فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع - بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 3

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید

(7)



لعمرك ان الموت ما أخطأ الفتى لك الطول المرجى و تبناه باليد و
لو قال و ايم الله لا أفعل كذا كان يمينا لان هذا من صلات اليمن عند البصريين قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم في زيد بن حارثة رضى الله عنه حين امره في حرب موته
و قد بلغه الطعن و ايم الله لخليق للامارة و عند الكوفيين هو جمع اليمين تقديره و
أيمن الله الا ان النون أسقطت عند كثرة الاستعمال للتخفيف كما في قوله تعالى حنيفا
و لم يك من المشركين و الايمن جمع يمين فكانه قال و يمين الله و انه حلف بالله
تعالى لان العرب تعارفته يمينا قال امرؤ القيس فقلت يمين الله أبرح قاعدا و ان قطعت
رأسي لديك و أوصالي حلفت لها بالله حلفة فاجر لناموا فما ان من حديث و لا صالي و
قالت عنيزة فقالت يمين الله مالك حيلة و ما ان أرى عنك الغواية تنجلي فقد استعمل
امرؤ القيس يمين الله و سماه حلفا بالله و لو قال و حق الله لا يكون حالفا في قول
أبي حنيفة و محمد واحدى الروايتين عن أبي يوسف و روى عنه رواية أخرى انه يكون يمينا
و وجهه ان قوله و حق الله و ان كان اضافة الحق إلى الله تعالى لكن الشيء قد يضاف
إلى نفسه في الجملة و الحق من أسماء الله تعالى فكانه قال و الله الحق و لهما ان
الاصل ان يضاف الشيء إلى غيره لا إلى نفسه فكان حلفا بغير الله تعالى فلا يكون
يمينا و لان الحق المضاف إلى الله تعالى يراد به الطاعات و العبادات لله تعالى في
عرف الشرع ألا ترى أنه سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقيل له ما حق الله على
عباده فقال ان يعبدوه و لا يشركوا به شيأ و الحلف بعبادة الله و طاعته لا يكون
يمينا و لو قال و الحق يكون يمينا لان الحق من أسماء الله تعالى قال الله تعالى و
يعلمون ان الله هو الحق المبين و قيل ان نوى به اليمين يكون يمينا و الا فلا لان
اسم الحق كما يطلق على الله تعالى يطلق على غيره فيقف على النية و لو قال حقا لا
رواية فيه و اختلف المشايخ قال محمد بن سلمة لا يكون يمينا لان قوله حقا بمنزلة
قوله صدقا و قال أبو مطيع هو يمين لان الحق من أسماء الله تعالى فقوله حقا كقوله و
الحق و لو قال أقسم بالله أو احلف أو اشهد بالله أو اعزم بالله كان يمينا عندنا و
عند الشافعي لا يكون يمينا الا إذا نوى اليمين لانه يحتمل الحال و يحتمل الاستقبال
فلا بد من النية و لنا أن صيغة افعل للحال حقيقة و للاستقبال بقرينة السين و سوف و
هو الصحيح فكان هذا إخبارا عن حلفه بالله للحال و هذا إذا ظهر المقسم به فان لم
يظهر بان قال أقسم أو احلف أو اشهد أو اعزم كان يمينا في قول أصحابنا الثلاثة و عند
زفر لا يكون يمينا ( وجه )


قوله انه إذا لم يذكر المحلوف به فيحتمل انه أراد به
الحلف بالله و يحتمل انه أراد به الحلف بغير الله تعالى فلا يجعل حلفا مع الشك ( و
لنا )


ان القسم لما لم يجز الا بالله عز و جل كان الاخبار عنه إخبارا عما لا يجوز
بدونه كما في قوله تعالى و أسأل القرية التي كنا فيها و نحو ذلك و لان العرب تعارفت
الحلف على هذا الوجه قال الله تعالى يحلفون لكم لترضوا عنهم و لم يقل بالله و قال
سبحانه و تعالى إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد انك لرسول الله فالله سبحانه و تعالى
سماه يمينا بقوله تعالى اتخذوا ايمانهم جنة و قال تعالى إذا أقسموا ليصرمنها مصبحين
و لم يذكر بالله ثم سماه قسما و القسم لا يكون الا بالله تعالى في عرف الشرع و
استدل محمد بقوله و لا يستثنون فقال أ فيكون الاستثناء الا في اليمين و فيه نظر لان
الاستثناء لا يستدعي تقدم اليمين لا محالة و انما يستدعي الاخبار عن أمر يفعله في
المستقبل كما قال تعالى و لا تقولن لشيء اني فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله و قوله
اعزم معناه أوجب فكان إخبارا عن الايجاب في الحال و هذا معنى اليمين و كذا لو قال
عزمت لا أفعل كذا كان حالفا و كذا لو قال آليت لا أفعل كذا لان الالية هي اليمين و
كذا لو قال على نذر أو نذر الله فهو يمين لقوله صلى الله عليه و سلم من نذر و سمى
فعليه الوفاء بما سمى و من نذر و لم يسم فعليه كفارة يمين و قال صلى الله عليه و
سلم النذر يمين و كفارته كفارة اليمين و روى ان عبد الله بن الزبير قال لتنتهين
عائشة عن بيع رباعها أو لاحجرن عليها فبلغ ذلك عائشة فقالت أو قال ذلك قالوا نعم
فقالت لله نذر ان كلمته أبدا فاعتق عن يمينها عبدا و كذا قوله على يمين أو يمين
الله في قول


