فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ - بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع جلد 3

اینجــــا یک کتابخانه دیجیتالی است

با بیش از 100000 منبع الکترونیکی رایگان به زبان فارسی ، عربی و انگلیسی

بدائع الصنائع فی ترتیب الشرائع - جلد 3

أبوبکر بن مسعود الکاشانی

| نمايش فراداده ، افزودن یک نقد و بررسی
افزودن به کتابخانه شخصی
ارسال به دوستان
جستجو در متن کتاب
بیشتر
تنظیمات قلم

فونت

اندازه قلم

+ - پیش فرض

حالت نمایش

روز نیمروز شب
جستجو در لغت نامه
بیشتر
توضیحات
افزودن یادداشت جدید
(42)

و حصدت لابد من تقدم الزرع الحصاد و الحمل الولادة و الحيض
الطهر لان احد الامرين يتعقب الا آخر عادة فلزم مراعاة الترتيب بالعادة و لو قال
لامرأته ان تزوجتك و طلقتك فعبدي حر و لا نية له فطلقها واحد بائنة ثم تزوجها عتق
عبده لانها لا تحمل التزوج للحال لكونها زوجة له و تحتمل الطلاق فيراعى فيه معنى
الجمع المطلق لا الترتيب و متى طلقها و تزوجها فقد جمع بينهما فوجد الشرط ( فصل )

و
أما الحلف على الخروج فالخروج هو الانفصال من الحصن إلى العورة على مضادة الدخول
فلا يكون المكث بعد الخروج خروجا كما لا يكون المكث بعد الدخول دخولا لانعدام حده و
حقيقته ثم الخروج كما يكون من البلدان و الدور و المنازل و البيوت يكون من الاخبية
و الفساطيط و الخيم و السفن لوجود حده كالدخول و الخروج من الدور المسكونة أن يخرج
الحالف بنفسه و متاعه و عياله كما إذا حلف لا يسكن و الخروج من البلدان و القرى أن
يخرج الحالف ببدنه خاصة و هذا يشهد لقول من قال من أصحابنا من حلف لا يسكن في بلد
فخرج بنفسه دون عياله لا يحنث و التعويل في هذا على العرف فان من خرج من الدار و
أهله و متاعه فيها لا يعد خارجا من الدار و يقال لم يخرج فلان من الدار إذا كان
أهله و متاعه فيها و من خرج من البلد يعد خارجا من الدار و ان كان أهله و متاعه فيه
و قال هشام سمعت أبا يوسف قال إذا قال و الله لا أخرج و هو في بيت من الدار فخرج
إلى صحن الدار لم يحنث لان الدار و البيت في حكم بقعة واحدة فالحلف على الخروج
المطلق يقتضى الخروج منهما جميعا فما لم يوجد لا يحنث الا أن تكون نيته أن لا يخرج
من البيت فإذا خرج إلى صحن الدار حنث لانه نوى ما يحتمله لفظه و هو الانفصال من
داخل إلى خارج و فيه تشديد على نفسه فان قال نويت الخروج إلى مكة أو خروجا من البلد
فانه لا يصدق في القضاء و لا فيما بينه و بين الله تعالى لانه نوى تخصيص المكان و
هو ليس بمذكور و غير المذكور لا يحتمل نية التخصيص و كذلك قال محمد في الجامع لو
قال ان خرجت فعبدي حر و قال عنيت به السفر إلى بغداد دون ما سواها لم يدين في
القضاء و لا فيما بينه و بين الله تعالى لما قلنا و قال هشام سألت محمدا عن رجل حلف
لا يخرج من الري إلى الكوفة فخرج من الري يريد مكة و طريقه على الكوفة قال محمد ان
كان حين خرج من الري نوى ان يمر بالكوفة فهو حانث و ان كان حين خرج من الري نوى أن
لا يمر بها ثم بدا له بعد ما خرج و صار من الري إلى الموضع الذي تقصر فيه الصلاة أن
يمر بالكوفة فمر بها لم يحنث لان النية تعتبر حين الخروج و في الفصل الاول وجدت نية
الخروج إلى الكوفة لانه لما نوى أن يخرج إلى مكة و يمر فقد نوى الخروج إلى الكوفة و
إلى غيرها فيحنث و في الفصل الثاني لم توجد النية وقت الخروج فلا يحنث و ان كان
نيته أن لا يخرج إلى الكوفة خاصة ليست إلى غيرها ثم بدا له الحج فخرج و نوى أن يمر
بالكوفة قال محمد هذا لا يحنث فيما بينه و بين الله عز و جل لانه نوى تخصيص ما في
لفظه و قال ابن سماعة عن أبى يوسف في رجل قال لامرأته ان خرجت من هذه الدار الا إلى
المسجد فأنت طالق فخرجت تريد المسجد ثم بدا لها فذهبت إلى المسجد لم تطلق لانه جعل
الخروج من المسجد مستثنى من اليمين و لما خرجت تريد المسجد فقد تحقق الخروج إلى
المسجد فوجد الخروج المستثنى فبعد ذلك و ان قصدت المسجد لكن لا يوجد الخروج بل
المكث في الخارج و انه ليس بخروج لعدم حده فلا يحنث و قال عمر بن أسد سألت محمدا عن
رجل حلف ليخرجن من البلدة ما الخروج قال إذا جعل البيوت خلف ظهره لان من حصل في هذه
المواضع جاز له القصر و لا يجوز له القصر الا بالخروج من البلد فعلم انه خرج من
البلد قال عمر سألت محمدا عن رجل قال لامرأته ان خرجت في حق فأنت طالق فخرجت في
جنازة والدها أو أخ لا تطلق و كذلك كل ذي رحم محرم و كذلك خروجها إلى العرس أو
خروجها فيما يجب عليها لان الحق المذكور في هذا المواضع لا يراد به الواجب عادة و
انما يراد به المباح الذي لا مأثم فيه و لو قال لها ان خرجت من هذه الدار فأنت طالق
فخرجت منها من الباب أى باب كان و من أى موضع كان من فوق حائط أو سطح أو نقب حنث
لوجود الشرط و هو الخروج من الدار و لو قال ان خرجت من باب هذه الدار فخرجت من أى
باب كان من

