاق الذي هو أشد الامرين و أغلظهما لا يبقى الآخر مرادا و كذا روى عن أبى
يوسف و محمد في رجل قال لامرأتين له أنتما على حرام يعنى في احداهما الطلاق و في
الاخرى الايلاء فهما طالقان جميعا لما ذكرنا ان اللفظ الواحد لا يحتمل معنيين
مختلفين فإذا أرادهما بلفظ واحد يحمل على أغلظهما و يقع الطلاق عليهما و لو قال هذه
على حرام ينوى الطلاق و هذه على حرام ينوى الايلاء كان كما نوى لانهما لفظان فيجوز
ان يراد بأحدهما خلاف ما يراد بالآخر و عن أبى يوسف فيمن قال لامرأتيه أنتما على
حرام ينوى في احداهما ثلاثا و في الاخرى واحدة انهما جميعا طالقان ثلاثا لان حكم
الواحدة البائنة خلاف حكم الثلاث لان الثلاث يوجب الحرمة الغليظة و اللفظ الواحد لا
يتناول معنيين مختلفين في حالة واحدة فإذا نواهما يحمل على أغلظهما و أشدهما و قال
ابن سماعة في نوادره سمعت أبا يوسف يقول في رجل قال ما أحل الله على حرام من مال و
أهل و نوى الطلاق في أهله قال و لا نية له في الطعام فان أكل لم يحنث لما قلنا قال
و كذلك لو قال هذا الطعام على حرام و هذه ينوى الطلاق لان اللفظة واحدة و قد تناولت
الطلاق فلا تتناول تحريم الطعام و قالوا فيمن قال لامرأته أنت على كالدم أو الميتة
أو لحم الخنزير أو كالخمر انه يسئل عن نيته فان نوى كذبا فهو كذب لان هذا اللفظ ليس
صريحا في التحريم ليجعل يمينا فيصدق انه أراد به الكذب بخلاف قوله أنت على حرام
فانه صريح في التحريم فكان يمينا و ان نوى التحريم فهو ايلاء لانه شبهها بما هو
محرم فكانه قال أنت حرام و ان نوى الطلاق فالقول فيه كالقول فيمن قال لامرأته أنت
على حرام ينوي الطلاق و روى ابن سماعة عن محمد فيمن قال لامرأته ان فعلت كذا فأنت
أمي يريد التحريم قال هو باطل لانه لم يجعلها مثل أمه ليكون تحرما و انما جعلها أمه
فيكون كذبا قال محمد و لو ثبت التحريم بهذا الثبت إذا قال أنت حواء و هذا لا يصح و
قال ابن سماعة عن محمد فيمن قال لامرأته أنت معي حرام فهو مثل قوله أنت على حرام
لان هذه الحروف يقام بعضها مقام بعض و الله تعالى أعلم ( فصل )

و أما شرائط ركن
الايلاء فنوعان نوع هو شرط صحته في حق حكم الحنث و نوع هو شرط صحته في حق حكم البر
و هو الطلاق أما الاول فموضع بيانه كتاب الايمان لان الايلاء يساوي سائر الايمان في
حق أحد الحكمين و هو حكم الحنث و انما يخالفها في حق الحكم الآخر و هو حكم البر
لانه لا حكم لسائر الايمان عند تحقق البر فيها و للايلاء عند تحقق البر حكم و هو
وقوع الطلاق اذ هو تعليق الطلاق البائن شرعا بشرط البر كانه قال إذا مضت أربعة أشهر
و لم أقربك فيها فأنت طالق بائن فنذكر الشرائط المختصة به في حق هذا الحكم و هو
الطلاق فنقول لركن

(171)

الايلاء في حق هذا الحكم شرائط بعضها يعم كل يمين بالطلاق و
بعضها يخص الايلاء أما الذي يعم فما ذكرنا من الشرائط فيما تقدم من العقل و البلوغ
و قيام ملك النكاح و الاضافة إلى الملك حتى لا يصلح ايلاء الصبي و المجنون لانهما
