فصل في بيان سبب وجود اللعان - بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 3

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
(238)

احدى اليمينين على الاخرى كتحالف المتداعيين انه لا يلزم
مراعاة الترتيب فيه بل يجوز تقديم أحدهما أيهما كان فكان تفريقه في موضع الاجتهاد
فنفذ و القيام ليس بشرط كذا روى الحسن عن أبى حنيفة انه قال لا يضره قائما لاعن أو
قاعدا لان اللعان اما ان يعتبر فيه معنى الشهادة و اما ان يعتبر فيه معنى اليمين أو
يعتبر فيه المعنيان جميعا و القيام ليس بلازم فيهما الا انه يندب اليه لان رسول
الله صلى الله عليه و سلم ندب عاصما و إمرأته اليه فقال يا عاصم قم فاشهد بالله و
قال لامرأته قومى فاشهدي بالله و لان اللعان من جانبه قائم مقام حد القذف و من
جانبها قائم مقام حد الزنا و السنة في الحدود اقامتها على الاشهاد و الاعلان و
القيام أقرب إلى ذلك و الله الموفق ( فصل )

و أما صفة اللعان فله صفات منها انه
واجب عندنا و قال الشافعي ليس بواجب انما الواجب على الزوج بقذفها هو الحد الا ان
له ان يخلص نفسه عنه بالبينة أو باللعان و الواجب على المرأة إذا لاعن الزوج هو حد
الزنا و لها أن تخلص نفسها عنه باللعان حتى ان للمرأة أن تخاصمه إلى الحاكم و
تطالبه باللعان عندنا و إذا طالبته يجبره عليه و لو امتنع يحبس لامتناعه عن الواجب
عليه كالممتنع من قضأ الدين فيحبس حتى يلاعن أو يكذب نفسه و عنده ليس لها ولاية
المطالبة باللعان و لا يجبر عليه و لا يحسب إذا امتنع بل يقام عليه الحد و كذا إذا
التعن الرجل تجبر المرأة على اللعان و لو امتنعت تحبس حتى تلاعن أو تقر بالزنا
عندنا و عنده لا تجبر و لا تحبس بل يقام عليها الحد احتج الشافعي بقوله عز و جل و
الذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة أوجب سبحانه و
تعالى الجلد على القاذف من فصل بين الزوج و غيره الا ان القاذف إذا كان زوجا له ان
يدفع الحد عن نفسه بالبينة ان كانت له بينة و ان لم تكن له بينة يدفعه باللعان فكان
اللعان مخلصا له عن الحد و قوله تعالى و يدرأ عنها العذاب ان تشهد أربع شهادات
بالله جعل سبحانه و تعالى لعانها دفعا لحد الزنا عنها اذ الدرء هو الدفع لغة فدل ان
الحد وجب عليها بلعانه ثم تدفعه بلعانها و لان بلعانه يظهر صدقه في القذف لان
الظاهر انه لا يلاعن الا و ان يكون صادقا في قذفه فيجب عليها الحد الا ان لها ان
تخلص نفسها عنه باللعان لانها إذا لاعنت وقع التعارض فلا يظهر صدق الزوج في القذف
فلا يقام عليها الحد و لنا قوله تعالى و الذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء
الا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله أى فليشهد أحدهم أربع شهادات بالله جعل
سبحانه و تعالى موجب قذف الزوجات اللعان فمن أوجب الحد فقد خالف النص و لان الحد
انما يجب لظهور كذبه في القذف و بالامتناع من اللعان لا يظهر كذبه اذ ليس كل من
امتنع من الشهادة أو اليمين يظهر كذبه فيه بل يحتمل انه امتنع منه صونا لنفسه عن
اللعن و الغضب و الحد لا يجب مع الشبهة فكيف يجب مع الاحتمال و لان الاحتمال من
اليمين بدل و إباحة و الاباحة لا تجري في الحدود فان من أباح للحاكم ان يقيم عليه
الحد لا يجوز له أن يقيم و أما آية القذف فقد قيل ان موجب القذف في الابتداء كان هو
الحد في الأَجنبيات و الزوجات جميعا ثم نسخ في الزوجات و جعل موجب قذفهن اللعان
بآية اللعان و الدليل عليه ما روى عن عبد الله بن مسعود انه قال كنا جلوسا في
المسجد ليلة الجمعة فجاء رجل من الانصار فقال يا رسول الله أ رأيتم الرجل يجد مع
إمرأته رجلا فان قتله قتلتموه و ان تكلم به جلدتموه و ان أمسك أمسك على غيظ ثم جعل
يقول أللهم افتح فنزلت آية اللعان دل قوله و ان تكلم به جلدتموه على ان موجب قذف
الزوجة كان الحد قبل نزول آية اللعان ثم نسخ في الزوجات بآية اللعان فينسخ الخاص
المتأخر العام المتقدم بقدره هكذا هو مذهب عامة مشايخنا و عند الشافعي يبنى العام
على الخاص و يتبين ان المراد من العام ما وراء قدر الخاص سواء كان الخاص سابقا أو
لاحقا و سواء علم التاريخ و بينهما زمان يصلح للنسخ أو لا يصلح أو جهل التاريخ
بينهما فلم تكن الزوجات داخلات تحت آية القذف على قوله فكيف يصح احتجاجه بها و أما
قوله تعالى و يدرأ و عنها العذاب فلا حجة له فيه لان دفع العذاب يقتضى توجه العذاب
لا وجوبه لانه حينئذ يكون رفعا لا دفعا على انه يحتمل ان يكون المراد من العذاب هو
الحبس اذ الحبس يسمى عذابا قال الله تعالى في قصة الهدهد لاعذبنه عذابا شديدا قيل
في التفسير لاحبسنه و هذا لان العذاب ينبئ عن معنى المنع


