بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 3

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
(224)

و هو مريض ثم صح ثم مات لم ترث لانه لما صح تبين ان ذلك المرض
لم يكن مرض الموت فلم يوجد الايقاع و لا الشرط في المرض فكان هذا و الايقاع في حال
الصحة سواء و لهذا كان هذا المرض و الصحة سواء في جميع الاحكام و أما وقت الاستحقاق
فهو وقت مرض الموت عندنا لما ذكرنا فيما تقدم فلا بد من معرفة مرض الموت لتفريق
الاحكام المتعلقة به فنقول و بالله التوفيق ذكر الكرخي ان المريض مرض الموت هو الذي
أضناه المرض و صار صاحب فراش فأما إذا كان يذهب و يجئ و هو مع ذلك يحم فهو بمنزلة
الصحيح و ذكر الحسن بن زياد عن أبى حنيفة المريض الذي إذا أطلق إمرأته كان فارا هو
أن يكون مضنى لا يقوم الا بشدة و هو في حال يعذر في الصلاة جالسا و الحاصل ان مرض
الموت هو الذي يخاف منه الموت غالبا و يدخل في هذه العبارة ما ذكره الحسن عن أبي
حنيفة و ما ذكره الكرخي لانه إذا كان مضنى لا يقدر على القيام الا بشدة يخشى عليه
الموت غالبا و كذا إذا كان صاحب فراش و كذا إذا كان يذهب و يجئ و لا يخشى عليه
الموت غالبا و ان كان يحم فلا يكون ذلك مرض الموت و كذلك صاحب الفالج و السل و
النقرس و نحوها إذا طال به ذلك فهو في حكم الصحيح لان ذلك إذا طال لا يخاف منه
الموت غالبا فلم يكن مرض الموت الا إذا تغير حاله من ذلك و مات من ذلك التغير فيكون
حال التغير مرض الموت لانه إذا تغير يخشى منه الموت غالبا فيكون مرض الموت و كذا
الزمن و المقعد و يابس الشق و على هذه قالوا في المحصور و الواقف في صف القتال و من
وجب عليه القتل في حد أو قصاص فحبس ليقتل انه كالصحيح لان ليس الغالب من هذه
الاحوال الموت فان الانسان يتخلص منها غالبا لكثرة أسباب الخلاص و لو قدم ليقتل أو
بارز قرنه و خرج من الصف فهو كالمريض اذ الغالب من هذه الحالة الهلاك فترتب عليه
أحكام المريض إذا مات في ذلك الوجه و لو كان في السفينة فهو كالصحيح الا إذا هاجت
الامواج فيصير في حكم المريض في تلك الحالة لانه يخشى عليه منها الموت غالبا و لو
أعيد المخرج إلى القتل أو إلى الحبس أو رجع المبارز بعد المبارزة إلى الصف أو سكن
الموج صار في حكم الصحيح كالمريض إذا برأ من مرضه و المرأة إذا ما أخذها الطلق فهي
في حكم المريض إذا ماتت من ذلك لان الغالب منه خوف الهلاك و إذا سلمت من ذلك فهي في
حكم الصحيح كما إذا كانت مريضة ثم صحت و لو طلقها و هو مريض ثم صح و قام من مرضه و
كان يذهب و يجئ و يقوى على الصلاة قائما ثم نكس فعاد إلى حالته التي كان عليها ثم
مات لم ترثه في قول أصحابنا الثلاثة و قال زفر ترثه وجه قوله ان وقت تعلق الحق
بالارث و وقت الموت وقت ثبوت الارث و المرض قد أحاط بالوقتين جميعا فانقطاعه فيما
بين ذلك لا يعتبر لانه ليس وقت التعليق و لا وقت الارث و لنا انه لما صح بعد المرض
تبين ان ذلك لم يكن مرض الموت فلم يوجد الطلاق في حال المرض فلا ترث و الله عز و جل
أعلم و أما الذي يخص الطلاق المبهم فهو أن يكون لفظ الطلاق مضافا إلى مجهولة فجملة
الكلام فيه ان الجهالة اما ان كانت أصلية و اما ان كانت طارئة أما الجهالة الاصلية
فهي أن يكون لفظ الطلاق من الابتداء مضافا إلى المجهول و جهالة المضاف اليه يكون
لمزاحمة غيره إياه في الاسم و المزاحم إياه في الاسم لا يخلو اما أن يكون محتملا
للطلاق و اما أن لا يكون محتملا له و المحتمل للطلاق لا يخلو اما أن يكون ممن يملك
الزوج طلاقه أو لا يملك طلاقه فان كان ممن يملك طلاقه صحت الاضافة بالاجماع نحو أن
يقول لنسائه الاربع احداكن طالق ثلاثا أو يقول لامرأتين له إحداكما طالق ثلاثا و
الكلام فيه يقع في موضعين أحدهما في بيان كيفية هذا التصرف أعني قوله لامرأتيه
إحداكما طالق و الثاني في بيان الاحكام المتعلقة به أما الاول فقد اختلف مشايخنا في
كيفية هذا التصرف قال بعضهم هو إيقاع الطلاق في المعين على معنى انه يقع الطلاق
للحال في واحدة منهما عين و اختيار الطلاق في احداهما و بيان الطلاق فيها تعيين لمن
وقع عليها الطلاق و يقال ان هذا قول محمد و قال بعضهم هو إيقاع الطلاق معلقا بشرط
البيان معنى و معناه ان قوله إحداكما طالق ينعقد سببا للحال لوقوع الطلاق عند
البيان و الاختيار للحال بمنزلة تعليق الطلاق بسائر الشروط من دخول الدار و غيره ان
هناك الشرط يدخل على السبب و الحكم جميعا و ههنا يدخل على الحكم لا على السبب كما
في البيع بشرط الخيار فإذا