ليسا من أهل الطلاق و كذا لو آلى من أمته أو مدبرته أو أم ولده لم يصح إيلاؤه في حق
هذا الحكم لان الله تعالى خص الايلاء بالزوجات بقوله عز و جل للذين يؤلون من نسائهم
و الزوجة اسم للمملوكة بملك النكاح و شرع الايلاء في حق هذا الحكم ثبت بخلاف القياس
يهذه الآية الشريفة و انها وردت في الازواج فتختص بهم و لان اعتبار الايلاء في حق
هذا الحكم لدفع الظلم عنها من قبل الزوج لمنع حقها في الجماع منعا مؤكدا باليمين و
لا حق للامة قبل مولاها في الجماع فلم يتحقق الظلم فلا تقع الحاجة إلى الدفع لوقوع
الطلاق و لان الفرقة الحاصلة بمضي المدة من فىء فرقة بطلاق و لا طلاق بدون النكاح و
لو آلى منها و هي مطلقة فان كان الطلاق رجعيا فهو مول لقيام الملك من كل وجه و لهذا
صح طلاقه و ظهاره و يتوارثان و ان كان بائنا أو ثلاثا لم يكن موليا لزوال الملك و
المحل بالابانة و الثلاث و الايلاء لا ينعقد في الملك ابتداء و ان كان يبقى بدون
الملك على ما نذكره ان شاء الله تعالى و على هذا يخرج ما إذا قال لاجنبية و الله لا
أقربك ثم تزوجها انه لا يصير موليا في حق حكم البر حتى لو مضت أربعة أشهر فصاعدا
بعد التزوج و لم يفئ إليها لا يقع عليها شيء لانعدام الملك و الاضافة إلى الملك و
لو قربها بعد التزوج أو قبله تلزمه الكفارة لانعقاد اليمين في حق الحنث و لو قال
لها ان تزوجتك فو الله لا أقربك فتزوجها صار موليا عندنا لوجود الملك عند التزوج و
اليمين بالطلاق يصح في الملك أو مضافا إلى الملك و ههنا وجدت الاضافة إلى الملك
فيصير موليا بخلاف الفصل الاول و كذا جميع ما ذكرنا من شرائط صحة التطليق فهو من
شرط صحة الايلاء في حق الطلاق و أما الذي يخص الايلاء فشيآن أحدهما المدة و هي ان
يحلف على أربعة أشهر فصاعدا في الحرة أو يحلف مطلقا أو مؤبدا حتى لو حلف على أقل من
أربعة أشهر لم يكن موليا في حق الطلاق و هذا قول عامة العلماء و عامة الصحابة رضى
الله عنهم و قال بعض أهل العلم ان مدة الايلاء مقدرة يستوى فيها القليل و الكثير
حتى لو حلف لا يقربها يوما أو ساعة كان موليا حتى لو تركها أربعة أشهر بانت و كذا
روى عن ابن مسعود رضى الله عنه و قال ابن عباس رضى الله عنهما ان الايلاء على الابد
و قال الشافعي لا يكون موليا حتى يحلف على أكثر من أربعة أشهر وجه قول الاولين ما
روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم آلى من نسائه
شهرا فلما كان تسعة و عشرين يوما ترك ايلاءهن فقيل له انك آليت شهرا يا رسول الله
فقال الشهر تسعة و عشرون يوما و لان الله تعالى لم يذكر في كتابه الكريم للايلاء
مدة بل أطلقه إطلاقا بقوله عز و جل للذين يؤلون من نسائهم فيجرى على إطلاقه و انما
ذكر المدة لثبوت البينونة حتى تبين بمضي المدة من فىء لا ليصير ايلاء شرعا و به
نقول و لنا قوله تعالى للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر ذكر للايلاء في حكم
الطلاق مدة مقدرة فلا يكون الحلف على ما دونها ايلاء في حق هذا الحكم و هذا لان