(239)

فصل في بيان سبب وجود اللعان

في اللغة يقال أعذب أى منع و أعذب أى امتنع يستعمل لازما و
متعديا و معنى المنع يوجد في الحبس و هذا هو مذهبنا انها إذا امتنعت من اللعان تحبس
حتى تلاعن أو تقر بالزنا فيدرأ عنها العذاب و هو الحبس باللعان فاذن قلنا بموجب
الآية الكريمة و منها انه لا يحتمل العفو و الابراء و الصلح لانه في جانب الزوج
قائم مقام حد القذف و في جانبها قائم مقام حد الزنا و كل واحد منهما لا يحتمل العفو
و الابراء و الصلح لما نذكر ان شاء الله تعالى في الحدود و كذا لو عفت عنه قبل
المرافعة أو صالحته على مال لم يصح و عليها رد بدل الصلح و لها أن تطالبه باللعان
بعد ذلك كما في قذف الاجنبي و منها ان لا تجري فيه النيابة حتى لو و كل أحد الزوجين
باللعان لا يصح التوكيل لما ذكرنا انه بمنزلة الحد فلا يحتمل النيابة كسائر الحدود
و لانه شهادة أو يمين و كل واحد منهما لا يحتمل النيابة فاما التوكيل بإثبات القدف
بالبينة فجائز عند أبى حنيفة و محمد و عند أبى يوسف لا يجوز و نذكر المسألة في كتاب
الوكالة ان شاء الله تعالى ( فصل )

و أما بيان سبب وجوب اللعان فسبب وجوبه القذف
بالزنا و انه نوعان أحدهما بغير نفى الولد و الثاني بنفي الولد أما الذي بغير نفى
الولد فهو ان يقول لامرأته يا زانية أو زنيت أو رأيتك تزنين و لو قال لها جومعت
جماعا حراما أو وطئت وطأ حرام فلا لعان و لا حد لعدم القذف بالزنا و لو قذفها بعمل
قوم لوط فلا لعان و لا حد في قول أبى حنيفة و عند أبى يوسف و محمد يجب اللعان بناء
على ان هذا الفعل ليس بزنا عنده فلم يوجب القذف بالزنا و عندهما هو زنا و المسألة
تأتي في كتاب الحدود ان شاء الله تعالى و لو كان له أربع نسوة فقذفهن جميعا بالزنا
في كلام واحد أو قذف كل واحدة بالزنا بكلام على حدة فان كان الزوج وهن من أهل
اللعان يلاعن في كل قذف مع كل واحدة على حدة لوجود سبب وجوب اللعان في حق كل واحدة
منهن و هو القذف بالزنا و ان لم يكن الزوج من أهل اللعان يحد حد القذف و يكتفى بحد
واحد عن الكل لان حد القذف يتداخل و لو كان الزوج من أهل اللعان و البعض منهن ليس
من أهل اللعان يلاعن منهن من كانت من أهل اللعان لا و لو قال لامرأته يا زانية بنت
الزانية وجب عليه اللعان و الحد لانه قذف زوجته و قذف أمها و قذف الزوجة يوجب
اللعان و قذف الاجنبية يوجد الحد ثم انهما إذا اجتمعا على مطالبة الحد بدئ بالحد
لاجل الام لان في البداية إسقاط اللعان لانه يصير محدودا في القذف فلم يبق من أهل
الشهادة و اللعان شهادة و الاصل ان الحدين إذا اجتمعا و فى البداية بأحدهما إسقاط
الآخر بدئ بما فيه إسقاط الآخر لقوله صلى الله عليه و سلم ادرؤا الحدود ما استطعتم
و قد استطعنا درء الحد بهذا الطريق و ان لم تطالبه الام و طالبته المرأة يلاعن
بينهما و يقام حد القذف للام بعد ذلك ان طالبته به كذا ذكر في ظاهر الرواية و ذكر
الطحاوي انه لا يقام الحد للام بعد اللعان و هذا سديد لان المانع من اقامة اللعان
في المسألة الاولى هو خروج الزوج من أهلية اللعان لصيرورته محدودا في القذف و لم
يوجد ههنا و كذلك لو كانت أمها ميتة فقال لها يا زانية بنت الزانية كان لها
المطالبة و الخصومة في القذفين لوجوب اللعان و الحد ثم ان خاصمته في القذفين جميعا
يبدأ بالحد فيحد للام حد القذف لما فيه من إسقاط اللعان و ان لم تخاصم في قذف أمها
و لكنها خاصمت في قذف نفسها يلاعن بينهما و يحد للام لما ذكرنا و كذلك الرجل إذا
قذف أجنبية بالزنا ثم تزوجها و قذفها بالزنا بعد التزوج وجب عليه الحد و اللعان
لوجود سبب وجوب كل واحد منهما ثم ان خاصمته في القذفين جميعا يبدأ بحد القذف حتى
يسقط اللعان و لو لم تخاصم في حد القذف و خاصمت في اللعان يلاعن بينهما ثم إذا
خاصمت في الحد يحد لما قلنا و الله أعلم و أما الذي بنفي الولد فهو أن يقول لامرأته
هذا الولد من الزنا أو يقول هذا الولد ليس منى فان قيل قوله هذا الولد ليس منى لا
يكون قذفا لها بالزنا لجواز أن لا يكون ابنه بل يكون ابن غيره و لا تكون هى زانية
بان كانت وطئت بشبهة فالجواب نعم هذا الاحتمال ثابت لكنه ساقط الاعتبار بالاجماع
لان الامة أجمعت على انه ان نفاه عن الاب المشهور بان قال له لست بأبيك يكون قاذفا
لامه حتى يلزمه حد القذف مع وجود هذا الاحتمال و لو جاءت زوجته بولد فقال لها لم
تلديه لم يجب اللعان لعدم القذف لانه أنكر الولادة و إنكار الولادة لا يكون قذفا
فان أقر بالولادة أو شهدت القابلة على