(8)



أصحابنا الثلاثة و قال زفر له على يمين لا يكون يمينا ( وجه )


قوله على ما ذكرنا فيما تقدم ان اليمين قد يكون بالله و قد يكون بغير الله تعالى
فلا ينعقد يمينا بالشك ( و لنا )


أن قوله على يمين الله اذ لا يجوز اليمين بغير
الله تعالى و قوله يمين الله دون قوله على يمين فكيف معه أو يقال معنى قوله على
يمين أو يمين الله اي على موجب يمين الله الا انه حذف المضاف و أقام المضاف اليه
مقامه طلبا للتخفيف عند كثرة الاستعمال و لو قال على عهد الله أو ذمة الله أو
ميثاقه فهو يمين لان اليمين بالله تعالى هي عهد الله على تحقيق أو نفيه ألا ترى إلى
قوله تعالى و أوفوا بالعهد إذا عاهدتم ثم قال سبحانه و تعالى و لا تنقضوا الايمان
بعد توكيدها و جعل العهد يمينا و الذمة هي العهد و منه أهل الذمة أي أهل العهد و
الميثاق و العهد من الاسماء المترادفة و قد روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم
كان إذا بعث جيشا قال في وصيته إياهم و ان أرادوكم ان تعطوهم ذمة الله و ذمة رسوله
فلا تعطوهم أي عهد الله و عهد رسوله و لو قال ان فعل كذا فهو يهودى أو نصراني أو
مجوسي أو بري عن الاسلام أو كافرا و يعبد من دون الله أو يعبد الصليب أو نحو ذلك
مما يكون اعتقاده كفرا فهو يمين استحسانا و القياس انه لا يكون يمينا و هو قول
الشافعي وجه القياس انه علق الفعل المحلوف عليه بما هو معصية فلا يكون حالفا كما لو
قال ان فعل كذا فهو شارب خمرا أو آكل ميتة وجه الاستحسان ان الحلف بهذه الالفاظ
متعارف بين الناس فانهم يحلفون بها من لدن رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى يومنا
هذا من نكير و لو لم يكن ذلك حلفا لما تعارفوا لان الحلف بغير الله تعالى معصية فدل
تعارفهم على انهم جعلوا ذلك كناية عن الحلف بالله عز و جل و ان لم يعقل وجه الكناية
فيه كقول العرب لله على ان أضرب ثوبي حطيم الكعبة ان ذلك جعل كناية عن التصدق في
عرفهم و ان لم يعقل وجه الكناية فيه كذا هذا إذا أضاف اليمين إلى المستقبل فاما إذا
أضاف إلى الماضي بان قال هو يهودي أو نصراني ان فعل كذا لشيء قد فعله فهذا يمين
الغموس بهذا اللفظ و لا كفارة فيه عندنا لكنه هل يكفر لم يذكر في الاصل و عن محمد
ابن مقاتل الرازي انه يكفر لانه علق الكفر بشيء يعلم انه موجود فصار كانه قال هو
كافر بالله و كتب نصر بن يحيى إلى ابن شجاع يسأله عن ذلك فقال لا يكفر و هكذا روى
عن أبي يوسف انه لا يكفر و هو الصحيح لانه ما قصد به الكفر و لا اعتقده و انما قصد
به ترويج كلامه و تصديقه فيه و لو قال عصيت الله ان فعلت كذا أو عصيته في كل ما
افترض على فليس بيمين لان الناس ما اعتادوا الحلف بهذه الالفاظ و لو قال هو يأكل
الميتة أو يستحل الدم أو لحم الخنزير أو يترك الصلاة و الزكاة ان فعل كذا فليس شيء
من ذلك يمينا لانه ليس بإيجاب بل هو اخبار عن فعل المعصية في المستقبل بخلاف قوله
هو يهودي أو نحوه لان ذلك إيجاب في الحال و كذلك لو دعى على نفسه بالموت أو عذاب
النار بان قال عليه عذاب الله ان فعل كذا أو قال أماته الله ان فعل كذا لان هذا ليس
بإيجاب بل دعاء على نفسه و لا يحلف بالآباء و الامهات و الابناء و لو حلف بشيء من
ذلك لا يكون يمينا لانه حلف بغير الله تعالى و الناس و ان تعارفوا الحلف بهم لكن
الشرع نهى عنه و روى عن رسول الله صلى عليه و سلم انه قال لا تحلفوا بآبائكم و لا
بالطواغيت فمن كان حالفا فيحلف بالله أو ليذر و روى عنه انه قال صلى الله عليه و
سلم من حلف بغير الله فقد أشرك و لان هذا النوع من الحلف لتعظيم المحلوف و هذا
النوع من التعظيم لا يستحقه الا الله تعالى و لو قال و دين الله أو طاعته أو شرائعه
أو أنبيائه و ملائكته أو عرشه لم يكن يمينا لانه حلف بغير الله و من الناس من قال
الحلف بالانبياء عليهم الصلاة و السلام و غيرهم يمين و هذا سديد للحديث و لانه حلف
بغير الله فلا يكون قسما كالحلف بالكعبة كذا لو قال و بيت الله أو حلف بالكعبة أو
بالمشعر الحرام أو بالصفا أو بالمروة أو بالصلاة أو الصوم أو الحج لان كل ذلك حلف
بغير الله عز و جل و كذا الحلف بالحجر الاسود و القبر و المنبر لما قلنا و لا يحلف
بالسماء و لا بالارض و لا بالشمس و لا بالقمر والنجوم و لا بكل شيء سوى الله تعالى
و صفاته العلية لما قلنا و قد قال أبو حنيفة لا يحلف الا بالله متجردا بالتوحيد و
الاخلاص و لو قال و عبادة و حمد الله فليس بيمين لانه حلف بغير الله ألا ترى ان
العبادة و الحمد فعلك و لو قال بالقرآن أو بالمصحف أو بسورة كذا من القرآن فليس
بيمين لانه حلف بغير الله تعالى و أما المصحف فلا شك فيه و أما