الايلاء ليس بطلاق حقيقة و انما جعل طلاقا معلقا بشرط البر شرعا بوصف كونه مانعا من
الجماع أربعة أشهر فصاعدا فلا يجعل طلاقا بدونه و لان الايلاء هو اليمين التي تمنع
الجماع خوفا من لزوم الحنث و بعد مضى يوم أو شهر يمكنه أن يطأها من حنث يلزمه فلا
يكون هذا ايلاء و أما قولهم ان المدة ذكرت لثبوت حكم الايالاء لا للايلاء فنقول ذكر
المدة في حكم الايلاء لا يكون ذكرا في الايلاء لان الحكم ثبت بالايلاء اذ به يتأكد
المنع المحقق للظلم و أما الحديث فالمروي ان النبي صلى الله عليه و سلم آلى ان لا
يدخل على نسائه شهرا و عندنا من حلف لا يدخل على إمرأته يوما أو شهرا أو سنة لا
يكون موليا في حق حكم الطلاق لان الايلاء يمين يمنع الجماع و هذا لا يمنع الجماع و
قول عبد الله بن عباس رضى الله عنهما الايلاء على الابد محتمل يحتمل أن يكون معناه
ان الايلاء إذا ذكر مطلقا عن الوقت يقع على الابد و ان لم يذكر الابد و نحن نقول به
و يحتمل انه أراد به أن ذكر الابد شرط صحة الايلاء في حق حكم الطلاق فيحمل على
الاول توفيقا بين الاقاويل و الدليل عليه ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما انه
قال كان ايلاء أهل الجاهلية السنة

(172)

و السنتين و أكثر من ذلك فوقته الله أربعة أشهر فمن كان إيلاؤه
أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء و لانه ليس في في النص شرط الابد فيلزمه إثبات حكم
الايلاء في حق الطلاق عند تربص أربعة أشهر فلا تجوز الزيادة الا بدليل و أما الكلام
مع الشافعي فمبنى على حكم الايلاء في حق الطلاق فعندنا إذا مضت أربعة أشهر تبين منه
و عنده لا تبين بل توقف بعد مضى هذه المدة و يخير بين الفئ و التطليق فلا بد و أن
تزيد المدة على أربعة أشهر و نذكر المسألة في بيان حكم الايلاء ان شاء الله تعالى و
سواء كان الايلاء في حال الرضا أو الغضب أو أراد به إصلاح ولده في الرضاع أو
الاضرار بالمرأة عند عامة العلماء و عامة الصحابة رضى الله عنهم و هو الصحيح لان نص
الايلاء لا يفصل بين حال و حال و لان الايلاء يمين فلا يختلف حكمه بالرضا و الغضب و
ارادة الاصلاح و الاضرار كسائر الايمان و أما مدة ايلاء الامة المنكوحة فشهر ان
فصاعدا عندنا و عند الشافعي مدة ايلاء الامة كمدة ايلاء الحرة و احتج بقوله تعالى
للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر من فصل بين الحرة و الامة و الكلام من حيث
المعنى مبنى على اختلاف أصل نذكره في حكم الايلاء و هو ان مدة الايلاء ضربت أجلا
للبينونة عندنا فاشبه مدة العدة فيتنصف بالرق كمدة العدة و عنده ضربت لاظهار ظلم
الزوج بمنع حقها عن الجماع في المدة و هذا يوجب التسوية بين الامة و الحرة في المدة
كاجل العنين و لا حجة له في الآية لانها تناولت الحرائر لا الاماء لانه سبحانه و
تعالى ذكر عزم الطلاق ثم عقبه بقوله تعالى و المطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء و
