أبى حنيفة لما قلنا و كذا كونه جادا فليس بشرط لصحة الظهار حتى يصح ظهار الهازل كما
يصح طلاقه و كذا كونه طائعا أو عامدا ليس بشرط عندنا فيصح ظهار المكره و الخاطئ كما
يصح طلاقهما و عند الشافعي شرط فلا يصح ظهارهما كما لا يصح طلاقهما و هذه من مسائل
الاكراه و كذا التكلم بالظهار ليس بشرط حتى يصير مظاهرا بالكتابة المستبينة و
الاشارة المعلومة من الاخرس و كذا الخلو عن شرط الخيار ليس بشرط فيصح ظهار شارط
الخيار لما ذكرنا في كتاب الطلاق و أما كون المظاهر رجلا فهل هو شرط صحة الظهار قال
أبو يوسف ليس بشرط و قال محمد شرط حتى لو قالت المرأة لزوجها أنت على كظهر أمي تصير
مظاهرة عند أبى يوسف و عليها كفارة الظهار و عند محمد لا تصير مظاهرة و لما حكى
قولهما للحسن بن زياد فقال هما شيخا الفقة أخطآ عليهما كفارة اليمين إذا وطئها
زوجها ( وجه )قول الحسن ان الظهار تحريم فتصير كانه قالت لزوجها أنت على حرام و لو
قالت ذلك تلزمها الكفارة إذا وطئها كذا هذا ( وجه )قول محمد ان الظهار تحريم
بالقول و المرأة لا تملك التحريم بالقول ألا ترى أنها لا تملك الطلاق فكذا الظهار و
لابي يوسف ان الظهار تحريم يرتفع بالكفارة و هي من أهل الكفارة فكانت من أهل الظهار
و الله أعلم و منها النية عند أبى حنيفة و أبى يوسف في بعض أنواع الظهار دون بعض و
بيان ذلك أنه لو قال لامرأته أنت على كظهر أمى كان مظاهرا سواء نوى الظهار أو لا
نية له أصلا لان هذا صريح في الظهار اذ هو ظاهر المراد مكشوف المعنى عند السماع
بحيث يسبق إلى أفهام السامعين فكان صريحا لا يفتقر إلى النية كصريح الطلاق في قوله
أنت طالق و كذا إذا نوى به الكرامة أو المنزلة أو الطلاق أو تحريم اليمين لا يكون
الا ظهارا لان هذا اللفظ صريح في الظهار فإذا نوى به غيره فقد أراد صرف اللفظ عما
وضع له إلى غيره فلا ينصرف اليه كما إذا قال لامرأته أنت طالق و نوى به الطلاق عن
الوثاق أو الطلاق عن العمل أنه لا ينصرف اليه و يقع الطلاق لما قلنا كذا هذا و لو
قال أردت به الاخبار عما مضى كذا لا يصدق في القضاء لانه خلاف الظاهر لان هذا اللفظ
في الشرع جعل انشاء فلا يصدق في إرادة الاخبار عنه كقوله أنت طالق إذا أراد به
الاخبار عن الماضي كاذبا و لا يسع للمرأة ان تصدقه كما لا يسع للقاضي لان القاضي
انما لا يصدقه لادعائه خلاف الظاهر و هذا موجود في حق المرأة و يصدق فيما بينه و
بين الله تعالى لانه نوى ما يحتمله كلامه و كذا إذا قال أنا منك مظاهرا و قد ظاهرتك
فهو مظاهر نوى به الظهار أو لا نية له لان هذا اللفظ صريح في الظهار أيضا اذ هو
مكشوف المراد عن السامع فلا يفتقر إلى النية وأى شيء نوى لا يكون الا ظهارا و ان
أراد به الخبر عن الماضي كاذبا لا يصدق قضأ و يصدق ديانة لما قلنا كما لو قال أنت
مطلقة أو قد طلقتك و كذا لو قال أنت على كبطن أمى أو كفخذ أمى أو كفرج أمى فهذا و
قوله أنت على كظهر أمى على السوآء لانه يجرى مجرى الصريح لما ذكرنا فيما تقدم و لو
قال لها أنت على كأمى أو مثل أمى يرجع إلى نيته فان نوى به الظهار كان مظاهرا و ان
نوى به الكرامة كان كرامة و ان نوى به الطلاق كان طلاقا و ان نوى به اليمين كان
ايلاء لان اللفظ يحتمل كل ذلك اذ هو تشبيه المرأة بالام فيحتمل التشبيه في الكرامة
و المنزلة أي أنت على في الكرامة و المنزلة كأمى و يحتمل التشبيه في الحرمة ثم
يحتمل ذلك حرمة الظهار و يحتمل حرمة الطلاق و حرمة اليمين فأي ذلك نوى فقد نوى ما
يحتمله لفظه فيكون على ما نوى و ان لم يكن له نية لا يكون ظهارا عند أبى حنيفة و هو
قول أبى يوسف الا ان عند أبى حنيفة لا يكون شيأ و عند أبى يوسف يكون تحريم اليمين و
عند محمد يكون ظهارا احتج محمد بقوله تعالى في آية الظهار ردا على المظاهرين ما هن
أمهاتهم و ذكر الله سبحانه و تعالى الام و لم يذكر ظهر الام فدل ان تشبيه المرأة و