(240)

فصل في شرائط وجوب اللعان وجوازه

الولادة ثم قال بعد ذلك ليس بابنى وجب اللعان لوجود القذف و
لو قال لامرأته و هي حامل ليس هذا الحمل منى لم يجب اللعان في قول أبى حنيفة لعدم
القذف بنفي الولد و قال أبو يوسف و محمد ان جاءت بولد لاقل من ستة أشهر من وقت
القذف وجب اللعان و ان جاءت به لاكثر من ستة أشهر لم يجب وجه قولهما انها إذا جاءت
به لاقل من ستة أشهر من وقت القذف فقد تيقنا بوجوده في البطن وقت القذف و لهذا لو
أوصى لحمل إمرأته فجاءت به لاقل من ستة أشهر استحق الوصية و إذا تيقنا بوجوده وقت
النفي كان محتملا للنفي اذ الحمل تتعلق به الاحكام فان الجارية ترد على بائعها و
يجب للمعتدة النفقة لاجل حملها فإذا نفاه يلاعن فإذا جاءت به لاكثر من ستة أشهر لم
تتيقن بوجوده عند القذف لاحتمال انه حادث و لهذا لا تستحق الوصية و لابي حنيفة ان
القذف بالحمل لو صح اما أن يصح باعتبار الحال أو باعتبار الثاني لا وجه للاول لانه
لا يعلم وجوده للحال لجواز انه ريح لا حمل و لا سبيل إلى الثاني لانه يصير في معنى
التعليق بالشرط كانه قال ان كنت حاملا فأنت زانية و القذف لا يحتمل التعليق بالشرط
بخلاف الرد بعيب الحبل لانه يمكن القول بالرد على اعتبار الحال لوجود العيب ظاهرا و
احتمال الريح خلاف الظاهر فلا يورث الا شبهة و الرد بالعيب لا يمتنع بالشبهات بخلاف
القذف و النفقة لا يختص وجوبها بالحمل عندنا فانها تجب لغير الحامل و لا يقطع نسب
الحمل قبل الولادة بلا خلاف بين أصحابنا أما عند أبى حنيفة فظاهر لانه لا يلاعن و
قطع النسب من أحكام اللعان و أما عندهما فلان الاحكام انما تثبت للولد لا للحمل و
انما يستحق اسم الولد بالانفصال و لهذا لا يستحق الميراث و الوصية الا بعد الانفصال
و عند الشافعي يلاعن و يقطع نسب الحمل و احتج بما روى ان رسول الله صلى الله عليه و
سلم لاعن بين هلال بن أمية و بين إمرأته و هي حامل و الحق الولد بها فدل ان القذف
بالحمل يوجب اللعان و قطع نسب الحمل و لا حجة له فيه لان هلالا لم يقذفها بالحمل بل
بصريح الزنا و ذكر الحمل و به نقول ان من قال لزوجته زنيت و أنت حامل يلاعن لانه لم
يعلق القذف بالشرط و أما قطع النسب فلان رسول الله صلى الله عليه و سلم علم من طريق
الوحي ان هناك ولدا الا ترى انه قال صلى الله عليه و سلم ان جاءت به على صفة كذا
فهو لكذا و ان جاءت به على صفة كذا فهو لكذا و لا يعلم ذلك الا بالوحي و لا طريق
لنا إلى معرفة ذلك فلا ينفى الولد و الله الموفق ( فصل )