(9)



القرآن و سورة كذا فلان المتعارف من اسم القرآن الحروف المنظومة
و الاصوات المقطعة بتقطيع خاص لا كلام الله الذي هو صفة أزلية قائمة بذاته تنافي
السكوت و الا آفة و لو قال بحدود الله لا يكون يمينا كذا ذكر في الاصل و اختلفوا في
المراد بحدود الله قال بعضهم يراد به الحدود المعروفة من حد الزنا و السرقة و السرب
و القذف و قال بعضهم يراد بها الفرائض مثل الصوم و الصلاة و غيرهما و كل ذلك حلف
بغير الله تعالى فلا يكون يمينا و قد روى عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال لا
تحلفوا بآبائكم و لا بالطواغيت و لا بحد من حدود الله و لا تحلفوا الا بالله و من
حلف له بالله فليرض و من لم يرض فليس منا و لو قال عليه غضب الله أو سخطه أو لعنته
ان فعل كذا لم يكن يمينا لانه دعاء على نفسه بالعذاب و العقوبة و الطرد عن الرحمة
فلا يكون حالفا كما لو قال عليه عذاب الله و عقابه و بعده عن رحمته و من مشايخنا
بالعراق من قال في تخريجه القسم بالصفات ان الصفات على ضربين صفة للذات وصفة للفعل
و فصل بينهما بالنفي و الاثبات و هو ان ما يثبت و لا ينفى فهو صفة للذات كالعلم و
القدرة و نحوهما و ما يثبت و ينفى فهو صفة الفعل كالتكوين و الاحياء و الرزق و نحو
ذلك و جعل الرحمة و الغضب من صفات الفعل فجعل صفة الذات قديمة وصفة الفعل حادثة
فقال الحلف بصفة الذات يكون حلفا بالله فيكون يمينا و الحلف بصفة الفعل يكون حلفا
بغير الله تعالى فلا يكون يمينا و القول بحدوث صفات الفعل مذهب المعتزلة و الاشعرية
الا انهم اختلفوا في الحد الفاصل بين الصفتين ففصلت المعتزلة بما ذكره هذا القائل
من النفي و الاثبات و الاشعرية فصلت بلزوم النقيصة و عدم اللزوم و هو انه ما يلزم
بنفيه نقيصة فهو من صفات الذات و ما لا يلزم بنفيه نقيصة فهو من صفات الفعل مع
اتفاق الفريقين على حدوث صفات الفعل و انما اختلفت عباراتهم في التحديد لاجل الكلام
فكلام الله تعالى محدث عند المعتزلة لانه ينفى و يثبت فكان من صفات الفعل فكان
حادثا و عند الاشعرية أزلي لانه يلزم بنفيه نقيصة فكان من صفات الذات فكان قديما و
مذهبنا و هو مذهب أهل السنة و الجماعة ان صفات الله أزلية و الله تعالى موصوف بها
في الازل سواء كانت راجعة إلى الذات أو إلى الفعل فهذا التخريج وقع معدولا به عن
مذهب أهل السنة و الجماعة و انما الطريقة الصحيحة و الحجة المستقيمة في تخريج هذا
النوع من المسائل ما سلكنا و الله تعالى الموفق للسداد و الهادى إلى سبيل الرشاد و
هذا الذي ذكرنا إذا ذكر اسم الله تعالى في القسم مرة واحدة فاما إذا كرر فجملة
الكلام فيه ان الامر لا يخلو اما أن ذكر المقسم به و هو اسم الله تعالى و لم يذكر
المقسم عليه حتى ذكر اسم الله تعالى ثانيا ثم ذكر المقسم عليه و اما ان ذكرهما
جميعا ثم أعادهما جميعا و كل ذلك لا يخلو من أن يكون بخرف العطف أو يكون بدونه فان
ذكر اسم الله تعالى و لم يذكر المقسم عليه حتى كرر اسم الله تعالى ثم ذكر المقسم
عليه فان لم يدخل بين الاسمين حرف العطف كان يمينا واحدة بلا خلاف سواء كان الاسم
مختلفا أو متفقا فالمختلف نحو ان يقول و الله الرحمن ما فعلت كذا و كذا لانه لم
يذكر حرف العطف و الثاني يصلح صفة للاول علم انه أراد به الصفة فيكون حالفا بذات
موصوف لا بإسم الذات على حدة و باسم الصفة على حدة و المتفق نحو أن يقول الله و
الله ما فعلت كذا لان الثاني لا يصلح نعتا للاول و يصلح تكريرا و تأكيدا له فيكون
يمينا واحدة الا أن ينوى به يمينين و يصير قوله الله ابتداء يمين بحذف حرف القسم و
انه قسم صحيح على ما بينا فيما تقدم و ان أدخل بين القسمين حرف عطف بأن قال و الله
و الرحمن لا أفعل كذا ذكر محمد في الجامع انهما يمينان و هو احدى الروايتين عن أبى
حنيفة و أبى يوسف و روى الحسن بن زياد عن أبى حنيفة انه يكون يمينا واحدة و به أخذ
زفر و قد روى هذا أيضا عن أبى يوسف في رواية الاصول وجه رواية المذكور في الجامع
انه لما عطف أحد الاسمين على الآخر فكان الثاني الاول لان المعطوف المعطوف عليه
فكان كل واحد منهما يمينا على حدة بخلاف ما إذا لم يعطف لانه إذا لم يعطف أحدهما
على الآخر يجعل الثاني صفة للاول لانه يصلح صفة لان الاسم يختلف و لهذا يستحلف
القاضي بالاسماء و الصفات من حرف العطف فيقول و الله الرحمن الرحيم الطالب المدرك و
لا يجوز أن يستحلف مع حرف العطف لانه ليس على المدعى عليه الا يمين واحدة وجه رواية