(225)

اختار طلاق احداهما فقد وجد شرط وقوع الطلاق في حقها فيقع
الطلاق عليها بالكلام السابق عند وجود شرط الوقوع و هو الاختيار كانه علقه به نصا
فقال ان اخترت طلاق إحداكما فهي طالق و يقال ان هذا قول أبى يوسف و المسائل متعارضة
في الظاهر بعضها يؤيد القول الاول و بعضها ينصر القول الثاني و نحن نشير إلى ذلك
ههنا و نذكر وجه كل واحد من القولين و ترجيح أحدهما على الا آخر و تخريج المسائل
عليه في كتاب العتاق ان شاء الله تعالى و قال بعضهم البيان اظهار من وجه و إنشاء من
وجه و زعموا ان المسائل تخرج عليه و انه كلام لا يعقل بل هو محال و البناء على
المحال محال و أما الاحكام المتعلقة به فنوعان نوع يتعلق به في حال حياة الزوج و
نوع يتعلق به بعد مماته أما النوع الاول فنقول إذا قال لامرأتيه إحداكما طالق ثلاثا
فله خيار التعيين يختار أيهما شاء للطلاق لانه إذا ملك الابهام ملك التعيين و لو
خاصمتاه و استعدتا عليه القاضي حتى يبين اعدى عليه و كلفه البيان و لو امتنع أجبره
عليه بالحبس لان لكل واحدة منهما حقا اما استيفاء حقوق النكاح منه و اما التوصل إلى
زوج آخر و حق الانسان يجب إيفاؤه عند طلبه و إذا امتنع من عليه الحق يجبره القاضي
على الايفاء و ذلك بالبيان ههنا فكان البيان حقها لكونه وسيلة إلى حقها وسيلة حق
الانسان حقه و الجبر على البيان يؤيد القول الاول لان الوقوع لو كان معلقا بشرط
البيان لما أجبر اذ الحالف لا يجبر على تحصيل الشرط و لان البيان اظهار الثابت و
إظهار الثابت و لا ثابت محال ثم البيان نوعان نص و دلالة اما النص فنحو أن يقول
إياها عنيت أو نويت أو أردت أو ما يجرى مجرى هذا و لو قال إحداكما طالق ثلاثا ثم
طلق احداهما عينا بأن قال لها أنت طالق و قال أردت به بيان الطلاق الذي لزمني لا
طلاقا مستقبلا كان القول قوله لان البيان واجب عليه و قوله أنت طالق يحتمل البيان
لانه ان جعل انشاء في الشرع لكنه يحتمل الاخبار فيحتمل البيان اذ هو اخبار عن كائن
و هذا أيضا ينصر القول الاول لان الطلاق لو لم يكن واقعا لم يصدق في إرادة البيان
للواقع و أما الدلالة فنحو أن يفعل أو ما يدل على البيان نحو أن يطأ احداهما أو
يقبلها أو يطلقها أو يحلف بطلاقها أو يظاهر منها لان ذلك كله لا يجوز الا في
المنكوحة فكان الاقدام عليه تعيينا لهذه بالنكاح و إذا تعينت هى للنكاح تعينت
الاخرى للطلاق ضرورة انتفاء المزاحم و إذا كن أربعا أو ثلاثا تعينت الباقيات لبيان
الطلاق في واحدة منهن نصا أو دلالة بالفعل أو بالقول بان يطأ الثانية و الثالثة
فتتعين الرابعة للطلاق أو يقول هذه منكوحة و هذه الرابعة ان كن أربعا و ان كن ثلاثا
تتعين الثالثة للطلاق بوطء الثانية أو بقوله للثانية هذه منكوحة و كذلك إذا ماتت
احداهما قبل البيان طلقت الباقية لان التي ماتت خرجت عن احتمال البيان فيها لان
الطلاق يقع عند البيان و قد خرجت عن احتمال الطلاق فخرجت عن احتمال البيان فتعينت
الباقية للطلاق و هو يؤيد القول الثاني لان الطلاق لو كان وقع في المعين لما افترقت
الحال في البيان بين الحياة و الموت اذ هو اظهار ما كان فرق بين هذا و بين ما إذا
باع أحد عبديه على ان المشترى بالخيار يأخذ أيهما شاء و يرد الا آخر فمات أحدهما
قبل البيان انه لا يتعين الباقى منهما للبيع بل يتعين الميت للبيع و يصير المشترى
مختارا للبيع في الميت قبيل الموت و يجب عليه رد الباقى إلى البائع و وجه الفرق ان
هناك وجد المبطل للخيار قبيل الموت و هو حدوث عيب لم يكن وقت الشراء و هو المرض اذ
لا يخلو الانسان عن مرض قبيل الموت عادة و حدوث العيب في المبيع الذي فيه خيار مبطل
للخيار فبطل الخيار قبيل الموت و دخل العبد في ملك المشترى فتعين الا آخر للرد
ضرورة و هذا المعنى لم يوجد في الطلاق لان حدوث العيب في المطلقة لا يوجب بطلان
الخيار و لو ماتت احداهما قبل البيان فقال الزوج إياها عنيت لم يرثها و طلقت
الباقية لانها كما ماتت تعينت الباقية للطلاق فإذا قال عنيت الاخرى فقد أراد صرف
الطلاق عن الباقية فلا يصدق فيه و يصدق في إبطال الارث لان ذلك حقه و الانسان في
إقراره بإبطال حق نفسه مصدق لانتفاء التهمة و كذلك إذا ماتتا جميعا أو احداهما بعد
الاخرى ثم قال عنيت التي ماتت أولا لم يرث منهما أما من الثانية فلتعينها للطلاق
بموت الاولى و أما من الاولى فلا قراره انه لا حق له في ميراثها و هو مصدق على نفسه
و لو ماتتا جميعا بان سقط عليهما حائط