(43)

الباب القديم أو الحادث بعد اليمين حنث لوجود الشرط و هو الخروج
من باب الدار و لا يحنث بالخروج من السطح أو فوق الحائط أو النقب لعدم الشرط و لو
عين بابا في اليمين يتعين و لا يحنث بالخروج من غيره لان التعيين مقيد في الجملة
فيعتبر و لو قال ان خرجت من الدار الا في أمر كذا فهذا و قوله الا باذنى واحد و
سنذكره ان شاء الله تعالى و لو قال ان خرجت من هذه الدار مع فلان فأنت طالق فخرجت
وحدها أو مع فلان آخر ثم خرج فلان و لحقها لم يحنث لان كلمة مع للقران فيقتضى
مقارنتها في الخروج و لم يوجد لان المكث بعد الخروج ليس بخروج لانعدام حده و لو قال
ان خرجت من هذه الدار فأنت طالق فصعدت الصحراء إلى بيت علو أو كنيف شارع إلى الطريق
الاعظم لا يحنث لان هذا في العرف لا يسمى خروجا من الدار و لو حلف لا يخرج من هذه
الدار فخرج منها ماشيا أو راكبا أو أخرجه رجل بأمره أو بغير أمره أو أخرج احدى
رجليه فالجواب فيه كالجواب في الدخول و قد ذكرناه و لو حلف لا يخرج إلى مكة فخرج من
بلده يريد مكة حنث لان خروجه من بيته هو انفصال من داخل بلده إلى خارجه على نية
الحج و قد وجد و قد ذكرنا تفسير خروجه من بلده و هو ان يجعل بيوت بلده خلف ظهره و
لو قال لا آتى مكة فخرج إليها لا يحنث ما لم يدخلها لان اتيان الشيء هو الوصول اليه
و لو قال لا يذهب إلى مكة فلا رواية فيه و اختلف المشايخ قال بعضهم هو و الخروج
سواء و قال بعضهم هو و الاتيان سواء و لو قال أنت طالق ان خرجت من هذه الدار الا
باذنى أو بأمرى أو برضائى أو بعلمي أو قال ان خرجت من هذه الدار بغير اذنى أو أمري
أو رضائي أو علمي فهو على كل مرة عندهم جميع و ههنا ثلاث مسائل احداهما هذه و
الثانية أن يقول أنت طالق ان خرجت من هذه الدار حتى آذن لك أو آمر أو أرضى أو أعلم
و الثالثة أن يقول أنت طالق ان خرجت من هذه الدار الا ان آذن لك أو آمر أو أعلم أو
أرضى أما المسألة الاولى فالجواب ما ذكرنا ان ذلك يقع على الاذن في كل مرة حتى لو
أذن لها مرة فخرجت ثم عادت ثم خرجت بغير اذن حنث و كذلك لو أذن لها مرة فقبل أن
يخرج نهاها عن الخروج ثم خرجت بعد ذلك يحنث و انما كان كذلك لانه جعل كل خروج شرطا
لوقوع الطلاق و استثنى خروجا موصوفا بكونه ملتصقا بالاذن لان الباء في قوله الا
باذنى حرف إلصاق هكذا قال أهل اللغة و لا بد من شيئين يلتصقان بآلة الالصاق كما في
قولك كتبت بالقلم و ضربت بالسيف التصق الضرب بالسيف و الكتابة بالقلم و ليس ههنا
شيء مظهر يلتصق به الاذن فلا بد من ان يضمر كما في قوله بسم الله انه يضمر فيه
ابتدئ و في باب الحلف قوله بالله لافعلن كذا انه يضمر فيه أقسم لتكون الباء ملصقة
للاسم بقوله ابتدئ و اسم الله في باب الحلف بقول أقسم بالله و لا بد لكل مضمر من
دليل عليه اما حال و اما لفظ مذكور لان الوصول إلى ما خفى ممكن الا بواسطة الحال و
لا حال ههنا يدل على إضمار شيء فاضمرنا ما دل عليه اللفظ المذكور في صدر الكلام و
هو قوله ان خرجت و ليس ذلك الا الخروج فصار تقدير الكلام ان خرج فلان من هذه الدار
خروجا الا خروجا باذنى و المصدر الاول في موضع النفي فيعم فيصح استثناء الثاني منه
لانه بعض المستثنى منه و هو خروج موصوف بصفة الالتصاق بالاذن فقد نفى كل خروج و
استثنى خروجا موصوفا بكونه ملتصقا بالاذن فبقى كل خروج موصوف بهذه الصفة تحت
المستثنى منه و هو الخروج العام الذي هو شرط وقوع الطلاق فإذا وجد خروج اتصل به
الاذن لم يكن شرطا لوقوع الطلاق و إذا وجد خروج متصل به الاذن كان شرطا لوقوع
الطلاق كما إذا قال لها أنت طالق ان خرجت من هذه الدار الا بملحفة ان كل خروج يوصف
بهذه الصفة و هو ان يكون بملحفة يكون مستثنى من اليمين فلا يحنث به و كل خروج لا
يكون بهذه الصفة يبقى تحت عموم اسم الخروج فيحنث به كذا هذا فان أراد بقوله الا
باذنى مرة واحدة يدين فيما بينه و بين الله تعالى و في القضاء أيضا في قول أبى
حنيفة و محمد واحدى الروايتين عن أبى يوسف و روى أيضا عنه انه لا يدين في القضاء
لانه نوى خلاف الظاهر لان ظاهر هذا الكلام يقتضى تكرار الاذن في كل مرة لما بينا (
وجه )