(10)



فصل وأما شرائط ركن اليمين فأنواع


الحسن ان حرف العطف قد يستعمل للاستئناف و قد يستعمل للصفة
فانه يقال فلان العالم و الزاهد و الجواد و الشجاع فاحتمل المغايرة و احتمل الصفة
فلا تثبت يمين أخرى مع الشك و الحاصل أن أهل اللغة اختلفوا في هذه المسألة في ان
هذا يكون يمينا واحدة أو يكون يمينين و لقب المسألة ان إدخال القسم على القسم قبل
تمام الكلام هل يجوز قال بعضهم لا يجوز و هو قول أبى علي الفسوى و الخليل حتى حكى
سيبويه عن الخليل ان قوله عز و جل و الليل إذا يغشى و النهار إذا تحلي يمين واحدة و
قال بعضهم يجوز و هو قول الزجاج و الفراء حتى قال الزجاج ان قوله عز و جل ص قسم و
قوله عز و جل و القرآن ذي الذكر قسم آخر و الحجج و تعريف ترجيح أحد القولين على
الآخر تعرف في كتب النحو و قد قيل في ترجيح القول الاول على الثاني انا إذا
جعلناهما يمينا واحدة لا نحتاج إلى إدراج جواب آخر بل يصير قوله لا أفعل مقسما عليه
بالاسمين جميعا و لو جعلنا كل واحد منهما قسما على حدة لاحتجنا إلى إدراج ذكر
المقسم عليه لاحد الاسمين فيضير كانه قال و الله و الله لا أفعل كذا فعلى قياس ما
ذكر محمد في الجامع يكون يمينين و روى محمد في النوادر انه يمين واحدة كانه استحسن
و حمله على التكرار لتعارف الناس و هكذا ذكر في المنتقى عن محمد انه إذا قال و الله
و الله و الله لا أفعل كذا القياس ان يكون ثلاثة ايمان بمنزلة قوله و الله و الرحمن
و الرحيم و فيه قبح و ينبغي في الاستحسان ان يكون يمينا واحدة هكذا ذكر و لو قال و
الله و الله لا أفعل كذا ذكر محمد ان القياس ان يكون عليه كفارتان و لكني أستحسن
فأجعل عليه كفارة واحدة و هذا كله في الاسم المتفق ترك محمد القياس و أخذ
بالاستحسان لمكان العرف لما زعم أن معاني كلام الناس عليه هذا إذا ذكر المقسم به و
لم يذكر المقسم عليه حتى ذكر اسم الله ثانيا فأما إذا ذكرهما جميعا ثم أعادهما فان
كان بحرف العطف بان قال و الله لا أفعل كذا و الرحمن لا أفعل كذا أو قال و الله لا
أفعل كذا و الله لا أفعل كذا فلا شك انهما يمينا سواء كان ذلك في مجلسين أو في مجلس
واحد حتى لو فعل كان عليه كفارتان و كذا لو أعادهما بدون حرف العطف بان قال و الله
لا أفعل كذا و قال و الله لا أفعل كذا لانه لما أعاد المقسم عليه مع الاسم الثاني
علم أنه أراد به يمينا أخرى اذ لو أراد الصفة أو التأكيد لما أعاد المقسم عليه و لو
قال و الله لا أفعل كذا أو قال و الله لا أفعل كذا و قال أردت بالثاني الخبر عن
الاول ذكر الكرخي انه يصدق لان الحكم المتعلق باليمين بالله تعالى هو وجوب الكفارة
و انه أمر بينه و بين الله تعالى و لفظه محتمل في الجملة و ان كان خلاف الظاهر فكان
مصدقا فيما بينه و بين الله عز و جل و روى عن أبي حنيفة انه لا يصدق فان المعلى روي
عن أبي يوسف انه قال في رجل حلف في مقعد واحد بأربعة أيمان أو أكثر أو بأقل فقال
أبو يوسف سألت أبا حنيفة عن ذلك فقال لكل يمين كفارة و مقعد واحد و مقاعد مختلفة
واحد فان قال عني بالثانية الاولى لم يصدق في اليمين بالله تعالى و يصدق في اليمين
بالحج و العمرة و الفدية و كل يمين قال فيها على كذا و الفرق ان الواجب في اليمين
القرب في لفظ الحالف لان لفظه يدل على الوجوب و هو قوله على كذا و صيغة هذا صيغة
الخبر فإذا أراد بالثانية الخبر عن الاول صح بخلاف اليمين بالله تعالى فان الواجب
في اليمين بالله تعالى ليس في لفظ الحلف لان لفظه لا يدل على الوجوب و انما يجب
بحرمة اسم الله و كل يمين منفردة بالاسم فينفرد بحكمها فلا يصدق انه أراد بالثانية
الاولى و روى عن محمد انه قال في رجل قال هو يهودي ان فعل كذا و هو نصراني ان فعل
كذا و هو مجوسي ان فعل كذا و هو مشرك ان فعل كذا لشيء واحد قال عليه لكل شيء من ذلك
يمين و لو قال هو يهودي هو نصراني هو مجوسي هو مشرك فهو يمين واحدة و هذا على الاصل
الذي ذكرنا انه إذا ذكر المقسم به مع المقسم عليه ثم أعاده فالثاني الاول في قولهم
جميعا و إذا ذكر المقسم به و كرره من حرف العطف فهو يمين واحدة في قولهم جميعا (
فصل )