(226)

أو غرقتا يرث من كل واحدة منهما نصف ميراثها لانه لا يستحق
ميراث كل واحدة منهما في حال و لا يستحقه في حال فينتصف كما هو أصلنا في اعتبار
الاحوال و كذلك إذا ماتتا جميعا أو احداهما بعد الاخرى لكن لا يعرف التقدم و التأخر
فهذا بمنزلة موتهما معا و لو ماتتا معا ثم عين احداهما بعد موتهما و قال إياها عنيت
لا يرث منها و يرث من الاخرى نصف ميراث زوج لانهما لما ماتتا فقد استحق من كل واحدة
منهما نصف ميراث لما بينا فإذا أراد احداهما عينا فقد أسقط حقه من ميراثها و هو
النصف فيرث من الاخرى النصف و لو ارتدتا جميعا قبل البيان فانقضت عدتهما و بانتا لم
يكن له أن يبين الطلاق الثلاث في احداهما أما البينونة فلان الملك قد زال من كل وجه
بالردة و انقضاء العدة و إذا زال الملك لا يملك البيان و هذا يدل على ان الطلاق لم
يقع قبل البيان اذ لو وقع لصح البيان بعد البينونة لان البيان حينئذ يكون تعيين من
وقع عليه الطلاق فلا تفتقر صحته إلى قيام الملك و لو كانتا رضيعتين فجاءت إمرأة
فارضعتهما قبيل البيان بانتا و هذا دليل ظاهر على صحة القول الثاني لانه لو وقع
الطلاق على احداهما لصارت أجنبية فلا يتحقق الجمع بين الاختين بالرضاع نكاحا فينبغي
أن لا تبينا و قد بانتا و إذا بانتا بالرضاع لم يكن له أن يبين الطلاق في احداهما
لما قلنا و هو دليل على ما قلنا و لو بين الطلاق في احداهما تجب عليها العدة من وقت
البيان كذا روى عن أبى يوسف حتى لو راجعها بعد ذلك صحت رجعته و كذا إذا بين الطلاق
في احداهما و قد كانت حاضت قبل البيان ثلاث حيض لا تعتد بما حاضت قبل و تستأنف
العدة من وقت البيان و هذا يدل على ان الطلاق لم يكن واقعا قبل البيان و روى عن
محمد انه تجب العدة من وقت الارسال و تنقضي إذا حاضت ثلاث حيض من ذلك الوقت و لا
تصح الرجعة بعد ذلك و هذا يدل على ان الطلاق نازل في المعين و من هذا حقق القدوري
الخلاف بين أبى يوسف و محمد في كيفية هذا التصرف على ما ذكرنا من القولين و استدل
على الخلاف بمسألة العدة و لو قال لامرأتين له إحداكما طالق واحدة و الاخرى طالق
ثلاثا فحاضت احداهما ثلاث حيض بانت بواحدة و الاخرى طالق ثلاثا لان كل واحدة منهما
مطلقة الا أن احداهما بواحدة و الاخرى بثلاث فإذا حاضت احداهما ثلاث حيض فقد زال
ملكه عنها بيقين فخرجت عن احتمال بيان الثلاث فيها فتعينت الاخرى للثلاث ضرورة و لو
كان تحته أربع نسوة لم يدخل بهن فقال احداكن طالق ثلاثا ثم تزوج أخرى جاز له و ان
كان مدخولا بهن فتزوج أخرى لم يجز و هذا حجة القول الاول لان الطلاق لو لم يكن
واقعا في إحداهن لما جاز نكاح إمرأة أخرى في الفصل الاول لانه يكون نكاح الخامسة و
لجاز في الفصل الثاني لانه يكون نكاح الرابعة و لما كان الامر على القلب من ذلك دل
ان الطلاق لم يكن واقعا قبل البيان و لو قال لامرأتين له في الصحة إحداكما طالق ثم
بين في احداهما في مرضه يصير فارا و ترثه المطلقة مع المنكوحة و يكون الميراث
بينهما نصفين و هذا حجة القول الثاني لان الطلاق لو كان واقعا في احداهما عين لكان
وقوع الطلاق في الصحة فينبغي أن لا يصير فارا كما إذا طلق واحدة منهما عينا و الله
عز و جل أعلم و أما الذي يتعلق بما بعد موت الزوج فانواع ثلاثة حكم المهر و حكم
الميراث و حكم العدة إذا مات قبل البيان أما حكم المهر فان كانتا مدخولا بهما فلكل
واحد منهما جميع المهر لان كل واحدة منهما تستحق جميع المهر منكوحة كانت أو مطلقة
أما المنكوحة فلا شك فيها و أما المطلقة فلانها مطلقة بعد الدخول و ان كانتا مدخول
بهما فلهما مهر و نصف مهر بينهما لكل واحدة منهما ثلاثة أرباع المهر لان كل واحدة
منهما يحتمل أن تكون منكوحة و يحتمل أن تكون مطلقة فان كانت منكوحة تستحق جميع
المهر لان الموت بمنزلة الدخول و ان كانت مطلقة تستحق النصف لان النصف قد سقط
بالبطلاق قبل الدخول فلكل واحدة منهما كل المهر في حال و النصف في حال و ليست
احداهما بأولى من الاخرى فيتنصف فيكون لكل واحدة ثلاثة أرباع مهر هذا إذا كان قد
سمى لهما مهرا فان كان لم يسم لهما مهرا فلهما مهر و متعة بينهما لان كل واحدة
منهما ان كانت منكوحة فلها كمال مهر المثل و ان كانت مطلقة فلها كمال المتعة فكل
واحدة منهما تسحق كمال مهر المثل في حال و لا تستحق شيأ من مهر المثل في حال و كذا
المتعة فتتنصف كل واحدة