ظاهر الرواية ان تكرار الاذن ما ثبت بظاهر اللفظ و انما ثبت بإضمار الخروج
فإذا نوى مرة واحدة فقد نوى ما يقتضيه ظاهر كلامه


(44)

فيصدق ثم في قوله الا باذنى لو أراد الخروج لا يحنث و تقدر
المرأة على الخروج في كل وقت من حنث فالحيلة فيه ان يقول الزوج لها أذنت لك أبدا أو
أذنت لك الدهر كله أو كلما شئت الخروج فقد أذنت لك و كذلك لو قال لها أذنت لك عشرة
أيام فدخلت مرارا في العشرة لا يحنث فلو انه أذن لها اذنا عاما ثم نهاها عن الخروج
هل يعمل نهيه قال محمد يعمل نهيه و يبطل اذنه حتى انها لو خرجت بعد ذلك بغير اذنه
يحنث و قال أبو يوسف لا يعمل فيه نهيه و رجوعه عن الاذن ( وجه )

قول محمد انه لو
أذن لها مرة ثم نهاها صح نهيه حتى لو خرجت بعد النهى يحنث فكذا إذا أذن لها في كل
مرة وجب أن يعمل نهيه و يرتفع الاذن بالنهى ( وجه )

قول أبى يوسف ان الاذن الموجود
على طريق العموم في الخرجات كلها مما يبطل الشرط لان الشرط وقوع الطلاق الخروج الذي
ليس بموصوف بكونه ملتصقا بالاذن و هذا لا يتصور بعد الاذن العام لان كل خروج يوجد
بعده لا يوجد الا ملتصقا بالاذن فخرج الشرط من ان يكون متصور الوجود و لا بقاء
لليمين بدون الشرط كما لا بقاء لها بدون الجزاء لانها تتركب من الشرط و الجزاء فلم
يبق اليمين فوجد النهى العام و لا يمين فلم يعمل بخلاف الاذن الخاص بمرة واحدة ثم
النهي عنها لان هناك بالاذن بالخروج مرة لم ترتفع اليمين فجاء النهي و اليمين باقية
فصح النهى و أما المسألة الثانية فجوابها ان ذلك على الاذن مرة واحدة حتى لو أذن
لها مرة فخرجت ثم عادة ثم خرجت بغير اذن لا يحنث و كذا إذا أذن لها مرة ثم نهاها
قبل ان تخرج ثم خرجت بعد ذلك لا يحنث لان كلمة حتى كلمة غاية و هي بمعنى إلى و كلمة
إلى كلمة انتهاء الغاية فكذا كلمة حتى ألا ترى انه لا فرق بين قوله حتى آذن و بين
قوله إلى أن آذن و معنى قوله حتى ان آذن و كلمة ان مضمرة لان حتى لما كانت من عوامل
الاسماء و ما كان من عوامل الاسماء لا يدخل الافعال البتة فلم يكن بد من إضمار ان
لتصير هى بالفعل الذي هو صلتها بمنزلة المصدر تقول أحب أن تقوم أى أحب قيامك فيكون
قوله حتى آذن أى حتى اذنى و هو قوله إلى اذنى و لهذا أدخلوا كلمة ان بعد إلى فقالوا
إلى ان آذن الا ان هناك اعتادوا الاظهار مع إلى و ههنا مع حتى اعتادوا الاضمار و
إذا كان كذلك صار وجود الاذن منه غاية لحظر الخروج و المضروب له الغاية ينتهى عند
وجود الغاية فينتهى حظر الخروج و منع باليمين عند وجود الاذن مرة واحدة بخلاف الاول
فان أراد بقوله حتى آذن في كل مرة فهو على ما نوى في قولهم جميعا و يجعل حتى مجازا
عن إلى لوجود معنى الانتهاء في الاستثناء على ما بينا و فيه تشديد على نفسه فيصدق (
و أما )