هي عدة الحرائر و سواء كان زوجها عبدا أو حرا فالعبرة لرق المرأة و حريتها لا لرق
الرجل و حريته لان الايلاء في حق أحد الحكمين طلاق فيعتبر فيه جانب النساء و لو
اعترض العتق على الرق بان كانت مملوكة وقت الايلاء ثم أعتقت تحولت مدتها مدة
الحرائر بخلاف العدة فانها إذا طلقت طلاقا بائنا ثم أعتقت لا تنقلب عدتها عدة
الحرائر و في الطلاق الرجعي تنقلب و الفرق بين هذه الجملة يعرف في موضعه ان شاء
الله تعالى و على هذا يخرج ما إذا قال لامرأته الحرة و الله لا أقربك أربعة أشهر
الا يوما لا يكون موليا لنقصان المدة و لو قال لها و الله لا أقربك شهرين و شهرين
بعد هذين الشهرين فهو مول لانه جمع بين شهرين و شهرين بحرف الجمع و الجمع بحرف
الجمع كالجمع بلفظ الجمع فصار كانه قال و الله لا أقربك أربعة أشهر و لو قال لها و
الله لا أقربك شهرين فمكث يوما ثم قال و الله لا أقربك شهرين بعد هذين الشهرين
الاولين لم يكن موليا لانه إذا سكت يوما فقد مضى يوم من حكم الايلاء لان الشهرين
ليسا بمدة الايلاء في حق الحرة فإذا قال و شهرين بعد هذين الشهرين فقد جمع الشهرين
الآخرين إلى الاوليين بعد ما مضى يوم من حكم الايلاء فصار كانه قال و الله لا أقربك
أربعة أشهر الا يوما و لو قال ذلك لم يكن موليا لنقصان المدة كذا هذا و لو قال و
الله لا أقربك سنة الا يوما لم يكن موليا للحال في قول أصحابنا الثلاثة و عند زفر
يكون موليا للحال حتى لو مضت السنة و لم يقربها فيها لا تبين و لو قربها يوما لا
كفارة عليه عندنا و عنده إذا مضت أربعة أشهر منذ قال هذه المقالة و لم يقربها فيها
تبين و لو قربها تلزمه الكفارة وجه قوله ان اليوم المستثنى ينصرف إلى آخر السنة كما
في الاجارة فانه لو قال أجرتك هذه الدار سنة الا يوما انصرف اليوم إلى آخر السنة
حتى صحت الاجارة كذا ههنا و إذا انصرف إلى آخر السنة كانت مدة الايلاء أربعة أشهر و
زيادة فيصير موليا و لانه إذا انصرف إلى آخر السنة فلا يمكنه قربان إمرأته في
الاربعة أشهر من حنث يلزمه و هذا حد المولى و لنا ان المستثنى يوم منكر فتعيين
اليوم الا آخر تغيير الحقيقة و لا يجوز تغيير الحقيقة من ضرورة فبقى المستثنى يوما
شائعا في السنة فكان له أن يجعل ذلك اليوم أي يوم شاء فلا تكمل المدة و لانه إذا
استثنى يوما شائعا في الجملة فلم يمنع نفسه عن قربان إمرأته بما يصلح مانعا من
القربان في المدة لان له أن يعين يوما للقربان أى يوم كان فيقر بها فيه من حنث
يلزمه فلم يكن موليا و في باب الاجارة مست الضرورة إلى تعيين الحقيقة لتصحيح
الاجارة اذ لا صحة لها بدونه لان كون المدة معلومة في الاجارة شرط صحة الاجارة و لا
تصير معلومة الا بانصراف الاستثناء إلى اليوم الاخير و ههنا لا ضرورة لان جهاله
المدة لا تبطل اليمين فان قال ذلك ثم قربها


(173)

يوما ينظر ان كان قد بقي من السنة أربعة أشهر فصاعدا صار موليا
لوجود كمال المدة و لوجود حد المولى و ان بقي أقل من ذلك لم يصر موليا لنقصان المدة