و أما شرائط ركن اليمين بالله تعالى فانواع بعضها يرجع إلى الحالف و بعضها
يرجع إلى المحلوف عليه و بعضها يرجع إلى نفس الركن أما الذي يرجع إلى الحالف فانواع
منها ان يكون عاقلا بالغا يصح يمين الصبي و المجنون و ان كان عاقلا لانها تصرف
إيجاب و هما ليسا من أهل الايجاب و لهذا لم يصح نذرهما و منها ان يكون مسلما



(11)



فلا يصح يمين الكافر و هذا عندنا و عند الشافعي ليس بشرط حتى لو
حلف الكافر على يمين ثم أسلم فحنث فلا كفارة عليه عندنا و عنده تجب الكفارة الا انه
إذا حنث في حال الكفر لا تجب عليه الكفارة بالصوم بل بالمال وجه قوله ان الكافر من
أهل اليمين بالله تعالى بدليل انه يستحلف في الدعاوي و الخصومات و كذا يصح إيلاؤه و
لو لم يكن أهلا لما انعقد كايلاء الصبي و المجنون و كذا هو من أهل اليمين بالطلاق و
العتاق فكان من أهل اليمين بالله تعالى كالمسلم بخلاف الصبي و المجنون ( و لنا )


ان
الكفارة عبادة و الكافر ليس من أهلها و الدليل على ان الكفارة عبادة انها لا تتأدى
بدون النية و كذا لا تسقط باداء الغير عنه و هما حكمان مختصان بالعبادات اذ العبادة
لا تشترط فيه النية و لا يختص سقوطه باداء من عليه كالديون ورد المغصوب و نحوها و
الدليل عليه أن للصوم فيها مدخلا على وجه البدل و بدل العبادة يكون عبادة و الكافر
ليس من أهل العبادات فلا تجب بيمينه الكفارة فلا تنعقد يمينه كيمين الصبي و المجنون
و انما يستحلف في الدعاوي لان المقصود من الاستحلاف التحرج عن الكذب كالمسلم
فاستويا فيه و انما يفارق المسلم فيما هو عبادة و هكذا نقول في الايلاء انه لا يصح
في حق وجوب الكفارة لان الايلاء يتضمن حكمين وجوب الكفارة على تقدير القربان و وقوع
الطلاق بعد انقضاء المدة إذا لم يقر بها في المدة و الكفارة حق الله تعالى فلا
يؤاخذ به الكافر و الطلاق حق العبد فيؤاخذ به و أما الحرية فليست بشرط فتصح يمين
المملوك الا انه لا يجب عليه للحال الكفارة بالمال لانه لا ملك له و انما يجب عليه
التكفير بالصوم و للمولى ان يمنعه من الصوم و كذا كل صوم وجب بمباشرة سبب الوجوب من
العبد كالصوم المنذور به لان المولى يتضرر بصومه و العبد لا يملك الاضرار بالمولى و
لو أعتق قبل ان يصوم يجب عليه التكفير بالمال لان استفاد أهلية الملك بالعتق و كذا
الطواعية ليست بشرط عندنا فيصح من المكره لانها من التصرفات التي لا تحتمل الفسخ
فلا يؤثر فيه الاكراه كالطلاق و العتاق و النذر و كل تصرف لا يحتمل الفسخ و عند
الشافعي شرط و هي من مسائل الاكراه و كذا الجد و العمد فتصح من الخاطئ و الهازل
عندنا خلاف للشافعي ( و أما )