(227)

منهما فيكون لهما مهر و متعة بينهما لكل واحدة منهما نصف مهر
المثل و نصف متعة و ان كان سمى لاحداهما مهرا و لم يسم للآخرى فللمسمى لها ثلاثة
أرباع و للتي لم يسم لها مهرا نصف مهر المثل لان المسمى لها إذا كانت منكوحة فلها
جميع المسمى و ان كانت مطلقة فلها النصف فيتنصف كل ذلك فيكون لها ثلاثة أرباع المهر
المسمى و التى لم يسم لها ان كانت منكوحة فلها جميع مهر المثل و ان كانت مطلقة فليس
لها من مهر المثل شيء فاستحقت في حال و لم تستحق شيأ منه في حال فيكون لها نصف مهر
المثل و القياس ان يكون لها نصف المتعة أيضا و هو قول زفر و في الاستحسان ليس لها
الا نصف مهر المثل ( وجه )

القياس انها ان كانت منكوحة فلها كمال مهر المثل و ان
كانت مطلقة فلها كمال المتعة فكان لها كمال مهر المثل في حال و كمال المتعة في حال
فيتنصف كل واحدة منهما فيكون لها نصف مهر مثلها و نصف متعتها وجه الاستحسان ان نصف
مهر المثل إذا وجب لها امتنع وجوب المتعة لان المتعة بدل عن نصف مهر المثل و البدل
و المبدل لا يجتمعان هذا إذا كانت المسمى لها مهر المثل معلومة فان لم تكن معلومة
فلها مهر و ربع مهر إذا كان مهر مثلها سواء و يكون بينهما لان كل واحدة منهما يحتمل
أن تكون هى المسمى لها المهر فيكون لها ثلاثة أرباع المهر لما ذكرنا و يحتمل ان
تكون المسمى لها المهر فيكون لها نصف مهر المثل ففي حال يجب ثلاثة أرباع المهر و في
حال يجب نصف المهر فيتنصف كل ذلك فيكون لهما مهر و ربع مهر بينهما لكل واحد منهما
نصف مهر و ثمن مهر نصف مهر المسمى و ثمن مهر المثل و لا تجب المتعة استحسانا و
القياس ان يجب نصف المتعة أيضا و يكون بيتهما و هو قول زفر وجه القياس و الاستحسان
على نحو ما ذكرنا و الله عز و جل أعلم و هذه المسائل تدل على ان الطلاق قد وقع في
احداهما عين وقت الارسال حيث شاع فيهما بعد الموت اذ الواقع يشيع و الله عز و جل
الموفق و أما حكم الميراث فهو أنهما يرثان منه ميراث إمرأة واحدة و يكون بينهما
نصفين في الاحوال كلها لان احداهما منكوحة بيقين و ليست احداهما بأولى من الاخرى
فيكون قدر ميراث إمرأة واحدة بينهما فان كان للزوج إمرأة أخرى سواهما لم يدخلها في
الطلاق فلها نصف ميراث النساء و لهما النصف لانه لا يزاحمها الا واحدة منهما لان
المنكوحة واحدة منهما و الاخرى مطلقة فكان لها النصف ثم النصف الثاني يكون بين
الاخريين نصفين اذ ليست احداهما بأولى من الاخرى و أما حكم العدة فعلى كل واحدة
منهما عدة الوفاة وعدة الطلاق لان احداهما منكوحة و الاخرى مطلقة و على المنكوحة
عدة الوفاة لا عدة الطلاق و على المطلقة عدة الطلاق لا عدة الوفاة فدارت كل واحدة
من العدتين في حق كل واحدة من المرأتين بين الوجوب و عدم الوجوب و العدة يحتاط في
إيجابها و من الاحتياط القول بوجوبها على كل واحدة منهما و الله تعالى الموفق و ان
كان ممن لا يملك طلاقها لا تصح الاضافة بالاجماع بان جمع بين إمرأته و بين أجنبية
فقال إحداكما طالق حتى لا تطلق زوجته لان هذا الكلام يستعمل للانشاء و يستعمل
للاخبار و لو حمل على الاخبار لصح لانه يخبر ان احداهما طالق و الامر على ما أخبر و
لو حمل على الانشاء لم يصح لان احداهما و هي الاجنبية لا تحتمل الانشاء لعدم النكاح
و لا طلاق قبل النكاح على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم فكان حمله على
الاخبار أولى هذا إذا كان المزاحم في الاسم محتملا للطلاق فاما إذا لم يكن نحو ما
إذا جمع بين إمرأته و بين حجر أو بهيمة فقال إحداكما طالق فهل تصح الاضافة اختلف
فيه قال أبو حنيفة و أبو يوسف تصح حتى يقع الطلاق على إمرأته و قال محمد لا تصح و
لا تطلق إمرأته وجه قوله ان الجمع بين المنكوحة و غير المنكوحة يوجب شكا في إيقاع
الطلاق على المنكوحة كما لو جمع بين إمرأة و بين أجنبية و قال إحداكما طالق فلا يقع
مع الشك و لهما انه إذا جمع بين من يحتمل الطلاق و بين من لا يحتمل الطلاق في الاسم
و أضاف الطلاق إليهما فالظاهر انه أراد به من يحتمل الطلاق لا من لا يحتمل الطلاق
لان اضافة الطلاق إلى من لا يحتمله سفه فانصرف مطلق الاضافة إلى زوجته بدلالة الحال
بخلاف ما إذا جمع بينها و بين أجنبية لان الاجنبية محتملة للطلاق في الجملة و هي
محتملة للطلاق في الحال اخبار ان كانت لا تحتمله انشاء و في الصرف إلى الاخبار
صيانة كلامه عن اللغو فصرف اليه و لو جمع بين زوجته و بين رجل فقال إحداكما طالق لم
يصح

(228)