و لانعدام حد الايلاء و على هذا الخلاف إذا قال و الله لا أقربك سنة الا مرة ان في
قوله الا يوما إذا قربها و قد بقي من السنة أربعة أشهر فصاعدا لا يصير موليا ما لم
تغرب الشمس من ذلك اليوم و يعتبر ابتداء المدة من وقت غروب الشمس من ذلك اليوم لان
اليوم اسم لجميع هذا الوقت من أوله إلى آخره فلا ينتهي الا بغروب الشمس و في قوله
الا مرة يصير موليا عقيب القربان بلا فصل و يعتبر ابتداء من وقت فراغه من القربان
مرة لان المستثنى ههنا هو القربان مرة لا اليوم و المستثنى هناك هو اليوم لا المرة
لذلك افترقا ثم مدة أشهر الايلاء تعتبر بالاهلة أم بالايام فنقول لا خلاف ان
الايلاء إذا وقع في غرة الشهر تعتبر المدة بالاهلة و إذا وقع في بعض الشهر لم يذكر
عن أبي حنيفة نص رواية و قال أبو يوسف تعتبر بالايام و ذلك مائة و عشرون يوما و روى
عن زفر انه يعتبر بقية الشهر بالايام و الشهر الثاني و الثالث بالاهلة و تكمل أيام
الشهر الاول بالايام من أول الشهر الرابع و يحتمل أن يكون هذا على اختلافهم في عدة
الطلاق و الوفاة على ما نذكره هناك ان شاء الله تعالى و الثاني ترك الفئ في المدة
لان الله تعالى جعل عزم الطلاق شرط وقوعه بقوله فان عزموا الطلاق فان الله سميع
عليم و كلمة ان للشرط و عزم الطلاق ترك الفئ في المدة و الكلام في الفئ يقع في
مواضع في تفسير الفئ المذكور في الاية الكريمة انه ما هو و في بيان شرط صحة الفئ و
في بيان وقت الفئ انه في المدة أو بعد انقضائها أما الاول فالفئ عندنا على ضربين
أحدهما بالفعل و هو الجماع في الفرج حتى لو جامعها فيما دون الفرج أو قبلها بشهوة
أو لمسها لشهوة أو نظر إلى فرجها عن شهوة لا يكون ذلك فيأ لان حقها في الجماع في
الفرج فصار ظالما بمنعه فلا يندفع الظلم الا به فلا يحصل الفئ و هو الرجوع عما عزم
عليه عند القدرة الا به بخلاف الرجعة انها تثبت بالجماع فيما دون الفرج و بالمس عن
شهوة و النظر إلى الفرج عن شهوة لان البينونة هناك بعد انقضاء العدة تثبت من وقت
وجود الطلاق من وجه فلو لم تثبت الرجعة به لصار مرتكبا للحرام فجعل الاقدام عليه
دلالة الرجعة تحرزا عن الحرام و هذا المعنى لم يوجد ههنا لان البينونة بعد انقضاء
المدة ثبتت مقصورة على الحال فلو لم يجعل منه فيأ لم يصر مرتكبا للحرام لذلك
فافترقا و الثاني بالقول و الكلام فيه يقع في موضعين أحدهما في صورة الفئ بالقول و
الثاني في بيان شرط صحته أما صورته فهي أن يقول لها فئت إليك أو راجعتك و ما أشبه
ذلك و ذكر الحسن عن أبي حنيفة في صفة الفئ ان يقول الزوج اشهدوا اني قد فئت إلى
إمرأتي و أبطلت الايلاء و ليس هذا من أبي حنيفة شرط الشهادة على الفئ فانه يصح بدون
الشهارة و انما ذكر الشهادة احتياطا لباب الفروج لاحتمال أن يدعى الزوج الفئ إليها
بعد مضي المدة فتكذبه المرأة فيحتاج إلى اقامة البينة عليه الا أن تكون الشهادة
شرطا لصحة الفئ و قد قال أصحابنا انه إذا اختلف الزوج و المرأة في الفئ مع بقاء
المدة و الزوج ادعى الفئ و أنكرت المرأة فالقول قول الزوج لان المدة إذا كانت باقية