و أما شرائط وجوب اللعان و
جوازه فأنواع بعضها يرجع إلى القاذف خاصة و بعضها يرجع إلى المقذوف خاصة و بعضها
يرجع إليهما جميعا و بعضها يرجع إلى المقذوف به و بعضها يرجع إلى المقذوف فيه و
بعضها يرجع إلى نفس القذف أما الذي يرجع إلى القاذف خاصة فواحد و هو عدم اقامة
البينة لان الله تعالى شرط ذلك في آية اللعان بقوله عز و جل و الذين يرمون أزواجهم
و لم يكن لهم شهداء الا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله الآية حتى لو أقام
أربعة من الشهود على المرأة بالزنا لا يثبت اللعان و يقام عليها حد الزنا لانه قد
ظهر زناها بشهادة الشهود و لو شهد أربعة أحدهم الزوج فان لم يكن من الزوج قذف قبل
ذلك تقبل شهادتهم و يقام عليها الحد عندنا و عند الشافعي لا تقبل شهادة الزوج عليها
وجه قول الشافعي ان الزوج متهم في شهادته لاحتمال انه حمله الغيظ على ذلك و لا
شهادة للمتهم على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم و لانه يدفع المغرم عن نفسه و
هو اللعان و لا شهادة لدافع المغرم على لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم و لنا
ان شهادته بالقبول أولى من شهادة الاجنبي لانها أبعد من التهمة اذ العادة ان الرجل
يستر على إمرأته ما يلحقه به شين فلم يكن متهما في شهادته فتقبل كشهادة الوالد على
ولده و قوله انه يدفع المغرم عن نفسه بهذه الشهادة ممنوع فانه لم يسبق منه قذف يوجب
اللعان فانه لم يسبق هذه الشهادة قذف ليدفع اللعان بها فصار كشهادة الاجنبي فانها
تقبل و لا تجعل دافعا للحد عن نفسه كذا هذا و ان كان الزوج قذفها أولا ثم جاء
بثلاثة سواه فشهدوا فهم قذفه يحدون و على الزوج اللعان لانه ما سبق منه القذف فقد
وجب عليه اللعان فهو بشهادته جعل دافعا للضرر عن نفسه فلا تقبل شهادته و الزنا لا
يثبت بشهادة ثلاثة فصار قذفه فيحدون حد القذف و يلاعن الزوج لقذف زوجته فان جاء هو
و ثلاثة شهدوا انها قد زنت فلم يعدلوا فلا


(241)