في قول أبى حنيفة حتى لا تطلق زوجته و قال أبو يوسف يصح و تطلق
زوجته وجه قول أبى يوسف أن الرجل لا يحتمل الطلاق ألا ترى أنه لو قال لامرأته أنا
منك طالق لم يصح فصار كما إذا جمع بين إمرأته و بين حجر أو بهيمة و قال إحداكما
طالق و لابي حنيفة ان الرجل يحتمل الطلاق في الجملة ألا ترى أنه يحتمل البينونة حتى
لو قال لامرأته أنا منك بائن و نوى الطلاق يصح و الابانة من ألفاظ الطلاق فان
الطلاق نوعان رجعي و بائن و إذا كان محتملا للطلاق في الجملة حمل كلامه على الاخبار
كما إذا جمع بينها و بين أجنبية و قال إحداكما طالق و لو جمع بين إمرأته و بين
إمرأة ميتة فقال أنت طالق أو هذه و أشار إلى الميتة لم تصح الاضافة بالاجماع حتى لا
تطلق زوجته الحية لان الميتة من جنس ما يحتمل الطلاق و قد كانت محتملة للطلاق قبل
موتها فصار كما لو جمع بينها و بين أجنبية و الله عز و جل الموفق و أما الجهالة
الطارئة فهي ان يكون الطلاق مضافا إلى معلومة ثم تجهل كما إذا طلق الرجل إمرأة
بعينها من نسائه ثلاثا ثم نسى المطلقة و الكلام في هذا الفصل في موضعين أيضا أحدهما
في بيان كيفية هذا التصرف و الثاني في بيان أحكامه أما الاول فلا خلاف في أن
الواحدة منهن طالق قبل البيان لانه أضاف الطلاق إلى معينة و انما طرأت الجهالة بعد
ذلك و المعينة محل لوقوع الطلاق فيكون البيان ههنا إظهارا أو تعيينا لمن وقع عليها
الطلاق و أما الاحكام المتعلقة به فنوعان أيضا على ما مر أما الذي يتعلق به في حال
حياة الزوج فهو أنه لا يحل له أن يطأ واحدة منهن حتى يعلم التي طلق فيجتنبها لان
إحداهن محرمة بيقين و كل واحدة منهما يحتمل أن تكون هى المحرمة فلو وطي واحدة منهما
و هو لا يعلم بالمحرمة فربما وطي المحرمة و الاصل فيه ما روى عن رسول الله صلى الله
عليه و سلم أنه قال لوابصة بن مجد الحلال بين و الحرام بين و بينهما أمور مشتبهات
فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك و لا يجوز أن تطلق واحدة منهن بالتحري و الاصل فيه أن
كل ما لا يباح عند الضرورة لا يجوز فيه التحري و الفرج لا يباح عند الضرورة فلا
يجوز فيه التحري بخلاف الذكية إذا اختلطت بالميتة أنه يجوز التحري في الجملة و هي