فالزوج يملك الفئ فيها و قد دعى الفئ في وقت يملك انشاءه فيه فكان الظاهر شاهدا له
فكان القول قوله و ان اختلفا بعد مضي المدة فالقول قول المرأة لان الزوج يدعى الفئ
في وقت لا يملك انشاء الفئ فيه فكان الظاهر شاهدا عليه للمرأة فكان القول قولها و
أما شرط صحته فلصحة الفئ بالقول شرائط ثلاثة أحدها العجز عن الجماع فلا يصح مع
القدرة على الجماع لان الاصل هو الفئ بالجماع لان الظلم به يندفع حقيقة و انما الفئ
بالقول خلف عنه و لا عبرة بالخلف مع القدرة على الاصل كالتيمم مع الوضوء و نحو ذلك
ثم الشرط هو العجز عن الجماع حقيقة أو مطلق العجز اما حقيقة و اما حكما فجملة
الكلام فيه أن العجز نوعان حقيقي و حكمي أما الحقيقي فنحو أن يكون أحد الزوجين
مريضا مرضا يتعذر معه الجماع أو كانت المرأة صغيرة لا يجامع مثلها أو رتقاء أو يكون
الزوج مجبوبا أو يكون بينهما مسافة لا يقدر على قطعها في مدة الايلاء أو تكون ناشزة
محتجبة في مكان لا يعرفه أو يكون محبوسا لا يقدر أن يدخلها و فيؤه في هذا كله
بالقول كذا ذكره القدوري في شرحه مختصر الكرخي و ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي
أنه لو آلى من إمرأته و هي محبوسة أو هو محبوس أو كان بينه و بن إمرأته مسافة أقل
من

(174)

أربعة أشهر الا ان العدو أو السلطان منعه عن ذلك فان فيأه لا
يكون الا بالفعل و يمكن أن يوفق بين القولين في الحبس بان يحمل ما ذكره القاضي على
أن يقدر أحدهما على أن يصل إلى صاحبه في السجن و الوجه في المنع من العدو أو
السلطان ان ذلك نادر و على شرف الزوال فكان ملحقا بالعدم و أما الحكمي فمثل أن يكون
محرما وقت الايلاء و بينه و بين الحج أربعة أشهر و إذا عرف هذا فنقول لا خلاف في
أنه إذا كان عاجزا عن الجماع حقيقة انه ينتقل الفئ بالجماع إلى الفئ بالقول و اختلف
أصحابنا فيما إذا كان قادرا على الجماع حقيقة و عاجزا عنه حكما انه هل يصح الفئ
بالقول قال أصحابنا الثلاثة لا يصح و لا يكون فيؤه الا بالجماع و قال زفر يصح وجه
قوله ان العجز حكما كالعجز حقيقة في أصول الشريعة كما في الخلوة فانه يستوى المانع
الحقيقي و الشرعي في المنع من صحة الخلوة كذا هذا و لنا أنه قادر على الجماع حقيقة
فيصير ظالما بالمنع فلا يندفع الظلم عنها الا بايفائها حقها بالجماع و حق العبد لا
يسقط لاجل حق الله تعالى في الجملة لغنا الله عز و جل و حاجة العبد و الثاني دوام
العجز عن الجماع إلى أن تمضي المدة حتى لو قدر على الجماع في المدة بطل الفئ بالقول
و انتقل إلى الفئ بالجماع حتى لو تركها و لم يقربها في المدة حتى مضت تبين لما
ذكرنا أن الفئ باللسان بدل عن الفئ بالجماع و من قدر على الاصل قبل حصول المقصود
بالبدل بطل حكم البدل كالمتيمم إذا قدر على الماء في الصلاة و كذا إذا آلى و هو
صحيح ثم مرض فان كان قدر مدة صحته ما يمكن فيه الجماع ففيؤه بالجماع لانه كان قادرا