حد عليها لان زناها لم يثبت الا بشهادة الفساق و لا حد عليهم
لان الفاسق من أهل الشهادة ألا ترى ان تعالى أمر بالتوقيف في بيانه فقد وجد اتيان
أربعة شهداء فكيف يجب عليهم الحد و لا لعان على الزوج لانه شاهد و ليس بقاذف فان
شهدوا معه ثلاثة عمي حد وحدوا أى يلاعن الزوج و يحدون حد القذف لان العميان لا
شهادة لهم قطعا فلم يكن قولهم حجة أصلا فكانوا قذفة فيحدون حد القذف و يلاعن الزوج
لان قذف الزوج يوجب اللعان إذا لم يأت بأربعة شهداء و لم يأت بهم و أما الذي يرجع
إلى المقذوف خاصة فشيئان أحدهما إنكارها وجود الزنا منها حتى لو أقرت بذلك لا يجب
اللعان و يلزمها حد الزنا و هو الجلد ان كانت محصنة و الرجم ان كانت محصنة لظهور
زناها بإقرارها و الثاني عفتها عن الزنا فان لم تكن عفيفة لا يجب اللعان بقذفها كما
لا يجب الحد في قذف الاجنبية إذا لم تكن عفيفة لانه إذا لم تكن عفيفة فقد صدقته
بفعلها فصار كما لو صدقته بقولها و لما نذكر في كتاب الحدود و نذكر تفسير العفة عن
الزنا فيه ان شاء الله تعالى و على هذا قالوا في المرأة إذا وطئت بشبهة ثم قذفها
زوجها انه لا يجب عليه اللعان و لو قذفها أجنبي لا يجب عليه الحد لانها وطئت وطأ
حراما فذهبت عفتها ثم رجع أبو يوسف و قال يجب بقذفها الحد و اللعان لان هذا وطء
يتعلق به ثبوت النسب و وجوب المهر فكان كالموجود في النكاح فلا يزيل العفة عن الزنا
و الجواب ان الوطء حرام لعدم النكاح انما الموجود شبهة النكاح فكان ينبغى أن يجب
الحد عليها الا انه سقط للشبهة فلان يسقط الحد و اللعان عن القاذف لمكان الحقيقة
أولى و أما الذي يرجع إليهما جميعا فهو أن يكونا زوجين حرين عاقلين بالغين مسلمين
ناطقين محدودين في القذف أما اعتبار الزوجية فلان الله تبارك و تعالى خص اللعان
بالازواج بقوله تعالى و الذين يرمون أزواجهم و انه حكم ثبت تعبدا معقول المعنى
فيقتصر على مورد التعبد و انما ورد التعبد به في الازواج فيقتصر عليهم و على هذا
قال أصحابنا من تزوج إمرأة نكاحا فاسدا ثم قذفها لم يلاعنها لعدم الزوجية اذ النكاح
الفاسد ليس بنكاح حقيقة و قال الشافعي يلاعنها إذا كان القذف بنفي الولد لان القذف
إذا كان بنفي الولد تقع الحاجة إلى قطع النسب و النسب يثبت بالنكاح الفاسد كما يثبت
بالنكاح الصحيح فيشرع اللعان لقطع النسب و الجواب ان قطع النسب يكون بعد الفراغ من
اللعان و لا لعان الا بعد وجوبه و لا وجوب لعدم شرطه و هو الزوجية و لو طلق إمرأته
طلاقا بائنا أو ثلاثا ثم قذفها بالزنا لا يجب اللعان لعدم الزوجية لبطلانها
بالابانة و الثلاث و لو طلقها طلاقا رجعيا ثم قذفها يجب اللعان لان الطلاق الرجعي
لا يبطل الزوجية و لو قذف إمرأته بزنا كان قبل الزوجية فعليه اللعان عندنا و عند
الشافعي عليه حد القذف و احتج بآية القذف و هي قوله تعالى و الذين يرمون المحصنات
ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة و لنا آية اللعان و هي قوله تعالى و
الذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم شهداء الا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله
من فصل بين ما إذا كان القذف بزنا بعد الزوجية أو قبلها و الدليل على انه قذف زوجته
انه أضاف القذف إليها و هي للحال زوجته الا انه قذفها بزنا متقدم و بهذا لا تخرج من
أن تكون زوجته في الحال كما إذا قذف أجنبية بزنا متقدم حتى يلزمه القذف كذا ههنا و
أما آية القذف فهي متقدمة على آية اللعان فيجب تخريجها على التناسخ فينسخ الخاص
المتأخر العام المتقدم بقدره عند عامة مشايخنا و عنده يقضى العام على الخاص بطريق
التخصيص على ما مر و لو قذف إمرأته بعد موتها لم يلاعن عندنا و عند الشافعي يلاعن
على قبرها و احتج بظاهر قوله عز و جل في آية اللعان فشهادة أحدهم من فصل بين حال
الحياة و الموت و لنا قوله عز و جل و الذين يرمون أزواجهم الآية خص سبحانه و تعالى
اللعان بالازواج و قد زالت الزوجية بالموت فلم يوجد قذف الزوجة فلا يجب اللعان و به
تبين ان الميتة لم تدخل تحت الآية لان الله تعالى أوجب هذه الشهادة بقذف الازواج
بقوله و الذين يرمون أزواجهم و بعد الموت لم تبق زوجة له و أما اعتبار الحرية و
العقل و البلوغ و الاسلام و النطق و عدم الحد في القذف فالكلام في اعتبار هذه
الاوصاف شرطا لوجوب اللعان فرع الكلام في معنى اللعان و ما يثبته شرعا و قد اختلف
فيه قال أصحابنا ان اللعان شهادة مؤكدة بالايمان مقرونة باللعن


(242)

و بالغضب و انه في جانب الزوج قائم مقام حد القذف و في جانبها
قائم مقام حد الزنا و قال الشافعي اللعان ايمان بلفظ الشهادة مقرونة باللعن و الغضب
فكل من كان من أهل الشهادة و اليمين كان من أهل اللعان و من لا فلا عندنا و كل من
كان من أهل اليمين فهو من أهل اللعان عنده سواء كان من أهل الشهادة أو لم يكن و من
لم يكن من أهل الشهادة و اليمين كان من أهل اللعان احتج الشافعي بقوله تعالى في
تفسير اللعان فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله فسر الله تعالى اللعان بالشهادة بالله
و الشهادة بالله يمين الا ترى ان من قال أشهد بالله يكون يمينا الا انه يمين بلفظ
الشهادة و لان اللعان لو كان شهادة لما قرنه بذكر اسم الله تعالى لان الشهادة لا
تفتقر إلى ذلك و انما اليمين هى التي تفتقر اليه و لانه لو كانت شهادة لكانت شهادة
على النصف من شهادة الرجل كما في سائر المواضع التي للمرأة فيها شهادة فينبغي ان
تشهد المرأة عشرة مرات فلما لم يكن ذلك دل انه ليس بشهادة و الدليل على انه يمين ما
روى ان رسول الله صلى الله عليه و سلم لما فرق بين المتلاعنين و كانت المرأة حبلى
فقال لها إذا ولدت ولدا فلا ترضعيه حتى تأتيني به فلما انصرفوا عنه قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم ان ولدته أحمر مثل الدبس فهو يشبه أباه الذي نفاه و ان ولدته
أسودا أدعج جعدا قططا فهو يشبه الذي رميت به فلما وضعت و أتت به رسول الله صلى الله
و سلم نظر اليه فإذا هو أسود أدعج جعد قطط على ما نعته رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقال صلى الله عليه و سلم لو لا الايمان التي سبقت لكان لي فيها رأى و في بعض
الروايات لكان لي و لها شأن فقد سمى صلى الله عليه و سلم اللعان أيمانا لا شهادة
فدل انه يمين لا شهادة ( و لنا )