ما إذا كانت الغلبة للذكية عندنا لان الميتة مما تباح عند الضرورة فان جحدت كل
واحدة منهن أن تكون المطلقة فاستعدين عليه الحاكم في النفقة و الجماع اعدى عليه و
حبسه على بيان التي طلق منهن و ألزمه النفقة لهن لان لكل واحدة منهن حق المطالبة
بحقوق النكاح و من عليه الحق إذا امتنع من الايفاء مع قدرته عليه يحبس كمن امتنع من
قضأ دين عليه و هو قادر على قضائه فيحبسه الحاكم و يقضى بنفقتهن عليه لان النفقة من
حقوق النكاح فان ادعت كل واحدة منهن أنها هى المطلقة و لا بينة لها و جحد الزوج
فعليه اليمين لكل واحدة منهن لان الاستخلاف للنكول و النكول بذل أو اقرار و الطلاق
يحتمل البذل و الاقرار فيستحلف فيه فان أبى أن يحلف فرق بينه و بينهن لانه بذل
الطلاق لكل واحدة منهن أو أقر به و الطلاق يحتمل كل واحدة منهن و ان حلف لهن لا
يسقط عنه البيان بل لابد أن يبين لان الطلاق لا يرتفع باليمين فبقى على ما كان عليه
فيؤخذ بالبيان و روى ابن سماعة عن محمد أنه قال إذا كانتا إمرأتين فحلف للاولى طلقت
التي لم يحلف لها لانه لما أنكر للاولى أن تكون مطلقة تعينت الاخرى للطلاق و ضرورة
و ان لم يحلف للاولى طلقت لانه بالنكول بذل الطلاق لها أو أقر به فان تشاحنا على
اليمين حلف لهما جميعا بالله تعالى ما طلق واحدة منهما لانهما استويا في الدعوي و
يمكن إيفاء حقهما في الحلف فيحلف لهما جميعا فان حلف لهما جميعا حجب عنهما حتى يبين
لان احداهما قد بقيت مطلقة بعد الحلف اذ الطلاق لا يرتفع باليمين فكانت احداهما
محرمة فلا يمكن منها إلى أن يبين فان وطي احداهما فالتي لم يطأها مطلقة لان فعله
محمول على الجواز و لا يجوز الا بالبيان فكان الوطء بيانا أن الموطوءة منكوحة
فتعينت الاخرى للطلاق ضرورة انتفاء المزاحم كما لو قال إحداكما طالق ثم وطي احداهما
و إذا طلق واحدة من نسائه بعينها فنسيها و لم يتذكر فينبغي فيما بينه و بين الله
تعالى أن يطلق كل واحدة منهن تطليقة رجعية و يتركها حتى تنقضى عدتها فتبين لانه لا
يجوز له أن يمسكهن فيقر بهن جميعا لان إحداهن محرمة بيقين و لا يجوز له أن يطأ
واحدة منهن بالتحري لانه لا مدخل للتحرى في الفرج و لا يجوز له أن يتركهن بغير بيان
لما فيه من الاضرار بهن بإبطال حقوقهن من هذا الزوج و من غيره


(229)

