فصل ( في كيفية استحقاقه لهذه الصفات ) يجب أن يكون تعالى قادرا في الازل ، لانه لو تجدد كونه قادرا بعد أن لم يكن كذلك وجب أن يكون قادرا بقدرة ، لان شرط صحة كونه قادرا عدم المقدور ، و هو حاصل في الازل . و لو كان قادرا بقدرة وجب أن تكون تلك القدرة محدثة ، لانها لو كانت قديمة لوجب كونه قادرا في الازل ، و لو كانت محدثة لوجب أن يكون من فعله ، إذا المحدث لابد له من محدث ، و لو كانت من فعله لوجب أن يكون قادرا قبل إيجادها ، لان الفعل لا يصدر الا من قادر . و على هذا المذهب هو تعالى لا يكون قادرا الا بعد وجود القدرة ، فيتعلق كونه قادرا بوجود القدرة و وجود القدرة بكونه قادر ، فلا يصح واحد من الامرين . و ذلك باطل ، لانا علمنا خلاف ذلك . و إذا ثبت كونه قادرا في الازل وجب أن يكون قادرا لنفسه ، لانه لا يمكن استناد ذلك إلى الفاعل و القدرة المحدثة ، لان ما يتعلق بالفاعل من شرطه تقدم الفاعل عليه ، و ذلك لا يصح في الحاصل في الازل . و القدرة المحدثة لا توجب صفة في الازل ، لان معلول العلة لا يتقدمها . و لا يجوز أن يكون قادرا بقدرة قديمة ، لانه كان يجب أن تكون تلك القدرة مثلا له و مشاركة له في جميع صفاته ، و هو تعالى مشارك للقدرة في جميع صفاتها لاشتراكهما في القدم الذي هو صفة النفس ، و الاشتراك في صفة النفس توجب التماثل ، كما أن ما شارك السواد في كونه سوادا كان سوادا ،