قوله تعالى و الذين يرمون أزواجهم و لم يكن لهم
شهداء الا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله و الاستدلال بالآية الكريمة من
وجهين أحدهما انه تعالى سمى الذين يرمون أزواجهم شهداء لانه استثناهم من الشهداء
بقوله تعالى و لم يكن لهم شهداء الا أنفسهم و المستثنى من جنس المستثنى منه و
الثاني انه سمى اللعان شهادة نصا بقوله عز وجل فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله و
الخامسة أى الشهادة الخامسة و قال تعالى في جانبها و يدرأ عنها العذاب ان تشهد أربع
شهادات بالله و الخامسة أى الشهادة الخامسة الا انه تعالى سماه شهادة بالله تأكيدا
للشهادة باليمين فقوله أشهد يكون شهادة و قوله بالله يكون يمينا و هذا مذهبنا انه
شهادات مؤكدة بالايمان و هو أولى مما قاله المخالف لانه عمل باللفظين في معنيين و
فيما قاله حمل اللفظين على معنى واحد فكان ما قلناه أولى و الدليل على انه شهادة
انه شرط فيه لفظ الشهادة و حضرة الحاكم و أما قوله لو كان شهادة لكان في حق المرأة
على النصف من شهادة الرجل فنقول هو شهادة مؤكدة باليمين فيراعى فيه معنى الشهادة و
معنى اليمين و قد راعينا معنى الشهادة فيه باشتراط لفظة الشهادة فيراعى معنى اليمين
بالتسوية بين الرجل و المرأة في العدد عملا بالشبهين جميعا و لا حجة له في الحديث
لانه روى في بعض الروايات لو لا ما مضى من الشهادات و هذا حجة عليه حيث سماه شهادة
ثم نقول بموجبه انه يمين لكن هذا لا ينفى ان يكون شهادة فهو شهادة مؤكدة باليمين و
الله تعالى الموفق و إذا عرف هذا الاصل تخرج عليه المسائل أما اعتبار العقل و
البلوغ فلان الصبي و المجنون ليسا من أهل الشهادة و اليمين فلا يكونان من أهل
اللعان بالاجماع و أما الحرية فالمملوك ليس من أهل الشهادة فلا يكون من أهل اللعان
بالاجماع و أما الاسلام فالكافر ليس من أهل الشهادة على المسلم و ان كان المسلم من
أهل الشهادة على الكافر و إذا كانا كافرين فالكافر و ان كان من أهل الشهادة على
الكافر فليس من أهل اليمين بالله تعالى لانه ليس من أهل حكمها و هو الكفارة و لهذا
لم يصح ظهار الذمي عندنا و اللعان عندنا شهادات مؤكدة بالايمان فمن لا يكون من أهل
اليمين لا يكون من أهل اللعان و أما اعتبار النطق فلان الاخرس لا شهادة له لانه لا
يتأتى منه لفظة الشهادة و لان القذف منه لا يكون الا بالاشارة و القذف بالاشارة
يكون في معنى القذف بالكتابة و انه لا يوجب اللعان كما لا يوجب الحد لما نذكره في
الحدود ان شاء الله تعالى و أما المحدود في القذف فلا شهادة له لان الله تعالى رد
شهادته على التأبيد و لا يلزم على هذا الاصل قذف الفاسق و الاعمى فانه يوجب اللعان
و لا شهادة لهما لان الفاسق له شهادة في الجملة و لهما جميعا أهلية الشهادة ألا ترى
أن القاضي لو قضى بشهادتهما جاز قضاؤه و معلوم


(243)

فصل في بيان ما يسقط به للعان بعد وجوبه

فصل في بيان ما يظهر به سبب وجوب اللعان

انه لا يجوز القضاء بشهادة من ليس من أهل الشهادة كالصبى و
المجنون و المملوك الا انه لا تقبل شهادة الاعمى في سائر المواضع لانه لا يميز بين
المشهود له و المشهود عليه لا لانه ليس من أهل الشهادة ثم هذه الشرائط كما هى شرط
وجوب اللعان فهي شرط صحة اللعان و جوازه حتى لا يجرى اللعان بدونها و عند الشافعي
يجرى اللعان بين المملوكين و الاخر سين و المحدودين في القذف لان هؤلاء من أهل
اليمين فكانوا من أهل اللعان و كذا بين الكافرين لان يمين الكافر صحيحة عنده لا من
أهل الاعتاق و الكسوة و الاطعام و لهذا قال يجوز ظهار الذمي و على هذا يخرج قول أبى
حنيفة و أبى يوسف انهما إذا التعنا عند الحاكم و لم يفرق بينهما حتى عزل أو مات
فالحاكم الثاني يستقبل اللعان بينهما لان اللعان لما كان شهادة فالشهود إذا شهدوا
عند الحاكم فمات أو عزل قبل القضاء بشهادتهم لم يعتد الحاكم بتلك الشهادة و عند
محمد لا يستقبل اللعان و قوله لا يخرج على هذا الاصل و لكن الوجه له ان اللعان قائم
مقام الحد فإذا التعنا فكانه أقيم الحد و الحد بعد أقامته لا يؤثر فيه العزل و
الموت و الجواب ان حكم القذف لا يتناهى الا بالتفريق فيؤثر العزل و الموت قبله ثم
ابتداء الدليل لنا في المسألة ما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال
أربعة لا لعان بينهم و بين أزواجهم لا لعان بين المسلم و الكافرة و العبد و الحرة و
الحر و الامة و الكافر و المسلمة و صورته الكافر أسلمت زوجته فقبل ان يعرض الاسلام
على زوجها قذفها بالزنا ( و لنا )