بالنكاح اذ لا يحل لهن النكاح لان كل واحدة منهن يحتمل أن تكون
منكوحة فيوقع على كل واحدة منهن تطليقة رجعية و يتركها حتى تنقضى عدتها فتبين و إذا
نقضت عدتهن و بن فاراد أن يتزوج الكل في عقدة واحدة قبل أن يتزوجن لم يجز لان واحدة
منهن مطلقة ثلاثة بيقين و ان أراد ان يتزوج واحدة منهن فالأَحسن أن لا يتزوجها الا
بعد أن يتزوجن كلهن بزوج آخر لجواز أن تكون التي يتزوجها هى المطلقة ثلاثا فلا تحل
له حتى تنكح زوجا غيره فإذا تزوجن بغيره فقد حللن بيقين فلو أنه تزوج واحدة منهن
قبل أن يتزوجن بغيره جاز نكاحها لان فعله يحمل على الجواز و الصحة و لا يصح الا
بالبيان فكان اقدامه على نكاحها بيانا أنها ليست بمطلقة بل هى منكوحة و كذا إذا
تزوج الثانية و الثالثة جاز لما قلنا و تعينت الرابعة للطلاق و ضرورة انتفاء
المزاحم و كذا إذا كانتا اثنتين فتزوج احداهما تعينت الاخرى للطلاق لانا نحمل نكاح
التي تزوجها على الجواز و لا جواز له الا بتعيين الاخرى للطلاق فتتعين الاخرى
للطلاق ضرورة هذا إذا كان الطلاق ثلاثا فان كان بائنا ينكحهن جميعا نكاحا جديدا و
لا يحتاج إلى الطلاق و ان كان رجعيا يراجعهن جميعا و إذا كان الطلاق ثلاثا فماتت
واحدة منهن قبل البيان فالأَحسن أن لا يطأ الباقيات الا بعد بيان المطلقة لجواز أن
تكون المطلقة فيهن و ان وطئهن قبل البيان جاز لان فعل العاقل المسلم يحمل على وجه
الجواز ما أمكن و ههنا أمكن بان يحمل فعله على أنه تذكر أن الميتة كانت هى المطلقة
اذ البيان في الجهالة الطارئة اظهار و تعيين لمن وقع عليها الطلاق بلا خلاف فلا
تكون حياتها شرطا لجواز بيان الطلاق فيها و إذا تعينت هى للطلاق تعينت الباقيات
للنكاح فلا يمنع من وطئهن بخلاف الجهالة الاصلية إذا ماتت واحدة منهن أنها لا تتعين
للطلاق لان الطلاق هناك يقع عند وجود الشرط و هو البيان مقصورا عليه و المحل ليس
بقابل لوقوع الطلاق وقت البيان ثم البيان ضربان نص و دلالة أما النص فهو أن يبين
المطلقة نصا فيقول هذه هى التي كنت طلقتها و أما الدلالة فهي أن يفعل أو يقول ما
يدل على البيان مثل أن يطأ واحدة أو يقبلها أو يطلقها أو يحلف بطلاقها أو يظاهر
منها فان كانتا اثنتين تعينت الاخرى للطلاق لان فعله أو قوله يحمل على الجواز و لا
يجوز الا بتعيين الاخرى للطلاق فكان الاقدام عليه تعيينا للاخرى للطلاق ضرورة و كذا
إذا قال هذه منكوحة و أشار إلى احداهما تتعين الاخرى للطلاق ضرورة و كذا إذا قال
هذه منكوحة و ان كن أربعا أو ثلاثا تعينت الباقيات لكون المطلقة فيهن فتتعين
بالبيان نصا أو دلالة بالفعل أو بالقول على ما مر بيانه في الفصل الاول و لو كن
أربعا و لم يكن دخل بهن فتزوج أخرى قبل البيان جاز لان الطلاق واقع في إحداهن فكان
هذا نكاح الرابعة فلا يتحقق الجمع بين الخمس فيجوز و ان كن مدخولا بهن لا يجوز لانه
يتحقق الجمع لقيام النكاح من وجه القيام و العدة و لو كان الطلاق في الصحة فبين في
واحدة منهن في مرضه ثم مات لم ترثه لان البيان ههنا اظهار و تعيين لمن وقع عليه
الطلاق و الوقوع كان في الصحة فلا ترث بخلاف الفصل الاول ( و اما )

الذي يتعلق به
بعد موت الزوج فأحكامه ثلاثة حكم المهر و حكم الميرا ث و حكم العدة و قد بيناها في
الفصل الاول و الفصلان لا يختلفان في هذه الاحكام فما عرفت من الجواب في الاول فهو
الجواب في الثاني و الله تعالى أعلم ( كتاب الظهار )

يحتاج في هذا الكتاب معرفة ركن
الظهار و إلى معرفة شرائط الركن و إلى معرفة حكم الظهار و إلى معرفة ما ينتهى به
حكمه و إلى معرفة كفارة الظهار أما ركن الظهار فهو اللفظ الدال على الظهار و الاصل
فيه قول الرجل لامرأته أنت على كظهر أمى يقال ظاهر الرجل من إمرأته و اظاهر و تظاهر
و أظهر و تظهر أى قال لها أنت على كظهر أمى و يلحق به قوله أنت على كبطن أمى أو فخذ
أمى أو فرج أمى و لان معنى الظاهر تشبيه الحلال بالحرام و لهذا وصفه الله تعالى
بكونه منكرا من القول و زورا فقال سبحانه و تعالى في آية الظهار و انهم ليقولون
منكرا من القول و زورا و بطن الام و فخذها في الحرمة مثل ظهرها و لفرجها مزيد حرمة
فتزداد جنايته في كون قوله منكرا و زورا فيتأكد الجزاء و هو الحرمة


(230)

( فصل )