هو قوله أنت على كأمى ظهار حقيقة كقوله أنت على كظهر أمى بل أولى لان قوله أنت على
كظهر أمى تشبيه المرأة بعضو من أعضائها و قوله أنت كأمى تشبيه بكلها ثم ذاك لما كان
ظهارا فهذا أولى و لان كاف التشبيه تختص بالظهار فعند الاطلاق تحمل عليه و لابي
حنيفة و أبى يوسف ان هذا اللفظ يحتمل الظهار و غيره احتمالا على السوآء لما ذكرنا
فلا يتعين الظهار الا بدليل
* كتاب الظهار والكلام عليه * فصل في بيان الذى يرجع إلى المظاهر
معين و لم يوجد الا ان أبا يوسف يقول يحمل على تحريم اليمينلان الظاهر انه أراد بهذا التشبيه في التحريم و ذلك يحتمل تحريم الطلاق و تحريم
اليمين الا ان تحريم اليمين أدنى فيحمل عليه و الجواب انا لا نسلم انه أراد به
التشبيه في التحريم بل هو محتمل يحتمل الحرمة و غيرها فلا يتغير التحريم من دليل مع
ما ان معنى الكرامة و المنزلة أدنى فيحمل مطلق التشبيه عليه و ما ذكره محمد ان الله
تعالى ذكر الامهات لا ظهورهن قلنا هذا لا يدل على ان التشبيه بالام ظهار حقيقة لانه
لو كان حقيقة لقال ما هن كأمهاتهم لانه أثبت الامومية لها و لو قال أنت على حرام
كأمى حمل على نيته لانه إذا ذكر مع التشبيه التحريم لم يحتمل معنى الكرامة فتعين
التحريم ثم هو يحتمل تحريم الظهار و يحتمل تحريم الطلاق و الايلاء فيرجع إلى نيته
فان لم يكن له نية يكون ظهارا لان حرف التشبيه يختص بالظهار فمطلق التحريم يحمل
عليه و لو قال أنت على حرام كظهر أمى فان نوى الظهار أو لا نية له أصلا فهو ظهار و
ان نوى الطلاق لم يكن الا ظهارا في قول أبى حنيفة و عند أبى يوسف و محمد يكون طلاقا
روى عن أبى يوسف انه يكون ظهارا و طلاقا معا وجه قولهما ان قوله أنت على حرام يحتمل
الطلاق كما يحتمل الظهار فإذا نوى به الطلاق فقد نوى ما يحتمله لفظه فصحت نيته و
أبو حنيفة يقول لما قال بعد قوله حرام كظهر أمى فقد فسر التحريم بتحريم الظهار فزال
الاحتمال فكان صريحا في الظهار فلا تعمل فيه النية و ما روى عن أبى يوسف سديد لانه
حمل اللفظ الواحد على معنيين و اللفظ الواحد لا ينتظم معنيين مختلفين و لو قال أنت
على كالميتة أو كالدم أو كالخمر أو كلحم الخنزير يرجع إلى نيته ان نوى الطلاق كان
طلاقا و ان نوى التحريم أو لا نية له يمينا و يصير موليا و ان قال عنيت به الكذب لم
يكن شيأ و لا يصدق في نفى اليمين في القضاء و قد ذكرنا هذه المسألة في كتاب الطلاق
في فصل الايلاء ( فصل )و أما الذي يرجع إلى المظاهر منه فمنها أن تكون زوجته و هي
أن تكون مملوكة له بملك النكاح فلا يصح الظهار من الاجنبية لعدم الملك و يصح ظهار
زوجته تنجيزا و تعليقا و اضافة إلى وقت بان قال لها أنت على كظهر أمى إلى رأس شهر
كذا لقيام الملك و تعليقا في الملك بان قال لها ان دخلت الدار أو ان كلمت فلانا
فأنت على كظهر أمى لوجود الملك وقت اليمين و أما تعليقه بالملك و هو اضافته إلى سبب
الملك فصحيح عندنا خلافا للشافعي بان قال لاجنبية ان تزوجتك فأنت على كظهر أمى حتى
لو تزوجها صار مظاهرا عندنا لوجود الاضافة إلى سبب الملك و عنده لا يصح لعدم الملك
للحال و لو قال لاجنبية ان دخلت الدار فأنت على كظهر أمى لا يقع الظهار حتى لو
تزوجها فدخلت الدار لا يصير مظاهرا بالاجماع لعدم الملك و الاضافة إلى سبب الملك و
على هذا يخرج الظهار من الامة و المدبرة وأم الولد و المكاتبة و المستسعاة على أصل
أبى حنيفة انه لا يصح لعدم الزوجية ثم انما كانت الزوجية شرطا لصحة الاظهار لان
ثبوت الحرمة بالظهار أمر ثبت تعبدا معقول المعنى لان قوله أنت على كظهر أمى تشبيه
المرأة بالام و انه محتمل يحل التشبيه في الكرامة و المنزلة و يحتمل التشبيه في
الحرمة ثم التشبيه في الحرمة محتمل أيضا يحتمل حرمة الظهار و هي الحرمة المؤقتة
بالكفارة و يحتمل حرمة الطلاق و حرمة اليمين و هذه الوجوه كلها في احتمال اللفظ