أصل آخر لتخريج المسائل عليه و هو ان كل قذف لا
يوجب الحد لو كان القاذف أجنبيا لا يوجب اللعان إذا كان القاذف زوجا لان اللعان
موجب القذف في حق الزوج كما ان الحد موجب القذف في الاجنبي و قذف واحد ممن ذكرنا لا
يوجب الحد لو كان أجنبيا فإذا كان زوجا لا يوجب اللعان و ابتداء ما يحتج به الشافعي
عموم آية اللعان الا من خص بدليل و لا حجة له فيها لان الله تعالى سمى الذين يرمون
أزواجهم شهداء في آية اللعان و استثناهم من الشهداء المذكورين في آية القذف و لم
يدخل واحد ممن ذكرنا في المستثنى منهم فكذا في المستثنى لان الاستثناء استخراج من
تلك الجملة و تحصيل منها و أما الذي يرجع إلى المقذوف به و المقذوف فيه و نفس القذف
فنذكره في كتاب الحدود ان شاء الله تعالى ( فصل )

و أما بيان ما يظهر به سبب وجوب
اللعان و هو القذف عند القاضي فسبب ظهور القذف نوعان أحدهما البينة إذا خاصمت
المرأة فأنكر القذف و الافضل للمرأة ان تترك الخصومة و المطالبة لما فيها من إشاعة
الفاحشة و كذا تركها من باب الفضل و الاكرام و قد قال الله تعالى و لا تنسوا الفضل
بينكم فان لم تترك و خاصمته إلى القاضي يستحسن للقاضي ان يدعوهما إلى الترك فيقول
لها اتركى و أعرضى عن هذا لانه دعاء إلى ستر الفاحشة و انه مندوب اليه فان تركت و
انصرفت ثم بدا لها ان تخاصمه فلها ذلك و ان تقادم العهد لان ذلك حقها و حق العبد لا
يسقط بالتقادم فان خاصمته و ادعت عليه انه قذفها بالزنا فجحد الزوج لا يقبل منها في
إثبات القذف الا بشهادة رجلين عدلين و لا تقبل شهادة النساء و لا الشهادة على
الشهادة و لا كتاب القاضي إلى القاضي كما لا يقبل في إثبات القذف على الاجنبي لان
اللعان قائم مقام حد القذف و أسباب الحدود و لا يقبل في إثباتها شهادة النساء على
النساء و لا الشهادة على الشهادة و لا كتاب القاضي إلى القاضي لتمكن زيادة شبهة
ليست في غيرها و الحدود و تدرأ بالشبهات و الثاني الاقرار بالقذف و شرط ظهور القذف
بالبينة و الاقرار هو الخصومة و الدعوى لما نذكر في كتاب الحدود ان شاء الله تعالى
( فصل )

و أما بيان ما يسقط اللعان بعد وجوبه و بيان حكمه إذا سقط أو لم يجب أصلا
فنقول و بالله التوفيق كل ما يمنع وجوب اللعان إذا اعترض بعد وجوبه يسقط كما إذا
جنى بعد القذف أو جن أحدهما أو ارتدا أو ارتد أحدهما أو خرسا أو خرس أحدهما أو قذف
أحدهما إنسانا فحد حد القذف أو وطئت المرأة وطأ حراما فلا يجب عليه الحد و كذا إذا
أبانها بعد القذف فلا حد و لا لعان أما عدم وجوب الحد فلان القذف أوجب اللعان فلا
يوجب الحد و أما عدم وجوب اللعان فلزوال الزوجية و قيام الزوجية شرط جريان اللعان
لان الله سبحانه

(244)

