بيان دليل من يقول ان الاشياء على الاباحة
الجوع ، فقد جعل تعالى شفاءنا من الجوع المهلك فيما حرم علينا في تلك الحال ، و نقول : نعم ان الشيء ما دام حراما علينا فلا شفاء لنا فيه ، فإذا اضطررنا اليه فلم يحرم علينا حينئذ بل هو حلال فهو لنا حينئذ شفاء ، و هذا ظاهر الخبر و قد قال الله تعالى فيما حرم علينا : ( فمن اضطر باغ و لا عاد فلا اثم عليه ) و قد قال تعالى : ( و قد فصل لكم ما حرم عليكم الا ما اضطررتم اليه ) .و صح أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( الحرير و الذهب حرام على ذكور أمتي حلال لاناثها ) و قال عليه السلام : ( انما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة من الطرق الثابتة الموجبة للعلم .روى تحريم الحرير عمر و ابنه و ابن الزبير و أبو موسى و غيرهم ، ثم صح يقينا أنه عليه السلام أباح لعبد الرحمن بن عوف و الزبير بن العوام لباس الحرير على سبيل التداوى من الحكة و القمل و الوجع ، فسقط كل ما تعلقوا به و أما قولهم : إن الاشياء على الاباحة بقوله تعالى : ( و قد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم اليه ) و بقوله تعالى : ( خلق لكم ما في الارض جميعا ) فصحيح و هكذا نقول : إننا إن لم نجد نصا على تحريم الابوال جملة و الانجاء جملة و الا فلا يحرم من ذلك شيء إلا ما أجمع عليه من بول ابن آدم و نجوه كما قالوا ، فان وجدنا نصا في تحريم كل ذلك و وجوب اجتنابه فالقول بذلك واجب ، فنظرنا في ذلك فوجدنا ما حدثناه عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد البلخى ثنا الفربرى ثنا البخاري ثنا ابن سلام أخبرنا عبيدة بن حميد أبو عبد الرحمن عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس ( أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سمع صوت إنسانين يعذبان في قبورهما فقال عليه السلام : يعذبان و ما يعذبان في كبير و إنه لكبير ، كان أحدهما لا يستتر من البول و كان الآخر يمشى بالنميمة ) ( 1 ) و ذكر الحديثالطائي .و قال : و أخرجه ابن أبى شيبة عن جرير عن منصور و سنده صحيح على شرط الشيخين اه .و رواه الحاكم في المستدرك ( ج 4 ص 218 ) 1 - البخارى في كتاب الادب ( ج 3 ص 135 )