على الجماع في مدة الصحة فإذا لم يجامعها مع القدرة عليه فقد فرط في إيفاء حقها فلا
يعذر بالمرض الحادث و ان كان لا يمكنه فيؤه بالجماع لقصره ففيؤه بالقول لانه إذا لم
يقدر على الجماع فيه لم يكن مفرطا في ترك الجماع فكان معذورا و لو آلى و هو مريض
فلم يفئ باللسان إليها حتى مضت المدة فبانت ثم صح ثم مرض فتزوجها و هو مريض ففاء
إليها باللسان صح فيؤه في قول أبي يوسف حتى لو تمت أربعة أشهر من وقت التزوج لا
تبين و قال محمد لا يصح ( وجه )

قوله أنه إذا صح في المدة الثانية فقد قدر على
الجماع حقيقة فسقط اعتبار الفئ باللسان في تلك المدة و ان كان لا يقدر على جماعها
الا بمعصية كما إذا كان محرما ففاء بلسانه أنه لم يصح فيؤه باللسان لكونه قادرا على
الجماع حقيقة و ان كان لا يقدر عليه الا بمعصية كذا هذا و لابي يوسف أن الصحة انما
تمنع الفئ باللسان للقدرة على ايفائها حقها في الجماع و لا حق لها في حالة البينونة
فلا تعتبر الصحة مانعة منه و الثالث قيام ملك النكاح وقت الفئ بالقول و هو أن تكون
المرأة في حال ما يفئ إليها زوجته بائنة منه فان كانت بائنة منه ففاء بلسانه لم يكن
ذلك فيأ و يبقى الايلاء لان الفئ بالقول حال قيام النكاح انما يرفع الايلاء في حق
حكم الطلاق لحصول إيفاء حقها به و لا حق لها حالة البينونة على ما نذكره و لا يعتبر
الفئ و صار وجودها و العدم بمنزلة فيبقى الايلاء فإذا تزوجها و مضت المدة تبين منه
بخلاف الفئ بالفعل و هو الجماع انه يصح بعد زوال الملك و ثبوت البينونة حتى لا يبقى
الايلاء بل يبطل لانه حنث بالوطء فانحلت اليمين و بطلت و لم يوجد الحنث ههنا فلا
تنحل اليمين فلا يرتفع الايلاء ثم الفئ بالقول عندنا انما يصح في حق حكم الطلاق حتى
لا يقع الطلاق بمضي المدة الا في حق الحنث لان اليمين في حق حكم الحنث باقية لانها
لا تنحل الا بالحنث و الحنث انما يحصل بفعل المحلوف عليه و القول ليس محلوفا عليه
فلا تنحل به اليمين هذا الذي ذكرنا مذهب أصحابنا و قال الشافعي لا فىء الا بالجماع
و اليه مال الطحاوي و وجهه ان الفئ بالحنث و لا حنث باللسان فلا يحصل الفئ به و هذا
لان الحنث هو فعل المحلوف عليه و المحلوف عليه هو القربان فلا يحصل الفئ الا به و
لنا إجماع الصحابة رضى الله عنهم فانه روى عن علي رضى الله عنه و ابن مسعود و ابن
عباس رضى الله عنهم أنهم قالوا الفئ عند العجز بالقول و كذا روى عن جماعة من
التابعين مثل مسروق و الشعبي و إبراهيم النخعي و سعيد بن جبير و لان الفئ في اللغة
هو الرجوع يقال فاء الظل أي رجع و معنى الرجوع في الايلاء هو أنه بالايلاء عزم على
منع حقها في الجماع و آكد العزم باليمين فبالفئ رجع عما عزم و الرجوع كما يكون
بالفعل يكون بالقول و هذا لان وقوع الطلاق لصيرورته ظالما بمنع حقها و الظلم عند
القدرة على الجماع بمنع حقها في الجماع فيكون ازالة الظلم بإيفاء حقها في الجماع
فيكون ازالة هذا الظلم بذكر إيفاء حقها في الجماع أيضا و عند العجز عن الجماع يكون
بايذائه إياها منع حقها


/ 37