المسألة الثالثة فلا يجوز فيها فالجواب في قوله حتى آذن في قول العامة و
قال الفراء الجواب فيها كالجواب في قوله الا باذنى وجه قوله ان كلمة الاستثناء فلا
بد من تقديم المستثنى منه عليها و تأخير المستثنى عنها و ان مع الفعل المستقبل
بمنزلة المصدر على ما مر فصار تقدير الكلام ان خرجت من الدار الا خروجا باذنى و هذا
ليس بكلام مستقيم فلا بد من إدراج حتى يصح الكلام فندرج الباء و يجعل معناه الا
خروجا باذنى و إسقاط الباء في اللفظ مع ثبوتها في التقدير جائز في اللغة كما روى عن
رؤبة بن العجاج انه قيل له كيف أصبحت فقال خير عافاك الله أى بخير و كذا يحذفون
الباء في القسم فيقولون الله مكان قولهم بالله و انما اختلفوا في الخفض و النصب و
إذا كان هذا جائز أدرجت لضرورة تصحيح الكلام و الدليل عليه قوله تعالى يا أيها
الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا أن يؤذن لكم أى الا باذن لكم حتى كان محتاجا
إلى الاذن في كل مرة فكذا فيما نحن فيه و لنا ان هذا الكلام لما لم يكن بنفسه صحيحا
لما قاله الفراء و لا بد من القول بتصحيحه و لكن تصحيحه على التقدير الذي قاله
الفراء و أمكن تصحيحه أيضا بجعله الا بمعنى حتى و إلى لان كلمة الا كلمة استثناء و
ما وراء كلمة الاستثناء و هو المستثنى منه ينتهى عند كلمة الاستثناء و عند وجود
المستثنى فصارت كلمة الاستثناء على هذا التقدير للغاية فأقيم مقام الغاية فصار كانه
قال ان خرجت من هذه الدار إلى اذنى أو حتى اذنى و هذا أولى مما قاله الفراء لان
تصحيح الكلام بجعل كلمة قائمة مقام أخرى أولى من التصحيح بطريق الاضمار لان جعل
الكملة مقام أخرى و ان كان فيه ضرب تغيير لكن التغيير تصرف في الوصف و الاضمار
إثبات أصل الكلام و التصرف في الوصف بالتغيير و التبديل أولى


(45)