و أما الشرائط فأنواع بعضها يرجع إلى المظاهر و بعضها
يرجع إلى المظاهر منه و بعضها يرجع إلى المظاهر به أما الذي يرجع إلى المظاهر
فأنواع منها أن يكون عاقلا اما حقيقة أو تقديرا فلا يصح ظهار المجنون و الصبي الذي
لا يعقل لان حكم الحرمة و خطاب التحريم لا يتناول من لا يعقل و منها أن لا يكون
معتوها و لا مدهوشا و لا مبرسما و لا مغمى عليه و لا نائما فلا يصح ظهار هؤلاء كما
لا يصح طلاقهم و ظهار السكران كطلاقه و هو على التفصيل الذي ذكرناه في كتاب الطلاق
و منها أن يكون بالغا فلا يصح ظهار الصبي و ان كان عاقلا لما مر في ظهار المجنون و
لان الظهار من التصرفات الضارة المحضة فلا يملكه الصبي كما لا يملك الطلاق و العتاق
و غيرهما من التصرفات التي هى ضارة محضة و منها أن يكون مسلما فلا يصح ظهار الذمي و
هذا عندنا و عند الشافعي اسلام المظاهر ليس بشرط لصحة ظهاره و يصح ظهار الذمي و
احتج بعموم قوله عز و جل و الذين يظاهرون من نسائهم من فصل بين المسلم و الكافر و
لان الكافر من أهل الظهار لان حكمه الحرمة و الكفار مخاطبون بشرائع هى حرمات و لهذا
كان أهلا للطلاق فكذا للظهار و لنا ان عمومات النكاح لا تقتضي حل وطء الزوجات على
الازواج نحو قوله تعالى و الذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت
أيمانهم فانهم ملومين و قوله عز و جل نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم و الظهار
لا يوجب زوال النكاح و الزوجية لان لفظ الظهار لم ينبئ عنه و لهذا لا يحتاج إلى
تجديد النكاح بعد الكفارة لان المسلم صار مخصوصا فمن ادعى تخصيص الذمي يحتاج إلى
الدليل و لان حكم الظهار حرمة مؤقتة بالكفارة أو بتحرير يخلفه الصوم و الكافر ليس
من أهل هذا الحكم فلا يكون من أهل الظهار و قد خرج الجواب عما ذكره من المعنى و أما
آية الظهار فانها تتناول المسلم لدلائل أحدها ان أول الاية خاص في حق المسلمين و هو
قوله عز و جل و الذين يظاهرون منكم فقوله تعالى منكم كناية عن المسلمين ألا ترى إلى
قوله سبحانه و تعالى و ان الله لغفور رحيم و الكافر حائز المغفرة و قوله تعالى و
الذين يظاهرون من نسائهم بناء على الاول و الثاني ان فيها أمرا بتحرير يخلفه الصيام
إذا لم يجد الرقبة و الصيام يخلفه الطعام إذا لم يستطع و كل ذلك لا يتصور الا في حق
المسلم و الثالث ان المسلم مراد من هذه الآية بلا شك و المذهب عندنا ان العام يبنى
على الخاص و متى بني العام على الخاص خرج المسلم عن عموم الآية و لم يقل به أحد و
أما كونه حرا فليس بشرط لصحة الظهار فيصح ظهار العبد لان الظهار تحريم و العبد من
أهل التحريم ألا ترى أنه يملك التحريم بالطلاق فكذا بالظهار و لعموم قوله عز و جل و
الذين يظاهرون من نسائهم فان قيل هذه الآية لا تتناول العبد لانه جعل حكم الظهار
التحرير بقوله تعالى فتحرير رقبة و العبد ليس من أهل التحرير فلا يكون من أهل حكم
الظهار فلا يكون من أهل الظهار فلا يتناوله نص الظهار فالجواب أنه ممنوع أنه جعل
حكم الظهار التحرير على الاطلاق بل جعل حكمه في حق من وجد فأما في حق من لم يجد
فانما جعل حكمه الصيام بقوله تعالى فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين و العبد واجد
لانه لا يكون واجدا الا بالملك و العهد ليس من أهل الملك فلا يكون واجدا فلا يكون
الاعتاق حكم الظهار في حقه اذ لا عتق فيما لا يملكه ابن آدم على لسان رسول الله صلى
الله عليه و سلم فلا يجوز له التكفير بالاعتاق و كذا بالاطعام اذ الاطعام على وجه
التمليك أو الاباحة و الاباحة لا تتحقق بدون الملك و لو كفر العبد بهما باذن مولاه
أو المولى كفر عنه بهما لم يجز لان الملك لم يثبت له فلا يقع الاعتاق و الاطعام عنه
بخلاف الفقير إذا أعتق عنه غيره أو أطعم فانه يجوز لان الفقير من أهل الملك فثبت
الملك له أولا ثم يؤدى عنه بطريق النيابة و العبد ليس من أهل الملك فلا يملك المؤدى
فلا يجزيه في الكفارة الا الصيام و ليس لمولاه أن يمنعه من صيام الظهار بخلاف صيام
النذر و كفارة اليمين لان للمولى أن يمنعه عن ذلك لان صوم الظهار قد تعلق به حق
المرأة لانه يتعلق به استباحة وطئها الذي استحقه بعقد النكاح فكان منعه إياها عن
الصيام منعا له عن إيفاء حق مستحق للغير فلا يملك ذلك بخلاف صوم النذر و كفارة
اليمين لانه لم يتعلق به حق أحد فكان العبد بالصوم متصرفا في المنافع المملوكة
لمولاه من اذنه لا حق لاحد فيه فكان له منعه عن ذلك سواء


/ 37