سواء فلا يجوز تنزيله على بعض الوجوه من دليل معين الا ان هذه الحرمة تثبت شرعا
معقول فيقصر على مورد الشرع و هي الزوجية قال الله تعالى و الذين يظاهرون من نسائهم
و المراد منه الزوجات كما في قوله تعالى للذين يؤلون من نسائهم و قوله تعالى و
أمهات نسائكم و قوله عز و جل نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم و نحو ذلك و سواء
كانت الزوجة حرة أو أمة قنة أو مدبرة وأم ولد أو ولد أم ولد أو مكاتبة أو مستسعاة
على أصل أبى حنيفة لعموم قوله تعالى و الذين يظاهرون من نسائهم و منها قيام ملك
النكاح من كل وجه فلا يصح الظهار من المطلقة ثلاثا و لا المبانة و المختلعة و ان
كانت في العدة بخلاف الطلاق لان المختلعة و المبانة يلحقهما صريح الطلاق لان الظهار
تحريم و قد ثبتت الحرمة بالابانة و الخلع و تحريم المحرم محال و لانه لا يفيد لان
الثاني لا يفيد الا ما أفاده الاول فيكون عبثا لخلوه عن العاقبة الحميدة بخلاف
الطلاق و لان الطلاق ازالة حل المحلية و انه قائم بعد الابانة فلم يكن إثبات الثابت
فلم يكن مستحيلا و كذا الثاني يفيد ما أفاده
(233)
فصل في بيان الذي يرجع الى المظاهر به .
الاول و هو نقصان العدد فهو الفرق بين الفصلين و كذا إذاعلق الطلاق بشرط ثم أبانها قبل وجود الشرط ثم وجد الشرط و هي في العدة انه لا ينزل
الظهار بخلاف ما إذا علق الابانة بشرط فنجز الابانة ثم وجد الشرط و هي في العدة انه
يلحقها البائن المعلق لما ذكرنا ان الظهار تحريم و المبانة محرمة فلو لحقها الظهار
بيمين كان قبل الابانة لكان تحريم المحرم و هو مستحيل ثم هو مفيد فاستوى فيه الظهار
المبتدأ و المعلق بشرط بخلاف البينونة المعلقة بشرط لان ثبوتها بعد تنجيز الابانة
مستحيل و هو مفيد أيضا و هو نقصان العدد و الله عز و جل الموفق و منها ان يكون
الظهار مضافا إلى بدن الزوجة أو إلى عضو منها جامع أو شائع و هذا عندنا و عند
الشافعي ليس بشرط و تصح الاضافة إليها أو إلى كل عضو منها و على هذا يخرج ما إذا
قال لها رأسك على كظهر أمى أو وجهك أو رقبتك أو فرجك انه يصير مظاهرا لان هذه
الاعضاء يعبر بها عن جميع البدن فكانت الاضافة إليها اضافة إلى جميع البدن و كذا
إذا قال لها ثلثك على كظهر أمى أو ربعك أو نصفك و نحو ذلك من الاجزاء الشائعة و لو
قال يدك أو رجلك أو أصبعك لا يصير مظاهرا عندنا خلافا للشافعي و اختلف مشايخنا في
الظهر و البطن و هذه الجملة قد مرت في كتاب الطلاق ( فصل )و أما الذي يرجع إلى
المظاهر به فمنها أن يكون من جنس النساء حتى لو قال لها أنت على كظهر أبى أو ابنى
لا يصح لان الظهار عرفا موجبا بالشرع و الشرع انما ورد بها فيما إذا كان المظاهر به
إمرأة منها أن يكون عضوا لا يحل له النظر اليه من الظهر و البطن و الفخذ و الفرج
حتى لو شبهها برأس أمه أو بوجهها أو يدها أو رجلها لا يصير مظاهرا لان هذه الاعضاء
من أمه يحل له النظر إليها و منها أن تكون هذه الاعضاء من إمرأة يحرم نكاحها عليه
على التأبيد سواء حرمت عليه بالرحم كالام و البنت و الاخت و بنت الاخ و الاخت و
العمة و الخالة أو بالرضاع أو بالصهرية كامرأة أبيه و حليلة ابنه لانه يحرم عليه
نكاحهن على التاييد و كذا أم إمرأته سواء كانت إمرأته مدخولا بها أو مدخول بها لان
نفس العقد على البنت محرم للام فكانت محرمة عليه على التأبيد و أما بنت إمرأته فان
كانت إمرأته مدخولا بها فكذلك لانه إذا دخل بها فقد حرمت عليه ابنتها على التأبيد و
ان كانت مدخول بها لا يصير مظاهرا لعدم الحرمة على التأبيد و لو شبهها بظهر إمرأة
زنى بها أبوه أو ابنه قال أبو يوسف هو مظاهر و قال محمد ليس بمظاهر بناء على أن
قاضيا لو قضى بجواز نكاح إمرأة زنى بها أبوه أو ابنه لا ينفذ قضاؤه عند أبى يوسف
حتى لو رفع قضاؤه إلى قاض آخر أبطله فكانت محرمة النكاح على التأبيد و عند محمد