من إثبات الاصل بلا شك فكان هذا أولى على ان فيما قاله إضمار
شيئين أحدهما الباء و الآخر الجالب للباء و هو قوله الا خروجا و ليس فيما ذهبنا
اليه إدراج شيء بل اقامة ما فيه معنى الغاية مقام الغاية و لا شك ان هذا أدون فكان
التصحيح به أولى و لهذا كان معنى قوله تعالى لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في
قلوبهم الا أن تقطع قلوبهم أى إلى ان تقطع قلوبهم و الله عز و جل أعلم أى إلى وقت
تقطع قلوبهم و هو حالة الموت و في قوله عز و جل الا أن يؤذن لكم انما احتيج إلى
الاذن في كل مرة لا بمقتضى اللفظ بل بدليل آخر و هو أن دخول دار الغير بغير إذنه
حرام الا يرى انه قال عز و جل في آخر قوله تعالى ان ذلكم كان يؤذى النبي و معنى
الاذى موجود في كل ساعة فشرط الاذن في كل مرة و الله عز و جل أعلم فان قال الا باذن
فلان فمات المحلوف على اذنه بطلت اليمين عن أبى حنيفة و محمد و عند أبى يوسف هى على
حالها و هذا فرع اختلافهم فيمن حلف ليشربن الماء الذي في هذا الكوز و ليس في الكوز
ماء انه لا تنعقد اليمين في قول أبى حنيفة و محمد و عند أبى يوسف تنعقد بناء على
أصل ذكرناه فيما تقدم ان تصور وجود المحلوف عليه حقيقة في المستقبل شرط انعقاد
اليمين و بقاؤه متصور الوجود حقيقة شرط بقاء اليمين عندهما و عنده ليس بشرط فان أذن
لها بالخروج من حيث لا تسمع فخرجت بغير الاذن يحنث عند أبى حنيفة و محمد و لا يحنث
عند أبى يوسف وجه قوله ان الاذن يتعلق بالاذن لانه كلامه و قد وجد فاما السماع
فانما يتعلق بالمأذون فلا يعتبر لوجود الاذن كما لو وقع الاذن بحيث يجوز ان تسمع و
هي نائمة لانه كلامه و لان شرط الحنث خروج مأذون فيه مطلقا و هذا مأذون فيه من وجه
لوجود كلام الاذن فلم يوجد شرط الحنث و لان المقصود من الاذن أن لا تخرج و هو كاره
و قد زالت الكراهة بقوله أذنت و ان لم تسمع و لهما ان الاذن إعلام قال الله تعالى و
أذان من الله و رسوله أى إعلام و قوله أذنت لك بحيث لا تسمع لا يكون إعلاما فلا
يكون اذنا فلم يوجد خروج مأذون فيه فلم يوجد الخروج المستثنى فيحنث و لان هذه
اليمين اشتملت على الحظر و الاطلاق فان قوله ان خرجت من هذه الدار يجرى مجرى الحظر
و المنع و قوله الا باذنى يجرى مجرى الاطلاق و حكم الحظر و الاطلاق من الشارع و
الشرائع لا تثبت بدون البلوغ كذا من الحالف الا ترى انه قيل في قوله تعالى ليس على
الذين آمنوا و عملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا و آمنوا و عملوا
الصالحات انه نزل في قوم شربوا الخمر بعد نزول تحريم الخمر قبل علمهم به و ذكر محمد
في الزيادات أن الوكيل لا يصير وكيلا قبل علمه بالوكالة حتى يقف تصرفه على اجازة
الموكل و التوكيل اذن و إطلاق و لهما أن الاذن إعلام قال الله تعالى و اذان من الله
و رسوله أى إعلام و قوله أذنت لك بحيث لا تسمع لا يكون إعلاما فلا يكون اذنا فلم
يوجد خروج مأذون فيه فلم يوجد الخروج المستثنى فيحنث و لان الخروج مذكور في محل
النفي فيعم كل خروج الا الخروج المستثنى و هو الخروج المأذون فيه مطلقا و هو ان
يكون مأذونا فيه من كل وجه و لم يوجد فلم يكن هذا خروجا مستثنى فبقى داخلا تحت عموم
الخروج فيحنث بخلاف ما إذا ما كانت نائمة فاذن لها بحيث يجوز ان تسمع لان مثل هذا
يعد سماعا عرفا و عادة كما إذا أذن لها و هي تسمع الا انها غافلة و مسئلتنا مفروضة
فيما إذا اذن لها من حيث لا تسمع عادة و مثل هذا لا يعد سماعا في العرف فهو الفرق
بين الفصلين و قيل ان النائم يسمع لان ذلك بوصول الصوت إلى صماخ أذنه والنوم لا
يمنع منه و انما يمنع من فهم المسموع فصار كما لو كلمه و هو يقظان لكنه غافل و حكى
ابن شجاع انه لا خلاف في هذه المسألة انه لا يحنث لانه قد عقد على نفسه بالاذن و قد
أذن قال و انما الخلاف بينهم في الامر و روى نصر بن يحيى عن أبى مطيع عن أبى حنيفة
مثل قول أبى يوسف الا ان أبا سليمان حكى الخلاف في الاذن و الله عز و جل أعلم و قال
ابن سماعة عن محمد و لو ان رجلا قال لعبده ان خرجت من هذه الدار الا باذنى فأنت حر
ثم قال له أطع فلانا في جميع ما يأمرك به فأمره فلان بالخروج فخرج فالمولى حانث
لوجود شرط الحنث و هو الخروج بغير اذن المولى لان المولى لم يأذن له بالخروج و انما
أمره بطاعة فلان و كذلك لو قال المولى لرجل إئذن له في الخروج فاذن له الرجل فخرج
لانه لم يأذن له بالخروج و انما أمر فلانا بالاذن و كذلك لو قال له قل يا فلان
مولاك قد أذن لك في

(46)