الذي يرجع إلى المحلوف عليه فهو ان يكون متصور الوجود
حقيقة عند الحلف هو شرط انعقاد اليمين على أمر في المستقبل و بقاؤها أيضا متصور
الوجود حقيقة بعد اليمين شرط بقاء اليمين حتى لا ينعقد اليمين على ما هو مستحيل
الوجود حقيقة و لا يبقى إذا صار بحال يستحيل وجوده و هذا قول أبي حنيفة و محمد و
زفر و عند أبي يوسف هذا ليس بشرط لانعقاد اليمين و لا لبقائها و أنما الشرط ان تكون
اليمين على أمر في المستقبل و أما كونه متصور الوجود عادة فهل هو شرط انعقاد اليمين
قال أصحابنا الثلاثة ليس بشرط فينعقد على ما يستحيل وجوده عادة بعد ان كان لا
يستحيل وجوده حقيقة و قال زفر هو شرط لا تنعقد اليمين بدونه و بيان هذه الجملة إذا
قال و الله لاشربن الماء الذي في هذا الكوز فإذا لا ماء فيه لم تنعقد اليمين في قول
أبي حنيفة و محمد و زفر لعدم شرط الانعقاد و هو تصور شرب الماء الذي حلف عليه و عند
أبي يوسف تنعقد لوجود الشرط و هو الاضافة إلى أمر في المستقبل و ان كان يعلم انه لا
ماء فيه تنعقد عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر لا تنعقد و هو رواية عن أبي حنيفة انه
لا تنعقد علم أو لم يعلم و على هذا الخلاف إذا وقت و قال و الله لاشربن الماء الذي
في هذا الكوز اليوم و لا ماء في الكوز انه لا تنعقد عند أبي حنيفة و محمد و زفر و
عند أبي يوسف تنعقد و على هذا الخلاف إذا قال و الله لاقتلن فلانا و فلان ميت و هو
لا يعلم بموته انه لا تنعقد عندهم خلافا لابي يوسف و ان كان عالما بموته تنعقد
عندهم خلاف لزفر و لو قال الله لا مسن السماء أو لاصعدن السماء أو لا حولن هذا
الحجر ذهبا تنعقد عند أصحابنا الثلاثة و عند زفر لا تنعقد أما الكلام مع أبي يوسف
فوجه قوله ان الحالف جعل شرط عدم حنثه القتل و الشرب في المطلق و في الموقت عدم
الشرب في المدة و قد تأكد العدم فتأكد شرط الحنث فيحنث كما في قوله و الله لا مسن
السماء أو لا حولن هذا الحجر ذهبا و لهما ان اليمين تنعقد للبر لان البر هو موجب
اليمين و هو المقصود الاصلي من اليمين أيضا لان الحالف بالله تعالى يقصد بيمينه
تحقيق البر و الوفاء بما عهد و إنجاز ما وعد ثم



(12)