ينفذ قضاؤه و ليس للقاضي الثاني ان يبطله إذا رفع اليه فلم تكن محرمة على التأبيد (
وجه )قول أبى يوسف ان حرمة نكاح موطوأة الاب منصوص عليها قال الله تعالى و لا
تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء لان النكاح في اللغة الضم و حقيقة الضم في الوطء
فلم يكن هذا محل الاجتهاد اذ الاجتهاد المخالف للنصوص باطل فالقضاء بالجواز يكون
مخالفا للنص فكان باطلا بخلاف ما إذا شبهها بإمرأة قد فرق بينه و بينها باللعان انه
لا يكون مظاهرا و ان كان لا يجوز له نكاحها عندي لانه لو حكم حاكم بجواز نكاحها جاز
لان حرمة نكاحها منصوص عليه فلم تكن محرمة على التأبيد وجه قول محمد أن جواز نكاح
هذه المرأة مجتهد فيه ظاهر الاجتهاد و انه جائز عند الشافعي و قد ظهر الاختلاف فيه
في السلف فكان محل الاجتهاد و ظاهر النص محتمل التأويل فكان للاجتهاد فيه مساغا و
للرأى مجالا و لو شبهها بظهر إمرأة هي أم المزني بها أو بنت المزني بها لم يكن
مظاهرا لان هذا فصل مجتهد فيه ظاهر الاجتهاد في السلف فلم تكن المرأة المظاهر بها
محرمة على التأبيد و لو قبل أجنبية بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة ثم شبه زوجته
بابنتها لم يكن مظاهرا عند أبى حنيفة قال و لا يشبه هذا الوطء الوطء أبين و أظهر
عني بذلك انه لو شبه زوجته ببنت موطوأته فلا يصير مظاهرا فهذا أولى لان التقبيل و
اللمس و النظر إلى الفرج سبب مفض إلى الوطء فكان دون حقيقة الوطء فلما لم يصر
مظاهرا بذلك فبهذا أولى و عند أبى يوسف يكون مظاهرا لان الحرمة بالنظر منصوص عليها
قال النبي صلى الله عليه و سلم من كشف خمار إمرأة أو نظر إلى فرجها حرمت عليه أمها
و ابنتها و على هذا يخرج ما إذا شبهها بإمرأة محرمة عليه في الحال و هي ممن تحل له
في حال
فصل وللظهار أحكام
أخرى كأخت إمرأته أو إمرأة لها زوج أو مجوسية أو مرتدة أنهلا يكون مظاهرا لانها محرمة على التأبيد و الله أعلم ( فصل )و أما حكم الظهار
فللظهار أحكام منها حرمة الوطء قبل التكفير لقوله عز و جل و الذين يظاهرون من
نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا أي فليحرروا كما في قوله
سبحانة و تعالى و الوالدات يرضعن أولادهن أي ليرضعن و قوله تعالى و المطلقات يتربصن
بأنفسهن أى ليتربصن أمر المظاهر بتحرير رقبة قبل المسيس فلو لم يحرم الوطء قبل
المسيس لم يكن للامر بتقديم التحرير قبل المسيس معنى و هو كقوله عز و جل يا أيها
الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقة و انه يدل على حرمة
النجوى قبل الصدقة اذ لو لم يحرم لم يكن للامر بتقديم الصدقة على النجوى معنى فكذا
هذا و روى أن مسلمة بن صخر البياضى ظاهر من إمرأته ثم أبصرها في ليلة قمراء و عليها
خلخال فضة فأعجبته فوطئها فسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك فقال له رسول
الله صلى الله عليه و سلم استغفر الله و لا تعد حتى تكفر أمره صلى الله عليه و سلم
بالاستغفار و الاستغفار انما يكون عن الذنب فدل على حرمة الوطء و كذا نهى المظاهر
عن العود إلى الجماع و مطلق النهى للتحريم فيدل على حرمة الجماع قبل الكفارة و روى
عن ابن عباس رضى الله عنهما انه قال إذا قال أنت على كظهر أمى لم تحل له حتى يكفر و
منها حرمة الاستمتاع بها من المباشرة و التقبيل و اللمس عن شهوة و النظر إلى فرجها
عن شهوة قبل أن يكفر لقوله عز و جل من قبل أن يتماسا و أخف ما يقع عليه اسم المس هو
اللمس باليد اذ هو حقيقة لهما جميعا أعنى الجماع و اللمس باليد لوجود معنى المس
باليد فيهما و لان الاستمتاع داع إلى الجماع فإذا حرم الجماع حرم الداعي اليه اذ لو
لم يحرم لادى إلى التناقض و لهذا حرم في الاستبراء و في الاحرام بخلاف باب الحيض و
النفاس لان الاستمتاع هناك لا يفضى إلى الجماع لوجود المانع و هو استعمال الاذى