الخروج فقال له فخرج فان المولى حانث لانه لم يأذن و انما أمر
فلانا بالاذن و لو قال المولى لعبده بعد يمينه ما أمرك به فلان فقد أمرتك به فأمره
الرجل بالخروج فخرج فالمولى حانث لان المقصود من هذا انه لا يخرج الا برضاه فإذا
قال ما أمرك به فلان فقد أمرتك به فهو لا يعلم ان فلانا يأمره بالخروج و الرضا
بالشيء بدون العلم به لا يتصور فلم يعلم كون هذا الخروج مرضيا به فلم يعلم كونه
مستثنى فبقى تحت المستثنى منه و لو قال المولى للرجل قد أذنت له في الخروج فأخبر
الرجل به العبد لم يحنث المولى لان الاذن من المولى قد وجد الا انه لم يبلغ فإذا
أخبره به فقد بلغه فلا يحنث و لو قال لامرأته ان خرجت الا باذنى ثم قال لها ان بعت
خادمك فقد أذنت لك لم يكن منه هذا اذنا لانه مخاطرة يجوز أن تبيع و يجوز أن لا تبيع
فلا يعد ذلك رضا و قال ابن سماعة عن أبى يوسف إذا قال لها ان خرجت الا بأمرى
فالأَمر على ان يأمرها و يسمعها أو يرسل بذلك رسوله إليها فان أشهد قوما انه قد
أمرها ثم خرجت فهو حانث فقد فرق أبو يوسف بين الامر و بين الاذن حيث لم يشترط في
الاذن اسماعها و إرسال الرسول به و شرط ذلك في الامر و وجه الفرق له ان حكم الامر
لا يتوجه على المأمور بدون العلم به كما في أمر الشرع و المقصور من الاذن هو الرضا
و هو ان لا تخرج مع كراهته و هذا يحصل بنفس الاذن بدون العلم به قال محمد و لو غضبت
و تهيأت للخروج فقال دعوها تخرج و لا نية له فلا يكون هذا اذنا الا ان ينوى الاذن
لان قوله دعوها ليس باذن نصا بل هو أمر بترك التعرض لها و ذلك بان لا تمنع من
الخروج أو بتخلية سبيلها فلا يحصل اذنا بدون النية و لو قال لها في غضبه اخرجى و لا
نية له كان على الاذن لانه نص على الامر الا أن ينوى به اخرجى حتى تطلقى فيكون
تهديدا و الامر يحتمل التهديد كما في أمر الشرع قال الله تعالى اعملوا ما شئتم فإذا
نوى التهديد و فيه تشديد عليه صحت نيته و لو قال عبده حر ان دخل هذه الدار الا ان
نسى فدخلها ناسيا ثم دخل بعد ذلك ذاكرا لم يحنث و هذا على ما ذكرناه من قول العامة
في قوله أنت طالق ان خرجت من هذه الدار الا ان آذن لك أن قوله الا أن لانتهاء
الغاية بمنزلة قوله حتى فلما دخلها ناسيا فقد انتهت اليمين فلا يتصور الحنث بدخول
هذه الدار بهذه اليمين بحال و لو قال ان دخل هذه الدار الا ناسيا فدخلها ناسيا ثم
دخلها ذاكرا حنث لانه عقد يمينه على كل دخول و حظر على نفسه و منعها منه و استثنى
منه دخولا بصفة و هو انه يكون عن نسيان فبقى ما سواه داخلا تحت اليمين فيحنث به قال
ابن سماعة عن محمد في رجل قال عبدي حر ان دخلت هذه الدار دخلة الا ان يأمرني فلان
فأمره فلان مرة واحدة فانه لا يحنث ان دخل هذه الدخلة و لا بعدها و قد سقطت اليمين
و هذا على أن الامر واحد لما ذكرنا ان الا ان لانتهاء الغاية كحتى فإذا وجد الامر
مرة واحدة انحلت اليمين و لو قال ان دخلت هذه الدار دخلة الا ان يأمرني بها فلان
فأمره فدخل ثم دخل بعد ذلك بغير أمره فانه يحنث و لا بد ههنا من الامر في كل مرة
لانه وصل الامر بالدخلة بحرف الوصل و هي حرف الباء فلا بعد من الامر في كل دخلة كما
لو قال الا بأمر فلان قال هشام عن محمد في رجل حلف لا تخرج إمرأته الا بعلمه فأذن
لها أن تخرج فخرجت بعد ذلك و هو لا يعلم فهو جائز لان قوله الا بعلمي أى الا باذنى
و قد خرجت فكان خروجا مستثنى فلا يحنث و إذا حلف رجل على زوجته أو مولى على عبده أن
لا يخرج من داره الا باذنه أو سلطان حلف رجلا أن لا يخرج من كورة الا باذنه ثم بانت
المرأة من الزوج أو خرج العبد من ملك المولى أو عز السلطان عن عمله فكان الخروج
بغير اذن من واحد منهم فلا حنث على الحالف و تقع اليمين على الحال التي يملك الحالف
فيها الاذن فان زالت تلك الحالة سقطت اليمين و انما كان كذلك لان غرض المستحلف من
ذلك تنفيذ ولايته و هو ان لا يخرج من له عليه ولاية الا بأمره فيتقيد بحال قيام
الولاية فإذا زالت اليمين فأعادت المرأة إلى ملك الزوج أو العبد إلى ملك المولى أو
اعيد السلطان إلى ولايته لا تعد اليمين لانها قد سقطت لما بينا فلا تحتمل العود و
كذلك الغريم إذا حلف المطلوب ان لا يخرج من بلده الا باذنه فاليمين مقيدة بحال قيام
الدين فان قضاه المطلوب أو أبرأ الطالب سقطت اليمين فان عاد عليه ذلك الدين أو غيره
لم تعد اليمين لان غرض المستحلف ان لا يخرج لاجل ذلك الدين الذي له عليه وقت الحلف
فإذا أسقط ذلك

(47)

فصل وأما الحلف على الكلام فهو الخ

بطل اليمين فلا يحتمل العود و على هذا قالوا في عامل استحلف
رجلا أن يرفع اليه كل من علم به من فاسق أو ذاعر أو سارق في محلته و لم يعلم من ذلك
حتى عزل العامل عن عمله ثم علم فليس عليه أن يرفعه و قد خرج عن يمينه و بطلت عنه
لانها تقيدت بحال عمله بدلالة الغرض لان غرض العامل أن يرفع اليه ما دام واليا فإذا
زالت ولايته ارتفعت اليمين فان عاد العامل عاملا عزله لم يكن عليه أيضا أن يرفع ذلك
اليه لان اليمين قد بطلت فلا تعود سواء عاد عاملا بعد ذلك أو لم يعود و لو كان
الحالف علم ببعض ما استحلف عليه فاخر رفع ذلك حتى عزل العامل حنث في يمينه و لم
ينفعه رفع ذلك اليه بعد عزله لان الرفع تقيد بحال قيام الولاية فإذا زالت الولاية
فقد فات شرط البر قال محمد في الزيادات الا ان يعنى أن يرفع إليهم على كل حال في
السلطان و غيره و أدينه فيما بينه و بين الله عز و جل و في القضاء لانه نوى ظاهر
كلامه و هو العموم فيصدق ديانة و قضاء و قال محمد في الزيادات إذا حلف أن لا تخرج
إمرأته من هذه الدار و لا عبده فبانت منه أو خرج العبد عن ملكه ثم خرجت حنث و لا
يتقيد بحال قيام الزوجية و الملك لانعدام دلالة التقييد و هي قوله الا باذنه فيعمل
بعموم اللفظ فان عني به ما دامت إمرأته يدين فيما بينه و بين الله عز و جل لانه عني
ما يحتمله لفظه و لا يدين في القضاء لانه نوى تخصيص العموم و انه خلاف الظاهر و
كذلك من طولب بحق فحلف أن لا يخرج من دار مطالبه حنث بالخروج زال ذلك الحق أو لم
يزل قلنا و ان أرادت المرأة أن تخرج و قد أخذت في ذلك أو العبد أو أراد الرجل ان
يضرب عبده و قد نهض لذلك فقال أنت طالق ان خرجت أو قال المولى أنت حر ان خرجت أو
قال رجل للضارب عبدي حر ان ضربته فكفوا عن ذلك فقد سقطت اليمين حتى لو خرج المحلوف
عليه بعد ذلك أو ضرب الرجل عبده لا يحنث الحالف لان غرضه من هذه اليمين المنع من
الخروج في الحال أو الضرب فتقيدت بالحال بدلالة الغرض فتزول اليمين بزوال الحالف
فلا يتصور الحنث بالخروج بعد ذلك و هذه من مسائل يمين الفور و نظائرها تأتي ان شاء
الله تعالى في مواضعها ( فصل )