الكفارة تجب لدفع الذنب الحاصل بتفويت البر و هو الحنث فإذا لم
يكن البر متصور الوجود حقيقة لا يتصور الحنث فلم يكن في انعقاد اليمين فائدة فلا
تنعقد و الدليل على ان البر متصور الوجود من هذه اليمين حقيقة انه إذا كان عنده ان
في الكوز ماء و ان الشخص حي فيمينه تقع على الماء الذي كان فيه وقت اليمين و على
ازالة حياة قائمة وقت اليمين و الله تعالى و ان كان قدرا على خلق الماء في الكوز و
لكن هذا المخلوق لا يكون ذلك الماء الذي وقعت يمينه عليه و في مسألة القتل زالت تلك
الحياة على وجه لا يتصور عودها بخلاف ما إذا كان عالما بذلك لانه إذا كان عالما به
فانما انعقد يمينه على ماء آخر يخلقه الله تعالى و على حياة أخرى يحدثها الله تعالى
الا ان ذلك على نقض العادة فكان العجز عن تحقيق البر ثابتا عادة فيحنث بخلاف قوله و
الله لا مسن السماء و نحوه لان هناك البر متصور الوجود في نفسه حقيقة بان يقدره
الله تعالى على ذلك كما أقدر الملائكة و غيرهم من الانبياء عليهم الصلاة و السلام
الا انه عاجز عن ذلك عادة فلتصور وجوده حقيقة انعقدت و للعجز عن تحقيقه عادة حنث و
وجبت الكفارة و أما الكلام مع زفر في اليمين على مس السماء و نحوه فهو يقول
المستحيل عادة يلحق بالمستحيل حقيقة و في المستحيل حقيقة لا تنعقد كذا في المستحيل
عادة و لنا ان اعتبار الحقيقة و العادة واجب ما أمكن و فيما قلناه اعتبار الحقيقة و
العادة جميعا و فيما قاله اعتبار العادة و اهدار الحقيقة فكان ما قلناه أولى و لو
قال و الله لا مسن السماء اليوم يحنث في آخر اليوم عند أبي حنيفة و محمد و في قياس
قول أبي يوسف انه يحنث في الحال و قد روى عن أبي يوسف ما يدل عليه فانه قال في رجل
حلف ليشرين ماء دجلة كله اليوم قال أبو حنيفة لا يحنث حتى يمضى اليوم و قال أبو
يوسف يحنث الساعة فان قال في يمينه غدا لم يحنث حتى يمضي اليوم في قول أبي حنيفة
لان الانعقاد يتعلق بآخر اليوم عنده فاما أبو يوسف فقال يحنث في أول جزء من أجزاء
الغد لان شرط البر منتظر فكانه قال لها أنت طالق في غد و الله عز و جل أعلم هذا إذا
لم يكن المحلوف عليه متصور الوجود حقيقة أو عادة وقت اليمين حتى انعقدت اليمين بلا
خلاف ثم فات فالحلف لا يخلو اما ان يكون مطلقا عن الوقت و اما ان يكون موقتا بوقت و
كل ذلك لا يخلو اما ان يكون في الاثبات أو في النفي فان كان مطلقا في الاثبات بان
قال و الله لا آكلن هذا الرغيف أو لاشربن الماء الذي في هذا الكوز أو لادخلن هذه
الدار أو لآتين البصرة فما دام الحالف و المحلوف عليه قائمين لا يحنث لان الحنث في
اليمين المطلقة يتعلق بفوات البر في جميع البر فما داما قائمين لا يقع اليأس عن
تحقيق البر فلا يحنث فإذا هلك أحدهما يحنث لوقوع العجز عن تحقيقه انه إذا هلك
المحلوف عليه يحنث وقت هلاكه و إذا هلك الحالف يحنث في آخر جزء من أجزاء حياته لان
الحنث في الحالين بفوات البر وقت فوات البر في هلاك المحلوف عليه وقت هلاكه و في
هلاك الحالف آخر جزء من أجزائه حياته و ان كان في النفي بان قال و الله لا أكل هذا
الرغيف أو لا أشرب الماء الذي في هذا الكوز فلم يأكل و لم يشرب الماء حتى هلك
أحدهما فقد بر في يمينه لوجود شرط البر و هو عدم الاكل و الشرب و ان كان موقتا بوقت
فالوقت نوعان موقت نصا و موقت دلالة أما الموقت نصا فان كان في الاثبات بان قال و
الله لآكلن هذا الرغيف اليوم أو لاشربن هذا الماء الذي في هذا الكوز اليوم أو
لادخلن هذه الدار و نحو ذلك فما دام الحالف و المحلوف عليه قائمين و الوقت قائما لا
يحنث لان البر في الوقت مرجو فتبقى اليمين و ان كان الحالف و المحلوف عليه قائمين و
مضى الوقت يحنث في قولهم جميعا لان اليمين كانت مؤقتة بوقت فإذا لم يفعل المحلوف
عليه حتى مضى الوقت وقع اليأس عن فعله في الوقت ففات البر عن الوقت فيحنث و ان هلك
الحالف في الوقت و المحلوف عليه قائم فمضى الوقت لا يحنث بالاجماع لان الحنث في
اليمين المؤقتة بوقت يقع في آخر أجزاء الوقت و هو ميت في ذلك الوقت لا يوصف بالحنث
و ان هلك المحلوف عليه و الحالف قائم و الوقت باق فيبطل اليمين في قول أبي حنيفة و
محمد و زفر و عند أبي يوسف لا تبطل و يحنث و اختلفت الرواية عنه في وقت الحنث انه
يحنث للحال أو عند غروب الشمس روى عنه انه يحنث عند غروب الشمس و روى عنه انه يحنث
للحال قيل و هو الصحيح من مذهبه و ان كان



(13)



في النفي فمضى الوقت الحالف و المحلوف عليه قائمان فقد بر في
يمينه لوجود شرط البر و كذلك ان هلك الحالف و المحلوف عليه في الوقت لما قلنا و ان
فعل المحلوف عليه في الوقت حنث لوجود شرط الحنث و هو الفعل في الوقت و الله عز و جل
أعلم ( و أما )


الموقت دلالة فهو المسمى يمين الفور و أول من اهتدى إلى جوابها أبو
حنيفة ثم كل من سمعه استحسنه و ما رآه المؤمنون حسنا فهو عند الله حسن و هو ان يكون
اليمين مطلقا عن الوقت نصا و دلالة الحال تدل على تقييد الشرط بالفور بان خرج جوابا
لكلام أو بناء على أمر نحو ان يقول لآخر تعال تغد معي فقال و الله لا أتغدى فلم
يتغد معه ثم رجع إلى منزله فتغدى لا يحنث استحسانا و القياس ان يحنث و هو قول زفر
وجه القياس انه منع نفسه عن التغدى عاما فصرفه إلى البعض دون البعض تخصيص للعموم (
و لنا )