فامتنع عمل الداعي للتعارض فلا يفضى إلى الجماع و لان هذه الحرمة انما حصلت بتشبيه
إمرأته بأمه فكانت قبل انتهائها بالتكفير و حرمة الام سواء و تلك الحرمة تمنع من
الاستمتاع كذا هذه و لان الظهار كان طلاق القوم في الجاهلية فنقله الشرع من تحريم
المحل إلى تحريم الفعل فكانت حرمة الفعل في المظاهر منها مع بقاء النكاح كحرمة
الفعل في المطلقة بعد زوال النكاح و تلك الحرمة تعم البدن كله كذا هذه و لا ينبغى
للمرأة إذا طاهر منها زوجها أن تدعه يقربها بالوطء و الاستمتاع حتى يكفر لان ذلك
حرام عليه و التمكين من الحرام حرام و منها ان للمرأة أن تطالبه بالوطء و إذا
طالبته به فعلى الحاكم أن يجبره حتى يكفر و يطأ لانه بالتحريم بالظهار أضر بها حيث
منعها حقها في الوطء مع قيام الملك فكان لها المطالبة بإيفاء حقها و دفع التضرر
عنها و في وسعه إيفاء حقها بإزالة الحرمة بالكفارة فيجب عليه ذلك و يجبر عليه لو
امتنع و يستوى في هذه الاحكام جميع أنواع الكفارات كلها من الاعتاق و الصيام و
الطعام أعنى كما انه لا يباح له وطؤها و الاستمتاع بها قبل التحرير و الصوم لا يباح
له قبل الاطعام و هذا قول عامة العلماء و قال مالك ان كانت كفارته الاطعام جاز له
أن يطأها قبله لان الله تعالى ما شرط تقديم هذا النوع على المسيس في كتابه الكريم
ألا ترى انه لم يذكر فيه من قبل أن يتماسا و انما شرط سبحانه و تعالى في النوعين
الاولين فقط فيقتصر الشرط على الموضع المذكور و لنا انه لو أبيح له الوطء قبل
الاطعام فيطؤها و من الجائز انه يقدر على الاعتاق و الصيام في خلال الاطعام فتنتقل
كفارته اليه فتبين ان وطأه كان حراما فيجب صيانته عن الحرام بإيجاب تقديم الاطعام
احتياطا و على هذا يخرج ما إذا ظاهر الرجل من أربع نسوة له ان عليه أربع كفارات
سواء ظاهر منهن بأقوال مختلفة أو بقول واحد و قال الشافعي إذا ظاهر بكلمة واحدة
فعليه كفارة واحدة وجه قوله ان الظهار أحد نوعى التحريم فيعتبر بالنوع الآخر و هو
الايلاء و هناك لا يجب الا كفارة واحدة بان قال لنسائه الاربع و الله لا أقربكن
فقربهن فكذا ههنا ( و لنا )الفرق بين الظهار و بين الايلاء و هو ان الظهار و ان
كان بكلمة واحدة فانها تتناول كل واحدة منهن على حيالها فصار مظاهرا من كل واحدة
منهن و الظهار تحريم
فصل في بيان كفارة الظهار والكلام عليها
فصل في بيان ما ينتهى به حكم الظهار أو يبطل
لا يرتفع الا بالكفارة فإذا تعدد التحريم تتعد الكفارةبخلاف الايلاء لان الكفارة ثمة تجب لحرمة اسم الله تعالى جبرا لهتكه و الاسم اسم
واحد فلا تجب الا كفارة واحدة و كذا إذا ظاهر من إمرأة واحدة بأربعة أقوال يلزمه
أربع كفارات لانه أتى بأربع تحريمات و لو ظاهر من إمرأة واحدة في مجلس واحد ثلاثا
أو أربعا فان لم يكن له نية فعليه لكل ظهار كفارة لان كل ظهار يوجب تحريما لا يرتفع
الا بالكفارة فان قيل انها إذا حرمت بالظهار الاول فكيف تحرم بالثاني و انه إثبات
الثابت و انه محال ثم هو مفيد فالجواب أن الثاني ان كان لا يفيد تحريما جديدا فانه
يفيد تأكيد الاول فلئن تعذر إظهاره في التحريم أمكن إظهاره في التكفير فكان مفيدا
فائدة التكفير و ان نوى به الظهار الاول فعليه كفارة واحدة لان صيغته الخبر و قد
يكرر الانسان اللفظ على إرادة التغليظ و التشديد دون التجديد و الظهار لا يوجب
نقصان العدد في الطلاق لانه ليس بطلاق و لا يوجب البينونة و ان طالت المدة لانه لا
يوجب زوال الملك و انما يحرم الوطء قبل التكفير مع قيام الملك و ان جامعها قبل أن
يكفر لا يلزمه كفارة أخرى و انما عليه التوبة و الاستغفار و لا يجوز له أن يعود حتى
يكفر لما روينا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لذلك الرجل الذي ظاهر من
إمرأته فواقعها قبل أن يكفر استغفر الله و لا تعد حتى تكفر فامره صلى الله عليه و