فصل في بيان حكم اللعان

و تعالى خص اللعان بالازواج و لو طلقها طلاقا رجعيا لا يسقط
اللعان لان الطلاق الرجعي لا يبطل الزوجية و لو قال لها يا زانية أنت طالق ثلاثا
فلا حد و لا لعان لان قوله يا زانية أوجب اللعان لا الحد لانه قذف الزوجة و لما قال
أنت طالق ثلاثا فقد أبطل الزوجية و اللعان لا يجرى في الازواج و لو قال لها أنت
طالق ثلاثا يا زانية يجب الحد و لا يجب اللعان لانه قذفها بعد الابانة و هي أجنبية
بعد الابانة و قذف الاجنبية يوجب الحد لا اللعان و لو أكذب الزوج نفسه سقط اللعان
لتعذر الاتيان به اذ من المحال أن يؤمر ان يشهد بالله انه لمن الصادقين و هو يقول
انه كاذب و يجب الحد لما نذكر في كتاب الحدود ان شاء الله تعالى و لو أكذبت المرأة
نفسها في الانكار و صدقت الزوج في القذف سقط اللعان لما قلنا و لا حد لما نذكر ان
شاء الله تعالى و لو لم ينعقد القذف موجبا للعان أصلا لفوات شرط من شرائط الوجوب
فهل يجب الحد فمشايخنا أصلوا في ذلك أصلا فقالوا ان كان عدم وجوب اللعان أو سقوطه
بعد الوجوب لمعنى من جانبها فلا حد و لا لعان و ان كان القذف صحيحا و ان كان لمعنى
من جانبه فان لم يكن القذف صحيحا فكذلك و ان كان صحيحا يحدو على هذا الاصل خرجوا
جنس هذه المسائل فقال إذا أكذب نفسه يحد لان سقوط اللعان لمعنى من جانبه و هو
اكذابه نفسه و القذف صحيح لانه قذف عاقل بالغ فيجب الحد و لو أكذبت نفسها في
الانكار و صدقت الزوج في القذف فلا حد و لا لعان و ان كانت على صفة الالتعان لان
سقوط اللعان لمعنى من جانبها و هو اكذابها نفسها و لو كانت المرأة على صفة الالتعان
و الزوج عبد أو كافر أو محدود في قذف فعليه الحد لان قذفها قذف صحيح و انما سقط
اللعان لمعنى من جهته و هو انه على صفة لا يصح منه اللعان و لو كان الزوج صبيا أو
مجنونا فلا حدود و لا لعان و ان كانت المرأة على صفة الالتعان لان قذف الصبي و
المجنون ليس بصحيح و لو كان الزوج حرا عاقلا بالغا مسلما محدود في قذف و الزوجة لا
بصفة الالتعان بان كانت كافرة أو مملوكة أو صبية أو مجنونة أو زانية فلا حد على
الزوج و لا لعان لان قذفها ليس بقذف صحيح ألا ترى ان أجنبيا لو قذفها لا يحد و لو
كانت المرأة مسلمة حرة عاقلة بالغة عفيفة الا انها محدودة في القذف فلا حد و لا
لعان لان القذف و ان كان صحيحا لكن سقوط اللعان لمعنى من جانبها و هو انها ليست من
أهل الشهادة فلا يجب اللعان و لا الحد كما لو صدقته و ان كان كل واحد من الزوجين
محدودا في قذف فقذفها فعليه الحد لان القذف صحيح و سقوط اللعان لمعنى في الزوج و لا
يقال انه سقط لمعنى في المرأة بدليل ان الزوج لو لم يكن محدودا و المرأة محدودة لا
يجب اللعان لاعتبار جانبها و ان كان السقوط لمعنى من جانبها فينبغي ان لا يجب
اللعان و لا الحد لانا نقول القذف الصحيح انما تعتبر فيه صفات المرأة إذا كان الزوج
من أهل اللعان فاما إذا لم يكن من أهل اللعان لا تعتبر و انما تعتبر صفات الزوج
فيعتبر المانع بما فيه لا بما فيها فكان سقوط اللعان لمعنى في الزوج بعد صحة القذف
فيحد و الله عز و جل أعلم ( فصل )

و أما حكم اللعان فالكلام في هذا الفصل في موضعين
أحدهما في بيان حكم اللعان و الثاني في بيان ما يبطله حكمه أما بيان حكم اللعان
فللعان حكمان أحدهما أصلي و الا آخر ليس بأصلى أما الحكم الاصلى للعان فنذكر أصل
الحكم و وصفه أما الاول فنقول اختلف العلماء فيه قال أصحابنا الثلاثة هو وجوب
التفريق ما داما على حال اللعان لا وقوع الفرقة بنفس اللعان من تفريق الحاكم حتى
يجوز طلاق الزوج و ظهاره و إيلاؤه و يجرى التوارث بينهما قبل التفريق و قال زفر و
الشافعي هو وقوع الفرقة بنفس اللعان الا ان عند زفر لا تقع الفرقة ما لم يلتعنا و
عند الشافعي تقع الفرقة بلعان الزوج قبل ان تلتعن المرأة وجه قول الشافعي ان الفرقة
أمر يختص بالزوج ألا ترى انه هو المختص بسبب الفرقة فلا يقف وقوعها على فعل المرأة
كالطلاق و احتج زفر بما روى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم انه قال المتلاعنان
لا يجتمعان أبدا و في بقاء النكاح اجتماعهما و هو خلاف النص و لنا ما روى نافع عن
ابن عمر رضى الله عنهما ان رجلا لاعن إمرأته في زمن النبي صلى الله عليه و سلم و
انتفى من ولدها ففرق النبي صلى الله عليه و سلم بينهما و الحق الولد بالمرأة و عن
ابن عباس رضى الله عنهما ان النبي صلى الله عليه و سلم لما لاعن بين عاصم بن عدى


/ 37