ان كلامه خرج جوابا للسؤال فينصرف إلى ما وقع السوأل عنه و السؤال وقع عن
الغداء المدعو اليه فينصرف الجواب اليه كانه أعاد السوأل و قال و الله لا أتغدى
الغداء الذي دعوتني اليه و كذا إذا قامت إمرأته لتخرج من الدار فقال لها ان خرجت
فانت طالق فقعدت ثم خرجت بعد ذلك لا يحنث استحسانا لان دلالة الحال تدل على التقييد
بتلك الخرجة كانه قال ان خرجت هذه الخرجة فانت طالق و لو قال لها ان خرجت من هذه
الدار على الفور أو في هذا اليوم فانت طالق بطل اعتبار الفور لانه ذكر ما يدل على
انه ما أراد به الخرجة المقصود إليها و انما أراد الخروج المطلق عن الدار في اليوم
حيث زاد على قدر الجواب و على هذا يخرج ما إذا قيل له انك تغتسل الليلة في هذه
الدار من جنابة فقال ان اغتسلت فعبدي حر ثم اغتسل لا عن جنابة ثم قال عنيت به
الاغتسال عن جنابة انه يصدق لانه أخرج الكلام مخرج الجواب و لم يأت بما يدل على
اعراضه عن الجواب فيقيد بالكلام السابق و يجعل كانه اعادة و لو قال ان اغتسلت فيها
الليلة عن جنابة فانت حر أو قال ان اغتسلت الليلة في هذه الدار فعبدي حر ثم قال
عنيت الاغتسال عن جنابة لا يصدق في القضاء لانه زاد على القدر المحتاج اليه من
الجواب حيث أتى بكلام مفيد مستقل بنفسه فخرج عن حد الجواب و صار كلاما مبتدأ فلا
يصدق في الفضاء لكن يصدق فيما بينه و بين الله تعالى لانه يحتمل انه أراد به الجواب
و مع هذا زاد على قدره و هذا و ان كان بخلاف الظاهر لكن كلامه يحتمله في الجملة و
على هذا يخرج ما قاله ابن سماعة سمعت محمدا يقول في رجل قال لآخر ان ضربتني و لم
أضربك و ما أشبه ذلك فهذا على الفور قال و قوله لم يكون على وجهين على قبل و على
بعد فان كانت على بعد فهي على الفور و لو قال ان كلمتني فلم أجبك فهذا على بعد و هو
على الفور و ان قال ان ضربتني و لم أضربك فهو عندنا على ان يضرب الحالف قبل ان يضرب
المحلوف عليه فان أراد به بعد و نوى ذلك فهو على الفور و هكذا روى عن محمد و جملة
هذا ان هذه اللفظة قد تدخل على الفعل الماضي و قد تدخل على المستقبل فما كان معاني
كلام الناس عليه حمل عند الاطلاق عليه و ان كانت مستعملة في الوجهين على السوآء
يتميز أحدهما بالنية فإذا قال ان ضربتني و لم أضربك فقد حمله محمد على الماضي كانه
رأى معاني كلام الناس عليه عند الاطلاق فكانه قال ان ضربتني من مجازاة لما كان منى
من الضرب فعبدي حر و يحتمل الاستقبال أيضا فإذا نواه حمل عليه و قوله ان كلمتني و
لم أجبك فهذا على المستقبل لان الجواب لا يتقدم الكلام فحمل على الاستقبال و يكون
على الفور لانه يراد به الفور عادة روى عن محمد فيمن قال كل جارية يشتريها فلا
يطؤها فهي حرة قال هذا يطؤها يشتريها فان لم يفعل فهي حرة لان الفآء تقتضي التعقيب
و لو قال مكان هذا ان لم يطأها فهذا على ما بينه و بين الموت فمتى وطئها بر لان
كلمة ان كلمة شرط فلا تقتضي التعجيل قال هشام عن أبى يوسف فان قال لغلامه ان لم
تأتني حتى أضربك فانت حر فجاء من ساعته فلم يضربه قال متى ما ضربه فانه يبر في
يمينه و لا يعتق الا ان ينوى ساعة أمره بذلك لما ذكرنا ان ان للشرط فلا تقتضي
التعجيل إذا لم يكن في الكلام ما يدل عليه و لو قال ان لم أشتر اليوم عبدا فاعتقه
فعلى كذا فاشترى عبدا فوهبه ثم اشترى آخر فاعتقه قال محمد انما وقعت يمينه على
العبد الاول فإذا أمسي و لم يعتقه حنث لان تقدير كلامه ان اشتريت عبدا فعلى عتقه
فان لم أعتقه فعلى حجة و هذا قد استحقه الاول فلم يدخل الثاني في اليمين قال



/ 37