سلم بالاستغفار لما فعل لا بالكفارة و نهاه صلى الله عليه و سلم عن العود اليه الا
بتقديم الكفارة عليه و الله عز و جل أعلم ( فصل )و أما بيان ما ينتهى به حكم
الظهار أو يبطل فحكم الظهار ينتهى بموت أحد الزوجين لبطلان محل حكم الظهار و لا
يتصور بقاء الشيء في محله و ينتهى بالكفارة بالوقت ان كان موقتا و بيان ذلك ان
الظهار لا يخلو اما ان كان مطلقا و اما ان كان موقتا فالمطلق كقوله أنت على كظهر
أمى و حكمه لا ينتهى الا بالكفارة لقوله صلى الله عليه و سلم لذلك المظاهر استغفر
الله و لا تعد حتى تكفر نهاه عن الجماع و مد النهى إلى غاية التكفير فيمتد إليها و
لا يبطل ببطلان ملك النكاح و لا ببطلان حل المحلية حتى لو ظاهر منها ثم طلقها طلاقا
بائنا ثم تزوجها لا يحل له وطؤها و الاستمتاع بها حتى يكفر و كذا إذا كانت زوجته
أمة فظاهر منها ثم اشتراها حتى بطل النكاح بملك اليمين و كذا لو كانت حرة فارتدت عن
الاسلام و لحقت بدار الحرب فسبيت ثم اشتراها و كذا إذا ظاهر منها ثم ارتدت عن
الاسلام في قول أبى حنيفة و اختلفت الرواية عن أبى يوسف على ما ذكرنا في الايلاء و
كذا إذا طلقها ثلاثا فتزوجت بزوج آخر ثم عادت إلى الاول لا يحل له وطؤها بدون تقديم
الكفارة عليه لان الظهار قد انعقد موجبا حكمه و هو الحرمة و الاصل أن التصرف الشرعي
إذا انعقد مفيد الحكمة و في بقائه احتمال الفائدة أو و هم الفائدة يبقى لفائدة
محتملة أو موهومة أصله الاباق الطاري على البيع و احتمال العود ههنا قائم فيبقى و
إذا بقي يبقى على ما انعقد عليه و هو ثبوت حرمة لا ترتفع الا بالكفارة و ان كان
موقتا بان كان قال لها أنت على كظهر أمى يوما أو شهرا أو سنة صح التوقيت و ينتهى
بانتهاء الوقت بدون الكفارة عند عامة العلماء و هو أحد قولى الشافعي و في قوله الا
آخر و هو قول مالك يبطل التأقيت و يتأبد الظهار وجه قوله أن الظهار أخو الطلاق اذ
هو أحد نوعى التحريم ثم تحريم الطلاق لا يحتمل التأقيت كذا تحريم الظهار و لنا أن
تحريم الظهار أشبه بتحريم اليمين من الطلاق لان الظهار تحله الكفارة كاليمين يحله
الحنث ثم اليمين تتوقت كذا الظهار بخلاف الطلاق لانه لا يحله شيء فلا يتوقت و الله
عز و جل أعلم ( فصل )و أما بيان كفارة الظهار فالكلام فيه يقع في مواضع في تفسير
كفارة الظهار و في بيان سبب وجوبها و في بيان شرط وجوبها و في بيان شرط جوازها أما
تفسيرها فما ذكره الله عز و جل في كتابه العزيز من أحد الانواع الثلاثة لكن على
الترتيب الاعتاق ثم الصيام ثم الاطعام و أما سبب وجوب الكفارة فلا خلاف في أن
الكفارة لا تجب الا بعد وجود العود و الظهار لقوله عز و جل و الذين يظاهرون من
نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا أنه اختلف في العود قال
أصحاب الظواهر هو أن يكون لفظ الظهار و قال الشافعي هو إمساك المرأة على النكاح بعد
(236)
طلاقها فيه فإذا أمسكها على النكاح عقيب الظهار مقدار ما يمكنه طلاقها فيه فلم
يطلقها فقد وجبت عليه الكفارة على وجه لا يحتمل السقوط بعد ذلك سواء غابت أو ماتت و
إذا غاب فسواء طلقها أو لم يطلقها راجعها أو لم يراجعها و لو طلقها عقيب الظهار بلا
فصل يبطل الظهار فلا تجب الكفارة لعدم إمساك المرأة عقيب الظهار و قال أصحابنا
العود هو العزم على وطئها عزما مؤكدا حتى لو عزم ثم بدا له في أن لا يطأها لا كفارة
عليه لعدم العزم المؤكد لا أنه وجبت الكفارة بنفس العزم ثم سقطت كما قال بعضهم لان
الكفارة بعد سقوطها لا تعود الا بسبب جديد وجه قول أصحاب الظواهر التمسك بظاهر لفظة
العود لان العود في القول عبارة عن تكراره قال الله تعالى ألم تر إلى الذين نهوا عن
النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه فكان معنى قوله ثم يعودون لما قالوا أى يرجعون إلى
القول الاول فيكررونه وجه قول الشافعي أن قوله تعالى و الذين يظاهرون من نسائهم ثم
يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل يقتضى وجوب الكفارة بعد العود و ذلك فيما قلنا
لا فيما قلتم لان عندكم لا تجب الكفارة و انما يحرم الوطء إلى أن يؤدى الكفارة
فترتفع الحرمة و هذا خلاف النص و لنا أن قول القائل قال فلان كذا ثم عاد قال في
اللغة يحتمل أن يكون معناه عاد إلى ما قال و فيما قال أى كرره و يحتمل أن يكون
معناه عاد لنقض ما قال فانه حكى أن أعرابيا تكلم بين يدى الاصمعى بانه كان يبنى
بناء ثم يعود له فقال له الاصمعى ما أردت بقولك أعود له فقال أنقضه و لا يمكن حمله
على الاول و هو التكرار لان القول لا يحتمل التكرار لان التكرار اعادة عين الاول و
لا يتصور ذلك في الاعراض لكونها مستحيلة البقاء فلا يتصور إعادتها و كذا النبي صلى
الله عليه و سلم لما أمر أويسا بالكفارة لم يسأله أنه هل كرر الظهار أم لا و لو كان
ذلك شرط لسأله اذ الموضع موضع الاشكال و كذا الظهار الذي كان متعارفا بين أهل
الجاهلية لم يكن فيه تكرار القول و إذا تعذر حمله على الوجه الاول يحمل على الثاني
و هو العود لنقض ما قالوا و فسخه فكان معناه ثم يرجعون عما قالوا و ذلك بالعزم على
الوطء لان ما قاله المظاهر هو تحريم الوطء فكان العود لنقضه و فسخ استباحة الوطء و
بهذا تبين فساد تأويل الشافعي العود بإمساك المرأة و استبقاء النكاح لان إمساك
المرأة لا يعرف عودا في اللغة و لا إمساك في شيء من الاشياء يتكلم فيه بالعود و لان
الظاهر ليس يرفع النكاح حتى يكون العود لما قال استبقاء للنكاح فبطل تأويل العود
بالامساك على النكاح و الدليل على بطلان هذا التأويل ان الله تعالى قال ثم يعودون
لما قالوا و ثم للتراخى فمن جعل العود عبارة عن استبقاء النكاح و إمساك المرأة عليه
فقد جعله عائدا عقيب القول بلا تراخي و هذا خلاف النص أما قوله ان النص يقتضى وجوب
الكفارة و عندكم لا تجب الكفارة فليس كذلك بل عندنا تجب الكفارة إذا عزم على الوطء
كانه قال تعالى إذا عزمت على الوطء فكفر قبله كما قال سبحانه و تعالى إذا قمتم إلى
الصلاة فاغسلوا و قوله سبحانه إذا ناجيتم الرسول فقدموا و نحو ذلك و اختلف أيضا في
سبب وجوب هذه الكفارة قال بعضهم انها تجب بالظهار و العود جميعا لان الله تعالى
علقها بهما بقوله تعالى و الذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة
و قال بعضهم سبب الوجوب هو الظهار و العود شرط لان الظهار ذنب ألا ترى أن الله
تعالى جعله منكرا من القول و زورا و الحاجة إلى رفع الذنب و الزجر عنه في المستقبل
ثابتة فتجب الكفارة لانها رافعة للذنب و زاجرة عنه و الدليل عليه أنه تضاف الكفارة
إلى الظهار لا إلى العود يقال كفارة الظهار و الاصل أن الاحكام تضاف إلى أسبابها لا
إلى شروطها و قال بعضهم سبب الوجوب هو العود و الظهار شرط لان الكفارة عبادة و
الظهار محظور محض فلا يصلح سببا لوجوب العبادة و قال بعضهم كل واحد منهما شرط و سبب
الوجوب أمر ثالث هو كون الكفارة طريقا متعينا لايفاء الواجب و كونه قادرا على
الايفاء لان إيفاء حقها في الوطء واجب و يجب عليه في الحكم ان كانت بكرا أو ثيبا و
لم يطأها مرة و ان كانت ثيبا و قد وطئها مرة لا يجب فيما بينه و بين الله تعالى
اتصال ذلك أيضا لايفاء حقها و عند بعض أصحابنا يجب في الحكم أيضا حتى يجبر عليه و
لا يمكنه إيفاء الواجب الا برفع الحرمة و لا ترتفع الحرمة الا بالكفارة فتلزمه
الكفارة ضرورة إيفاء
يتوصل اليه الا به كالأَمر بإقامة الصلاة يكون أمرا بالطهارة و نحو ذلك و الله أعلم
( و أما )شرط وجوبها فالقدرة على أدائها لاستحالة وجوب الفعل بدون القدرة عليه فلا
يجب على القادر و كذا العود أو الظهار أو كلاهما على حسب اختلاف المشايخ فيه على ما
مر و أما شرط جوازها فلجواز هذه الكفارة من الانواع الثلاثة أعنى الاعتاق و الصيام