و أما الحلف على الكلام فالمحلوف عليه و هو الكلام
قد يكون مؤبدا و قد يكون مطلقا و قد يكون مؤقتا أما المؤبد فهو ان يحلف أن لا يكلم
فلانا أبدا فهو على الابد لا شك فيه لانه نص عليه و أما المطلق فهو ان يحلف ان يكلم
فلانا و لا يذكر الابد و هذا أيضا على الابد حتى لو كلمه في أى وقت كلمه في ليل أو
نهار و في أى مكان كان و على أى حال حنث لانه منع نفسه من كلام فلان ليبقى الكلام
من قبله على العدم و لا يتحقق العدم الا بالامتناع من الكلام في جميع العمر فان نوى
شيأ دون شيء بان نوى يوما أو وقتا أو بلدا أو منزلا لا يدين في القضاء و لا فيما
بينه و بين الله عز و جل لانه نوى تخصيص ما ليس بملفوظ فلا يصدق رأسا و لا يحنث حتى
يكون منه كلام مستأنف بعد اليمين فينقطع عنها فان كان موصولا لم يحنث بان قال ان
كلمتك فأنت طالق فاذهبي أو فقومي فلا يحنث بقوله فاذهبي أو فقومي كذا قال أبو يوسف
لانه متصل باليمين و هذا لان قوله لا أكلم أو ان كلمتك يقع على الكلام المقصود
باليمين و هو ما يستأنف بعد تمام الكلام الاول و قوله فاذهبي أو فقومي و ان كان
كلاما حقيقة فليس بمقصود باليمين فلا يحنث به و لانه لما ذكره بحرف العطف دل انه
ليس بكلام مبتدأ و كذا إذا قال و اذهبي لما قلنا فان أراد به كلاما مستأنفا يصدق
لانه كلام حقيقة و فيه تشديد على نفسه و ان أراد بقوله فاذهبي الطلاق فانها تطلق
بقوله فاذهبي لانه من كنايات الطلاق و يقع عليها تطليقة أخرى باليمين لانه لما نوى
به الطلاق فقد صار كلاما مبتدأ فيحنث به و ان كان في الحال التي حلف ما يدل على
تخصيص اليمين كانت خاصة بان قال له رجل كلم لي زيدا اليوم في كذا فيقول و الله لا
أكلمه يقع هذا على اليوم دون غيره بدلالة الحال و على هذا قالوا لو قال إئتنى اليوم
فقال إمرأتي طالق ان أتيتك فهذا على اليوم و كذا إذا قال إئتنى في منزلى فحلف
بالطلاق لا يأتيه فهو على المنزل و هذا إذا لم يطل الكلام بين دلالة التخصيص و بين
اليمين فان طال كانت اليمين على الابد فان قال لم لا تلقنى في المنزل و قد أسأت في
تركك لقائي و قد أتيتك مرة فلم ألقك فقال الآخر إمرأته طالق ان أتاك فهذا على الابد
و على كل منزل لان

(48)