و الاطعام شرائط نذكرها في كتاب الكفارات ان شاء الله تعالى و الله عز و جل أعلم (
كتاب اللعان )الكلام في اللعان يقع في مواضع في بيان صورة اللعان و كيفيته و في
بيان صفة اللعان و في بيان سبب وجوبه و في بيان شرائط الوجوب و الجواز و في بيان ما
يظهر به سبب الوجوب عند القاضي و في بيان معنى اللعان و ماهيته شرعا و في بيان حكم
اللعان و في بيان ما يسقط اللعان بعد وجوبه و في بيان حكمه إذا سقط أو لم يجب أصلا
مع وجود القذف ( أما )صورة اللعان و كيفيته فالقذف لا يخلو اما أن يكون بالزنا أو
بنفي الولد فان كان بالزنا فينبغي للقاضي أن يقيمهما بين يديه متماثلين فيأمر الزوج
أولا أن يقول أربع مرات أشهد بالله انى لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا و
يقول في الخامسة لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين فيما رميتها به من الزنا ثم
يأمر المرأة أن تقول أربع مرات أشهد بالله انه لمن الكاذبين فيما رماني به من الزنا
و تقول في الخامسة غضب الله عليها ان كان من الصادقين فيما رماني به من الزنا هكذا
ذكر في ظاهر الرواية و روى الحسن عن أبى حنيفة أنه يحتاج إلى لفظ المواجهة فيقول
الزوج فيما رميتك به من الزنا و تقول المرأة فيما رميتني به من الزنا و هو قول زفر
و وجه أن خطاب المعاينة فيه احتمال لانه يحتملها و يحتمل غيرها و لا احتمال في خطاب
المواجهة فالإِتيان بلفظ لا احتمال فيه أولى و الجواب أنه لما قال أشهد بالله انى
لمن الصادقين فيما رميتها به من الزنا و أشار إليها فقد زال الاحتمال لتعيينها
بالاشارة فكان لفظ المواجهة و المعاينة فيه سواء و ان كان اللعان بنفي الولد فقد
ذكر الكرخي أن الزوج يقول في كل مرة فيما رميتك به من نفى ولدك و تقول المرأة فيما
رميتني به من نفى ولدى و ذكر الطحاوي ان الزوج يقول في كل مرة فيما رميتها به من
الزنا في نفي ولدها و تقول المرأة فيما رماني به من الزنا في نفى ولده و روى هشام
عن محمد انه قال إذا لا عن الرجل بولد فقال في اللعان أشهد بالله انى لمن الصادقين
فيما رميتها به من الزنا في نفى ولدها بأن هذا الولد ليس منى و تقول المرأة أشهد
بالله انك لمن الكاذبين فيما رميتني به من الزنا بأن هذا الولد ليس منك و ذكر ابن
سماعة عن محمد في نوادره انه قال إذا نفى الولد يشهد بالله الذي لا اله الا هو انه
لصادق فيما رماها به من الزنا و نفى هذا الولد قال القدوري و هذا ليس باختلاف رواية
و انما هو اختلاف حال القذف فان كان القذف من الزوج بقوله هذا الولد ليس منى يكتفى
في اللعان ان يقول فيما رميتك به من نفى الولد لانه ما قذفها الا بنفي الولد و ان
كان القذف بالزنا و نفى الولد لابد من ذكر الامرين لانه قذفها بالامرين جميعا و
انما بدئ بالرجل لقوله سبحانه و تعالى و الذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء
الا أنفسهم فشهادة أحدهم و الفاء للتعقيب فيقتضى أن يكون لعان الزوج عقيب القذف
فيقع لعان المرأة بعد لعانه و كذا روى انه لما نزلت آية اللعان و أراد رسول الله
صلى الله عليه و سلم ان يجرى اللعان على ذينك الزوجين بدأ بلعان الرجل و هو قدوة
لان لعان الزوج وجب حقا لها لان الزوج ألحق بها العار بالقذف فهي بمطالبتها إياه
باللعان تدفع العار عن نفسها و دفع العار عن نفسها حقها و صاحب الحق إذا طالب من
عليه الحق بإيفاء حقه لا يجوز له التأخير كمن عليه الدين فان أخطأ الحاكم فبدأ
بالمرأة ثم بالرجل ينبغى له ان يعيد اللعان على المرأة لان اللعان شهادة و المرأة
بشهادتها تقدح في شهادة الزوج فلا يصح قبل وجود شهادته و لهذا في باب الدعاوي يبدأ
بشهادة المدعى ثم بشهادة المدعى عليه بطريق الدفع له كذا ههنا فان لم يعد لعانها
حتى فرق بينهما نفذت الفرقة لان تفريقه صادف محل الاجتهاد لانه يزعم ان اللعان ليس
بشهادة بل هو يمين و يجوز تقديم