الكلام كثيرا فيما بين ابتدائه بذكر المنزل و بين المنزل و بين
الحلف فانقطعت اليمين عنه و صارت يمينا مبتدأة فان نوى هذا الاتيان في المنزل دين
فيما بينه و بين الله تعالى و لم يدين في القضاء لانه يحتمله كلامه لكنه خلاف
الظاهر و لو صلى الحالف خلف المحلوف عليه فسها الامام فسبح به الحالف أو فتح عليه
بالقراءة لم يحنث لان هذا لا يسمى كلاما في العرف و ان كان كلاما في الحقيقة ألا
ترى ان الكلام العرفي يبطل الصلاة و هذا لا يبطلها و قد قالو فيمن حلف لا يتكلم
فصلى ان القياس ان يحنث لان التكبير و القراءة حقيقة و في الاستحسان لا يحنث لانه
لا يسمى كلاما عرفا ألا ترى انهم يقولون فلان لا يتكلم في صلاته و ان كان قد قرأ
فيها و لو قرأ القرآن خارج الصلاة يحنث لانه تكلم حقيقة و قيل هذا إذا كان الحالف
من العرب فان كان الحالف من العجم أو كان لسانه لسان العرب لا يحنث سواء قرأ في
الصلاة أو خارج الصلاة لانه لا يعد متكلما و لو سبح تسبيحه أو كبر أو هلل خارج
الصلاة يحنث عندنا و عند الشافعي لا يحنث و الصحيح قولنا لانه وجد الكلام حقيقة الا
أنا تركنا الحقيقة حالة الصلاة بالعرف و لا عرف خارج الصلاة و قيل هذا في عرفهم
فاما في عرفنا فلا يحنث خارج الصلاة أيضا لانه لا يسمى كلاما في الحالين جميعا و لو
فتح عليه في الصلاة حنث لانه كلام حقيقة الا انه ترك الحقيقة في الصلاة للعرف ان
كان الامام هو الحالف و المحلوف عليه خلفه فسلم لم يحنث بالتسليمة الاولى و ان كان
على يمينه و نواه لانه في الصلاة و سلام الصلاة لا يعد كلاما كتكبيرها و القراءة
فيها الا ترى انه لا يفسد الصلاة و لو كان من كلام الناس لكان مفسدا و ان كان على
يساره فنواه اختلف المشايخ فيه قد قال بعضهم يحنث و قال بعضهم لا يحنث و ان كان
المقتدى هو الحالف فكذلك في قول أبى حنيفة و أبى يوسف بناء على ان المقتدى لا يصير
خارجا عن الصلاة بسلام الامام عندهما و عند محمد يحنث لانه خارج عن صلاته بسلام
الامام عنده فقد تكلم كلاما خارج الصلاة فيحنث و لو مر الحالف على جماعة فيهم
المحلوف عليه فسلم عليهم حنث لانه كلم جماعتهم بالسلام فان نوى القوم دونه لم يحنث
فيما بينه و بين الله تعالى لان ذكر الكل على إرادة البعض جائز و لا يدين في القضاء
لانه خلاف الظاهر و لو نبه الحالف المحلوف عليه من النوم حنث و ان لم ينتبه لان
الصوت يصل إلى سمع النائم لكنه لا يفهم فصار كما لو كلمه و هو غافل و لان مثل هذا
يسمى كلاما في العرف كتكلم الغافل فيحنث و لو دق عليه الباب فقال من هذا أو من أنت
حنث لانه كلمه بالاستفهام و لو كان في مكانين فدعاه أو كلمه فان كان ذلك بحيث يسمع
مثله أو أصغى فانه يحنث و ان لم يسمعه و ان كان في موضع لا يسمع في مثله عادة فان
أصغى اليه لبعد ما بينهما لم يحنث لان الموضع إذا كان قريبا بحيث يسمع مثله عادة
يسمى مكلما إياه لما ذكرناه و ان لم يسمع لعارض و ليس كذلك إذا كان بعيدا و لانه
إذا كان قريبا يحمل على انه وصل الصوت إلى سمعه لكنه لم يفهمه فاشبه الغافل و إذا
كان بعيدا لا يصل اليه رأسا و قالوا فيمن حلف لا يكلم إنسانا فكلم غيره و هو يقصد
أن يسمعه لم يحنث لان مثل هذا لا يسمى مكلما إياه إذا لم يقصده بالكلام و لو حلف لا
يكلم إمرأته فدخل داره و ليس فيها غيرها فقال من وضع هذا أو أين هذا حنث لانه كلمها
حيث استفهم و ليس هناك غيرها لئلا يكون لاغيا فان كان في الدار غيرها لم يحنث لجواز
انه استفهم غيرها فان قال ليت شعري من وضع هذا لم يحنث لانه لم يكلمها و انما كلم
نفسه و لو حلف لا يكلم فلانا فكتب اليه كتابا فانتهى الكتاب اليه أو أرسل اليه
رسولا فبلغ الرسالة اليه لا يحنث لان الكتابة لا تسمى كلاما و كذا الرسالة ( و أما
)

الموقت فنوعان معين و مبهم ( أما )

المعين فنحو ان يحلف الرجل بالليل لا يكلم
فلانا يوما فيحنث بكلامه من حيث حلف إلى أن تغيب الشمس من الغد فيدخل في يمينه بقية
الليل حتى لو كلمه فيما بقي من الليل أو في الغد يحنث لان قوله لا أكلم فلانا يقع
على الابد و يقتضى منع نفسه عن كلام فلا أبدا لو لا قوله يوما فكان قوله يوما
لاخراج ما وراءه عن اليمين فيبقى زمان ما بعد اليمين بلا فصل داخلا تحتها فيدخل
فيها بقية تلك الليلة لو حلف بالنهار لا يكلمه ليلة انه يحنث بكلامه من حين حلف إلى
طلوع الفجر لما قلنا و لو حلف في بعض النهار لا يكلمه يوما فاليمين على بقية اليوم
و الليلة المستقبلة إلى مثل تلك الساعة التي حلف فيها من


/ 37